منة السيد تكتــــب: صه…الفتيات لا يصرخن
كاتبة ومترجمة نسوية من الاسكندرية
مترجمة ومحررة ومدققة لغوية في فريق Her Story-UN Women
«صه الفتيات لا يصرخن» ،هو فيلم إيراني يحكي قصة فتاة تدعى «شيرين » ترتكب جريمة قتل في ليلة زفافها كردة فعلٍ سلبية، نتجت عن استعادتها لمشهد قديم من ذاكرتها يعود إلى عشرين سنة سابقة، إذ كانت قد تعرضت لتحرشٍ جنسي في طفولتها.
يرفض المجتمع علاج هذه المشكلة أو حتى فتحها خوفًا من الفضيحة والعار، الذي سيلحق بشرف العائلة، الذي يتمثل في بكارة ابنتهم الصغيرة التي ما زالت لا تفهم كيف يمكن لها أن تجلب العار لأسرتها بالكامل لمجرد أنها فتاة. أشعر بخوف ما يراودني وبمسؤولية تجاه ما حدث وما يحدث لكل فتاة مثلي، ولذا قررت أن أكتب وأروي ما حدث لي من اعتداءات جنسية في طفولتي.
عندما كنت في العاشرة تقريبًا، كان لنا جار مراهق يدعى «مصطفى»، كنا نتصادف على سلم المنزل أحيانًا، كان يطلب مني أن أتعرى وكان يتحسس جسدي، لم أدرِ ماذا كان هذا، ولا أدري لماذا لم أصرخ، لماذا لم أصفعه على وجهه؟
كل ما أعرفه أنني أصبحت أخاف من هذا السلم أو من سماع وقع أقدام أي شخص عليه. انتقل الجيران إلى منزل اَخر لينتهي كابوس، لا أعرف كم استمر لكن المهم أنه انتهى.
مرة أخرى، كنت في الريف في بيت جدتي، ولا أتذكر كم كان عمري وقتها، لكن ملامح بداية البلوغ كانت ظاهرة وثدياي قد برزا قليلًا، قررنا أن نلعب أنا وابناء أعمامي وعماتي، وفوجئت بابن عمي يمسك بي من الخلف ويتحسس صدري، لم أدرِ ما هذا، ربما لم يقصد فعله، لكن بعدها شعرت أنه يتعمد فعل ذلك معي ومع ابنة عمتي، فانسحبنا من اللعب وركنا إلى أمهاتنا دون أن نحكي شيئًا.
وأتذكر جيدًا عندما ذهبت إلى منزل خالتي، وكانت المرة الأخيرة، ما زلت أخشى العبور أمام ذاك البيت رغم أن ذلك مرّ عليه ما لا يقل عن عشر سنوات، شخص ما يوقفني في مدخل المنزل، ليس بغريب إنه شقيق زوج خالتي، شيخٌ سلفيٌ ذو لحية كبيرة وشهوة كبيرة أيضًا، يقبلني من خدي ويسألني عن حال أبي فأجيب بخير، يحتضنني من ظهري ويتحسس جسدي أيضًا، ربما كنت أدركت وقتها معنى التحرش الجنسي وشعرت بالقرف من نفسي، فتخلصت من يديه وفررت إلى الشارع. لم أكن أنا ضحيته الوحيدة، فبعدها بفترة ليست بقصيرة، تأتي خالتي إلى منزل جدتي في تجمع عائلي يُقام يوم الجمعة، وتحكي عن محاولته التحرش بها حين كانا في تاكسي ينقلان والدته إلى المستشفى، فخلعت دبوسًا من حجابها ووخزته في يده التي امتدت نحوها، حينها ظهر الاستياء على وجه جدتي وخالاتي، لكن لم تقم أي منهن باتخاذ أي إجراء تجاه هذا الشخص، أخبرتهم خالتي أنها راودتها شكوك عن احتمالية تحرشه بابنتها أو اغتصابها، قد تكون حامل منه، ربما لم تعد بكرًا رشيدًا الآن مع أنها لم تكن قد بلغت بعد، أخذت خالتي الفتاة التي لم تتعد التسع سنوات إلى طبيبة أمراض النساء، لتجري كشف العذرية، لتتأكد أن شرف الفتاة ما زال محفوظًا، وأن شرف العائلة لم يتلوث، لا يهم ماذا فعل عم الفتاة بها، المهم أنها ما زالت بكرًا.
ربما قد حدث أكثر من ذلك، لكن هذا ما أتذكره وأحمله داخل عقلي وقلبي إلى الآن، أود حقًا أن اعتذر لكل فتاة تعرضت لاعتداءٍ جنسي سواء في الطفولة أو في أي مرحلة، قصصنا يجب أن تُحكى وتُكتب وتُنقل، ونضالنا كنسويات يجب أن يستمر.