«يمكنكم أن تصدقوني أو لا تفعلوا، وسواء أردتم ذلك أو لم تريدوا. لكن هذا ما مررت به. ولو لم تكن هذه هي الحقيقة التي أقولها، لم أكن لأكلف نفسي عناء المجيء إلى هنا لأقول أي شيء غير الحقيقة، أنا أصر، هذه هي الحقيقة الحقة.»

كان هذا جزء مما قالته ناجية من جريمة اغتصاب ارتكبها بحقها أفراد من القوات اليوغسلافية إبان حرب كوسوفو (1998-1999)، في أثناء الإدلاء بشهاداتها أمام قضاة المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة، بعد أن تتابعت تعليقاتهم وأسئلتهم الاستنكارية والمتشككة في روايتها للجريمة التي تعرضت لها، وكان أكثرها غرابةً هو سؤال «هل قلتِ لنا الحقيقة أم لا؟» الذي وجهه إليها أحد القضاة كإعادة صياغة لسؤال «هل تكذبين؟» الذي سأله لها المتهم الأول في القضية، رئيس جمهورية يوغسلافيا السابقة سلوبودان ميلوسيفيتش.

تعرضت آلاف النساء في كوسوفو بين العامين 1998 و1999 لجرائم عنف جنسي مرتبطة بالنزاع المسلح إبان الحرب التي دارت بين القوات الأمنية الصربية (التابعة إلى جمهورية يوغسلافيا السابقة التي كانت تضم صربيا والجبل الأسود) وجماعة مسلحة أطلقت على نفسها اسم جيش تحرير كوسوفو (KLA)، وقد أثبتت التحقيقات التي أجريت بعد أن حطت الحرب أوزارها استخدام القوات الصربية بقيادة الرئيس سلوبودان ميلوسيفيتش سلاح العنف الجنسي لإرهاب وقمع كل من يؤيدن ويؤيدون قوات جيش تحرير كوسوفو من الألبانيين والألبانيات.

لم تكن أعداد الناجيات من جرائم العنف الجنسي التي وقعت على خلفية هذا النزاع العسكري بالقليلة، إلا أن من استطعن التغلب على الخوف من الانتقام والوصم، وذهبن إلى المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة للإدلاء بشهاداتهن أمام هيئتها كان ضئيلًا جدًا.

المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة هي محكمة خاصة شكّلها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في تسعينيات القرن الماضي، للتحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي وقعت إبان الحروب اليوغسلافية، بما فيها حرب كوسوفو.

استمرت محاكمة الرئيس قبل الأخير لجمهورية يوغسلافيا سلوبودان ميلوسيفيتش ومداولاتها لأربع سنوات، قضتها الناجيات في انتظار مرهق، يرقبن حكم إدانة بحق الديكتاتور الذي ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تشمل استخدام العنف الجنسي والاغتصاب كسلاح في النزاع العسكري، لكن قرار المحكمة جاء بإغلاق القضية رسميًا في الـ 14 من مارس في العام 2006، بعد أيام من موت ميلوسيفيتش في وحدة الاحتجاز التابعة للمحكمة، وقد ارتأت الهيئة وقتها ألا تصدر حكمًا ضده.

كان إغلاق القضية على هذا النحو من دون أي شكل من أشكال الإدانة، امتدادًا لسلسلة من الإشكاليات التي حفت بالمحاكمة، ومن قبلها الأساس القانوني لها؛ إذ اعتبر قرار مجلس الأمن الذي نشأت بموجبه المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة، الناجيات ضمن الشهود ومن ثم فلا يحق لهن المطالبة بجبر الضرر، ومع أن القرار نص في إجراءاته على حماية سرية بيانات الشاهدات والشهود، فإنه كان يقتصر على حيز الإدلاء بالشهادة ولا يوجد ما يضمنه فيما بعد، بالإضافة إلى معضلة طول المدة التي استغرقتها إجراءات المحاكمة وتعامل القضاة غير الحساس مع الناجيات في أثناء تقديم شهاداتهن.

وعلاوة على ما سبق، فقد تجاهلت المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة من بداية محاكمة ميلوسيفيتش جرائم العنف الجنسي المتصل بالنزاع العسكري بوصفها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، إذ لم تذكرها لائحة الاتهام الأولى التي كان من المفترض أن تُفصّل مختلف الجرائم التي ارتكبها رئيس يوغسلافيا السابقة إبان حرب كوسوفو، رغم أن العنف الجنسي يصنف جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، وتأثير هذه الانتهاكات يكون أوسع وأكبر على الإناث من الذكور في أوقات الحروب والصراعات المسلحة.

ولم تكن لتندرج جرائم العنف الجنسي المتصل بالصراع العسكري ضمن الاتهامات في لائحة الاتهام الثانية (المعدلة)، لولا جهود ناشطات نسويات مثل سيفديجي أحمدي التي وثقت عبر منظمة حماية النساء والأطفال في كوسوفو (Prishtina) 36 جريمة اعتداء جنسي واغتصاب مرتبطة بالنزاع المسلح منذ بدايته في فبراير من العام 1998 وحتى تدّخل حلف شمال الأطلسي (حلف الناتو) في الصراع في مارس من العام التالي، وقد كان لسيفديجي أحمدي دور محوري في دعم عدد من الناجيات كي يقفن أمام المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، ويدلين بشهاداتهن حول الجرائم التي ارتكبتها القوات الصربية تحت سمع وبصر وبأمر من سلوبودان ميلوسيفيتش.

كل هذه التعقيدات أودت بالقضية إلى الإقفال من دون أن يدان المتهم رسميًا في حياته وبعد مماته، فأضحت مؤججًا للغضب بين الناشطات النسويات في دول البلقان، وقررت مجموعة مستقلة تحمل اسم «نساء بالأسود- Women in Black» وتتخذ من العاصمة الصربية بلغراد مقرًا لها، أن تحيي مبادرة سبق أن طرحتها مجموعات ومؤسسات نسوية في منطقة البلقان قبل عدة سنوات، وهي «محاكم النساء الشعبية المختصة بالجرائم ضد السلام -People’s Women’s Tribunal For Crimes Against Peace»، التي تهدف إلى دعم الناجيات وإنصافهن عن طريق تقديم مقاربة نسوية للعدالة الانتقالية، وصياغة تصور بديل لعمليات العدالة التقليدية ينطلق من منظور نسوي ومراعي للفروق المبنية على النوع الاجتماعي فيما يخص تداعيات الاضطرابات والنزاعات المسلحة.

العدالة إذ تصوغ قواعدها النساء

دخلت الدول التي نالت منها الحروب اليوغسلافية في نفق العدالة الانتقالية بعد أن خمدت نيرانها، وبعد سقوط أصحاب السلطة الذين ارتكبت أجهزة الدولة تحت إدارتهم انتهاكات جسام وجرائم منافية لحقوق الإنسانـ/ة، وقد أقرت النظم والحكومات الجديدة واعترفت بوجوب معالجة ما جرى في خلال الحروب المنقضية، عن طريق إجراءات تعوض المتضررات والمتضررين وتعيد إليهم الثقة في الدولة ومؤسساتها.

نظريًا، تضع العدالة الانتقالية الضحايا والناجيات والناجين من الجرائم الجماعية في مقدمة أولوياتها، ولذا تكون المحاكمات الجنائية بحق من ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية مكونًا رئيسًا في عملية العدالة الانتقالية. أما عمليًا فقلما يتحقق المبتغى من هذه المحاكمات، لا سيما في الجانب المتعلق بالعنف الجنسي المرتبط بالنزاعات العسكرية، نتيجة لإشكاليات التطبيق. وقد بدا هذا الأمر واضحًا في محاكمة الرئيس اليوغسلافي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش التي انتهت ولم تفض إلى شعور الناجيات بجبر الضرر واستعادة الحق، بل ازداد لديهن انعدام الثقة إزاء نظم العدالة الرسمية، بعد أن عانين من طول أمد التقاضي واهتراء عملية تقصي الحقائق، فضلًا عن غياب الإعداد والتأهيل للمحققات والمحققين والقضاة حول آليات التعامل مع الناجيات من جرائم العنف الجنسي المتصل بالصراعات العسكرية.

ويعود بشكل كبير الإخفاق في تطبيق الأهداف النظرية للعدالة الانتقالية بشأن الناجيات من العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات المسلحة، إلى انعدام قدرة المؤسسات المعنية على طمأنة النساء بشأن سرية هويتهن وتوفير الحماية لهن ولذويهن أثناء وبعد الإدلاء بشهاداتهن عن الجرائم التي تعرضن لها أو شهدن عليها أمام جهات التحقيق، وكذلك بسبب تهميش النساء في صنع القرار المتصل بعملية العدالة الانتقالية، بيد أن أي خطة أو عمل يهدف إلى الاستجابة إلى احتياجات فئة ما، لا بد أن يلعب المنتميات والمنتمون إليها دورًا مركزيًا في التصميم والتنفيذ.

الغضب الذي استعر لدى العديد من الناشطات النسويات في دول البلقان، عقب إعلان المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة إغلاق ملف القضية المتهم فيها ميلوسيفيتش من دون أن تتلمس الناجيات العدالة، تحول لدى ثلاث منهن إلى وقود دافع لتطوير آلية شعبية بديلة تستند إلى مفهوم مغاير للعدالة ينطلق من منظور نسوي وتشارك النساء في صياغة مبادئها وتطبيقها، بغية تمكين الناجيات من الشعور بالعدالة وجبر الضرر، فكانت «محكمة النساء».

في الفترة من العام 2008 وحتى العام 2010، عكفت الناشطات الثلاث وهن ستاسا زاجوفيتش مؤسسة مجموعة النساء بالأسود في صربيا، وبيليانا كاسيتش من مركز دراسات المرأة في كرواتيا، ونونا زفيزديتش مؤسسة منظمة المرأة للمرأة في البوسنة، على تحويل فكرة محكمة النساء الشعبية إلى كيان فعلي يساعد الناجيات من العنف القائم على النوع في خلال حروب البلقان في التسعينيات على الشعور بالإنصاف، ويعمل أيضًا على إعلاء صوت النساء، وتوثيق قصصهن وتجاربهن في أثناء هذه الحقبة التاريخية شفاهيًا حتى لا تغيب وتُهمّش عن الذاكرة الجمعية.

وعطفًا على ذلك، بدأت الناشطات الثلاث بالعمل على ضم عضوات من بلدان أخرى إلى المبادرة للبدء في وضع إطارين نظري وتطبيقي لها على مدى ثلاثة أعوام، وقد عقدن بنهاية هذه الفترة ورشة عمل تحضيرية دولية بعنوان «محكمة النساء في البلقان: العدالة والتعافي»، دعين إليها ناشطات من بلدان داخل منطقة البلقان ومن خارجها مثل تونس، والمكسيك، والهند، وكامبوديا، وجنوب أفريقيا، لمناقشة جميع الأبعاد المتعلقة بالمبادرة، والاستماع إلى مقترحاتهن، والاستفادة ممن كان لهن دور في إطلاق مبادرات مشابهة على المستوى الوطني أو الإقليمي.

محكمة النساء: بحثًا عن النجاة.. تطلعًا إلى التعافي.. أملًا في التغيير

اتفقت مؤسسات مبادرة محكمة النساء في البلقان على أن واحدة من أهم سماتها يجب أن تكون تمكين الناجيات من الحديث عن تجاربهن مع العنف، الذي تعرضن له إبان الحروب العديدة التي اندلعت في التسعينيات في خضم تفكك جمهورية يوغوسلافيا، في ظل مناخ يضمن أمنهن وسلامتهن الشخصية، ويشعرن في ظله باحترام خصوصيتهن وخياراتهن وكرامتهن. وهذا ما شددت عليه إحدى الناجيات اللائي شاركن في اللقاءات التحضيرية التي انعقدت بين العامين 2008 و2010، إذ أكدت أن من نجون من صدمة الحرب ينبغي أن يتحدثن، مؤكدةً أن «النساء عندما يحكين علنًا تصبح معاناتهن الفردية مرئية، وهذا ما يحتجنه.»

وفي أحد اللقاءات أيضًا، ذكرت مشاركة من مدينة يسكوفاتش في جنوب صربيا أن محكمة النساء الشعبية رغم أنها ليست كالمحاكم الرسمية، لا تملك سلطة ولا يمكنها أن تصدر أحكامًا، فهي تراها قادرة على المساهمة في خلق مناخ عام معادٍ لجرائم العنف ضد النساء، وهو ما يمثل رهانًا كبيرًا بالنسبة لها.

توصلت المبادرة في العام 2010 إلى تصور متكامل لمحكمة النساء الشعبية في البلقان، وحددت ملامحها ومهامها في ثلاث نقاط عريضة؛ أولها أن تكون المحكمة ساحةً لإيصال أصوات الناجيات إلى الرأي العام ومنصة لدعم رواياتهن حول الجرائم التي استهدفتهن، خاصةً جرائم العنف الجنسي، على أن تحكمها قواعد تضمن السرية التامة لبيانات النساء لتجنب تعريضهن لتهديدات أو أعمال انتقامية بعد الإدلاء بشهاداتهن عن تجاربهن الشخصية مع العنف والقمع في أثناء الحرب/الحروب وبعدها، وهي الشهادات التي يجري توثيقها وحفظها شفويًا أو كتابةً، إذا أبدت الناجيات موافقة مستنيرة تجاه ذلك.

وقد ربطت المبادرة بين العنف الذي وقع على النساء في سياق الصراع العسكري والعنف الذي تلاه، إذ أشارت إحدى الناشطات اللاتي شاركن في وضع تصور لمحكمة النساء في البلقان إلى ضرورة أن يكون لهن الحق في الإدلاء بشهاداتهن عن العنف الذي يختبرنه في أوقات السلم أيضًا، معتبرةً أن العنف ضد النساء خيط لا ينقطع، حيث يكون جسد المرأة ساحة للمعركة (العسكرية)، ثم يغدو بعد الحرب سلعة زائدة عن الحاجة لا قيمة لها.

شملت أيضًا مهام محكمة النساء الشعبية إعطاء الناجيات الحق في الإدلاء بشهاداتهن عن العنف القائم على النوع الذي يطالهن في المجالين العام والخاص على حد سواء، ليكن هن مصدر السردية والمعلومات عن الجرائم التي يتعرضن لها، وليس المعتدين أو أطراف أخرى تتحدث بألسنتهن وتكتب تاريخهن من وجهة نظر غير التي يتبنينها.

وبمحاذاة ذلك، تستقبل المحكمة النساء أيضًا للتعريف بسبل المقاومة المنظمة التي يعتمدن عليها لتجاوز الصدمة، ومواجهة العنف ضدهن، ومنع تكرار جرائم العنف الجنسي المتصل بالصراعات العسكرية في منطقة البلقان؛ والهدف من ذلك – وفقًا لورقة الأهداف الخاصة بالمبادرة – هو تجاوز إشكالية المحاكم التقليدية التي غالبًا ما تنحصر فيها الناجيات في قالب الضحية العاجزة، إذ لا تسعى محكمة النساء الشعبية إلى توثيق تجاربهن مع الظلم والقمع فقط بل وتوثيق مقاومتهن ونضالهن من أجل التعافي.

انعقدت جلسات محكمة النساء في دول البلقان في الفترة من العام 2011 وحتى العام 2015، وكان معظمها في مدينتي بلغراد وساراييفو، وقد خصصت المحكمة جلسات الاستماع للناجيات تبعًا للملامح والمبادئ السالف ذكرها، وأظهرت عملية التقييم التي أجراها مجلس أمينات مبادرة محكمة النساء في البلقان أن غالبية الناجيات تحدثن بإيجاز، في إطار زمني حدوده 15 -20 دقيقة، وكن يعبرن عن شعورهن بالارتياح عقب الانتهاء من رواية قصصهن على النحو الذي رغبن فيه بلا ضغوط.

في المقابل، كشفت الجلسات أن الصدمات (الترومات) التي تعرضت لها النساء لم تتم معالجتها والتغلب عليها، وقد ناقشت عضوات اللجنة الإقليمية بمبادرة محكمة النساء في البلقان هذا الأمر في اجتماع مع عدد من الخبيرات والخبراء، للوقوف على الأسباب والتوصل إلى السبل المثلى لمساعدة الناجيات على تجاوز هذه المرحلة، وقد شددت المعالجة النفسية البوسنية صبيحة أوسيتش خلال الاجتماع على أن الناجيات لا يزلن يواجهن المشاكل ذاتها منذ وقوع الجرائم قبل عشرين عامًا، نتيجة الافتقار إلى الدعم من جراء تجاهل الدولة لهن، كما أفادت بأنهن لا يحظين بخدمات تأمين صحي في بلدانهن ويعانين من مشاكل عديدة مع أطفالهن وطفلاتهن المولودين نتيجة جرائم الاغتصاب والاستعباد الجنسي إبان الحروب.

رغم الذكريات المؤلمة، أجلت بعض الشهادات الموثقة قوة وأملًا كبيرين لدى النساء، ورغبة عميقة في تغيير واقعهن، ومنها شهادة ناجية من مدينة فوتشا في البوسنة والهرسك، شاركت بها في جلسة انعقدت في نوفمبر من العام 2014، وقد قالت في جزء منها «يجب علينا أن نتكلم في العلن، ليس فقط في البوسنة، بل في كل مكان. وبغض النظر عن كل ما حدث، لدي رغبة في الحصول على المساعدة لأبني منزلًا في المكان الذي كنت أعيش فيه، والأسباب كثيرة: ألا أدع ما حدث يُنسى وكي أسمي هذا المنزل بيت الفخر.»

نجحت محكمة النساء الشعبية في البلقان في إنشاء مجتمع نسائي يتجاوز الحدود الجغرافية والاختلافات العرقية والإثنية، يجمعه الثقة والتضامن والدعم المتبادل، وتؤازر نساؤه بعضهن بعض من أجل التعافي ورتق كل الثقوب التي يمكن من خلالها أن يتكرر ما حدث في السابق لهن أو لغيرهن. وقد كان هذا ضمن غايات مبادرة محكمة النساء في البلقان منذ بداية نشاطها، بعد أن رأت القائمات على المبادرة شواهد على إمكانية تحقيق ذلك في مبادرات شبيهة ظهرت مع بداية التسعينيات مثل «محكمة النساء في جنوب إفريقيا»، و«محاكم النساء في منطقة آسيا-المحيط الهادئ.»

ترددت أصداء محكمة النساء الشعبية في البلقان بين جماعات ومؤسسات نسوية عديدة معنية بقضية العنف القائم على النوع في أثناء النزاعات والصراعات المسلحة، أو الاضطرابات الأمنية التي تخلف الانتفاضات والثورات الشعبية، ومضى بعضها في تنفيذ مبادرات مماثلة تركزت في الجنوب العالمي، في إفريقيا، وآسيا، وأمريكا اللاتينية. وقد جاء عدد منها على غرار محكمة النساء في البلقان يختص بمنطقة تضم دول ذات خصائص مشتركة كشبه القارة الهندية، وتشكلت كذلك محاكم للنساء انشغلت فقط بالناجيات في بلد بعينه مثل تلك المبادرات التي نشطت في اليابان وتونس وأوغندا.