حصد الموت هذا العام العديد من الشخصيات النسائية المؤثرة فى مختلف المجالات وتحديدًا الفنى، فأضحى 2015 عام الرحيل الكبير،  بعد أن غيب الموت علامات بارزة، تركن أثرًا فى أماكنهن، وأوصلن رسائلهن التى حملنها على عاتقهن طيلة ما كتب لهن من عمر.

بدأ العام برحيل سيدة الشاشة العربية “فاتن حمامة” أحد أجمل عطايا الحياة لمصر، وأحلى هدايا مصر للفن العربي، حيث توفيت فى بداية السنة وتحديدًا فى الـ17 من يناير عن عمر يناهز الــ84 عامًا.

فاتن-حمامة1-1160x480

لم تكن “فاتن حمامة”، مجرد ممثلة ذاع صيتها، وإنما كانت الأهم ليس بين بنات جيلها فحسب، بل فى تاريخ السينما العربية منذ نشأتها، ولذلك وقع عليها الاختيار من قبل مهرجان الإسكندرية السينمائي عام  لتكون “نجمة القرن” لعطائها الفنى لأكثر من 60 عامًا.

66bada861ee0930a54b256fc44fcaac1_123867683_147

ولأنها شخصية استثائية اختارها مهرجان القاهرة السينمائي فى دروته الأخيرة لتكون أيقونة المهرجان، حيث زينت صورتها بوستر المهرجان وكُرِمَت بعرض عدد من أهم أفلامها خلال فعاليات تلك الدورة.

فيما تصدرت صورتها مع النجم العالمى (الراحل فى العام نفسه) عمر الشريف، بوستر مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية فى دروته الخامسة التى ستقام فى مارس المقبل.

فى الشهر نفسه، قُتِلت الشاعرة والناشطة السياسية “شيماء الصباغ”، فى مشهد أدمى القلوب، أثناء مشاركتها فى وقفة رمزية فى الذكرى الرابعة لثورة الـ25 من يناير، وهى تحمل إكليلًا من الزهور، عندما اخترق جسدها الرصاص الموجه من قبل القوات الشرطية التى أقدمت على فض “وقفة الزهور” مستخدمةً الخرطوش فى وجه عدد محدود من أعضاء  حزب التحالف الشعبي الاشتراكي ومن بينهم “شيماء الصباغ”.

بعد الوفاة قررت “بيسان عدوان” صاحبة دار نشر ابن رشد، تكريمها   بإطلاق جائزة فى الشعر تحمل اسم “شيماء الصباغ”، حتى يبقى اسمها وذكراها خالدين.

مقتل شيماء الصباغ

مقتل شيماء الصباغ

ثريا إبراهيم

ثريا إبراهيم

وفى يناير أيضًا، رحلت عن عالمنا الفنانة “ثريا إبراهيم”، والتى توفيت فى الـ18 من يناير الماضي، عن عمر يناهز الـ76 عامًا، لم يعرف الجمهور “إبراهيم” فى صباها وإنما عرفها فى سن متقدمة وذلك ليس لأنها بدأت التمثيل متأخرًا، و لكن لارتباطها بمسرح الثقافة الجماهيرية فى مدينة طنطا حيث ولدت وعاشت لفترة طويلة، حتى انتقلت إلى القاهرة وبدأت العمل فى الوسائط الأكثر جماهيرية، فى التلفزيون والمسرح ثم السينما، وأكثر أدوارها التى علقت بالأذهان هو “الكبيرة” فى فيلم كتكوت، ومن بعدها التصق بها حتى أن قطاعًا كبيرًا من الجمهور لا يعرف اسمها ولكن يعرفها  بــ”الكبيرة”.

ليلى دوس

ليلى دوس

فى مايو، رحلت فى هدوء  تام وبلا صخب، اَخر من تبقى من جيل الرائدات فى الحركة النسوية، السيدة “ليلى دوس” عن عمر يناهز 98 عامًا.

تلك السيدة المخضرمة عاصرت الثورات والانتفاضات منذ  1919، التى قامت عقب مولدها بعامين وكان والدها أحد أبرز رموزها،  ثم يوليو 1952، ويناير 2011 وأخيرًا يونيو 2013.

ولدت “دوس” فى أسيوط عام 1917، وعانت من تشبث الأهل بالعادات والتقاليد البالية، فمنعها والدها من الالتحاق بالجامعة بعد إتمامها الدراسة الثانوية.

فى مذكراتها التى اختارت لها عنوان “عشت وشفت”، تحكى كيف انضمت لفريق يساعد مرضى السل المعدمين، ومن ثم تعرفت على الفقر وجهًا لوجه فى مناطق عزب الصفيح، وعلى الفور قررت تأسيس جمعية لمقاومة مرض السل المنتشر وقتذاك، وهى “الجمعية النسائية لتحسين الصحة” وكان ذلك فى أكتوبر 1936.

واستطاعت أن تقيم مدينة خاصة للأطفال مرضى الدرن، تضم 500 طفلًا، ودار مسنين ومركز تأهيل مهني، أصبح لها أكثر من 25 فرعًا في محافظات الجمهورية.

“دوس” كانت عنوانًا للإرادة والعزيمة،  فعندما بلغت الـ65، لم تمنعها السن المتقدمة من تحقيق حلمها القديم، فالتحقت بالجامعة الأمريكية وانتهى الأمر بحصولها على ماجستير فى الأدب المقارن  بدرجة امتياز.

التقدم فى العمر بكل قيود المرض التى يفرضها، لم يمنعها من المشاركة فى ثورة يناير، حتى لو على كرسي متحرك، وكتبت عن تلك الثورة فى مذكراتها تقول”فى 25 يناير 2011 انطلقت نبضات قلبى وأنا أسمع أجراس الثورة تدق، ووافقت مديحة ابنة أخى على اصطحابى إلى ميدان التحرير وأنا على كرسى متحرك.. وبكيت فرحًا بهذه الملايين من الشباب المصرى الذى يحلم بالتغيير ويموت فى سبيله.”

ميرنا المهندس

ميرنا المهندس

ثم أتى شهر أغسطس، لترحل شخصية فنية طالما كانت مثار اهتمام من قبل الصحف والمجلات ومواقع التواصل الاجتماعى، ليس لأعمالها بقدر ما كان لرحلتها الطويلة مع المرض، الذى نال منها فى أوج شبابها،  و على الرغم من شدة وقسوة مرض سرطان القولون إلا أنها استمرت فى العمل ولم تغب ولم تنزو بعيدًا، حتى وافتها المنية فى 5 أغسطس الماضي، بعد إصابتها بنقص فى الصفائح الدموية وبنزيف فى الرئة لترحل عن العالم فى سن مبكرة  لم تتجاوز الـ36 عامًا.

مديحة سالم

مديحة سالم

ومع دخول خريف هذا العام، فقدت مصر فنانة أخرى، وهى “مديحة سالم”، والتى ارتبطت فى أذهان المصريين بصورة الفتاة الجميلة شكلًا ومضمونًا، تتمتع بخفة ظل وهدوء ورقة، لم يكن مشوارها الفنى طويلًا، فقد اختارت الاعتزال والابتعاد عن الأضواء لسنوات طويلة، حتى عادت سيرتها مؤخرًا فى 19 نوفمبر الماضي، عندما أعُلِن خبر وفاتها بعد صراع مع المرض.