احتفل العالم نهاية الشهر الماضي، وتحديدًا في الـ31 من مارس، باليوم الدولي لظهور العابرين والعابرات جنسيًا، يوم الظهور أو الرؤية لمغايري الهوية الجنسية وغير المحددين جنسيًّا، اليوم الدولي لظهور مغايري الهوية الجنسية (International Transgender Day of Visibility)، والغرض من الاحتفال هو إظهار إنجازات مغايري الهوية الجنسية وانتصاراتهم، ورفع مستوى الوعي بقضاياهم، والتصدي لكل أشكال العنف أو التمييز أو التنكيل، بالإضافة إلى حماية من استطاع الظهور إلى العلن منهم/ن ، وحماية ودعم من لم يستطع الخروج إلى العلن حتى هذه اللحظة.

في كل أنحاء العالم، هناك إنجازات للأشخاص العابرين جنسيًا وغير ثنائي الجنس وغير المطابقين للجنس، ويتحتم علينا أن ندرك شجاعتهم في عملهم الدؤوب من أجل المساواة والاندماج والاعتراف الكامل بحقوق الإنسان الخاصة بهم.

ماذا يعني أن يكون الشخص عابرًا جنسيًا؟

تختلف الهوية الجنسية المحددة اجتماعيًا للشخص العابر جنسيًا، عن الجنس المذكور والموثق في شهادة ميلاده الحكومية.

حين يولد الأطفال، يتم تسجيل الجنس كذكر أو أنثى، بناءً على خصائص فسيولوجية تعتمد بشكل أساسي على وجود الأعضاء التناسلية الأنثوية أو الذكرية، وقد يولد بعض الأطفال باختلافات كروموسومية أو فسيولوجية أخرى، تجعل تحديد الجنس مسألة معقدة، وهؤلاء قد يشار إليهم باعتبارهم ثنائيي الجنس أو انترسكس (Intersex).

يستند النوع الاجتماعي (الجندر – Gender) إلى السلوكيات والتوقعات والمظهر الخارجي، الذي يُنظَر إليه عادةً على أنه يتوافق مع جنس الشخص حسب كل مجتمع. أما الهوية الجندرية فتستند إلى الإدراك الذاتي، كيف نرى ونصف أنفسنا وكيف «نقدم أنفسنا» إلى العالم.

قد يكون هناك اختلاف بين الجنس المحدد للشخص عند الميلاد مع جندره «هويته الجنسية والاجتماعية»، وهذه الحالة يُشار إليها طبيًا بوصفها انزعاجًا جندريًا، وقد يصف أصحابها أنفسهم بأنهم عابرين جنسيًا. لكن لا يوجد تشريع في مصر، ينظم عملية العبور الجنسي، فالأمر يخضع للجنة تابعة لنقابة الأطباء، تم إنشاؤها تبعًا لقرار أصدره وزير الصحة في الخامس من سبتمبر من عام 2003، ويحمل رقم 238.

وتتكوّن لجنة تصحيح الجنس – كما تسمّى في القرار الحكومي – من سبعة أعضاء، وتضم بينها أستاذ جينات وراثية، وأستاذ أمراض ذكورة، وأستاذًا في الطب النفسي، بالإضافة إلى عضو من دار الإفتاء المصرية، للموافقة على شرعية العملية.

لكن للأسف لجنة تصحيح الجنس لم تعد تنعقد، بسبب عدم حضور عضو دار الإفتاء منذ أواخر عام 2014، لاعتبارات خاصة باعتراضه على هذه العملية ورفضه لوجوده ضمن هذه اللجنة، بالرغم من أن الأمر يعتبر إجراءً طبيًا خالصًا لا يتعلق بالآراء الشخصية. وقد وضع ذلك أعباءً مالية ونفسية على العابرين والعابرات لأنهم – إن أرادوا – يلجأون إلى إجراء هذه العمليات الطبية في مستشفيات خاصة، بعيدًا عن أعين الدولة وبتكاليف باهظة، فضلًا عن ما يواجهونه من صعوبة في استخراج الأوراق الثبوتية وتغيير الجنس والاسم في الأوراق الرسمية.

هذا عرض مختصر لتحدٍ واحد فقط يمر به العابرون والعابرات جنسيًا، وهناك تحديات أخرى كثيرة، مثل صعوبة إيجاد عمل واستكمال الدراسة، والعنف الأسري، والعنف المجتمعي سواء كان بدنيًا أو لفظيًا أو تنمرًا، على الرغم من وجود نصوص دستورية مثل المادة 53 من الدستور المصري التي تجرّم التمييز ضد الأفراد، والمادة 11 التي تلزم الدولة بتقديم الرعاية الصحية لكل الأفراد على حد سواء عبر المؤسسات الصحية الموجودة داخلها.

يجب إصلاح المنظومة التشريعية والقانونية بما يُلائم احتياجات العابرين والعابرات جنسيًا، وتوفير الدعم المالي والنفسي، والرعاية اللاحقة لكل مرحلة من مراحل العلاج، بداية من العلاج الهرموني مرورًا بالعمليات الجراحية، ويجب إصلاح المنظومة التعليمية والمواد الدراسية حتى تدعم التنوع والاختلاف بين الناس.

يتعين علينا التأكيد على أهمية العمل لضمان أن يكون جميع الأشخاص العابرين جنسيًا وغير ثنائي الجنس وغير المطابقين للجنس قادرين على العيش بحرية وأمان وكرامة.

إن العابرين جنسيًا يواجهون أشكالًا ومستويات متعددة ومتداخلة من التمييز غير مسبوقة، من عنف واعتداءات جسدية، إلى جانب الحرمان من الرعاية الطبية الضرورية، وسن قوانين تمييزية تستهدف العابرين والعابرات جنسيًا.

لا بد أن تتم معالجة كل هذه التحديات والعقبات التي يواجهها العابرون والعابرات، ومن الضروري أن تعي الدولة والمواطنون أن حقوق العابرين والعابرات من حقوق الإنسان، لأن الأشخاص العابرين جنسيًا يجب أن يكونوا قادرين على العيش في مأمن من العنف والتمييز ووصمة العار، من أجل عالم يمكن للجميع أن يعيش فيه بأمان وانفتاح.

شكرًا لكل عابر وعابرة لمحاربتهم/ن يوميًا في سبيل اكتشاف أنفسهم/ن وميولهم/ن.

وتحية تقدير لكل شخص منكم/ن يناضل ويكافح للحصول على حقه/ا في المجال العام، والأمان في المجال الخاص.

ما أنتم/ن عليه بعد العبور هو حقيقتكم/ن، ويجب أن يعى ويفهم ويدرك الجميع ذلك.

Trans women are real women & Trans men are real men

نحبكم/ن وندعمكم/ن ونتمنى لكم/ن يوم ظهورٍ سعيد

Happy International Transgender Day of Visibility

 

*هذا المقال يعبر عن رأي صاحبته/صاحبه ولا يعبر بالضرورة عن آراء «ولها وجوه أخرى»