تقدم الكاتبة مراجعتها لمسلسل «الرحلة» وما كشتفه لها تلك الدراما النفسية، من خلال شخصيات يتقاطع مصيرها وتتشابك قصصها

في استغلال لما حققه من نجاح العام الماضي، يعود الممثل «باسل الخياط» بشخصية مركبة ومسلسل ينتمي لفئة الدراما النفسية في موسم رمضان 2018، وذلك بعد نجاح لافت حققه في موسم رمضان الماضي (2017) عبر مسلسل «30 يوم»، بدور مشابه ومسلسل ينتمي للفئة نفسها.

يجسد «الخياط» في مسلسل «الرحلة» الذي عرض خلال شهر رمضان (2018)، شخصية المريض النفسي حاد الذكاء، ويشاركه البطولة «ريهام عبد الغفور»، و«حنان مطاوع»، و«أميرة العايدي»، و«ثراء جبيل» و«مي سليم» و«وليد فواز»، و«إيهاب فهمي».

ويأتي «الرحلة» بين مسلسلين عرضا في هذا الموسم، تشارك في إنتاجهما نساء، حيث تشارك في الإنتاج، «مها سليم» ممثلة لشركة «سليميديا» التي تتعاون مع شركة «تريلر بيكتشرز للإنتاج الفني والتوزيع » و«ماكس برودكشن» في إنتاج المسلسل، فضلًا عن أنه من بين عدد محدود من المسلسلات كتبت قصصها نساء في هذا الموسم الدرامي، فقد كتبت قصته السورية «نور شيشكلي»، بينما كتب السيناريو والحوار «عمرو الدالي» و «أحمد وائل» وأخرجه «حسام علي».

يدور المسلسل في إطار اجتماعي حول العلاقات الإنسانية ومصائر البشر وقدرتهم على الاختيار، وتدور أحداثه بين مصر وبيروت في زمن غير محدد.

في طريقه.. كل النساء تخضع للتعذيب معنويًا أو جسديًا

البطل الرئيس هو «باسل الخياط» الذي يؤدي دور «أسامة» ، وهو أستاذ جامعي في الكيمياء، يتنقل بسبب العمل بين القاهرة وبيروت ودبي، ويعاني أزمات نفسية تعود إلى نشأته وتربيته، لا سيما أن والدته قد هربت مع عشيقها وتركته عندما كان طفلًا، ليتولى والده تربيته بمفرده.

ينعكس ذلك على سلوكيات «أسامة» مع زوجته، فيضيق الخناق عليها وعلى ابنتهما الوحيدة «سلمى»، متذرعًا برغبته في حمايتها من العالم الخارجي، الذي يؤمن بأن من يعيشون فيه «وحوش» ، لكن «رانيا» زوجته وتؤدي دورها «ريهام عبد الغفور» تريد أن تعيش كأي إنسان حر، وتحتك بالعالم الخارجي كأي إنسان طبيعي،  لذلك تحاول الهروب بمساعدة صديقتها اللبنانية «اَية»، لكن  تبوء المحاولة الأولى بالفشل،  ثم يكتب لها النجاح في الثانية، وتتمكن من العودة إلى مصر، حيث تتخذ الأحداث مجرى اَخر، ينتهي بتحررها بالفعل من السجن الذي عاشت لسنوات خلف قضبانه.

يتقاطع مصير «رانيا» مع مصائر شخصيات عديدة،  أولها «اَدم منصور» ويؤدي دوره «وليد فواز»، وهو كاتب وسيناريست يحظي بشهرة واسعة، تتبدل حقيبة سفره مع حقيبة «رانيا» في مطار بيروت، فتنكشف له حقيقة «أسامة» السادية، بعد أن وجد في الحقيبة فلاش ميموري، عليها مقاطع توثيق استجواب الأخير لنساء في بيروت وتعذيبه لهن وقتلهن، وإحداهن تخضع للتعذيب بسببب اتهامه لها بخيانة زوجها.

ويتقاطع مصير «رانيا » ومصممة الأزياء «كريمة » وتجسدها «حنان مطاوع»، التي تصطدم بحقيقة إصابتها بسرطان الثدي في مرحلة متأخر،  فتخوض رحلة علاج، تخفيها عن شقيقتها الصغري «كارما»  التي تؤدي دورها «ثراء جبيل»، وتستعين «كريمة» بمساعدة «رانيا» خلال رحلة العلاج في مقابل حمايتها من «أسامة».

تجسد شخصية رانيا حالة امرأة ناجية من العنف الزوجي أو عنف الشريك، لكنها لم تنجو كليًا، فما زال المُعنِّف يلاحقها. ويفعل الزوج ذلك بدافع الحماية نتيجة عقدة نفسية تكونت داخله منذ الطفولة، لكنه يشكل عقدةً أخرى لديها، فيصبح أقصى طموحاتها هو اللوذ بالفرار من اعتقال جبري يفرضه عليها فقط لكونها امرأة  ارتبطت به.

كثافة الحضور لا تعني تأثيرًا قويًا

اتسم الحضور النسائي أمام الكاميرا في مسلسل «الرحلة» بالكثافة العددية، لكنه لم يكن مؤثرًا بدرجة كبيرة على تحريك الأحداث، فجميعهن يتخذ ردود أفعال إزاء ما يتعرضن له أو يحاولن الهروب من شيء ما فرضته الظروف عليهن، بالإضافة إلى تكرار نموذج المرأة الخائنة للشريك، بما يدفع الرجال إما إلى خلل نفسي أو لارتكاب حماقات بحقهن وأحيانًا فضائح لهن.

أما عن مشاركة النساء خلف الشاشة، فعلاوة على الكتابة والإنتاج، فقد شاركن في أدوار: الإشراف العام لـ«مي قنديل»، وتصميم الملابس الملابس لـ«دنيا عبد المعبود»، وسكريبت الحركة لـ«ساندي حليم»، كما يضم فريق مساعدي الإخراج «سلمى سليم»، وفريق مهندسي الديكور يضم «منة عزت» و«كريمان حسين»، ويأتي اسم «نهى فكري» بين مساعدي الإنتاج. وإن كان حجم المشاركة مقبولًا بالمقارنة مع مسلسلات أخرى، لكنه يظل ضعيفًا.

العنف ضد المرأة واستلاب حريتها

تترك «رانيا » عملها في أحد البنوك في الإمارات العربية لتتزوج من «أسامة» وتنتقل للعيش معه في لبنان، فتتعرض للحبس والعنف وتتحول إلى مدمنة مخدرات. في المقابل تظهر «كريمة» كشخصية قوية تعتمد على نفسها بعد وفاة والدها وتتولى تربية أختها «كارما» التي تؤدي دورها «ثراء جبيل» ، وتنجح «كريمة» في أن تصبح مصممة أزياء شهيرة، وكما تبدو قوية في مواجهة محنتها الصحية فهي قوية في واجهة أزماتها المالية، حيث ترفض الخضوع للابتزاز لمسايرة أعمالها. أما «كارما» فهي مصورة تقيم معارض خاصة بيها، وتربطها علاقة بخطيب صديقتها «ياسمين»  ولكنها ترفض أن تستجيب لدعوته للزواج منها.

أما شخصية «سارة» وتؤدي دورها «مي سليم » وهي زوجة  الكاتب والسيناريست «اَدم منصور»، فهي امرأة تتكتم على علاقة عاطفية سبقت علاقتها به،  فتصل إليه صور تجمعها بحبيبها السابق، وهو ما يقلب الأمور رأسًا على العقب ويغير الطريق الذي كانت تعتقد أنها ستمضي به.

تعرض المسلسل إلى عدد من القضايا التي تتعلق بالمرأة، مثل؛  العنف ضد المرأة عن طريق الحبس المنزلي، والحمل خارج إطار الزواج، وإزدواجية المعايير لدى عدد من الرجال من مدعي التحرر، ويبرز ذلك في أحد المشاهد، التي تكشف تلك الإزدواجية، لا سيما لدى عدد من الكتاب الذين يكتبون ويدعون في المجال العام، تبنيهم لمبادئ تحررية، بينما يؤمنون بأفكار تجافي تلك المعلن عنها في حياتهم الخاصة، ويظهر المشهد شخصية «اَدم منصور» يحبس زوجته «سارة» ، بعد تسريب صور تكشف علاقتها السابقة قبل الزواج، بينما يخرج في العلن ليناصر المرأة ويناهض الذكورية، ويؤكد مرارًا أن النساء مثل الرجال، لهن ماضي ويحق لهن الحصول على فرص أخرى من شركائهن مثلما يحصل عليها الرجال.

وفي هذه العلاقة ينجلي الجانب الذكوري لدى الشخص نفسه، «اَدم»، فبعد اكتشافه  للعلاقة التي كانت بين زوجته و «باسم » الذي يؤدي دوره «محمود لحجازي »، وكيف دبرت شقيقتها هذه الخطة، يتحول إلى رجل دائم الشك فيها وفي أفعالها وما يجري حولها. وفي أحد المشاهد، يجتمع كلاهما على عشاء رومانسي، فينظر أحد المتواجدين في المكان إلى «سارة » فيظن «اَدم» أنها تعرفه ولم تخبره عنه، ورغم تشككه فيها، تتسامح معه  على الفور بمجرد مطالبته لها بفرصة أخرى، ومع ذلك تستمر شكوكه فيها ويواصل تعقبه لها، حتى ينتهي الأمر باعتدائه عليها بالصفع، ويمر ذلك أيضًا وهي تلوم نفسها ولا تلومه.