في إطار حملة «جوه البيت».. أسماء دعبيس تكتـــب: مراَة
هذه القصة تكتبها «أسماء دعبيس» مؤسسة مبادرة «بنت النيل» في البحيرة، مستندةً إلى قصة واقعية
حينما نقنع أنفسنا أن نسيان الاَلم أمر حتمي، نجد ندباته تحاصرنا، فتستمر الحياة، بينما يبقى الاَلم راسخًا في النفس.
لم تتوقف عن عادتها المؤلمة في كل صباح، تراقب مسيرة الفتيات في الطريق إلى المدرسة، يانعات كزهرات البنفسج، لا تكف عن منح شذاها الصباحي البهيج، آثار النوم ما زالت متحلقةً بأجفانهن، يحاولن أن يدفعنها بالحديث والضحك.
ما برحت تتذكر ذلك اليوم، عندما كانت تأخذ مكانها في سربهن المبهج، في الذهاب والإياب، لا يتوقفن عن الثرثرة وتبادل الأمنيات والتحليق فى مدارات الحلم البعيد. كانت متفوقة، أكثرهن تفوقًا، طالما طمحت أن تصبح طبيبة أو معلمة في الرياضيات والعلوم، ودرجاتها النهائية في كلتيهما، جعلت الحلم في الأفق، يوشك أن يصبح حقيقة.
لاتدرى متى عثر والدها على تلك المرآة اللعينة في حقيبتها المدرسية، عندما كانت تسير بخطى متطايرة كفراشة، في بستان زهور، بعد إحرازها الدرجات النهائية في الاختبارات الشهرية، يومها نالت أقسى صفعة فى حياتها.
كان غضبه عارمًا وقراره نهائيًا، ستودعين المدرسة إلى غير رجعة وتنتظرين الزوج الذي تُلقي به الأقدار ولو بعد حين. كانت ومازالت تراقب سربهن البهيج، بينما تحاول أن تمنع دموعها جاهدة من الجريان.