تستحق القراءة: ترشيحاتنا لأبرز إصدارات 2018 التي تحمل رؤية نسوية
استقبلت الساحة الثقافية خلال العام 2018، عددًا وافرًا من المؤلفات المهمة التي تنوعت ما بين الأدبية والبحثية والفنية والسيرة الذاتية والروايات وغيره. وفي حصادها، تبرز مجموعة مميزة من المؤلفات التي راوحت بين تقديم رؤية نسوية لسيرة شخصيات نسائية والتركيز على النضال والحركة النسوية. ولذلك فإننا نرشح لعشاق المطالعة في نهاية هذا العام، بعضًا من الكتب التي تنتمي إلى هذه المجموعة، لعلها تضيف إلى ما هو قائم في العقل أبعادًا جديدة، وترسخ مزيدًا من الحقائق وتساهم في فك الالتباس وتضيء دروب الظلام.
مذكرات ميشيل أوباما (Becoming)
هو الكتاب الأنجح هذا العام، فقد باع بعد نشره بأسبوع واحد في نوفمبر الماضي، نحو 1.4 مليون نسخة، وسرعان ما تصدّر قائمة الكتب الأكثر مبيعًا على موقع أمازون(أشهر مواقع التسوق عبر الإنترنت).
في مذكرات ميشيل أوباما، السيدة الأولى السابقة للولايات المتحدة، تُعرِّف القراء إلى عالمها الخاص، وتؤرخ للتجارب التي شكلت شخصيتها، بداية من طفولتها في مدينة شيكاغو، مرورًا بدراستها للحقوق، وتدرجها في وظائف عديدة ثم متاعبها في الموازنة بين حياتها المهنية والأسرية، وصولًا إلى حصولها على اللقب الأهم وهو السيدة الأولى، بالإضافة إلى كونها أول سيدة أولى من أصول إفريقية بعد فوز زوجها باراك أوباما بالرئاسة ليصبح الرئيس رقم 44 للولايات المتحدة الأمريكية في العام 2009.
تنظر أوباما في كتابها الصادر بعنوان «Becoming» ويتألف من 426 صفحة، إلى التمييز على أساس النوع في الولايات المتحدة، الذي عانت منه بشكل شخصي، وتتأمل حال أمة تتحدث عن تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين بينما تتحمل النساء فيها أعباءً إضافية.
ما يُميّز الكتاب أن أوباما تتحدث عن رحلتها الشخصية بكل ما تحمله من انتصارات وخيبات، وتصف التقلبات والمعارك الداخلية والخارجية لامرأة مستقلة لم تكن أبدًا مجرد ظل لرجل، حتى إن كان هذا الرجل هو رئيس أكبر دولة في العالم. كما يضم الكتاب ما يقرب من 140 صورة، فضلًا عن أشهر أقوالها وخطاباتها التي عادةً ما يصفها مراقبون بالتاريخية.
النسوية وحقوق المرأة في العالم
أصدر المركز القومي للترجمة في أغسطس الماضي، النسخة العربية من كتاب «النسوية وحقوق المرأة حول العالم.. الكتاب الأول: الإرث والأدوار والقضايا» من تأليف ميشيل أ.بالودى، ومن ترجمة خالد كسروي.
ونقرأ بين سطور النبذة التي كتبها المركز في تقديم الكتاب إلى القارئ العربي: الكتاب نتاج جهود فريق متميز من الباحثين، ثروة من الأبحاث المعاصرة التي تناقش الأبحاث والقضايا والتناقضات المحورية المتعلقة بالحركة النسوية العالمية، وعمل المرأة، والشخصية النسائية السياسية.
توضح المؤلفة في مقدمة الكتاب أن هناك عددًا كبيرًا من المواقف التي ترمي باللوم على المرأة فى جميع الأحوال والظروف، فدائمًا ما تظل النظرة الذكورية هي المسيطرة.
وتستطرد “لأن عمل المرأة لا يُنجز أبدًا ويُدفع له مقابل أقل مما يستحقه أو لا يُدفع له أصلًا، أو أنه ممل أو مضجر، ولأننا أول من يُستغنى عنه، وما نبدو عليه أهم مما نفعله، وإذا ضُرِبنا فلا بد أننا نستحق ذلك، ولو دافعنا عن حقوقنا فإننا عدوانيات وغير أنثويات وإن لم نفعل فإننا مثال للإناث الضعيفات، ولو أردنا الزواج فإننا خارجات لاقتناص رجل، وإن لم نفعل فإننا غير سويات. وغيرها من مواقف تنظر للمرأة نظرة دونية في كل الأحوال.”
يقدم الكتاب رؤية متكاملة للباحثين في القضايا النسوية والمهتمين بحقوق المرأة سواء في التعليم أو العمل أو العلاقات الشخصية أو المنزل، ويناقش المشاركون جهود دمج النسوية في عدد من التخصصات من بينها التعليم والعمل والعلوم والجيش والسياسة، وبحسب ما يرى الباحثون، فإن هناك ثلاثة أنواع من المشكلات في التخصصات والمناهج الدراسية المتعلقة بالمرأة وهي الإغفال والتشويهات والتسطيحات.
يقع الكتاب في 357 صفحة و12 فصلًا تأتي بالعناوين التالية: خرافة المرأة النسوية عدوة الرجل، فروق النوع: الحجج المتعلقة بالقدرات، النساء في التعليم :الطالبات وأساتذة الجامعة حول العالم، بأصوات النساء، حياة العمل بوصفها بيتا: قصة الأرضيات والحوائط والأسقف، النساء بوصفهن قيادات دينية: تقدم وجمود، الشخصية السياسية النسائية: الملكة فيكتوريا والين جونسون سيرليف وميشال باشيلى، النساء في الجيش: هل حان الوقت لإزالة التمييز عن الأدوار القتالية؟، نساء الأقليات الجنسية: مصادر الوصم بالعار ونتائجه، قضايا خاصة بالنساء المعاقات، عدم الرضا عن الجسم واضطرابات الأكل: عولمة مثل المظهر الغربي، ويأتي الفصل الأخير بعنوان برامج دراسات المرأة في الولايات المتحدة.
ميشيل أ.بالودي هي محررة سلسلة علم نفس المرأة، ومؤلفة ومحررة لــ 33 كتابًا جامعيًا، ولها أكثر من 160 مقالة علمية وعروض مؤتمرات عن الاعتداء الجنسي، كما حصل كتابها «طاقة العاج: التحرش الجنسي في الحرم الجامعي» الصادر في العام 1990،على جائزة مركز ماير للكتاب المتميز في حقوق الإنسان في الولايات المتحدة.
أما خالد سيد كسروي، فهو مترجم تخرج في كلية اللغات والترجمة، له عدد كبير من الأعمال المترجمة، مثل: روزان والإسكندر (ثلاثية روائية)، العولمة والثقافة، دليل التدريب على إدارة الأعمال والمرأة في حياة العظماء الخمسة.
بناء ونضال – من أرشيف الحركة النسوية المصرية
في نهاية سبتمبر الماضي، صدر كتاب «بناء ونضال– من أرشيف الحركة النسوية المصرية» عن مؤسسة المرأة والذاكرة، وهو من تأليف الدكتورة هدى الصدة والباحثة ميسان حسن. وينقسم إلى جزأين، الأول يلقي الضوء على بعض المؤسسات والجمعيات والهيئات التي أسستها النساء أو شاركت في تأسيسها. أما الجزء الثاني فيسلط الضوء على جانب من المعارك التي خاضتها النساء.
ويهدف الكتاب- كما تقول الكاتبتان- إلى توثيق الحركة النسوية المصرية من خلال الصور والمطبوعات والمقالات المنشورة في الصحف والمجلات، حيث تُشكّل هذه المادة البصرية وثائق تاريخية تضيء جوانب مهمة في التاريخ. ويتناول الكتاب موضوعين أساسيين في تاريخ الحركة النسائية، وهما دور النساء الفعّال في بناء مؤسسات المجتمع المدني المصري وبالتالي بناء مصر الحديثة، والمعارك التي خاضتها النساء من أجل النهوض بالمجتمع والدفاع عن الحقوق والحريات وتحقيق العدالة للجميع.
تشغل الدكتورة هدى الصدة حاليًا منصب أستاذة الأدب الإنجليزي والمقارن في جامعة القاهرة، وسبق أن شغلت منصب أستاذة كرسي في دراسات العالم العربي الحديث في جامعة مانشستر. فضلًا عن ذلك، اختيرت ضمن أعضاء لجنة الخمسين التي عكفت على كتابة الدستور المصري (تم إقراره في العام 2014)، وهي واحدة من مؤسسات منظمة المرأة والذاكرة. أما ميسان حسن فهي عضوة بالمؤسسة نفسها، انضمت إلى فريقها في العام 2007 وتشغل حاليًا منصب مديرة البرامج بها.
روايتي لروايتي
نشرت الكاتبة والروائية الفلسطينية سحر خليفة سيرتها الذاتية تحت عنوان «روايتي لروايتي»، وقد صدرت مع بداية العام (2018) عن دار الساقي في لبنان. وترصد خليفة محطات في حياتها التي عاشت معظمها متنقلة بين نابلس وبيرزيت وطرابلس والولايات المتحدة.
وتقول في مقدمة الكتاب “الأديب، كأيِّ إنسان، ابن البيئة. وهي، أي البيئة، تهيِّئ للكاتب أجواءه، وتوحي إليه بمشاهد وشخوص وثيمات يحوِّلها بدوره إلى صور فنية دراميَّة تُعيد تصوير الواقع أو تشكيلَه أو ترميزه. وأنا، لو لم أكن فلسطينيَّة، ولو لم أعش تجربةَ الاحتلال الرهيبة وحياةَ امرأةٍ عربيَّة تقليديَّة، ولو لم أحظ بظروف ساعدتني على نبذ الماضي، ولو لم أتدرب على يد أساتذة بيرزيت وأجوائها التنويرية، هل كنت سأكتب رواياتي بذلك الشكل وتلك المضامين؟”
وتنتقد خليفة في كتابها الموزع محتواه في 271 صفحة، المجتمع الذي يقدس الرجل وينتهك حقوق الأنثى على طول الخط، وتكشف من خلال تجاربها الذاتية معاناة المرأة داخل البيت مع الأب والأخ ثم الزوج ومقاساتها في الشارع والمجال العام حيث مدعي التحرر.
سحر خليفة واحدة من أهم الروائيين الفلسطينيين والعرب، تزوجت في سن مبكرة زواجًا تقليديًا، وبعد مرور ثلاثة عشر عامًا من العنف والإيذاء، قررت أن تتمرد وتتحرر من هذا الزواج. حصلت على شهادة الدكتوراة من جامعة أيوا في دراسات المرأة والأدب الأمريكي، وصدر لها حتى الاَن 11 رواية، أولها «لم نعد جواري لكم» في العام 1974 واَخرها «أرض وسماء» في العام 2013، وتُرجمت أغلب رواياتها إلى عديد من اللغات. كما حصدت جائزة نجيب محفوظ من الجامعة الأمريكية في العام 2006.
المناطق المحرمة بالخوف و الإثم
في بداية هذا العام أيضًا، صدر كتاب «المناطق المحرمة بالخوف والإثم» وهو أحدث إصدارات المفكرة والأديبة نوال السعداوي، عن دار مصر العربية للنشر والتوزيع. ويضم الكتاب مجموعة من المقالات للسعداوي، تنشرها لأول مرة وتتضمن أفكارًا وآراء تصفها الأديبة المعروفة بأنها من أجرأ ما كتبت حول حرية الاعتقاد والحرية الجنسية.
ومن أجواء الكتاب نقرأ “كان الوقت يمضي وهي نائمة وابنها في حضنها، يدفئها بجسده وتدفئه بجسدها، ومهما طال الليل وطال الحُلم تصحو من النوم فلا ترى سندس الجنة الأخضر، بل جدار المحكمة الأسود الملطّخ بدماء الأمهات وبراز الأطفال، وشيء في صدرها يهمس، لا يمكن أن يكون الكون بغير عدل، ويعلم الله أن ابنها له أب معروف، وأنه قال لها أنت حبي والله يشهد، ثم بعد أن أنجبت طفلهما قال لها، عندي حبّ جديد، اذهبي فأنت طالق. كان أنف الابن يشبه أنف أبيه، فقالت الفتاة للحارس انظر إليه، أليس هو الأنف ذاته؟ ضحك الحارس حتى غامت عيناه بالدموع، يا بنتي لا تنظر المحكمة إلى الأنوف بل إلى الأوراق والوثائق والشهادات، قالت، كان الله شاهدًا علينا، قال وهو يمسح دموعه، شهادة الله لا تدخل ملفّ القضية، لابد من ورقة مكتوبة ومختومة بالنسر.”
نوال السعداوي، طبيبة وكاتبة وروائية مصرية ومدافعة عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة تحديدًا. تخرجت في كلية الطب بجامعة القاهرة في العام 1954، وفُصِلت من عملها كطبيبة بقصر العيني بسبب اَرائها وكتاباتها، وتعرضت للاعتقال إبان فترة حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، ووضعتها الجماعات الإسلامية على قوائم الاغتيال بسبب اَرائها خاصة التي تتعلق بحقوق المرأة.
لمحات من رحلة المرأة المصرية
صدر كتاب «لمحات من رحلة المرأة المصرية.. في الطريق من التهميش إلى المشاركة» للباحث الدكتور طارق علي حسن عن دار العين للنشر، في نوفمبر الماضي.
ويفتتح حسين كتابه راصدًا معاناة المرأة المصرية ونضالها من أجل حقوقها قبل عقود، قائلًا “من الصعب تصور تاريخ ليس بالبعيد، كان فيه تعليم الأنثى غير مطلوب وغير متصور وغير وارد، ولولا ضغط حركة التطور الجارفة وشجاعة رعيل رائد من الأبطال والبطلات، لربما ظل الحال على ما هو عليه، وظل هذا الحائط السميك ضد تعليم المرأة يدعم الوضع القائم بجمود كامل، رغم بديهيات أن المرأة عصب المجتمع وأم الأجيال، فرفعة المجتمع من رفعتها، وانحطاطه من تدني مكانتها.»
يرصد الكتاب رحلة العديد من الرائدات المصريات مثل: «جشم آفت هانم» الزوجة الثالثة للخديوى إسماعيل ودورها في تعليم الفتيات من خلال تأسيس أول مدرسة لتعليم البنات «المدرسة السيوفية» في العام 1873، وملك حفني ناصف الملقبة بباحثة البادية، وزينب كامل حسن، وفاطمة اليوسف والمعروفة باسم روز اليوسف، ومفيدة عبدالرحمن رائدة المحاميات وغيرهن.
في خاتمة الكتاب، يرفض الكاتب إدعاء أن المرأة حصلت على حقوقها، ويقول «الثقافة الذكورية المتغلغلة لا تزال منغلقة في أعماق الكثيرين، بطريقة تشد المجتمع إلى البدائية والتخلف، ولا تزال بعض المفاهيم المضادة للمرأة تلبس لبس الدين على خلاف جوهره ومقاصده.»
الدكتور طارق علي حسن، طبيب تخرج في كلية الطب بجامعة القاهرة في العام 1959، ثم واصل دراسته بالمملكة المتحدة، وهو عضو بجمعية الكتاب والفنانين المصريين.