وزير الصحة: مناهضة ختان الاناث أحد الحقوق الدستورية للمراة المصرية و«الصحة» أول المؤسسات الطبية التى تصدت له منذ 1928.
وزيرة الدولة للسكان: انفاذ قانون تجريم ختان الإناث وتفعيل القرارات الوزارية بشأنه.
رئيس بعثة الاتحاد الاوروبى: ندعم الاستراتيجة بميزانية 3- 4 مليون دولار ونعلم أن مصر تواجه ظروفًا صعبة بشأن الختان.
الممثل المقيم لمنظمات الأمم المتحدة: 82% من عمليات الختان تجرى بواسطة أطباء ونطالب وزارة الصحة بالتصدى لذلك.

لم يكن شهر يونيو ذو بصمة نقية على الفتيات المصريات، بل كان شهرًا داميًا مميتًا لهن ولحياتهن، حيث قتلت فيه يوم 14 يونيو 2007 الطفلة «بدور» ابنة المنيا عندما قرر أبويها الالتزام بالعادات والتقاليد الرجعية والحفاظ على عفة ابنتهم بعملية الختان، لتزف السماء طفلة بريئة، هزت الحادثة البلد وقتها وهبت المؤسسات الدينية والرسمية للتنديد بالختان، وصدرت فتوى تحريمه وتم تشريع مادة بقانون العقوبات المصري برقم 242 مكرر لسنة 2008، باعتبارها جريمة يعاقب عليها بالحبس كل من يقوم بها، وتحول اليوم من وقتها إلى رمز للتنديد بالجريمة، إلا أن يونيو ضرب من جديد وبقسوة فى عام 2013 عندما تكررت مأساة ابنه الدقهلية سهير الباتع ولقت حتفها جراء عملية ختان .
وهذا العام فى الـ 14 من يونيو استقبلت الدولة اليوم الوطنى لمناهضة الختان بطريقة مختلفة من خلال تدشين استراتيجية تستهدف مواجهة الظاهرة وتخفيض نسب ممارستها خلال الخمس سنوات المقبلة، من خلال مؤتمر صحفي عقد بالقاهرة.

714614351512864

وقال السفير جيمس موران – رئيس بعثة الاتحاد الاوروبى فى مصر – أن تدشين الاستراتيجية القومية لمناهضة ختان الإناث 2016- 2020 هو حدث يشكل أهمية بالغة لما يمثله الختان من انتهاك لحقوق الانسان بصفة عامة وحقوق المرأة بصفة خاصة، مؤكدًا على التزام الاتحاد الاوروبى فى دعم الجهود المبذولة مع الدولة المصرية والمؤسسات الدولية الشريكة لتحسين الظروف الخاصة بالمراة والفتاة المصرية .
وأضاف “موران” خلال كلمته بالمؤتمر أن الختان ظاهرة عالمية وتنتشر فى القارة الأوروبية وتواجه مصر صعوبات كثيرة فى مواجهتها، لافتًا إلى دعم الاتحاد الاوربي بميزانية 3- 4 مليون دولار لتنفيذ الاستراتيجية القومية لمناهضة الختان بالتعاون مع وزارة الدولة للاسكان واليونسيف وبرنامج الأمم المتحدة الانمائي وصندوق الأمم المتحدة للسكان، بالاضافة إلى وزارة العدل والتربية والتعليم والصحة لمحاربة كافة أشكال العنف التى تواجهها المراة داخل وخارج الأسرة.
وأشار “موران” أنه يأمل رؤية الجهود المبذولة لمناهضة الختان خلال الخمس سنوات المقبلة والوصول الى نتائج ايجابية، فى ظل المؤشرات الأولية الجيدة التى أبرزها المسح الصحى للسكان فى 2014 بانخفاض نسب الفتيات المختنات فى المرحلة العمرية من 15 – 17 سنة إلى 61% بدلًا من 74% لعام 2008، مؤكدًا أن الاتحاد الأوروبى سوف يستمر فى دعم كافة الجهود لمناهضة الختان والقضاء على النسبة المتبقية 61% .
فيما اعتبرت أنيتا نرودى – الممثل المقيم لمنظمات الأمم المتحدة بمصر – أن ختان الإناث جريمة لايمكن تبريرها على أساس الدين أو الثقافة بل هو يمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الانسان والمرأة وله اَثار نفسية مدمرة على الفتيات، حيث تعانى أكثر من 20 مليون فتاة تحت سن 20 عامًا من هذه الجريمة البشعة، قائلةً: لقد تأثرت بكل القصص العاطفية والإنسانية التى استمعت اليها خلال جولاتها فى محافظات مصر وخاصة نجع الحجر بأسوان وحالة الوعى لدى الأهالى هناك ورفضهم لختان الإناث ومعرفتهم بأضراره.
وتابعت: ” الأمم المتحدة تتطلع لمعرفة التدابير المطلوبة لتنفيذ الاستراتيجية القومية لمناهضة ختان الإناث من خلال دعم وتعاون الوزارات والهيئات المختلفة الرسمية والدولية، مشددة على أهمية اتخاذ وزارة الصحة الاجراءات اللازمة لمواجهة الأطباء الذين يمارسون عملية الختان للفتيات وذلك حسبما ورد فى احصائيات المسح الديموغرافى الصحى للسكان 2014 بأن نسبة 82% من عمليات الختان تجرى على أيدى أطباء.

من جانبه قال الدكتور عادل العدوى – وزير الصحة والسكان – أن الاحتفال هذه العام باليوم الوطنى لمناهضة ختان الاناث جاء مختلفًا لتدشين الاستراتجية القومية 2016-2020 والتى شاركت فى اعدادها وزارة الصحة بقطاعاتها المختلفة ،مشيًرا أن الختان هو واحدة من أعنف الممارسات التقليدية التى تمارس فى مصر وتنتهك حقوق المرأة وخاصة حقها فى سلامة وصحة جسدية .

وأضاف “العدوى” أن دستور مصر 2014 فى مواده المختلفة ألزم الدولة بحماية المرأة من كافة أشكال العنف التى تتعرض لها، وبالتالى فمناهضة ختان الاناث هو أحد الحقوق الدستورية للمرأة المصرية ،وحقها فى حمايتها من ممارسة عنيفة ليس لها صلة بالعلم او الدين واثبتت كل المراجع الطبية خطرها على الانثى وصحتها.
وأوضح وزير الصحة ان المؤسسة الطبية كانت لها المبادرات فى مناهضة هذه الظاهرة بدءًا من عام 1928 عندما دعى “على باشا ابراهيم” أول عميد لكلية طب قصر العينى لوقف ختان البنات وعقد أول مؤتمر طبى لمناقشة هذه القضية ، ثم اصدرت وزارة الصحة اول قرار وزارة عام 1959 بحظر الممارسة ومنع الاطباء من القيام بهذه العملية واستكملت الوزارة هذا القرار بتنفيذ العديد من برامج التوعية لرفع الوعى للاسرة المصرية وتدريب الرائدات الريفيات والدعاة وتعبئة الاعلام لتينى هذه القضية وتكوين راى عام مناهض لهذه الظاهرة حتى صدر قرار وزارى رقم 271 لسنة 2007 بحظر كافة أشكال ممارسة ختان الإناث من قبل مقدمى الخدمة الطبية والحلاقين والدايات .
كماأكد أن وزارة الصحة سوف تتخذ التدابير اللازمة لتنفيذ الاستراتيجية خلال الخمس سنوات المقبلة من خلال التفتيش على المنشآت الطبية الخاصة بمساعدة النيابة العامة للكشف عن أى اطباء يخالفون القانون ويمارسون الجريمة، بالإضافة إلى دمج مكون مناهضة ختان الإناث داخل برامج التدريب للرائدات الريفيات والأطباء المكلفين بالوحدات والمراكز الصحية والمستشفيات ،ومراكز رعاية الامومة والطفولة بالوزارة.
وقد أشار “العدوى” إلى أن الوزارة تستعد لاطلاق الدليل الارشارى بالتعاون مع برنامج الامم المتحدة الانمائى UNDP للتعامل مع كافة قضايا العنف ضد المرأة.
وقالت الدكتورة هالة يوسف – وزيرة الدولة للسكان – أن مصر حققت خطوات هامة فى طريق القضاء على ظاهرة ختان الاناث الذى يعتبر أقسى ظواهر العنف ضد المرأة، والدليل على ذلك الحكم التاريخى التى قدمته محكمة الجنايات بالدقهلية فى قضية الطفلة سهير الباتع والذى لاول مرة تحول هذه الجريمة بتوصيفها الحقيقى وهو ختان الاناث.
وأكدت “يوسف” أن تراجع المعدلات كما جاء بالمسح الديموغرافى الصحى للسكان 2014 يشير إلى تغير المفاهيم لدى الكثيرون وتحول الختان من موروث ثقافى فى الأذهان إلى جريمة يعاقب عليها القانون، فضلًا عن كسر حاجر الصمت الإعلامى وتزايد الأصوات فى الريف والحضر المنددة بختان الاناث وهو ماشهدته الحملات الإعلانية المناهضة له تحت شعار” كفاية ختان البنات” حيث تضمنت شهادات حية لسيدات ورجال بكل وضوح ودون خجل يتحدثون عن الختان وأنه جريمة فى حق الفتاة.