بينظير وخالدة وميجاواتي وعاطفة، أسماء بعض من النساء اللاتي تولين زمام الأمور في دول ذات أغلبية مسلمة، وهذه الحقيقة تمثل ردًا كافيًا على من يدعون أن قيادة النساء للبلاد لا تجوز بحكم الدين الإسلامي،  ويتمسكون بترديد قول “لا ولاية لامرأة” وحديث “لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة”، على الرغم من أن مفتي الديار المصرية السابق الدكتور علي جمعة، أوضح أن الحديث يخص واقعة بعينها لامرأة تدعى “بنت كسرى” وليس عموم الناس والأزمنة.

خلال الأربعين سنة الماضية، وصلت النساء إلى سدة الحكم في عدد من الدول ذات الأغلبية المسلمة، إما عبر منصب الرئيس في البلاد التي تقوم على نظام رئاسي أو منصب رئيس الوزراء في بلاد تعتمد نظام الحكم البرلماني.

هؤلاء النسوة وسيرتهن لا يعلمها كثيرون في العالم العربي والإسلامي، وهناك من سمع عن بعضهن فقط، وهناك من لم يسمع عنهن مطلقًا.

بينظير بوتو – رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة

أشهرهن “بينظير بوتو”، التي شغلت منصب رئيس الوزراء في باكستان مرتين وحال الاغتيال دون توليها المنصب مرة ثالثة.

ولدت في عام 1953 في مدينة كراتشي بباكستان، وقد نشأت في كنف عائلة سياسية، أسس والدها حزب الشعب الباكستاني، وشغل منصبي الرئيس ورئيس وزراء خلال حقبة السبعينات. درست “بوتو” الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعتي هارفارد واكسفورد، ثم عادت إلى باكستان قبل الانقلاب على أبيها، وسيطرة الجيش على السلطة، التي أسفرت عن إعدامه في عام 1979.

تولت “بوتو” زعامة الحزب بعد إعدام والدها، وقادت تحركات سياسية مناهضة للحكومة العسكرية، مما أدى إلى الحكم عليها  بالحبس الانفرادي في عام 1981 حتى أطلق سراحها عام 1984، فاز تحالفها بأغلبية محدودة في الانتخابات البرلمانية التي أجريت عام 1988 وانتخبت للمرة الأولى رئيسة وزراء و عمرها 35 عامًا لتصبح أول وأصغر رئيسة وزراء فى دولة إسلامية.

تحدثت “بوتو” مرارًا خلال فترة رئاستها للحكومة عن تمكين المرأة، ومع ذلك لم تحقق الكثير في هذا الصدد، ولم تتمكن من إلغاء قانون الحدود الشرعية الباكستاني الذي يقيد المرأة.

في عام 1990، أقالها الرئيس الباكستاني اَنذاك “غلام إسحاق خان”، وعادت إلى صفوف المعارضة التي قضت أغلب حياتها فيها.

استعادت سلطاتها  مرة أخرى في عام 1993، ثم جاء الرئيس “فاروق ليغاري” وأسقط حكومتها للمرة الثانية عام 1996.
في عام 2002 صدر قرار بمنع دخولها البلاد، حتى تم العفو عنها في عام 2007 من قبل الرئيس “بيرويز مشرف”، فعادت إلى باكستان لتخوض جولة انتخابات تشريعية جديدة ، على الرغم من التحذيرات التي وجهت إليها.

فرص “بوتو” في الفوز كانت الأعلى، لكن شيئًا ما كان يدور بالكواليس ليس لحرمانها من المنصب فحسب، بل من الحياة كليةً.

محاولة اغتيالها الأولى وقعت في 18 أكتوبر من العام 2007، عندما تعرض موكبها للهجوم، في مدينة كراتشي، وفشلت، لكن لم يُكتب لها النجاة من المحاولة الثانية في 27 ديسمبر من العام 2007، وقُتلت في هجوم انتحاري في مدينة “روالبندي”.

في بنجلاديش التي استقلت عن باكستان في 1971، بلغت “خالدة ضياء” منصب رئيسة الوزراء في عام 1991، وكانت أول امرأة تقلده في البلاد.

خالدة ضياء

لم تكن “ضياء” تهتم بالحياة السياسية حتى اغتيل زوجها، فقررت دخول المعترك السياسي، وأصبحت نائبة لزعيم الحزب الوطني البنغالي في 1983 ثم زعيمته في 1984.

تعرضت للاعتقال عدة مرات في فترة حكم الجنرال “حسين محمد إرشاد” التي وصفت بــ”فترة الحكم الفردي في بنغلاديش”، حتى فاز حزبها بالانتخابات في فبراير من العام 1991، وأضحت رئيسة الوزراء في مارس من العام نفسه.

حكمت البلاد حوالي 10 سنوات، وفي 2006 اختارتها مجلة فوربس في الترتيب 33 بقائمة أقوى امرأة في العالم.

حسينة واجد مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس

في عام 1996، خسر حزب “خالدة ضياء” الانتخابات لصالح حزب “رابطة عوامي” برئاسة الشيخة “حسينة واجد”، التي أصبحت رئيسة الوزراء خلفًا لها، ثم عادت واعتلت “خالدة”  المنصب مرة أخرى في الفترة من عام 2001 حتى عام 2006.

في عام 2007، وجه لها وثلاثة من مساعديها اتهامات بالاختلاس، ورفضت المحكمة العليا البنجلاديشية الطعن الذى تقدمت به لتبرئ نفسها، ونُفذ الحكم بالإعدام في 22 نوفمبر لعام 2015.

تانسو تشيلر

على الرغم من أن الدستور التركي لا ينص على دين رسمي للدولة، إلا أن أكثر من 97 في المئة من سكانها يدينون بالدين الإسلامي، وهؤلاء لم يمانعوا أو يرفضوا تولي امرأة تدعى “تانسو تشيلر” منصب رئيس الوزراء في دولة كانت حينها محكومة بالنظام البرلماني، أي أنها الحاكم الفعلي للبلاد.

“تشيلر” من مواليد عام 1943، تخرجت من كلية الاقتصاد بجامعة إسنطبول فى عام 1967، وحصلت على الماجستر والدكتوراة في الاقتصاد بالولايات المتحدة، وبدأت الاهتمام يالسياسة فى عام 1990 حيث انضمت إلى حزب “الطريق القويم” وعندما جرت الانتخابات العامة فى عام 1991، انتُخبت “تشيلر” لأول مرة نائبة عن مدينة إسطنبول وشغلت بعد ذلك منصب وزير الاقتصاد في حكومة “سليمان دميريل” الائتلافية التي تم تشكيلها من حزب “الطريق القويم” مع الحزب “الشعبي الديمقراطي الاجتماعي”.
تخلى “سليما دميريل” في عام 1993 عن زعامة الحزب ليكون رئيسًا للجمهورية، وأصبحت “تشيلر” زعيمة الحزب، ومن ثم أول امرأة تعتلي منصب رئيس الوزراء فى تاريخ تركيا.

الأمر يختلف قليلًا في دولة مثل السنغال، التي تعمل بالنظام الرئاسي، لكنها تبقى بلدًا يدين غالبيته بالدين الإسلامي بنسبة تصل إلى 94 في المئة، ولم يرفضوا أو يحتجوا على تولي النساء المنصب الثاني في الدولة وهو “رئيس الوزراء”، وشغلته كل من “مامي ماديور بويي” التي أضحت أول رئيسة وزراء هناك في الفترة من 2001 وحتى  2002، و“أميناتا توريه” التي ترأست الحكومة فى عام 2013.

الأمر لا يختلف كثيرًا في مالي، فهو بلد أغلب سكانه يدينون بالإسلام،  ومحكوم بالنظام الرئاسي، لكن شغلت فيه امرأة تدعى “مريم كايداما سيدبيه” منصب رئيس الوزراء من 2011 إلى 2012، ولم يزحها رفض شعبي لكونها امرأة، وإنما وقع انقلاب عسكري أقال الحكومة بأكملها.

ميجاواتي سوكارنوپوتري

أما “ميجاواتي سوكارنوپوتري” فهي أول امرأة مسلمة في بلد ذي أغلبية مسلمة تشغل منصب الرئيس.

“ميجاواتي” هي ابنة الرئيس “سوكارنو” أول رئيس لإندونسيا بعد استقلالها، ولدت في يوجياكرتا يوم 23 يناير عام 1947، بدأت تهتم بالسياسة في الأربعين من عمرها، وأصبحت نائبة في البرلمان الإندونيسي في عام 1987. تمكنت من تشكيل ائتلاف عريض يؤيدها حتى تصل إلى مقعد الرئاسة، على الرغم من الصعوبات التي واجهتها في ظل معارضة الكثير من النواب لفكرة أن تقود البلاد امرأة.

في شهر يوليو من العام 2001، استطاعت “ميجاواتي” أن تصبح أول امرأة تتولى رئاسة البلاد، واستمرت فى هذا المنصب حتى أكتوبر من العام 2004.

امرأة أخرى وصلت إلى مقعد الرئيس وهي “عاطفة يحيى آغا”، التي قادت كوسوفو (إحدى الدول الواقعة ضمن نطاق منطقة البلقان التي توجد في الركن الجنوبي الشرقي من القارة الأوروبية) من 2011 وحتى 2016.

عاطفة يحيى اَغا

ولدت “عاطفة يحيي آغا” فى 20 إبريل عام 1975، درست الحقوق في جامعة العاصمة بريشتينا ثم حصلت على عدة دورات تدريبية فى الولايات المتحدة الامريكية فى تخصص الشؤون الشرطية، وقد أهلها ذلك لتولى منصب مدير مساعد فى شرطة “كوسوفو” حتى ارتقت إلى رتبة فريق أول حتى منصب نائب قائد الشرطة الوطنية وبذلك تكون حصلت على أعلى درجة شرطية تحصل عليها امرأة في أوروبا الجنوبية.
وفى يوم 6 إبريل لعام  2011،  رشحتها ثلاثة أحزاب لرئاسة الجمهورية وهي؛ حزب كوسوفو الديمقراطي ومنظمة كوسوفو الديمقراطية  ورابطة كوسوفو الجديدة وفازت “آغا” بالرئاسة حيث حصلت على 80 صوت من أصل 100 نائب، لتصبح أول رئيسة لكسوفو وأصغر حاكم دولة في العالم وعمرها لم يتجاوز الــ35.