حوار- نتحدث مع الممثلة السعودية أضوى فهد عن كسر «تابوهات» الاشتغال بالفن وتحدي «النمطية» على الشاشة
«أحلم بتقديم أدوار تعبر عن واقع المرأة السعودية، على عكس تنميط الدراما لها. الدراما التي حصرت النساء السعوديات في صورة الدلوعات اللائي يقبعن في منازل شديدة الفخامة، ويتمتعن بدرجة عالية من الرفاهية، ويحيط بهن عاملو المنازل، ويطلبن المجوهرات، ويقضين أغلب الوقت في التسوق، بينما في الواقع هناك نماذج ناجحة للنساء السعوديات في مختلف المجالات.»
هكذا عبرت الممثلة السعودية أضوى فهد، خلال حوارها مع «ولها وجوه أخرى» عن أحد أهدافها الرئيسة وتطلعاتها الأساسية كممثلة سعودية.
أضوى فهد ممثلة سعودية صاعدة، دخلت إلى عالم السينما بعد سنوات من العمل في مجالي الأزياء والإعلانات، وقد شاركت مؤخرًا في الفيلم السعودي «حد الطار» الذي بدأ عرضه التجاري بدور العرض السينمائي في السعودية، خلال شهر يناير الماضي، بعد أسابيع قليلة من فوزه بجائزتين في الدورة الـ42 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، التي انعقدت في شهر ديسمبر الماضي، وهما جائزة لجنة التحكيم وجائزة أفضل ممثل.
ويعد فيلم «حد الطار» هو أول فيلم سعودي يشارك في إحدى المسابقات الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائي، المهرجان الدولي الأعرق والأهم في العالم العربي، وهي مسابقة «آفاق السينما العربية».
أتيحت لنا فرصة التحدث مع الممثلة أضوى فهد، فأخذنا الحوار إلى علاقة المرأة السعودية بالفن عمومًا والسينما خصوصًا، والعوائق التي تواجهها بشكل شخصي كامرأة تمتهن الفن في ظل نظام اجتماعي صارم، ووجود قطاع عريض من المجتمع السعودي لا يزال يرفض اختلاط النسـاء والرجال في العمل.
«حد الطار» هو أول فيلم روائي طويل لكِ، ما الذي حفّزك على خوض هذه التجربة؟
لقد رشحني للدور مخرج الفيلم عبد العزيز الشلاحي، ووافقت فورًا على الدور استنادًا إلى النجاح الذي حققه التعاون السابق بين الشلاحي ومؤلف الفيلم مفرج المجفل، عندما قدما معًا فيلم «المسافة صفر» الذي صدر في العام 2019، ولذلك نظرت إلى هذا الترشيح باعتباره تحديًا صعبًا يجب أن أنجح فيه؛ وبالتالي اجتهدت في التدريب، والإعداد للشخصية وتجسيدها.
تعني كلمة «حد» تنفيذ الحكم (تطبيق الحدود)، وتعني كلمة «الطار» الدف، ويشير اسم الفيلم «حد الطار» إلى العالمين المتناقضين الذين ينتمي إليهما بطلا الفيلم، فشخصية شامة التي تؤدي دورها أضوى فهد هي ابنة امرأة تحيي الأفراح وتدق الدفوف في الأعراس، بينما دايل الذي يؤدي دوره فيصل الدوخي، هو ابن سيّاف ينفذ أحكام الحدود الشرعية في السعودية. وعلى الرغم من أن الطرف الأول هو الذي ينشر الفرحة ويبث السعادة، والطرف الثاني هو الذي يعكس حالة الانقباض والموت والقسوة، فإن الأول هو المنبوذ مجتمعيًا والأخير هو المُقدّر والموقر في المجتمع.
فيلم «حد الطار» يتناول نظرة المجتمع السعودي الدونية لعمل النسـاء في الفن، من خلال شخصيتي شامة التي تؤدين دورها وأمها التي تعمل كطقاقة. حدثينا عن تجربتك الشخصية مع العائلة والمجتمع، فيما يخص اشتغالك بهذا المجال.
لقد واجهت صعوبات في إقناع أبي وعائلتي بشكل عام، ولم أستطع الدخول إلى مجال التمثيل مباشرة بل تحقق ذلك على مراحل، إذ انتظرت عامًا ونصف العام حتى يوافق أبي على العمل في مجال عروض الأزياء في البداية، وحينها ربط موافقته باشتراط نمط للملابس وعدم كشف أجزاء من جسدي، وأذكر أنني في إحدى المرات ظهر جزء من كتفي في بعض الصور، فاشتد غضب أولاد عمومتي وثاروا ضدي، ثم أجبروني على حذف هذه الصور، وحذروني من تكرار الأمر.
ومع ذلك، لا يمكن مقارنة أبي وعائلتي بعائلات أخرى أشد انغلاقًا وتشددًا في السعودية، فقد أرادت عائلتي فقط ألا أخرج عن المألوف، لأنني عندما انتقلت إلى عالم السينما وقدمت فيلم «حد الطار» وجدت منهم الدعم والتشجيع، وعند مشاركة الفيلم في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، قال لي أبي إنه فخور بي وإنه موجود لدعمي.
يشيع استخدام كلمة «طقاقة» في الدول الخليجية، لوصف نمط من المغنيات الأساسيات في الأفراح الخليجية، عادةً ما يؤدين فقراتهن وهن جالسات، حيث يغنين ويضربن على الدفوف، وتصاحبهن فرق نسائية تقرع الدفوف أيضًا وليس أي آلة أخرى، وذلك بدعوى أن الضوابط الشرعية تبيح دق الدفوف والطبول، ولا تجيز العزف على بقية الآلات الموسيقية.
بنظرة أوسع وأشمل، هل تعتقدين أن المجتمع السعودي في الوقت الحالي أكثر تقبلًا لعمل النساء فى المجال الفني وبالأخص الدراما؟
إلى حدٍ كبير، فثمة زيادة في عدد الممثلات السعوديات، وبعضهن ينتمين إلى عائلات محافظة جدًا، ومع ذلك نجحن في كسر حواجز المجتمع وتابوهاته فيما يتعلق بانخراط النساء في السينما. كما أعتقد أن النظرة تجاه المطربات والطقاقات تغيرت، فقد أصبحن مطلوبات بقوة لإحياء حفلات الزواج والمناسبات المختلفة.
في «حد الطار» نرى سيطرة العائلة على اختيارات شخصيتي «شامة» و«دايل» في العمل والزواج .. هل ما زال هذا النمط هو السائد في المجتمع السعودي أم تغير الوضع؟
ما برحت سيطرة العائلات على أبنائها إناثًا وذكورًا قائمة حتى الآن، ولكن الجيل الحالي يختلف عن سابقه، فقد صار لديه وعي كبير بحقوقه واختيارته الفردية في العمل والزواج والسفر، ويسعى إلى كسر هذه القيود والتحرر منها بعد أن رأى الإرث السيء الذي خلفته سيطرة الآباء السابقين على أبنائهم.
نشأ المجتمع السعودي على أساس قبائلي، ولا تزال حتى الآن القبائل مكوّنًا رئيسًا للمجتمع. وتعد العائلة هي الركيزة الأساسية للقبيلة، ومن يعتلي هرم العائلة يمتلك صلاحيات واسعة في تحديد مسارات أفرادها.
هل تعتقدين أن الشابة السعودية اقتربت من الشاب السعودي في مساحة الحرية المتاحة له؟
أعتقد ذلك لأن المرأة صار لها صوت وأضحى هناك وعي كامل بحقوقها في التعليم والعمل والسفر. في السابق، كانت حقوق المرأة منتهكة بشكل واضح، وكانت النسـاء تُرغَم على أشياء كثيرة خاصةً فيما يتعلق بأمور الزواج والطلاق.
نعود إلى السينما، متى كانت أول مرة تشعرين بالانجذاب إلى هذا العالم؟
لقد كنت أشاهد بكثافة الأفلام الأبيض والأسود المصرية (الأفلام المصرية القديمة) إبان طفولتي، ولكن أكثر فيلم تأثرت به هو الفيلم الأمريكي «Save the Last Dance»، وقد ظل الفيلم عالقًا بمخيلتي، وشعرت بعد مشاهدته أن السينما ستُصبح عالمي يومًا ما وقد كان.
الحرب مع مرض السرطان تجربة إنسانية ملهمة.. كيف تغيرت حياتك بعد الانتصار والتعافي؟
إصابتي بالسرطان كانت نقلة نوعية فى حياتي. قبل هذه التجربة، كنت شخصية خجولة وانطوائية، ودائرتي الاجتماعية محدودة للغاية، ولكن عندما خرجت من المستشفى عقب شهرين من العزل والخضوع للعلاج، شعرت بتقدير كبير للفرصة التي منحني الله إياها، وقررت استغلالها والسعي إلى تحقيق أحلامي التي طالما أجلتها قبل المرض، فأصبحت أكثر شغفًا وحماسًا وإقبالًا على العمل والإنجاز وبناء مستقبلي.
حظرت السعودية في ثمانينيات القرن الماضي إنشاء دور العرض السينمائي وأغلقت دور العرض التي كانت موجودة آنذاك، تحت ضغط التيارات المتشددة التي جعلت من السينما صناعةً ومشاهدة «جريمة أخلاقية مُحرّمة»، إلى أن أعلنت المملكة في العام 2016 عن إصلاحات اقتصادية واجتماعية ضمن رؤية السعودية 2030، وكان من بينها فك القيود المفروضة على قطاع الترفيه، لزيادة مساهمته في الناتج المحلي. وقد ترتب على ذلك، إعادة افتتاح دور العرض السينمائي في العام 2018.
مع التغييرات التي تشهدها السعودية مؤخرًا.. كيف يمكن أن تنقل السينما تحديات وطموحات المرأة السعودية على الشاشة؟
بشكل شخصي، أحلم بتقديم أدوار تعبر عن واقع المرأة السعودية، على عكس تنميط الدراما لها. الدراما التي حصرت النساء السعوديات في صورة الدلوعات اللائي يقبعن في منازل شديدة الفخامة، ويتمتعن بدرجة عالية من الرفاهية، ويحيط بهن عاملو المنازل، ويطلبن المجوهرات، ويقضين أغلب الوقت في التسوّق، بينما في الواقع هناك نماذج ناجحة للنساء السعوديات، وصلن إلى مناصب قيادية في مختلف المجالات كالطب، والهندسة، والدبلوماسية، وغيره.
بالإضافة إلى ذلك، أتمنى أن أعرض التحديات والمشكلات التي تواجهها الأم العزباء سواء كانت أرملة أو مطلقة، وكيف تتحمل مسؤولية أطفالها منفردةً، وتنجح في ذلك رغم غياب الدعم المعنوي والمادي، من الأسرة والزوج السابق في حالات الطلاق.