انعقد يوم الثلاثاء الموافق 10 يوليو الجاري، الحوار الوطني لمتابعة الاجتماع الوزاري الرابع للاتحاد من أجل المتوسط حول حقوق النساء، بأحد الفنادق في وسط القاهرة، وذلك بهدف متابعة التزامات الحكومة في تنفيذ سياسة المساواة المبنية على النوع الاجتماعي، وكان المؤتمر الوزاري الرابع للاتحاد من أجل المتوسط، الذي انعقد في القاهرة في نوفمبر الماضي، قد أصدر إعلانًا وزاريًا يضم عددًا من التوصيات ترمي إلى تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وفي إطار متابعة العملية الوزارية للاتحاد من أجل المتوسط فيما يتعلق بحقوق النساء، تعقد «المبادرة النسوية الأورومتوسطية » بدعم من «الاتحاد الأوروبي » سلسلة حوارات لمناقشة آليات تنفيذ الالتزامات الوزارية، في كل من؛ مصر، ولبنان، وتونس، والأردن، وفلسطين، والجزائر.

وضم الحوار جلستين متتاليتين، وخلال الجلسة الثانية، تحدثت كل من «منيرة الهمامي» الأمينة العامة لجمعية النساء التونسيات، و «ماجدة المصري» عضوة المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ووزيرة الشؤون الاجتماعية السابقة في فلسطين، والدكتورة «عزة كامل» المديرة العامة لمركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية في مصر (ACT).

وقد خصصت «منيرة الهمامي» جزءًا من كلمتها لاستعراض أبرز المكتسبات التي حصلت عليها المرأة التونسية في أعقاب ثورة  17 ديسمبر (2010)، لا سيما ما اشتمل عليه الدستور من نصوص تلزم الحكومات بتحقيق المساواة التامة.

وقد لفتت «الهمامي» إلى أن الدستور نص على المساواة في المقاعد في المجالس المنتخبة، ومسؤولية الدولة في حماية النساء من العنف، وضمان مشاركتهن في الحياة العامة والارتقاء بمشاركتهن الاقتصادية.

وفيما يخص المشاركة السياسية وتمكين النساء في هذا الصدد، قالت «الهمامي» إن الدولة التونسية تطبق التناصف العمودي والأفقي، بما يضمن تمثيل النساء بما يصل إلى 50 في المئة في القوائم الانتخابية، حيث يوضع اسم امرأة أمام كل رجل في القائمة، سواء كان الترتيب طوليًا أو عرضيًا، وهو ما انعكس إيجابًا على تمثيل النساء في المجالس.

وأعربت «الهمامي» عن سعادتها بانتخاب أول امرأة رئيسة لبلدية العاصمة تونس، وهي «سعاد عبد الرحيم»، المرشحة عن حزب النهضة  ذي التوجهات الإسلامية، معتبرة ذلك إنجاز كبيرة يدعو للتفاؤل.

أما على صعيد التمثيل النسائي في الأحزاب، أوضحت «الهمامي» أن توصيات مؤتمر «المبادرة النسوية الأورومتوسطية» الذي انعقد في نوفمبر الماضي، لمتابعة نتائج المؤتمر الوزاري الرابع الذي انعقد في الشهر نفسه في القاهرة، اشتملت على مطالبة الأحزاب بتطبيق مبدأ التناصف، لضمان تحقيق المساواة في تمثيل النساء في المراكز القيادية في الأحزاب، مشيرةً إلى أن تمثيل المرأة في قواعد الأحزاب مرتفع، بينما يظل العدد محدودًا في مجالس القيادية داخل الأحزاب. في المقابل، يبقى تمثيل النساء في الحكومة أقل من المرجو، حيث تعتلي ثلاث سيدات فقط منصب «وزيرة»، وثلاث أخريات يشغلن منصب «كاتبة دولة».

«على  رغم من ما حققته تونس من إنجازات على صعيد تمكين المرأة، فما زال البحث والنضال من أجل المزيد من المكتسبات مستمرين» تقول «الهمامي»

وفي سياق متصل، تحدثت «الهمامي» عن العنف السياسي الذي تتعرض له النساء التونسيات الناشطات في الحياة السياسية، خاصة خلال الحملات الانتخابية، ولذلك فإن اَليات حماية النساء من هذا العنف كانت محل اهتمام  من المجتمع المدني التونسي.

وعن قانون مناهضة جميع أشكال العنف ضد المرأة الذي مرره البرلمان التونسي  العام الماضي، أكدت «الهمامي» أنه قانون شامل ويتضمن جوانب عديدة، كالإجراءات الوقائية، والتجريم، وأساليب التربية والتوعية، ويأتي بعد نضال استمر لنحو 17 سنة، بعد أن بدأ العمل عليه في العام 2000، وقد مارست المنظمات النسوية ضغوطًا ليمر بالطريقة التي تطمح إليها النساء، لكن في النهاية لم يخرج القانون بجميع المواصفات المأمولة، ولم يعترف ببعض صور العنف، وفي مقدمتها الاغتصاب الزوجي، لكن ذلك لا ينفي أنه إنجاز كبير للحركة النسوية على حد تعبيرها.

وأوضحت «الهمامي» أن واحدة من أبرز التوصيات التي خرج بها المؤتمر، كانت مطالبة الحكومة التونسية بالتوقيع على اتفاقية مجلس أوروبا بشأن منع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي، والمعروفة باسم «اتفاقية اسطنبول».

من جانبها، ركزت «ماجدة المصري» في الجزء الأول من كلمتها على الوضع في فلسطين بشكل عام في ظل الاحتلال الإسرائيلي، وتأثير الانقسام في الداخل على التشريعات وتعطيل بعض القوانين الخاصة بالمرأة.

وبشأن المؤتمر الوزاري الرابع للاتحاد من أجل المتوسط حول حقوق النساء، أكدت «المصري» أن النقاش الذي دار خلال المؤتمر، عكس إرادة التغيير في البنية الثقافية والاقتصادية بغية الوصول إلى المساواة التامة، لكنه يحتاج إلى حِراك مستمر على الأرض من أجل تحقيق ما ورد في البيان الصادر عنه.

وأردفت «المصري» قائلة «تشريع الكوتة  في القانون، أفاد في تمثيل النساء بنحو 30 في المئة في التشريعيات والبلديات، بينما يغيب تشريع الكوتة في المجلس الوطني الفلسطيني وهيئة التحرير، وهو ما أسفر عن تمثيل هزيل للنساء، يتراوح بين 7-8 في المئة في المجلس الوطني الفلسطيني.»

ولفتت «المصري» إلى أزمة  أخرى تتعلق بتوقيع  دولة فلسطين على الاتفاقيات الدولية، بينما ينعدم أثر هذه التوقيعات على القوانين، وتحديدًا فيما يتعلق باتفاقية «السيداو»، التي لم تدخل حيز التنفيذ أو تُطبَّق بنودها في القوانين والتشريعات الفلسطينية.

وانتقدت «المصري» غياب أي نصوص في البيان الختامي للمؤتمر الوزاري، تذكر صراحة الاحتلال الإسرائيلي، باعتباره معوقًا رئيسًا لعملية تمكين النساء الفلسطينيات، رافضةً وصف الوضع في فلسطين بــ«النزاعات»، ومتمسكةً بتوصيف الوضع في فلسطين بــ«الاحتلال».

وشددت السياسية والمناضلة الفلسطينية على ضرورة تفعيل دور المجتمع المدني الفلسطيني، بما فيه المؤسسات الحقوقية النسوية، وتعضيد دورها في مساءلة الحكومة، وتحديدًا وزارة الدولة لشؤون المرأة، لمراجعة ومتابعة مدى تطبيق توصيات المؤتمرات الوزارية، بناءً على جداول زمنية محددة.

كما أكدت «المصري» أن المجتمع المدني في فلسطين معني بالشراكة مع الحكومة، من أجل النهوض بوضع النساء الفلسطينيات، لكن دون التخلي عن شرط الاستقلالية.

أما الدكتورة «عزة كامل»، فقد تحدثت عن اَليات تحقيق المساواة، متمثلة في وحدات تكافؤ الفرص داخل الوزارات، ولجان المساءلة التي يجب أن تتكون من أعضاء في مؤسسات المجتمع المدني، بغية مواجهة التمييز بين الجنسين، بالإضافة إلى لجان الرصد والمراقبة، فضلًا عن تخصيص جزء من الموازنة لــ«النوع الاجتماعي»، والضغط من أجل إصدار القوانين التي تحقق العدالة والتمكين، وتحديدًا قانون مناهضة العنف ضد النساء.

كما ركزت «كامل» على أهمية إصدار تقارير الظل بشكل دوري، وهي واحدة من آليات حماية حقوق الإنسان، تقوم بإعدادها منظمات المجتمع المدني، لتكون موازية لتقارير الدولة أو الحكومة، كأداة رقابية تهدف إلى الإسهام في تحقيق احترام حقوق الإنسان عمومًا، من طرف المعنيين في الدولة التي اختارت الانضمام لاتفاقية ما.

في القسم الأخير من المؤتمر، استقبلت المنصة مداخلات الحضور من الضالعين في العمل الحقوقي والتنموي، وقد تركز أغلبها في طرح مقترحات بشأن تعزيز مشاركة النساء في المجال العام وتحقيق المساواة بين الجنسين، وتغيير الثقافة المجتمعية التي تعوق تمكين المرأة.