المشكلة في شعارها “رفع الحجاب عن العقل”، أم في اسم مؤسستها ورئيستها “نوال السعداوي” التي طالما وقفت في وجه السلطة الجائرة أيما كانت وفي أي زمان، رافضةً قمع الفكر وتقييد الروح وتعقيم العقل، أو قد تكون الأزمة في حرية المرأة التي تبنى أعضاؤها الدفاع عنها، وقد يكون الإزعاج سببه الشخصيات التي عمدت إلى استضافتها في جلسات وندوات أثارت الجدل مرارًا مثل المفكر المقتول غدرًا “فرج فودة”، لا إعلان واضح خرج من السلطة المصرية في فترة الثمانينيات وحتى عام 1991 عندما أغلقت نهائيًا جمعية “تضامن المرأة العربية”، عن السبب وراء هذا الكم من التعقب والرفض والتشويه الذي انتهى إلى توقيف أنشطة الجمعية، وإقفالها بقرار من وزيرة الشؤون الاجتماعية اَنذاك “اَمال عثمان”، ومن ثم مصادرة أموالها وتحويلها إلى جمعية أخرى تتبع تيار الإسلام السياسي تحمل اسم “نساء الإسلام”، لتنجلي العنصرية وتثبت كراهية التحرر وتتأكد المواءمة بين السلطة السياسية وقتذاك وهذا التيار.

ولم تكن الحرب وليدة أيام أو شهور قبل حل الجمعية، لكن سنوات منذ البوادر الأولى في عام 1982، فقد رفضت الحكومة إشهار المؤسسة الناشئة كجمعية أهلية تتبع وزارة الشؤون الاجتماعية بقرار نصه “تقرر رفض تسجيل جمعية تضامن المرأة العربية لعدم موافقة مباحث أمن الدولة، بعد الإطلاع على رد مديرية أمن القاهرة، وإدارة البحث الجنائي قسم مكافحة جرائم الآداب العامة.”

لكن الحملات الإعلامية التي خاضتها مؤسسات الجمعية، وعدد من الكتاب والصحافيين انتهى برضوخ وزيرة الشؤون الاجتماعية وإقرار الموافقة على إشهار الجمعية وتسجيلها.

ولم تكن تلك نهاية الصراع، بل ربما مجرد بداية لمرحلة جديدة من الهجوم على الجمعية بكل ما يخصها بداية من شعارها “رفع الحجاب عن العقل، المعرفة قوة، والتضامن بين النساء قوة ” الذي اعتبر معاداة للإسلام، مرورًا بأهدافها المتعلقة بتثقيف المرأة، وتفكيك مشاكلها الاجتماعية من مختلف الزوايا، وقراءة حقيقة الواقع المصري ووضعيتها فيه، الذي أدرجه المناهضون في خانة التغريب والاعتداء على القيم المعهودة، وصولًا إلى مؤسسات الجمعية وعلى رأسهن المفكرة والأديبة “نوال السعداوي”،  ومن بينهن؛ الأديبة الكبيرة لطفية الزيات،  والدكتورة ليلى عنان المؤرخ، وأستاذة الإعلام عواطف عبد الرحمن، التي شغلت أيضًا منصب رئيس مركز بحوث المرأة بجامعة القاهرة، والدكتورة عفاف محفوظ وإنجى رشدى المحررة بالأهرام وعائشة أبو النور الكاتبة بأخبار اليوم والدكتورة سهى عبد القادر، وعلى الرغم من أن لكل واحدة منهن ثقلها الثقافي والأدبي والاجتماعي، لم تتوان صحف عديدة عن التهجم عليهن، والإساءة إليهن والتشكيك في نواياهن، وإدانة أغراضهن.

بعد أن صدر قرار إغلاق الجمعية في 15 يونيو من العام 1991، كتب الصحافي “مصطفى أمين” في عموده بحريدة الأخبار الذي يحمل اسم “فكرة”، ينتقد القرار وتعامل الحكومة مع الجمعية منذ تأسيسها، وجاء في جانب من مقاله “الذي نعرفه أن هذه الجمعية قامت منذ سنوات طويلة، منذ إنشائها وهي تلقى المعاكسات، بالرغم من أن الدكتور محمود شريف وزير الحكم المحلي ألقى محاضرة في هذه الجمعية، وفى الوقت نفسه صدر قرار يحظر على الجمعيات بدائرة غرب القاهرة أن تجادل في الأمور سياسية، ولا نعرف مثل هذا القرار في أى بلد ديموقراطي وقد عشنا طوال عمرنا نرى نقابة المحامين ونقابة الأطباء وغيرهما من الجمعيات والنقابات تشتغل بالسياسة، وفي ثورة 1919 كانت جمعية المرأة الجديدة تصدر قرارات تهاجم الاحتلال ولم يحلها الإنجليز. إننا ندهش أن تحل جمعية بغير تحقيق، وبغير أن يوجه إليها تنبيه إذا أخطأت.

نفهم أن تحل جمعية بسبب الآداب العامة، أو لأنها تدعو إلى قلب نظام الحكم بالقوة، ولكن لا نفهم أن تحل جمعية لأن رئيستها أو أحد أعضائها يعارض الحكومة، وخاصة أن رئيسة هذه الجمعية الدكتورة نوال السعداوى كانت تلقى الخطب والمحاضرات علنًا تعارض فيها سياسة الحكومة، وكانت الصحف العالمية تعتبر هذه المعارضة دليلًا على أن في مصر ديمقراطية تسمح بحرية الرأى.”