عندما تأتي 2030: أحلامهن في العقد الجديد.. شوارع آمنة وحقوق باعدت الذكورية بينها وبينهن
كتبت: آلاء حسن
انتهى العقد الثاني في الألفية الثالثة، الذي بدأ بثورات في عدد من الدول العربية وفي القلب منها مصر، وانتهى أيضًا بانتفاضات شعبية تعم أرجاء دول أخرى. وما بين بداية العقد ونهايته، عايشت النساء في هذه البلدان درجات أعلى من العنف، بداية من استهدافهن أثناء الاحتجاجات الشعبية، مرورًا ببطء أو ردة على صعيد التشريعات المتعلقة بحمايتهن وتمكينهن من حقوقهن، وصولًا إلى انتهاكات وحشية أسفرت عنها حروب أهلية ونزاعات مسلحة اندلعت في بعض البلدان.
وفي مصر تحديدًا، جاء العقد الثاني لتزيد ظاهرة التحرش الجنسي تفشيًا، وبعد أن كانت دراسة للمركز المصري لحقوق المرأة في العام 2008، قد أظهرت أن نحو 83 في المئة من النساء المصريات تعرضن للتحرش، تفاقمت النسبة في العام 2013، إذ كشفت دراسة لهيئة الأمم المتحدة أن 99.3 في المئة من النساء في مصر تعرضن لنوع من أنواع التحرش، لتصبح الشوارع مصدر إرهاب للنساء. وهذا ما أكدت عليه مؤسسة تومسون رويترز الخيرية في تقريرها الصادر في العام 2017، والذي اعتبر القاهرة أخطر مدينة للنساء بسبب تفشي جرائم العنف الجنسي.
ينتهي عقد ويبدأ آخر وما زال الأمان في الشوارع حلم النساء المصريات الذي يبدو عصيًا على التحقق. وبالإضافة إليه، تحمل جعبات النساء أحلامًا أخرى كن يطمحن إلى أن تكون حقيقة قبل سنوات، إلا أنهن يُحمّلن العقد الجديد أمانيهن تلك، على أمل أن تحل سنة 2030 وقد تغير الكثير لصالحهن.
أسماء: أتمنى أن تكون الشوارع المصرية قد صارت أكثر أمنًا للنساء وأن يقل الخوف. لن أقول يختفي ولكن على الأقل أتطلع ألا نكون في العام 2030 ما زلنا نعيش بنفس درجة الذعر التي نعيش بها الآن في كل مرة ننزل إلى الشوارع، خاصة إذا كنا نرتدي تنانير قصيرة أو إذا استقلينا المواصلات العامة ونحن نرتدي فساتين.
وكانت مدينة المنصورة قد شهدت وقوع حادثة تحرش جنسي جماعي ليلة رأس السنة، 31 ديسمبر 2019، حيث تعقب عدد كبير من المارة في أحد شوارع المدينة فتاتين أثناء مرورهما، وشرعوا في تصويرهما بهواتفهم النقالة، ثم تحرشوا بهما لفظيًا، وإزدادت الأمور توحشًا عندما أحاطوا بهما وبدأوا في التحرش بهما جسديًا.
وقعت إحداهما بين أيدي العشرات، بينما تمكنت صديقتها من الاحتماء بإحدى العمارات المجاورة، وبعد محاولات تكاد توصف بالمستميتة، نجح بعض المارة في تخليص الفتاة من قبضة المتحرشين، وأدخلوها إلى إحدى السيارات العابرة لتخرجها من الشارع.
تأتي هذه الحادثة لتنضم إلى سلسلة من حوادث التحرش الجماعي، التي وثقتها كاميرات الهواتف النقالة في مصر خلال السنوات الخمس الأخيرة، ورغم بشاعة الحوادث وتتابعها لم تعلن أو تتخذ الجهات المعنية حلولًا جذرية للأزمة حتى يومنا هذا.
وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن جريمة شبيهة وقعت في مدينة الزقازيق في محافظة الشرقية، في مارس من العام 2017، حيث تحرشت مجموعة كبيرة من المتواجدين في أحد شوارع المدينة بفتاة كانت في طريقها عائدة إلى منزلها، حيث أحاط بها المعتدون وتحرشوا بها جسديًا، ولم يُخلّصها من براثنهم سوى القوات الشرطية.
علياء: بعد عشر سنوات من الآن، أتمنى أن أكون أنا وأي امرأة على مقدرة من تحريك دعاوى قضائية ضد أي شخص يرتكب عنفًا ضدنا داخل المنازل، بداية من الأب والزوج وصولًا إلى الأخ والعم والخال، وأن تكون هناك قوانين بالفعل تعيد إلينا حقوقنا المنتهكة داخل البيوت وتردع هؤلاء الرجال.
تعاني مصر من غياب قوانين تجرّم العنف الأسري، مما يساهم في انتشار هذه الجرائم، خاصة أن المجتمع لا يجد غضاضة في تعنيف النساء على أيدي ذويهن، بل يعتبره كثيرون حقًا لرجالات العائلة في إطار الامتيازات الممنوحة للذكور في مجتمعاتنا، وفي بعض الأحيان ينظر البعض إلى هذه الجرائم كخطأ يمكن تجاوزه بغية الحفاظ على البيت.
وبحسب المسح التتبعي للنشـء والشباب المصري الصادر في العام 2014، فإن 36 في المئة من النساء المصريات اللاتي سبق لهن الزواج أكدن على تعرضهن للعنف الجسدي، و64 في المئة منهن أشرن إلى أن الزوج الحالي هو أكثر الأشخاص مسؤولية عن العنف الجسدي.
وفي هذا السياق، فإن المجلس القومي للمرأة كان قد أعلن في العام 2017 عن انتهائه من مشروع قانون لمناهضة جميع أشكال العنف ضد النساء، وإرساله إياه إلى مجلس النواب، إلا أنه ما برح حبيس الأدراج رغم مرور ثلاث سنوات.
هاجر: أحلم أن يأتي العام 2030، وقد أصبح مقررًا على الطلاب في المدارس منهجًا للتثقيف الجنسي، وبات الذكور والإناث قادرين على التعرف إلى أجساد بعضهم البعض، لأنني أؤمن أن ذلك سيختصر شوطًا طويلًا في طريق مناهضة التحرش والاعتداء الجنسي.
لا تدرج مصر حتى الآن مادة للتربية والتثقيف الجنسي ضمن المناهج التعليمية الرسمية بالمدارس، ولا يلوح في الأفق أي استعداد للقيام بذلك، خاصة في ظل رفض المحافظين، بدعوى أنها تشجع المراهقين على ممارسة الجنس. لكن الهدف الفعلي من التثقيف الجنسي بالمدارس هو أن يتعرف الدارسات والدارسون إلى أجسادهم، ويدركوا الاختلاف والفروق البيولوجية بين الجنسين، ويفرقوا بين مفهومي الجنس والجندر، ويتفهموا حدود الخصوصية لكل فرد، بما يساعد في إنهاء ثقافة العنف القائم على النوع الاجتماعي، ويعزز مبدأ المساواة بين الجنسين.
وإن كانت مصر متأخرة في هذا الصدد، فقد سبقتها تونس إلى هذه الخطوة، إذ قررت الحكومة التونسية إدخال مادة للتربية والتثقيف الجنسي إلى المناهج الدراسية بالمدارس لتكون أول دولة عربية تقوم بذلك. وقد أعلنت وزارة التربية التونسية عن هذه الخطوة في نوفمبر الماضي، بهدف تعليم الأطفال قيمة احترام الجسد، وضرورة حمايته من أي اعتداء ينتهك حرمته.
سيلفيا: أتطلع إلى أن يكون من الطبيعي في العام 2030، أن تلتحق النساء بمجلس الدولة المصري، وأقصد أن نكون قد عبرنا فكرة قبول المجلس بذلك ودخلت إليه دفعات وليس دفعة واحدة أو اثنتين، بمعنى أن يكون وجود النساء كقضايات في المجلس قد صار شيئًا عاديًا بعد عشر سنوات من الآن.
ومع بداية العام 2020، ما زال مجلس الدولة يرفض تعيين النساء في المناصب القضائية، على الرغم من أن الدستور المصري ينص على عدم التمييز ضد المرأة في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية.
وقد أثيرت قضية تعيين النساء بمجلس الدولة لأول مرة في العام 1951، عندما تقدمت الدكتورة عائشة راتب، وزيرة الشؤون الاجتماعية السابقة بطلب تعيين في المجلس، وقوبل حينها بالرفض بدعوى مخالفته للأعراف والتقاليد.
حاول عدد من النساء بعد عائشة راتب أن ينتزعن الحق في التعيين بمجلس الدولة، في أوقات متفرقة خلال ما يقترب من 70 عامًا، إلا أن هذه المحاولات لم تفض إلى شيء.
ريهام: بحلول 2030، أتمنى أن تكون كثير من الفتيات اللاتي يعشن خارج العاصمة، غير مضطرات إلى المجيء إلى القاهرة، حتى يتمكن من تحقيق أحلامهن مثلما كنت مضطرة عندما جئت قبل ست سنوات، نتيجة قلة الفرص أو انعدامها في أغلب المحافظات الأخرى إن لم يكن جميعها.
العاصمة هي مركز الحياة في مصر ونظام الإدارة يظل مركزيًا بشدة، مما يجعل التطوير حكرًا على القاهرة والفرص يحظى بها سكانها قبل سكان المحافظات إن لم يكونوا هم المستفيدين الوحيدين. ولذلك يرى كثير من الشباب في الانتقال إلى القاهرة سبيلًا للوصول إلى فرص عمل أرقى ترضي جانبًا من طموحاتهم على عكس الوضع في المحافظات الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، فإن الانتقال إلى القاهرة ما زال حتى الآن خيارًا محبذًا لقطاع عريض من الفتيات، لما توفره لهن من حرية أكبر في الحركة والملبس والعلاقات، على عكس الوضع القائم في المحافظات الأخرى.