امرأة كسرت احتكار الرجال لـ«تصميم التترات».. «نوال» تتحدث إلى «ولها وجوه أخرى» عن مسيرة أفرزت 600 تتر سينمائي
المقدمة أو شارة البداية أو التتر، كلها أسماء تشير إلى الشريط الذي تظهر عليه أسماء صنّاع العمل الدرامي سواء كان سينمائيًا أو تلفزيونيًا في بداية الفيلم، وتتراوح مدته بين دقيقتين وثلاث دقائق. ورغم قصر مدته على الشاشة، فإنه يظل بوابة العبور التي تنقل المشاهدين من عالمهم الواقعي إلى العالم التخيلي في الفيلم أو المسلسل. الصور المصحوبة بالموسيقى بالإضافة إلى الخط المستخدم في كتابة الأسماء على الشاشة، كل هذا يعكس المزاج العام للفيلم، ويحفز المشاهدين على توقع أحداثه، ولذلك فإن التتر في حد ذاته قطعة فنية لا يمكن الاستغناء عنها في أي عمل درامي، ولا يمكن إنكار إبداع صانعه أو صانعته.
مجال تصميم التترات أو المقدمات في السينما المصرية، ارتبط لسنوات طويلة باسم امرأة، استطاعت وحدها أن تنجز ما يقترب من 600 تتر سينمائي، ما بين مقدمات لأفلام روائية طويلة وقصيرة فضلًا عن مشروعات تخرج لطلاب المعهد العالي للسينما.
بالتأكيد تكرر مرور اسم «نوال» أمام عينيك، أثناء مشاهدتك لمقدمات كثير من الأفلام المصرية، مثل «أرض الأحلام» للمخرج داوود عبد السيد، أو فيلم «ديسكو ديسكو» للمخرجة إيناس الدغيدي، أو «حرب الفراولة» للمخرج خيري بشارة، أو «الإرهابي» للمخرج نادر جلال، أو فيلم «أيام السادات» للمخرج محمد خان.
تظل «نوال» هي مصممة التترات الأشهر في السينما المصرية والعربية حتى يومنا هذا، على الرغم من اعتزالها العمل قبل 15 عامًا. وفي فبراير الماضي، كرّمها مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة في دورته الثالثة، تكريمًا مستحقًا ومنتظرًا لامرأة لم تتمكن فقط من كسر الاحتكار الذكوري لهذا الفن، بل سيدة سجلّت اسمها كرائدة في هذا المجال، لا يباريها أحد في تربع عرشه.
في هذا الحوار، نستعيد مع «نوال» صاحبة الاسم الأشهر في مجال التترات، أبرز المحطات في مسيرتها ونستطلع العقبات التي واجهتها كامرأة في عالم السينما.
لأنني «فتاة».. رفض مدير استديو مصر تعييني
كنت المرأة الوحيدة التي تعمل بقسم الرسوم المتحركة
اخترت اسم «نوال» رغبةً في إثبات الذات والاستقلال
أشجع مهرجانات المرأة لأنها فرصة لدعم صانعات لأفلام
أغلبنا يعرف «نوال» اسمًا لأشهر مصممة تترات في تاريخ السينما المصرية، لكن نود أن نتعرف إلى صاحبته
أنا صعيدية من محافظة بني سويف، والدي طبيب كان يتنقل بين المحافظات المصرية، حتى استقر فى القاهرة. حصلت على شهادة الثانوية العامة في مدرسة الأورمان، ثم التحقت بمعهد التربية الفنية وحصلت على الليسانس في العام 1961. وبعد التخرج، لم أجد في التدريس غايتي ولم أستسغ فكرة القيام بعمل روتيني. لقد كان الفن هو ما يشغلني، ولذلك التحقت بقسم الديكور في كلية الفنون الجميلة وتخرجت في العام 1964.
إذًا، لم تلتحقي بالمعهد العالي السينما، فهل كان السبب هو رفض الأسرة؟
لا لم يكن هذا هو السبب، لقد كان معهد السينما في بدايته ولم أفكر حينها في الالتحاق به، وعلى الرغم من أن أبي رجل صعيدي، فقد كان متفتحًا بدرجة كبيرة، فهو الذي شجعني على دراسة الفنون الجميلة، ونصحني بإصقال موهبتي في التشكيل والرسم والديكور، وأنا أدين له بالفضل في نجاحي المهني.
ومتى بدأت علاقتك بالسينما؟
لم تبدأ مباشرة بعد التخرج، فقد عملت لفترة بمجال الأزياء بشكل حر من خلال أحد المحال في منطقة وسط البلد، وقضيت فترة لا بأس بها مع الأزياء، وشاركت وقتذاك في مهرجان بالي للأزياء في إيطاليا وحصلت على جائزة أحسن تصميم لحذاء وحقيبة، حتى عثرت بالصدفة على إعلان لاستديو مصر يعلن فيه عن تأسيس قسم للرسوم المتحركة وحاجته إلى فنانين في هذا المجال، وعندها تقدمت للوظيفة، وكنت الفتاة الوحيدة بين المتقدمين الذين بلغ عددهم 200 شخص، ونجحت.
هل واجهت اَنئذ أي تمييز لكونك «امرأة» في مجال يسطو عليه الرجال؟
نعم، لقد رفض مدير استديو مصر تعييني وحجته أنني فتاة، وبرر ذلك بأن العمل في مجال الرسوم المتحركة يستغرق ساعات طويلة وسيتطلب مني السهر ليلًا، وهو أمر لا يتناسب وظروف الفتيات في مجتمعنا، وعلى الرغم من طول المسافة بين الاستديو ومنزلي حينذاك، فقد صمدت في مواجهة كل التحديات التي وضِعَت في طريقي وتجاوزتها، ومن هنا بدأت أولى خطواتي في عالم السينما.
أسست «نوال» مع زوجها الراحل الفنان محمد حسيب شركة خاصة، واشتركا في تنفيذ إعلانات للتلفزيون معتمدين على التحريك، وقد حققت هذه الإعلانات نجاحًا جماهيريًا فيما بين الستينيات والثمانينيات، كما اشتركا سويًا من خلال الشركة في تصميم عدد من تترات الأفلام السينمائية.
فيلم «الاختيار» هو أول فيلم عرّفنا إلى مصممة التترات «نوال».. دعينا نتحدث عنه قليلًا
كان فيلم «الاختيار» الفرصة والمحطة الأولى في عالم السينما بشكل رسمي، أتذكر مكالمة المخرج يوسف شاهين، عندما كلفني بتصميم تتر الفيلم بعد سفر الفنان محمد حسيب (زوجي السابق) إلى الكويت للعمل بمجال الإعلانات هناك. وقد أمهلني ثلاثة أيام لإنجازه، لأنه سيسافر بالفيلم في اليوم الرابع للمشاركة في أحد المهرجانات. كانت مسؤولية وتحدي في الوقت نفسه.
فى ذلك الوقت، كنت قد شاهدت كاميرا الرسوم المتحركة في معهد مدينة السينما، التى كانت قد وصلت للتو من ألمانيا، وقررت الاستعانة بصديق أرمني يدعى يوهان الذي كان عاشقًا للسينما واَلاتها، وطلبت منه صناعة كاميرا شبيهة، وعندها تحمس لما استشعره من رغبة عميقة في تطوير أدواتي، وبالفعل صنعها كاملةً كما رأيتها، ونظرًا لمحدودية راتبي حينها، اتفقت معه على تقسيط ثمنها، على أن يسمح لي باستخدامها خلال فترة تسديد الأقساط، في الاستديو الموجود في فيلته بحي الهرم، ونفذت تتر «الاختيار» مستخدمةً إياها.
وهل تمكنتِ من الانتهاء من التتر بعد ثلاثة أيام؟
نعم، طلبت من المصور تصوير وجه الفنان عزت العلايلى بزوايا متعددة الأحجام، حتى تعكس الحالة النفسية المضطربة للشخصية التي يؤديها بالفيلم، ثم حصلت على الموسيقى من الموسيقار على إسماعيل، وبدأت تقطيعها ومن ثم التفكير في شكل التتر، واحتجزت نفسي في الاستديو ثلاثة أيام حتى خرج التتر فى اليوم الرابع، وتم طبع الفيلم.
خلال دقيقتين ونصف تقريبًا هي مدة تتر فيلم «الاختيار»، تستعرض «نوال» صورًا للبطل الرئيس عزت العلايلي، وتطلخ كل صورة بألوان داكنة، حتى تظهر في نهاية التتر صورة للبطلة سعاد حسني. ويبدو التتر كما لو كان معرضًا للوحات فنية تترجم حالة البطل المضطرب.
كيف استقبل المخرج يوسف شاهين أول تتر من تصميمك؟
بمجرد مشاهدة شاهين للفيلم، هاتفني وطلب منى الحضور مرة ثانية إلى الاستديو، وعندما وصلت استقبلني بفرحة كبيرة، وقبّل يدي تعبيرًا عن إعجابه بالتتر، وبعد عودتي إلى المنزل فوجئت به يرسل إلي أضعاف القيمة المادية التي توقعتها لهذا التتر. وانطلقت بعد «الاختيار» في تصميم التترات مستقلةً حتى سافرت في بعثة إلى فرنسا في العام 1975.
طالعت «نوال» إعلانًا عن بعثة إلى فرنسا لدراسة الرسوم المتحركة، فقررت التقدم إليها وبالفعل حازت على المنحة التي كانت سببًا في انقطاعها عن العمل بتصميم التترات في مصر من ناحية وسببًا في تطوير أدواتها في مجال التحريك من ناحية أخرى.
كيف أثرّت البعثة الفرنسية على مشوارك في عالم السينما؟
التحقت هناك باستديو ينتج أفلامًا للدول الناطقة باللغة الفرنسية، وقد اقتنع العاملون فيه أن عملي في مجال الرسوم المتحركة عمل احترافي، ولذلك شجعوني على المشاركة في إنتاج فيلم رسوم متحركة باسم «الشجرة السحرية»، موجه إلى تلك البلاد ومنها الجزائر والمغرب، وحصل الفيلم على جائزة مهرجان «اَنسي» الدولي لأفلام الرسوم المتحركة (هو مهرجان يقام سنويًا في الشمال الفرنسي وهو أحد أهم مهرجانات سينما الرسوم المتحركة في العالم)، ومن ثم عملت كمساعد مخرج في عدد من الأفلام الروائية، واكتسبت خبرة كبيرة، حتى أنني كان من المتوقع أن أعود إلى مصر للعمل بالإخراج، لكن ما شاهدته في الخارج من تقدير للتتر السينمائي، دفعني إلى التمسك بتصميمه.
أتذكر جيدًا أن إعجاب الجمهور بتتر فيلم «الهارب» للمخرج كمال الشيخ، كان أكثر ما حفزني على استكمال مشواري في تصميم التترات عندما عدت إلى مصر في العام 1977.
اخترت اسم «نوال» منفردًا ليكون اسمك في عالم السينما، فما السبب في ذلك خاصة أن الشائع هو تفضيل الاسم الثنائي؟
سؤال ذكي، لقد كان الدافع وراء اختيار «نوال» هو الرغبة في إثبات الذات والاستقلال بالإضافة إلى التحدي. عندما أسست مع حسيب شركة الرسوم المتحركة كان التوقيع ثنائي «حسيب ونوال» في الإعلانات وفي تترات بعض الأفلام، بما فيها «الاختيار» رغم أنني نفذت التتر بمفردي. لقد أردت أن أشعر باستقلاليتي. في مصر دائمًا ما يحاربون المرأة في أي مجال ويثبطون من عزيمتها ويشككون في كفائتها، ويرجحون نجاح الرجل على المرأة، ولذلك قررت أن أثبت كذب كل هذه المزاعم الذكورية، وبالفعل استقليت باسمي.
هل واجهت تمييزًا في الأجر لكونك امرأة؟
لا إطلاقًا، وأرجِع ذلك إلى أنني نجحت في صناعة اسمي الذي أضحى مطلوبًا بقوة في مجال تصميم «التترات». من البداية حصلت على ضعف الأجر في فيلم «الاختيار» بسبب جودة العمل، ولم أتعرض إلى تمييز في الأجر في أي وقت سواء مع مخرجين رجال أو نساء، لأن «شغلي فرض نفسه».
متى كانت تبدأ مرحلة تصميمك للتتر؟
بعد الانتهاء من تصوير الفيلم، عندما تكون جاهزة نسخة العمل التي يشاهدها الفنيون، وعملي يتصل بعدد من الأشخاص في مقدمتهم المخرج الذي أجلس معه للتعرف إلى وجهة نظره ورؤيته، ويساعدني المصور في اختيار لقطات معينة لدمجها داخل التتر، ويأتي دور الموسيقار (مؤلف الموسيقى التصويرية) الذي أجلس معه تقطيع جمل موسيقية تتلاءم مع التصميم، كما أتعاون مع المونتير في الحصول على لقطات وفي تحديد ألوان معينة للتتر.
ما أكثر الأفلام التي فكرت مليًا قبل تصميم تتراتها؟
في البداية، لا بد أن نعرف أن التتر أشبه بغلاف كتاب، كلما كان جذابًا كلما حفز المشاهد على مشاهدته، ونوع الفيلم يحدد شكل التتر والخطوط المستخدمة فيه، فالأمر يختلف من رومانسي إلى كوميدي، إلى تاريخي، إلى فانتازيا وغيره، وعلى سبيل المثال فيلم «فجر الإسلام» للمخرج صلاح أبو سيف، لم يكن ليكتب بخط حديث، وإنما بخط الثلث الكوفي، على عكس الوضع في فيلم كوميدي مثل «الحفيد» للمخرج عاطف سالم الذي استخدمت فيه الرسوم المتحركة، وهناك أفلام كنت أفكر كثيرًا قبل البدء في تصميم تتراتها، مثل «سواق الهانم» للمخرج حسن إبراهيم، الذي حاولت فيه ترجمة صورة الهانم من خلال الأدوات المرتبطة بالشخصية مثل الدانتيل والقبعة وقد رسمت الشخصية بيدي، ووضعت في الخلفية الدانتيل والسائق، وجعلت الخط على التتر مزخرفًا بطريقة ناعمة وتعكس الرفاهية التي تعيشها الشخصية الرئيسة.
هل كان لديك معايير محددة في رسم أو عرض الشخصيات النسائية في التتر؟
أثناء تصميم تتر «فيلم ثقافي» للمخرج محمد أمين الذي اقترح إضافة بعض اللقطات التي تعبر عن مضمون الفكرة، لكنني رفضت استخدام صورة المرأة في المشاهد الجنسية المبتذلة. وفي حقيقية الأمر هناك تتر وحيد أشعر بالندم عليه، وهو تتر فيلم «المزاج» للمخرج علي عبد الخالق، لأنني قدمت فيه صورًا لنساء عاريات الجسد.
من من المخرجين الذين تعاونت معهم تشعرين أنك شكلت معه أو معها ثنائي متميز؟
المخرج رأفت الميهي كان فنانًا مبدعًا يقدر كل من يعمل معه، ويترك لهم حرية التعبير عن أفكارهم وأتذكر كلامه عني «نوال مجنونة زيي.. بسيبها تطلع جنانها في الشغل»، وأظن أنني تعاونت معه في جميع أفلامه، وأتذكر منها تتر فيلم «سيداتي اَنساتي» الذي فكرت كثيرًا قبل صناعته ليعبر عن مضمونه ونمطه الفانتازي، فوضعت شخصية البطل ويؤدي دوره محمود عبد العزيز وصديقه في الخلفية يقومون بالأعمال المنزلية، بينما تظهر الشخصيات النسائية في مراَه في المقدمة، وهن في كامل أناقتهن.
إلى جانب رأفت الميهي، أعتقد أنني نفذت معظم تترات أفلام المخرج الكبير علي عبد الخالق، كما أنني أعتز بشكل خاص بتنفيذي لتتر فيلم «جري الوحوش».
كيف ترى مصممة التترات الأغزر إنتاجًا في السينما المصرية حال التترات الحديثة؟
لقد بسط التطور التكنولوجي سيطرته على صناعة التترات السينمائية، ومع احترامي الكامل للتكنيك الحديث، إلا أن الاَلة لا تحقق الابتكار مثلما يفعل التصميم اليدوي، فقد أصبحت التترات أشبه بالنسخ المكررة لا تحمل أفكارًا، وتشبه بعضها البعض، وإنما مجرد أسماء تتلاحق على شريط الصوت دون روح أو فن.
كرّم مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة في دورته الثالثة التي انعقدت في الفترة من (20-26) فبراير، عددًا من الأسماء النسائية البارزة في مجال صناعة السينما، ومن بينهن مصممة التترات نوال، والمونتيرة ليلى فهمي، وخبيرات الترجمة في السينما عايدة وعزة وعبلة أنيس عبيد، بالإضافة إلى الممثلة القديرة محسنة توفيق والممثلة الشابة منة شلبي.
كيف تنظرين إلى تكريمك في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة؟
أنا سعيدة جدًا بهذا التكريم، لقد حصلت على جوائز عديدة من مهرجانات خارج بلدي، لكن التكريم في مصر له طعم اَخر، وتنبع سعادتي أيضًا من شعوري بأن تصميم التترات صار يلقى اهتمامًا وتقديرًا مثل بقية فنون السينما. أشعر أن مجهودي طوال السنوات الماضية لم يذهب هباءً وأن هناك من يدرك أهميته. لقد عملت بكل إخلاص على مدار 36 عامًا، كان شاغلي الشاغل هو ترك بصمة في عالم التترات، وحتى الاَن تسعدني الاتصالات الهاتفية التي أتلقاها من أصدقاء، ليخبرونني بإعجابهم بتتر صممته لفيلم ما.
ما رأيك في الجدل الدائر بشأن تصنيف أو تخصيص مهرجانات لسينما المرأة؟
أعتقد أن مهرجانات أفلام المرأة فرصة جيدة لتسليط الضوء على صانعات الأفلام ومجهوداتهن في السينما. يجب دعم النساء في هذه الصناعة، لأننا بلا شك نعيش فى عالم ذكوري والرجل يفرض سطوته على صناعة السينما، رغم أن السيدات قادرات على المنافسة والنجاح، فضلًا عن أن المخرجة أو الكاتبة أكثر قدرة على التعبير عن قضايا النساء وحقوقهن من الرجال، لذلك لا بد من دعمهن.
في رأيك، ما أبرز التحديات التي تواجهها صانعات الأفلام اليوم؟
أظن أن المجال صار مفتوحًا والصناعة أصبحت تجذب النساء الناجحات أكثر من ذي قبل، والتحاق الفتيات بمعهد السينما اليوم أسهل بكثير مما كان عليه الوضع قبل 30 عامًا، وقد أثمر التحاقهن بالمعهد عن أسماء مهمة في الصناعة مثل المخرجات: كاملة أبو ذكري وهالة خليل وساندرا نشأت، وهالة جلال. وفي المونتاج بزغت أسماء مثل: منى ربيع، ورباب عبد اللطيف، وداليا الناصر.
وماذا تقولين لهن؟
أدعوهن إلى الإصرار ثم الإصرار والعمل والاجتهاد.
تقيمين حاليًا في الولايات المتحدة الأمريكية، فهل الرحيل عن مصر ناتج عن إحباط بسبب تراجع الاهتمام بصناعة التتر كفن له أصوله؟
إطلاقًا، لقد انتقلت إلى الولايات المتحدة قبل 20 عامًا، وبالفعل أنا أوقن أنني بذلت مجهودًا كبيرًا خلال فترة عملي بمجال تصميم التترات والتي استمرت لما يزيد عن 30 عامًا، وقرار السفر جاء نتيجة ظروف شخصية، ولم أفكر في مواصلة العمل بهذا المجال بعد سفري، بسبب تقدم السن، فقد كان من الصعب أن أتعلم في هذه السن تكنيكًا مختلفًا عما ألفته طوال سنوات عملي.
ما الشيء الذي ما زلتِ تتطلعين إلى تحقيقه؟
أنا حزينة على غياب الأرشفة السينمائية، إذ أن المسجل من التترات التي صممتها هو 200 تتر سينمائي، بينما ما أنتجته يصل إلى 600 تتر لأفلام سينمائية مختلفة، وأتمنى أن يكون هناك فرصة لتوثيق ما قدمته للسينما حتى يصبح مرجعًا للطلاب. لقد عملت بمجال تصميم التترات لنحو 36 عامًا، وكان إنتاجي يصل إلى ثلاثة أفلام شهريًا. أحلم بتوثيق هذا التاريخ قبل رحيلي.
كما أتمنى أن يستمر تدريس تصميم التترات في المعهد العالي للسينما، فحتى مع التطور التكنولوجي الذي فرض نفسه على التترات، فإن هذا لا يغير من حقيقة أن تصميم التتر علم وفن لا بد أن يستمر تدريسه.