كتبت: شهد مصطفى

تأسس المعهد العالي لمُعلمات الفنون في مصر كمعهد مستقل في العام 1939، بعد أن أنشئ أول قسم للفنون الجميلة للمُعلمات في العام 1935، وكان قسمًا ملحقًا بمعهد التربية للمُعلمات.

وقد تم تحديد الدراسة في المعهد العالي لمُعلمات الفنون بخمس سنوات؛ السنوات الثلاث الأولى لدراسة المواد الفنية والعلمية، كالتصوير بفروعه والنحت والرسم والزخرفة وتاريخ الفن، بينما تدرس الطالبات طرق التدريس خلال السنتين الأخريين، ويحصلن عند التخرج على درجة الدبلوم.

وبحسب ما أورده الفنان التشكيلي ناجي موسى باسيليوس في كتابه «فهيمة أمين.. من رائدات الفن التشكيلي المصري»، فقد تكوّنت الدفعة الأولى من ست طالبات، هن: فهيمة أمين ووهيبة عبد النبي وجميلة نسيم، بالإضافة إلى زينات ورفيعة وإنصاف، اللاتي لم يذكر باسيليوس أسماءهن كاملة، وقد تخرّجت هذه الدفعة في العام 1944.

عند تأسيسه، أوكلت عمادة المعهد إلى سيدة إنجليزية، ثم تتابعت على عمادته المصريات، وأشهر من توّلين هذا المنصب كانت إنصاف سري، وهي واحدة من رائدات التعليم في مصر، إذ شغلت منصب ناظرة لأكثر من مدرسة من مدارس البنات في العشرينيات، مثل مدرسة شبرا الثانوية للبنات في العام 1925، وتحمل عديد من المدارس الآن في مصر اسم «إنصاف سري» تكريمًا لها.

قبل التخرج، شاركت فهيمة أمين في معرض القاهرة الرابع والعشرين للتصوير والنحت، وقد ترشحت إحدى لوحاتها إلى الجائزة الأولى بالمعرض. وبعد تخرجها، عملت بتدريس الفنون في عدد من المدارس، ومنها مدرسة الفنون الزخرفية للبنات، ومدرسة فنون الفلكي.

لكن فهيمة كانت شديدة الشغف بالفن التشكيلي، ولذلك عادت إلى دراسته، إذ التحقت في العام 1962 بالقسم المسائي بمعهد ليوناردو دافنشى للفنون الجميلة، وكان عمرها آنذاك 44 عامًا.

أنشئ معهد ليوناردو دافنشي في الثلاثينيات، ومقره بالقنصلية الإيطالية في القاهرة، وكان الهدف منه هو تمكين المصريات والمصريين من دراسة اللغة الإيطالية، وفنون التصوير والرسم والعمارة والنحت، فضلًا عن التعرف إلى الثقافة الإيطالية.

أنتجت فهيمة أمين مجموعة متنوعة من اللوحات الفنية، وعرضتها في عدد من المعارض التي أقامتها في مدينة القاهرة، وتباينت ما بين لوحات لأشخاص والمعروفة أيضًا باسم البورتريه، ولوحات تصور الأجساد العارية، ولوحات الطبيعة والحياة البرية، ولوحات تعرض مشاهد من الحياة اليومية.

علاوة على ذلك، فإن أحد أهم منجزات فهيمة أمين هو قاموس أعدته لتوثيق السير الذاتية للفنانين التشكيليين المصريين والأجانب، حتى لا تندثر سيرهم خاصة أن هؤلاء الفنانين لا يتمتعون بالحظوظ نفسها التي يتمتع بها الفنانون في مجالات أخرى لا سيما في التوثيق والتأريخ، وقد صدر هذا القاموس لأول مرة في العام 1971.

توفيت فهيمة أمين في العام 1984، وإلى يومنا هذا تظل سيرتها مجهولة لكثيرين بسبب نقص التوثيق، رغم أنها رائدة من رائدات الفن التشكيلي في مصر، وواحدة من بين أول من التحقن بالمعهد العالي لمُعلمات الفنون، الذي مكّن كثير من النساء المصريات خصوصًا والعربيات عمومًا من دراسة الفن والتعرف إلى أسسه، ثم الاشتغال به سواء بتدريسه أو بإنتاجه.