عن كاتب المقال

محمد الحداد: عضو بمجموعة «بنت النيل» النسوية في البحيرة

فى الآونة الأخيرة ظهر العديد من قضايا التحرش بالنساء في أماكن عملهنّ؛ والتحرش في بيئة العمل جريمة منتشرة في جميع أنحاء العالم، ففي مصر تتعرض النساء العاملات للتحرش في مجال العمل بصفة مستمرة، وهذا يحدث بسبب الذكورية المقنعة التي تستبيح النساء وتعتبرهنّ الحلقة الأضعف، المستباح ممارسة أي شيء تجاههن، وبسبب غياب القوانين التي تكفل للنساء حقوقهن في مقاضاة ومعاقبة من يتحرش بهنّ في أماكن العمل. وعلى الرغم من وجود وحدات تكافؤ الفرص داخل الوزارات التى تم تفعيلها وفقًا للاستراتيجية الوطنية لمكافحة العنف ضد المرأة، ويأتى دورها في استقبال الشكاوى المختصة بحالات العنف والتمييز في إطار العمل، ومساعدة النساء وتمكينهنّ من الحصول على حقوقهن التي نص عليها الدستور، فإن هذه الوحدات لا يعرفها كثير من النساء في قطاعات العمل.

فضلًا عن ذلك، يأتي غياب الحماية المجتمعية، حيث يُلقَى باللوم دائمًا على النساء وهذا يضع أعباء كثيرة على النساء تجعلهن يفكرن مرات عِدة قبل اللجوء إلى أخذ حقهن والحديث عن الجرائم التي تُمارس بحقهن في أماكن عملهن، فكثير من النساء اللاتى يتعرضن  للتحرش داخل أماكن عملهن يخفن من التشويه وتلويث السمعة، فإن أصابع الاتهام ستشير إليهن بالدرجة الأولى، وذلك بسبب ذكورية المجتمعات التى تُلقي باللوم دائمًا على النساء.

العديد من النساء  يخفن من أن يفقدن عملهن بسبب غياب القوانين التي تحمي النساء العاملات من التحرش في مجال العمل، مما يجعلهن يشعرن بأن الجاني لن يتلق العقاب الرادع، فضلًا عن خوفهن من غياب دعم لهنّ ممن حولهنّ فالتحرش بالنساء في أماكن عملهن له تأثير نفسي واجتماعي واقتصادي، فقد تتعرض الناجية للنميمة والتفحص المهين ممن حولها، ونتيجة ذلك يتأثر أدائها المهني بسبب الضغط النفسي ممن حولها، ويتطور الأمر إلى الافتراء على الناجية وتشويهها على المستوى الأخلاقي، كما أنه قد يعرضها للفصل من العمل وعدم إتاحة فرصة عمل لها في أماكن أخرى، مما يجعلها تخسر حياتها المهنية،فإذا لجأت إلى التقاضي لأخذ حقها قانونيًا وتحدثت عن مشلكتها علنًا فإنها تتعرض للثأر ممن حولها ويتم تصنيفها كصانعة مشاكل أو تحاول خلق هالة من الاهتمام حولها أو تبحث عن الشهرة، كما أنها تتعرض للتشويه المهني، حيث تُتَهم بأنها فاشلة مهنيًا أو أنها تلجأ إلى ذلك كمحاولة منها لإظهار نفسها، وعلى سبيل المثال، فإن واقعة التحرش بـالصحافية مي الشامي داخل صالة تحرير جريدة اليوم السابع، وهي الواقعة التي تم تقديم بلاغ رسمي ضد المتورط فيها، ومع ذلك تعرضت مي الشامي بعد تقديم البلاغ للإيقاف التعسفي من عملها، بالإضافة إلى حملات تشويه استهدفتها عبر مواقع التواصل الاجتماعى وتعرضت إلى حياتها الخاصة، حيث قام من يقفون وراء هذه الحملات بكشف أسرار تتعلق بحياتها الخاصة والأُسرية.

العالم يمضي قدمًا باتجاه توفير الحماية والأمان  للنساء في قطاعات عملهن، ويمضى قدمًا نحو منح النساء الحماية اللازمة عن طريقات التشريعات، لذلك فمن الواجب أن يكفل القانون أدوات قانونية تكفل للنساء حقهن في محاسبة مرتكبي جرائم التحرش داخل أماكن العمل، وألا يتحملن عبء الإثبات وحدهن بل أن يتحمل مسؤوليته مرتكبو جريمة التحرش، فضلًا عن ضمان حق المرأة في الحماية بعد مقاضاة المتحرش، وتشكيل لجان داخل أماكن العمل للتحقيق في مثل هذه الوقائع، وتفعيل دور وحدات تكافؤ الفرص داخل أماكن العمل عن طريق طرح سياسات محددة ومُلزِمة. إن حماية النساء داخل أماكن عملهن تمنحهن القدرة على زيادة الانتاج، مما يسهم بشكل مباشر في تحسين القوة الاقتصادية للدولة.

هذا المقال منشور في إطار حملة «حضور وانصراف»