12825682_981361981917586_950760742_n

محمد أبو الشباب:

ناشط فى مجال الدفاع عن حقوق النساء

وعضو لجنة خبراء بمؤسسة خريطة التحرش الجنسي

تحت شعار الإعداد للمساواة بين الجنسين لمناصفة الكوكب بحلول 2030، احتفل العالم يوم 8 مارس بــ”اليوم الدولى للمرأة”،
وإن كنت شخصيًا أميل إلى فكرة “الإنصاف” أكثر من فكرة “المساواة”.
الإنصاف بمعنى أن تُعطَى المرأة نفس الفرص والموارد التى تعطى للرجل فى المجال العام والخاص، فكيف ندعو إلى المساواة بين رجل وامرأة، وقد حصل هو على الفرص والموارد والتدريبات وكل ما يؤهله لاقتحام المجال العام، وفى الوقت نفسه نساوي، بينه وبين النساء المحرومات من فرص التعليم والرعاية الصحية ويمارس عليهن الكثير من أنواع العنف المبني على النوع الاجتماعى ويتم ممارسة ذلك عليهن فقط لكونهن نساء، وليس لأي شيء اَخر.

الذكوريين فى الوطن العربى عامة وفى مصر خاصة ردودهم بشأن أي ممارسة من ممارسات العنف ضد المرأة لا تتغير .. لا تتبدل  .. لا تحمل أي إبداع.
جميع الذكوريين أو خريجى مدرسة السلطة الأبوية يقدمون نفس الردود والتبريرات والحجج، يهاب ويخاف الرجل الشرقى أن يعترف بممارسته للعنف ضد المرأة بل ويهاب أن يعبر صراحةً عن أي من بني جنسه متورط صراحة فى ممارسة هذا العنف ودائمًا ما يبحث عن حجج وتبريرات وتتنوع الردود بين خمس صور لا سادس لهم “حتى وقتنا الحالي”.

الرد الأول:

” الإنكار” … لا مبيحصلش .. مفيش الكلام ده .. احنا مبنعملش كده.. الكلام ده مش عندنا

“الإنكار” هو الطريقة الأسهل من وجهة نظره لكى يغلق باب النقاش أو الحوار حول أي قضية من قضايا العنف ضد المرأة، هو إنكار تلك الممارسات ونفيها بكل ما أوتي من قوة، إنكارها يعطيه جزءًا من القوة الوهمية، لكن فى الحقيقة هو أكثر أشكال الناس بؤسًا لأنه لا يستطيع أن يواجه نفسه بالحقيقة ويكون ” الإنكار ” مُسكن لضميره الذى “ضمر” من قلة الاستخدام.

الرد التانى:

“الاستهتار ” .. متكبروش الموضوع قوى كده .. عادى يعنى مش مستاهلة

بهذه الردود يمارس مثل هؤلاء عنفًا .. النساء عندما يتم ممارسة العنف عليهن – “أحيانًا ” – يكن فى حاجة إلى المساعدة أو الدعم النفسي أو على أقل تقدير عدم التدخل بصورة سلبية، وهذا النوع من الناس ردوده تزيد من حدة “كرب ما بعد الصدمة ” وهى حالة نفسية شديدة التعقيد تعاني منها النساء بعد تعرضهن للعنف، والخروج من هذه الحالة النفسية لا يكون بالأمر الهين والسهل.

الرد الثالث

“مقارنة المعاناة” .. هذه الشخصية تمارس أكثر من استراتجية، فهي تبرر العنف وفى الوقت نفسه تضع نفسها فى مقارنة مع من يُمارس العنف عليها.
“تبرير العنف” .. هذا الشخص يعترف ضمنًا بوجود العنف، لكنه يحاول أن يجد مخرجًا أو تبريرًا لممارسة هذا العنف، وأن يوجد دائمًا سببًا وراء هذا العنف وأن يكون دوره هو إعلام الناس بهذه التبريرات ليقل التعاطف مع الناجية “هكذا هو يفكر. ”
أما فى حالة استراتجيته الثانية المتعلقة بإدخال نفسه فى مقارنة مع كل من يُمارس ضدهن العنف، فهو يحاول تقليل تعاطف الناس مع المتعرضة للعنف وسحب جزء من التعاطف وتوجيهه لشخصه أو لبني جنسه.
وهو يعنى إحنا محدش بيشوف بيحصلنا ايه؟
“حقوق مرأة حقوق مرأة ما حد يشوف ويدور على حقوق الراجل
ما إحنا كمان بنتعرض لعنف ولا احنا علشان ساكتين وبنستحمل يعنى .. هكذا هو يتحدث وهكذا هو يفكر.

الرد الرابع:

“تعزيز الوضع الراهن”.. هو شخص يعترف بالسلوك ويعترف أنه يمارس هذا السلوك، هذا الشخص يتسم بـــ”البجاحة ” فهو لا يخجل من اعترافه بوجود “أي صورة من صور العنف ضد المرأة ” بل ولا يجد غضاضة في أن  يعبر صراحة أو ضمنًا أنه يمارس هذا العنف ضدهن أو أنه على استعداد أن يمارس هذا السلوك مستقبلًا، هذه الشخصية فى الحقيقة هي الأخطر لأنه يستعين بالتكتيكات والاستراتيجيات السابق عرضها، وهو الأصعب فى محاولة التحاور معه.

الرد الخامس:

الصمت” .. أنا ادرك جيدًا أن هناك قاعدة مفادها أنه “لا ينسب إلى ساكت قول” وأنا مؤمن بهذا، لكن الشخص الصامت المريب أثناء التحدث معه عن العنف ضد المرأة، يفاجئني بثباته.
فهو لا يُفاجئ أو يبدى استياءه أو تعاطفه أو حتى دعمه للقضية. نحن لا نحكم على هذه الشخصية لأنه فعلًا من الشخصيات المحيرة التى لا نجد تفسير لسلوكها أو بمعنى أصح “لا نجد تفسيرًا لسلوكها السلبى”

كل هؤلاء متبعي النهج الذكوري المحافظين على إرث بني جلدتهم، المتمسكين بالسلطة الأبوية وما تلاها من تبعات، غير مدركين أنهم بهذا الشكل، يساهمون فى زيادة الاختلال فى ميزان العدل والإنصاف، وأن دائرة العنف هذه لا تنكسر بهذه الطريقة بل تزداد حجمًا ككرة الثلج التي تسقط من أعلى جبل، وكلما تدحرجت من أعلى تزداد حجمًا وقوةً واندفاعًا.. نهاية المجتمعات الذكورية أصبحت وشيكة، لا ينقصها شيء إلا استمرار الذكوريين فى تلك الممارسات والتبريرات والردود.
احذروا تبعات سلوكياتكم .. احذروا
أتمنى للمرأة المصرية والعربية ونساء العالم أن يشعرن بالعدل والإنصاف
كل عام وهن قويات قادرات على صد العنف الممارس عليهن وأخذ حقوقهن المسلوبة منهن وتحديد أولوياتهن.. كل عام وهن فى سلام.