بعد قرار تشكيلها: محاولة للإجابة عن التساؤلات المحيطة بــ «وحدة المساواة بين الجنسين» في وزارة القوى العاملة
في أول أيام العام الجديد، أصدر وزير القوي العاملة المصري محمد سعفان، القرار رقم (1) للعام 2019، الذي يقضي بتشكيل وحدة بديوان عام الوزارة لتحقيق المساواة بين الجنسين والقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. كما يقضي القرار بتشكيل فروع للوحدة في مديريات القوي العاملة بالمحافظات، والنظر في تعديل وتطوير القوانين والقرارات الوزارية المتعلقة بهذا الشأن، لتعزيز امتثالها لمعايير العمل الدولية، واتخاذ إجراءات استصدارها أو تعديلها وفقًا لأحكام الدستور والقانون.
وتعلق منى عزت مسؤولة ملف المرأة والعمل بمؤسسة «المرأة الجديدة»، على القرار موضحةً أن تفعيل هذه الوحدة يشترط وجود خطة تنفيذية لتحديد الأهداف المراد تحقيقها والأنشطة المقررة لتحقيق هذه الأهداف، إلى جانب ميزانية مخصصة. وتشدد عزت على أهمية أن تعكس هذه الخطة الواقع ومشكلاته لضمان فاعلية اللجنة.
كما تلفت عزت إلى أهمية تدريب القائمين على هذه الوحدة ومسؤولي المهام التنفيذية بها على قضايا النوع الاجتماعي، مؤكدةً أن وزارة القوى العاملة تبذل جهدًا كبيرًا في هذا الصدد متعاونةً مع المجلس القومي للمرأة ومنظمة العمل الدولية.
بعد الإعلان عن القرار، أعرب بعض النشطاء والناشطات عن تخوفهم من أن تكون هذه الوحدة بديلًا للمفوضية العليا للقضاء على التمييز التي نص عليها الدستور المصري الذي جرى إقراره بعد الاستفتاء عليه مطلع العام 2014، ومع ذلك لم يتم تشكيلها حتى الاَن. لكن عزت تعارض هذه الفكرة وتقول إن المفوضية مهامها أعم وأشمل، مشيرةً إلى أن المادة 53 من الدستور المصري تنص على إنشاء هذه المفوضية كوسيلة لمناهضة التمييز بجميع أشكاله، سواء كان سياسيًا أو نوعيًا أو عرقيًا وليس التمييز على أساس النوع فقط أو الذي يحدث في أماكن العمل فحسب.
وتنص المادة 53 من الدستور المصري على «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء السياسى أو الجغرافى، أو لأى سبب آخر. التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون. تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض.»
وبحسب عزت فإن هذه اللجنة التي قررت القوى العاملة تدشينها ربما تكون واحدة من الجهات التي تساهم في أعمال ومهام المفوضية عند تشكيلها.
بالنظر إلى قرار وزارة القوى العاملة بالتوازي مع القانون المقدم منها إلى البرلمان ويعكف الأخير على مناقشته حاليًا، يبدو وكأن هناك تناقضًا بين كليهما، خاصة أن القانون يتضمن عددًا ن المواد التي اعتبرتها منظمات نسوية ومنها مؤسسة «المرأة الجديدة» غير منصفة للنساء، ومنها ما يتعلق بتقييد حق المرأة في إجازة رعاية الطفل بعدد العاملين في المنشاَت، ومنح المجالس القومية والوزارات سلطة حق تحديد الأعمال والمناسبات التي لا يجوز تشغيل النساء فيها، بالإضافة إلى استثناء العاملات المنزليات من بعض الحقوق الواردة في القانون.
«لقد أصدر عدد من المؤسسات المعنية بالدفاع عن حقوق المرأة مجموعة من التوصيات بشأن مشروع قانون العمل الجاري مناقشته، وذلك بعد أن تبين وجود بعض المواد التي ستسبب إشكاليات كبيرة في حال تطبيقها، مثل تلك المتعلقة بدور الحضانة إذ يشترط القانون إلزام المؤسسات بتوفير دور الحضانة وهو أمر يصعب تنفيذه، بالإضافة إلى المادة الخاصة بإجازات الوضع ورعاية الطفل، وهو أمر منصوص عليه في القانون ويُطبّق بالفعل في مؤسسات القطاع العام، بينما لا تطبقه مؤسسات القطاع الخاص،» تقول عزت.
وتؤكد مسؤولة ملف المرأة والعمل بمؤسسة «المرأة الجديدة» أن تطبيق هذه المواد يقع على عاتق الوزارة ومن هنا تأتي أهمية التدريب، لأن أكثر القائمين على تطبيق القانون لا يتمتعون بالحساسية الجندرية.
وأخيرًا، تشدد عزت على أهمية أن تنفتح اللجنة المعنية بتحقيق المساواة بين الجنسين على النقابات ومنظمات المجتمع المدني، حتى تستمع إلى رؤى أخرى، مما يسهم في تأسيس لجنة قادرة على القيام بمهامها بفاعلية أكبر.