باعتبارها تجليًا للصحافة النسوية البديلة: مسيرة «ولها وجوه أخرى» يوثقها كتاب «كسرُ الصمت»
أصدرت دار المرايا للإنتاج الثقافي في شهر يناير الماضي، كتابًا بعنوان «كســـر الصمت: دراسات حول طرق التعبير الجديدة»، يتضمن سبعةَ فصول تبحث في مظاهر التغيير الاجتماعي بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، لا سيما على صعيد العلاقات الاجتماعية، ومفهوم حرية الجسد، والتعبير عن المسألة الجندرية، وصولًا إلى إعلان الاختلاف بوجه عام، ويرتكز الكتاب على دراسات أعدّها مجموعة من الباحثات والباحثين في علمِ الاجتماع والدراسات النسوية، ومن بينها دراسة للأكاديمية والباحثة النسوية هالة كمال، بعنوان: الصحافةُ النسوية المصرية البديلة.. «ولها وجوه أخرى» نموذجًا.
في دراستها، تُسلّط هالة كمال الضوء على الارتباط الوثيق والعلاقة الطردية بين الحركة النسوية والصحافة البديلة التي تستندُ إلى أيديولوجية نسوية، في إشارة إلى الصحافة التي تعمد إلى كشف التمييز ضد النساء، وتهدف إلى تمكينهن ومنحهن مساحات للتعبير عن الذات وكسر الصور النمطية السائدة في الإعلام. كما تستعرض في هذه الدراسة مراحل تطوّرِ الصحافة النسائية والنسوية في مصر، منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى ثورة الخامس والعشرين من يناير.
وقد اختارت كمال «ولها وجوه أخرى» موضوعًا رئيسًا لدراستها، إذ تتناول الملامح البارزة للمنصة التي انطلقت في الـ16 من مارس في العام 2013، لتكون امتدادًا للصحافة النسوية المصرية، وتشدد الكاتبة على أن محتوى «ولها وجوه أخرى» يكشف عن موقف ووعي نسويين، فتقول «لا تقدم لنا المجلة نموذجًا للصحافة النسوية فحسب ولا للتاريخ البديل فقط، وإنما تطرح علينا في زماننا هذا، استخدام أدوات صحافية وإعلامية بديلة وغير مُكلفة، لا تتطلب سوى رؤية وفكر وقدرة على التغيير، مع اتصال بشبكة الإنترنت في أي مكان من العالم.»
وفي هذا السياق، تستعرض كمال جانبًا من المنشورات والملفات النسوية التي قدّمتها «ولها وجوه أخرى» خلال السنوات الماضية، وفي مقدمتها الملف المطوّل «وضعية المرأة في الأفيش السينمائي المصري» الذي أعدّته رنيم العفيفي، مؤسسة ورئيسة تحرير المنصة، ونُشِر في سلسلة من سبع حلقات، فيما بين (نوفمبر 2016- نوفمبر 2017).
كما تعتبر الباحثة النسوية هالة كمال أن أحد أبرز مميزات «ولها وجوه أخرى» هو ما تقدمه من قراءات نسوية للأفلام والمسلسلات التلفزيونية، لا تتوقف عند حدود منهج «الرصد» المعهود من المجموعات والكيانات النسوية، وإنما تتجاوزه إلى «النقد والتحليل»، واصفةً ذلك بــ«النموذج المتميز في النقد القائم على منهج نسوي في النقد الفني.»
بالإضافة إلى ذلك، تنظر هالة كمال في الموضوعات التي تنشرها «ولها وجوه أخرى»، في إطار مساعيها لتوثيق تاريخ النساء العربيات عمومًا والمصريات خصوصًا، بوجهة نظرٍ نسوية ومنحازة. وفي هذا الصدد، اختارت الكاتبة مجموعة من الشخصيات النسائية التي تم تسليط الضوء عليها، وتوقفت أمام الزوايا التي اهتمّت «ولها وجوه أخرى» بإبرازها في عرضها لسيرهن الذاتية.
تخوض الكاتبةُ في مزيدٍ من التفاصيل التي ترمي من خلالها إلى إثبات فرضيتها بأن «ولها وجوه أخرى» هي نتيجة مادية لـ«وعي نسوي يجمع بين الفكر والعمل، أي بين الإدراك والنقد والتوعية والتحالف والرؤية وطرح البدائل».
إلى جانب دراسة الأكاديمية والباحثة النسوية هالة كمال، يضم كتاب «كسر الصمت: دراسات حول طرق التعبير الجديدة» دراسات أخرى أعدها كلٌ من سيرين نجدي، ودينا جميل، وسارة عابدين، ومنة آغا، وأحمد خير.
هالة كمال أستاذة بكلية الآداب في جامعة القاهرة، حصلت على درجة الدكتوراة من قسم اللغة الإنجليزية بالكلية نفسها، عن رسالتها المُعنونَة بـ«السير الذاتية المعاصرة للنساء المهاجرات في الولايات المتحدة». كما حصلت على دبلوم الدراسات الأمريكية في كلية سميث في الولايات المتحدة الأمريكية، متخصصةً في الدراسات النسائية، وذلك عن رسالتها التي تحمل عنوان «تنظير التجربة الشخصية: مذكرات النساء الأكاديميات».
أما «ولها وجوه أخرى» فهي مشروع إعلامي نسوي، يهدف إلى ترسيخ قيم الصحافة النسوية باستخدام أدوات الإعلام الإلكتروني، وشعاره «صحافة من أجل التغيير والتمكين».