• التضييق على النساء فى سيوة لا علاقة له بالثقافة الأمازيغية من قريب أو بعيد.
  • كوني امرأة لا يسبب لى أى صعوبات مع الأمازيغ بشكل عام ولكن الصعوبات تأتينى من المجتمع المصرى، بسبب ثقافته الذكورية.
  • جميع النساء الأمازيغيات يتزوجن من رجال غير أمازيغين باستثناء نساء قبيلة “الطوارق”.

مصر.. مصرية هكذا هو التعبير الأفضل عن هوية مصر التى يتنازع عليها الاَن أطراف كثر فى محاولة لطمس التعددية الثقافية التى تختص بها فى ظاهرة نادرة وجامعة لا تعرف سوى الذوبان والتقارب والتبادل، وللأسف تشهد مصر منذ فترة محاولات بائسة لانتهاك حق بعض الأطراف فى تشكيل هذه الهوية ومن بينهم “أمازيغ مصر” إلا أن هذه المساعى لاستئثار طرف على حساب الاَخر بهوية مصر، لم تفلح فى محو النصيب الضخم للأمازيغية فى تاريخ مصر منذ القدم.

التراث الأمازيغى يحفظ للمرأة حقوقًا ويضمن لها تقديسًا افتقدته وتفتقده فى ظل هيمنة المجتمع الذكورى بل أن البعض يرمى إلى أن المرأة هى حجر الأساس المجتمع الأمازيغي لولا ما كان له تاريخ ولا حضارة.

وهذا ما حاولنا التعرف عليه بعمق أكثر فى حوارنا مع “أمانى الوشاحي” الملقبة بأم الأمازيغ المصريين وهى باحثة فى الشأن الأمازيغي وتشغل منصب مستشارة رئيس منظمة الكونجرس العالمي الأمازيغي لملف أمازيغ مصر ورئيس مركز ميزران للثقافات المحلية
وتعد “أمانى الوشاحى” أحد الذين نفضوا الغبار عن كنز الثقافات المدفونة بعيداً عن معرفة المصريين، فلم تكن كلمة”أمازيغ” تتردد على الألسنة ولم يكن الأعم الأغلب منا يسمع عن وجود أمازيغ فى مصر، حتى بدأت العمل على تعريف الشعب المصري بالأمازيغ وتاريخهم وحقوقهم فى هذا الوطن كأحد مكوناته الأصيلة.
كيف ينظر المصريون الاَن لكلمة “أمازيغ” وكيف يستقبل الناس إعلانك عن كونك أمازيغية؟
غالبية المصريون لا يعرفون أن هناك أمازيغ فى مصر، بل لا يعرفون من هم الأمازيغ أصلاً، لهذا غالبية المصريين يقابلون كلمة “أمازيغ” بالدهشة والإستفسار، مصر ليست دولة عنصرية، ولكنها دولة طبقية، فالمصريون لا يفرقون بين المسلم والمسيحى، ولا العربى والأمازيغى، ولكنهم مع الأسف يفرقون على أساس المستوى المادى والإجتماعى، لذلك كان هدفى الأول فى بداية نشاطى الأمازيغى، هو تعريف المصريين بالأمازيغ.
ما أصل كلمة ” أمازيغ” خاصة أن ما يتردد حولها كثير لكن دون معرفة الصحيح بين هذه الأطروحات؟
“أمازيغ” نسبة إلى جدنا الأكبر الذى ننحدر جميعاً من نسله، وهو “أمازيغ بن كنعان بن حام بن نوح” أول من سكن شمال أفريقيا بعد الطوفان، ومعظم شعوب الأرض سُميت باسم جدها الأكبر، وكلمة “أمازيغ” تعنى حرفياً “الرجل الحر النبيل” لهذا يطلق علينا “الشعب الحر النبيل” و “الأحرار النبلاء”
والأمازيغ أبناء عمومة الأقباط، فالأقباط ينحدرون من نسل “مصرايم بن حام بن نوح” أول من سكن مصر بعد الطوفان، وسميت باسمه، والمعنى الحرفى لكلمة مصرايم “حدود الله”، وكلمة “مصر” تعنى حرفياً “الحدود”
أين يتواجد الأمازيغ فى مصر غير واحة سيوة؟
هناك اعتقاد شائع أن أمازيغ مصر موجودون فى واحة سيوة فقط، ولكن هناك أمازيغ هوارة فى قنا وسوهاج والإسكندرية، وهناك أمازيغ كتامة فى 3 قرى بمحافظة الغربية، وهناك أمازيغ فى قرية “العجوز” إحدى قرى واحة البحرية، وأيضاً هناك حوالى 2000 أمازيغى وأمازيغية فى قرية صغيرة تابعة لمحافظة بنى سويف، ما يعنى أن سيوة ليست التجمع الوحيد للأمازيغ فى مصر لكن تبقى سيوة هى معقل الثقافة الأمازيغية فى مصر.
هل مازال الأمازيغ المصريون يستخدمون لغتهم الخاصة أما انحصر استخدامها بسبب اتساع استخدام اللغة العربية؟
فقط أمازيغ سيوة وبنى سويف هم من لايزال يتحدث الأمازيغية، ولكنهم – مع الأسف – غير قادرين على كتابتها أو قرائتها، أما أمازيغ هوارة وكتامة فقط تمصروا تمامًا، ولم يعودوا يحملوا شيئًا من الأمازيغية سوى الأصل العرقى.
وضع النساء فى سيوة، كما يعلمه كثيرون، أبرز ملامحه منعها من الظهور أمام الأغراب إلا فى أضيق الحدود، وخروجها للتعليم والعمل بمحاذير كثيرة، هل هذا تأثراً بالبدو المجاورين أم هو من صلب الثقافة الأمازيغية وتعاملها مع المرأة؟
كما قلت سلفاً، الثقافة الأمازيغية فى مصر تأثرت بثقافات الشرق الأوسط وعلى رأسها الثقافة العربية، والمذكور فى سؤالك لا علاقة له بالثقافة الأمازيغية من قريب أو من بعيد، بل هو تأثر بالثقافة العربية وبالأفكار السلفية المنتشرة هناك منذ فترة.
هل الزواج بين الأمازيغ المصريين مغلق عليهم، أما يمكن للمرأة الأمازيغية أن تتزوج بمن لا ينتمى لنفس الطائفة؟
كل المجموعات الأمازيغية يتزوجون من غير الأمازيغ، إلا الطوارق، بمعنى أن أمازيغ مصر يتزوجون من غير الأمازيغ عادى جدًا، أنا شخصيًا كنت متزوجة مصرى غير أمازيغى.
ومن هن نساء الطوارق؟ وهل منهن متواجدات بمصر؟
الأمازيغ مقسمون إلى 13 مجموعة قبائلية، والطوارق إحدى هذه المجموعات، ويسكنون صحراء منطقة أفريقيا الكبرى، والطوارق اسم أطلقه عليهم العرب، أما نحن فنسميهم أمازيغ إيموهاج، وهم الأمازيغ البدو، كما أنهم المجموعة الوحيدة التى تطبق العادات والتقاليد الأمازيغية بنسبة 100%، والمجموعة الوحيدة التى تحافظ على النقاء العرقى، فهم لا يتزوجون إلا من الأمازيغ فقط، ونساء الطوارق معروفات بقوة شخصيتهم وحبهم للقيادة، ولا يوجد فى مصر أمازيغ طوارق.
وما الفارق بين المرأة الأمازيغية فى مصر وفى بلاد شمال أفريقيا، مثل المغرب على سبيل المثال؟
فرق شاسع طبعاً، أمازيغ شمال أفريقيا وبلاد المهجر متحررين، كون الثقافة الأمازيغية محسوبة ضمن الثقافات الغربية، أما أمازيغ مصر عامة، وسيوة خاصة محافظين جداً، نظرًا لتأثرهم بالثقافات الشرقية.
يقال أن المجتمع الأمازيغى كان مجتمعًا أموميًا، فما أبرز سمات هذا المجتمع؟
المجتمع الأمازيغى كان ومازال مجتمعاً أمومياً، بمعنى أن المرأة فيه تحتل مكانة مميزة، فالمرأة الأمازيغية منذ فجر التاريخ تتمتع بكامل حقوقها، فالثقافة الأمازيغية تساوى بين الرجل والمرأة فى كل شئ، فعلى سبيل المثال لا يوجد لدينا تعدد زوجات، والمرأة ترث مثل ما يرثه الرجل بالضبط، ولا يوجد لدينا ختان الإناث، لأن المجتمع يقدر حق المرأة فى المتعة الجنسية، أيضاً يمكن للمرأة أن تحكم، ويمكنها قيادة الجيش، فنحن نفرق بين الرجل والمرأة بمعيار الكفاءة.
ومن هن أبرز أسماء الحاكمات الأمازيغيات عبر التاريخ؟
تاريخنا زاخر بشخصيات نسائية عديدة، فى مختلف المجالات، وتعد أبرز النساء الحاكمات فى تاريخنا، “تيهيا” شيخة قبيلة جرارة وملكة الأوراس، ويعنى اسمها بالعربية “جميلة”، والتى تصدت للجيش العربى بقيادة “حسان بن النعمان الغسانى” عام 688م، وقتلته فى أرض المعركة، وقد أطلق عليها العرب اسم “الكاهنة” لأنهم اعتقدوا أنه لا يمكن لامرأة أن تحكم شعب إلا بالسحر ولدينا أيضاً “تينهينان” ملكة الطوارق، ويعنى اسمها بالعربية “القادمة من بعيد” وقد حكمت فى القرن الخامس الميلادى، وتاريخها مليء بالأحداث والبطولات، وقد نُسِجَت حولها أساطير كثيرة جداً، ويرقد جثمانها حالياً فى مقبرة عظيمة جنوب الجزائر، محنطاً بكامل ملابسها وحليها.

الاَن وبعد تفشي سطوة المجتمع الذكوري فى مصر والعالم العربي، إلى أى مدى تأثرت الثقافة الأمازيغية “الأمومية” بذلك؟
الثقافة الأمازيغية عامة ثقافة قوية جدًا، بمعنى أنها غير قابلة للذوبان فى ثقافات أخرى، ولكن الثقافة الأمازيغية فى مصر – مع الأسف – تعرضت للتثاقف، بمعنى أنها تداخلت مع ثقافات الشرق الأوسط خاصة الثقافة العربية، وأخذت منها الكثير، فثقافة أمازيغ مصر حاليًا ليست ثقافة أمازيغية خالصة، وإنما مزيج من الثقافة الأمازيغية وثقافات الشرق الأوسط، ولكننا هنا لم نتأثر كثيرًا بالثقافة العربية فيما يتعلق بحقوق المرأة، فمازال أمازيغ مصر يوقرون المرأة، ويمنحونها كامل حقوقها.
عرفنا مؤخرًا عن أصول أمازيغية لشخصيات مصرية معروفة مثل؛ اللواء عمر سليمان، والزعيم مصطفى كامل، فهل هناك رموز نسائية مصرية أمازيغية الأصل، ونحن لا نعرف عنها ذلك؟
نعم اللواء “عمر سليمان” من أمازيغ هوارة، والزعيم “مصطفى كامل” من أمازيغ كتامة، وهناك شخصيات أخرى من أصول أمازيغية، أهمهم “محمد حيدر باشا”وزير للحربية فى عهد الملكية، والدكتور “ماهر مهران”وزير الصحة والسكان الأسبق، وهما أيضًا من أمازيغ هوارة، أما عن الشخصيات النسائية المصرية ذات الأصل الأمازيغى، فلدينا “هدى هانم شعراوى“رائدة الحركة النسائية فى مصر، وهى من أمازيغ هوارة.
أخيرًا، ما السبل التى تسعين من خلالها إلى الحفاظ على الثقافة الأمازيغية فى مصر؟ وهل كونك امرأة يزيد من صعوبة مهمتك فى هذا الصدد؟
أنا مسؤولة عن ملف أمازيغ مصر بمنظمة الكونجريس العالمى الأمازيغى، وبالتالى لدى مهمة رسمية مكلفة بها، ولدى أهداف أسعى لتحقيقها، أهمها إحقاق حقوق أمازيغ مصر ثقافيًا وسياسياً، وأفعل هذا بطريقة قانونية ومن خلال القنوات الرسمية .. وكونى امرأة لا يسبب لى أى صعوبات مع الأمازيغ بشكل عام، سواء أمازيغ مصر أو أمازيغ الخارج، فثقافتنا تحترم المرأة وتقدس دورها فى الحياة، ولا تفرق بين الرجل والمرأة إلا بمعيار الكفاءة، لهذا فأمازيغ مصر لا يرون غضاضة أن تمثلهم امرأة، ولكن الصعوبات تأتينى من المجتمع المصرى، نظرًا لكون الثقافة المصرية ثقافة ذكورية.

837484751828015