الحلقة (3) – وضعية المرأة في الأفيش السينمائي المصري: السبعينيات..النكسة والانفتاح ينهيان العصر الذهبي.. واحتراف«تسليع النساء»
أفيشات الغرائز تتصدر.. وتفاصيل «الجسد الأنثوي» أهم من ملامح الشخصية وفكرة الفيلم
«شمس البارودي وناهد شريف» اسمان ارتبطا بالتنميط والقولبة الجسدية في الأفيش خلال السبعينيات
فرق كبير بين الإغراء على الأفيش في الخمسينيات والستينيات والمتاجرة بالأجساد في السبعينيات
للعقد الثالث «فاتن حمامة» تغرد خارج السرب.. ووضعية أكثر قوة لـ«سعاد حسني» في الأفيش السبعيناتي
رغم صعودهما سينمائيًا.. سطوة مفقودة على الأفيش لـ«مرفت أمين ونجلاء فتحي»
في مطلع سبعينيات القرن الماضي، ومازالت نكسة 1967 تلقي بظلالها على مختلف مناح الحياة، التي لم تكن هزيمة حربية أو سياسية فحسب، وإنما هزيمة اجتماعية وثقافية، وقد خيمت على مصر حالة من البؤس النفسي، والانتكاس الفكري، بعد أن استفاق الشعب على هزيمة كبرى على يد القوات الإسرائيلية، سبقها هزيمة أكبر غرق في قهرها على يد نظام الصوت الواحد والحاكم الأوحد، الذي ساهم بدرجة كبيرة في الوصول إلى ما جرى في يونيو من العام 1967.
ملحوظة: عدد من الأفيشات الواردة من مقتنيات الناقد سامح فتحي المنشورة في مجموعته (الأفيش الذهبي – فن الأفيش المصري- أهم مئة فيلم وفيلم في السينما المصرية) – ويُنصَح بمطالعة هذه المجموعة.
حاولت السينما التماسك قليلًا غداة النكسة، لكن ذلك لم يستمر لأكثر من سنة أو سنتين، ليتحول مسار السينما إلى الهبوط بسرعة فائقة بعد فترة انتعاش عاشتها لنحو عقدين، ورغم الانتصار الذي تحقق في أكتوبر من العام 1973، لم تتغير حالة «الانتكاس» التي اتسمت بها السينما في أغلب إنتاجاتها، وذلك بعد أن هبت رياح الانفتاح الاقتصادي وارتفعت بسببه درجة الفساد الذي توغل في كل الجهات، وكأننا كلما نهضنا منِ انتكاسةٍ داهمتنا أخرى.
بدأت تتدفق إلى صناعة السينما أموال مجهولة المصدر بالإضافة إلى الانصراف إلى الإنتاج اللبناني، لتبدأ أولى مراحل سينما المقاولات، وتنخفض دور العرض السينمائي مما يزيد على 250 دارًا إلى 190 في عام 1977.
أيضـــــــــــــــًا.. الحلقة (2): قراءة في وضعية المرأة على الأفيش السينمائي في الستينيات
خلال هذه الفترة، أضحت الأفلام بالنسبة لكثير من المنتجين مجرد سلعة، يتاجرون بها لتحقيق الربح المادي وحسب، وتحولت أجساد النساء إلى وسيلة للترويج لها، وأصبح الجسم العاري عنصرًا رئيسًا في الأفيشات، وباتت مداعبة الغرائز هي الهدف والمبتغى لهؤلاء المنتجين.
كانت السمة الغالبة على هذه الحقبة السينمائية، تنميط وقولبة النساء، وبشكل مبسط، التنميط والقولبة عمومًا هو عملية متعمدة ومخطط لها وتعميم مفرط من جانب الطرف الأقوى في المجتمع، تعمد إلى اختزال مخل لصورة جماعة أو فئة أو عرق أو جنس في عدد محدد من السمات أغلبها سلبي، وقد يكون ليس له علاقة بالواقع، ويعد الإعلام بكافة أشكاله المقروءة والمسموعة والمرئية بما فيها السينما أحد أهم وأقوى الوسائل في تأصيل القولبة، وهو ما فعلته هذه الصناعة على مدار عقود بحق النساء، وزادت وتيرته خلال السبعينيات، سواء من خلال النصوص نفسها، أو الأعمال مصورةً، وحتى الملصقات الدعائية لهذه الأفلام والمعروفة باسم “الأفيش”.
لكن هذا لا ينفى أن السبعينيات عرفت أفلامًا تأتي في قائمة الأهم في تاريخ السينما المصرية مثل فيلم “المومياء” الذي يمثل تحفة سينمائية تحتفظ برونقها حتى الاَن، كما بزغ خلالها نجم المخرج العالمي “يوسف شاهين” أكثر مما كان، وبدأت تلازمه ألقاب “العبقري” و”الفذ”، بالإضافة إلى استقبال العالم السينمائي لأحد أنجب أبنائه وهو المخرج الراحل “محمد خان”، عندما قدم أول أعماله في عام 1978 وهو “ضربة شمس”.
كما شهدت هذه الفترة، إنتاج أفلام رفعت النقاب عن قضايا حساسة، وتعرضت بعين ثاقبة إلى معاناة النسوة في ظل مجتمع يستسيغ الظلم والقبح، مثل “أريد حلًا” و “ولا عزاء للسيدات” و”الخيط الرفيع” و”شفيقة ومتولي”.
في هذه الحلقة من قرائتنا المتعمقة في تاريخ الأفيش السينمائي المصري، نرصد حالة التحول الكبير التي عرفها الأفيش خلال السبعينيات بكل ما في هذه المرحلة من تناقضات، تكشف بشكل أو باَخر التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الجذرية التي عاشتها مصر حينذاك.
صعود لأفيش الإثارة أو الغرائز
احتل الأفيش الذي يجسد الشخصية الرئيسة بالفيلم، مساحة كبيرة من أفيشات السينما منذ الثلاثينيات وحتى نهاية الخمسينيات، ثم صعدت أفيشات البطولة الجماعية والتي تعبر عن فكرة العمل أو اسمه خلال الستينيات، ثم في السبعينيات تحولت الدفة بإتجاه أفيش الإثارة، وأضحى من الضروري تضمين صورة تجسد لقاءً حميمًا، حتى إن كانت الصورة المرسومة تجسد مشهدًا مختلقًا، لتحقيق الهدف من الأفيش وهو الإثارة بغض النظر عما إذا كان الأفيش يثير بالعقل تساؤلات أو توقعات لقصة الفيلم وما يحمله في طياته أو لا.
جرى اللعب على “المتعة” التي تحققها مثل هذه الأفلام مؤقتًا بأسهل السبل، في عالم عابس، متمزق بين ماضٍ ترك الهزيمة امتدادًا له ومستقبل مبهم وقد بدأت رياح الإظلام تعرف طريقها إليه.
الإثارة لم تتوقف في الأفيش على الصور أو الرسوم، ولكنها طالت أسماء الأفلام، وأصبحت تلعب دورًا في تحقيق غاية رواد هذا التيار، وعرفت هذه الفترة أعمالًا سينمائية تحمل أسماء مثل “امرأة سيئة السمعة” و “حمام الملاطيلي” و”الرغبة والضياع” و”صور ممنوعة” و”المرأة التي غلبت الشيطان” و”رغبات ممنوعة” و”الفضيحة” و”زوجة محرمة” و”العاطفة والجسد”، حتى أضحى هذا النسق سمة غالبة على أفلام هذا التيار.
أفيشات «التسليـــع»: «شمس البارودي وناهد شريف وسهير رمزي» في الصدارة
“شمس البارودي” على الرغم من أنها بدأت التمثيل في وقت مبكر في الستينيات، لكن قلما شغلت دور البطلة الأولى خلال هذه الفترة، ولم تكن نجمة من نجمات الصف الأول، حتى جاءت السبعينيات وارتبطت بأدوار الإغراء -بمعايير هذه الحقبة الزمنية – وأصبحت البطلة الرئيسة في عدد لافت من الأفلام التي أنتِجَت في السبعينيات.
اختلف مدلول كلمة “الإغراء” عما كان عليه، ففي الخمسينيات والستينيات، ارتبطت نجمات مثل “هند رستم” و”هدى سلطان” و”تحية كاريوكا” و”سامية جمال” بالأدوار في هذه الخانة، وكان الإغراء يجمع بين الانطلاق والأنوثة والتحرر من ناحية والعذوبة والرقي واللطافة من ناحية أخرى، ليتشكل جمال اَخاذ شكلًا ومضمونًا كما جسدته “هند رستم” و”تحية كاريوكا” مثالًا، في ظل روائح الكلاسيكية التي فاحت بها أفلام هذه الفترة.
ولأول مرة عرفت السينما المصرية في السبعينيات التعري الكامل لأجساد النساء، وطفا على السطح أعمال احترفت تقديم النساء كأدوات جنسية، يقودهن ظمأ الشهوة، وزادت وتيرة المشاهد الحسية الصريحة والسادية أحيانًا، في سياقات درامية ترمي في أغلبها إلى تحقيق الاستثارة، وفيلم “سيدة الأقمار السوداء” مثالًا.
“شمس البارودي” و “ناهد شريف” و”سهير رمزي”، وتلحق بهن “ناهد يسري”، أسماء احتكرت لنفسها هذه المساحة، فأصبحن عناوين لهذه المرحلة وهذا التيار السينمائي الجامح وقتذاك.
وعلى الرغم من أن الاسم الأكثر بروزًا في هذا الصدد هو “ناهد شريف”، إلا أن الوضع على الأفيش يختلف بعض الشيء، إذ تعد “البارودي” هي أكثر من حضرت بصيغة الإغراء في أفيشات أفلامها خلال هذه الفترة، سواء من خلال رسم يدوي أو لقطة مصورة – لكامل جسدها بتعمد كشف أغلب أجزائه إلى جانب أسماء أفلام مثل “امرأة سيئة السمعة” من إنتاج عام 1973 و”المرأة التي غلبت الشيطان” المنتج عام 1973، و”المطلقات” من إنتاج عام 1975، لتكتمل عناصر القولبة التي تصب باتجاه «المرأة أصل المفاسد» التي في السينما تساهم في در أرباحًا وإيرادات أكثر، وطالما كان الأفيش وسيلة للترويج فيما تحول إلى تجارة، فهذا القالب قد يصبح نهجًا.
وتجدر الإشارة إلى أن أفيشات الدرجة الثانية والثالثة (غير الأصلية)، انتشرت على نحو أكبر خلال هذه الفترة، للترويج باستخدام أكثر اللقطات إثارة في الفيلم.
وهذا على عكس تجسيد الإغراء على الأفيشات في الفترات السابقة، فعادة ما ارتبط بالظهور ببدلة رقص مثلما كان الحال مع “كاريوكا” و”جمال” و”عاكف” أو فستان ذي فتحة تكشف عن الساق، أو ثوب يغطي الجسد، لكن يفصح عن تفاصيله الأنثوية وهذا تكرر أكثر من مرة مع “هدى سلطان”.
ناهد شريف.. الأفيش السبعيناتي لم يعترف بتوغلها السينمائي
الحال مع “شريف” لا يختلف كثيرًا عن “البارودي”، كلاهما من ممثلات الصف الثاني في الستينيات، ثم تحولتا إلى أيقونتين للإغراء في السبعينيات، وهو ما جعل إنتاجاتهن السينمائية خلال هذا العقد، تفوق كثيرات من نجمات الصف الأول، اللواتي لم يركبن هذه الموجة.
لكن “شريف” لم تكن بطلة أولى في جميع أفلامها حتى في فترة نجوميتها تلك، وهناك أفيشات أفلام لم تظهر عليها نهائيًا، ولم يتصدر اسمها قائمة الأبطال مثل أفيشات أفلام “حبيبة غيري” إنتاج عام 1976 و”العمر لحظة” إنتاج عام 1978.
في أفيش “العمر لحظة” يسترعي الانتباه، حفاظ “ماجدة” على ما أقرته لنفسها من قوة على الأفيش صورةً واسمًا، فضلًا عن بهاء التفاصيل وحيوية الألوان كما لو كان هذا الأفيش بين مجموعة الستينيات.
في هذا الأفيش غلب اللون الأزرق في إشارة إلى مياه القناة حيث جبهة الحرب ومحور أحداث الفيلم، وقد يدلل على رباطة الجأش والتحرر التي تتماهى مع الهيئة التي ظهرت عليها صورة “ماجدة” واقفة تنظر إلى الأعلى وتلوح بمنديل.
وكما اختفت “شريف” في أفيشات أفلام شاركت فيها لصالح نجمات أكثر ثقلًا، ظهرت كعنصر صغير، بين عناصر أخرى أكبر في عدد من الأفلام مثل أفيش فيلم “انتبهوا أيها السادة” من إنتاج 1978، وهو ما يكشف تأرجح حضورها ليس فقط على الأفيش، وإنما السينمائي في حد ذاته، فعلى الرغم من الصخب وغزارة الإنتاج لم تحجز لنفسها مقعدًا ثابتًا في المقدمة.
سهير رمزي، وهي أصغر سنًا من السابقتين، ودخولها عالم السينما جاء متأخرًا عنهما، لكنها تبقى اسمًا بارزًا في هذه الساحة، وحقق جماهيرية واسعة خلال هذه الفترة.
أما “ناهد يسري” التي تنتسب إلى نفس التيار، لم تقدم أفلامًا مصرية إلا قليل مثل “المساجين الثلاثة” و”شاطئ المرح” و”عندما يغني الحب”، ثم انتقلت إلى لبنان مثلما فعل كثيرون في السبعينيات، وهناك قدمت أفلامًا من إنتاج لبناني، مثل سيدة الأقمار السوداء، وامرأة من نار.
أيضـــــــــــــــــًا.. «ماجدة ونادية لطفي».. حضور طاغ على الأفيش في الستينيات
موازين القوة “المختـــلة”
بإمعان النظر في هذه الأفيشات، سيتبين أن أغلبها، لم يعبر عن فكرة الفيلم أو قصته أو حتى شخصياته، حتى موازين القوى مختلة فلا تفوق في حجم اسم عن غيره، ولا قوة لاسم دون غيره، الأسماء منثورة على الأفيش، مثلما تتفرق الأجساد أو الوجوه، وقد تصاحبها صورة أو رسم لقبلة بين البطل والبطلة أو لقاء حميم بينهما، والوصل بين المضامين المتبعثرة يكاد ينعدم.
لكن هذه الحالة رغم جموحها، لا يمكن أن تعمم على كل الأفيشات السينمائية في هذه الفترة، فهناك أفيشات خالفت هذه القاعدة، مثل أفيشات أفلام يوسف شاهين ومنها؛ “الأرض” من إنتاج عام 1970، و”الاختيار” المنتج عام 1971، و”الناس والنيل” من إنتاج عام 1972، و”عودة الابن الضال” من إنتاج عام 1976.
تغير الخريطة
يكشف الأفيش تغير خريطة النجمات من فترة لأخرى، ومدى قوة حضورهن، ومن خلاله يمكن الإجابة على أسئلة مثل؛ من الذي تفوق، ومن تراجع، من صعد نجمه، ومن خفت، وبالنظر إلى فترة السبعينيات ينجلي تراجع “نادية لطفي” و”ماجدة” و”لبنى عبد العزيز” و”شادية”، في مقابل صعود “مرفت أمين” و”نجلاء فتحي”، فيما احتفظت “فاتن حمامة” بمكانتها باعتبارها سيدة الشاشة حتى مع انخفاض عدد أفلامها.
أما “سعاد حسني” فعلى الرغم من أن غزارة إنتاجاتها السينمائية لم تعد كما كانت، إلا أن السبعينيات شهدت تحولًا في مسارها، والانتقال من أفلام وأدوار تتسم بالخفة والمرح، إلى ما هو أكثر نضجًا وعمقًا والتوغل في ساحة السينما الواقعية، مثل “غروب وشروق” و “الاختيار” و”شقيقة ومتولي” و”أين عقلي” و”على من نطلق الرصاص”، فضلًا عن أن أفيشات أفلامها في هذه الفترة، عرفت استحواذًا أكبر من جانبها، بعكس فترة الخمسينيات والستينيات، مثل أفلام “خلي بالك من زوزو” و”أميرة حبي أنا” و”غرباء” و”شفيقة ومتولي” و”المتوحشة”.
فاتن حمامة.. مازالت “سيدة الأفيش” رغم قلة الإنتاج
الاستئثار بالأفيش الذي ارتبط في الذاكرة، بــ”عزيزة أمير” و”اَسيا” في الثلاثينيات، و”أم كلثوم ” في الأربعينيات و”فاتن حمامة” في الخمسينيات والستينيات” و”ماجدة” و”نادية لطفي” في الستينيات، يكاد يكون اختفى في السبعينيات إلا في حالات قليلة.
واستمرت “فاتن حمامة” في قيادة هذا النهج كما نلحظ في أفيشات “الخيط الرفيع” من إنتاج عام 1971، و”إمبراطورية ميم” من إنتاج 1972، و”أريد حلًا” من إنتاج عام 1975، و”أفواه وأرانب” المنتج في عام 1977.
ويلحظ أن أفيشي “الخيط الرفيع” و “إمبراطورية ميم” نفذهما المصمم المفضل إلى “حمامة” وهو “عبد العزيز”، أحد أكثر المصممين بساطةً وعمقًا في الوقت ذاته. في هذين الأفيشين تمسك بالبساطة بلا ضجيج وصخب، وفي “الخيط الرفيع” للمخرج هنري بركات، وضع “عبد العزيز” صورةً لــ”فاتن حمامة” في كامل أناقتها خلفية لصورتها تمارس رياضة الغولف، التي ظهرت في الفيلم هوايتها، واسمها باللون البنفسجي بحجم لافت وقد أرفقه بلقبها “سيدة الشاشة المصرية”، وكتب في أعلى الأفيش جملة من مقدمة الرواية المأخوذ عنها الفيلم لــ”إحسان عبد القدوس” وهي “بين الحب وغريزة التملك .. خيط رفيع”، وهذا الأسلوب تكرر في عدد من الأفلام المأخوذة عن روايات لــ”إحسان عبد القدوس مثل “أختي” الذي أنتج في نفس العام، وأخرجه أيضًا “بركات” وكان من بطولة “نجلاء فتحي”.
الاسم واللقب، وضعهما بنفس الشكل المميز على أفيش “امبراطوية ميم”، وفي جلسة ملكية توسطت “حمامة” صورة جماعية “أسرية”، حيث ظهر حولها جميع من قاموا بأدوار أبنائها، وأحاط الصورة ببرواز، وخارجها الأسماء.
أيضـــــــــــًا.. فاتن حمامة.. سيدة الأفيش المصري
أما أفيش فيلم “أريد حلًا” فقد صممه “عبد العزيز” أيضًا، لكن تولى تنفيذه “وهيب فهمي” وهو أحد أشهر منفذي الأفيشات في تاريخ السينما المصرية، فيما صمم أفيش فيلم “حبيبتي” “جسور”، الذي تتبين بصمته في دقة الملامح المرسومة للبطلة والبطلة “فاتن حمامة” و”محمود ياسين” وهي عادته، وفي اختياره للألوان التي تجذب المشاهد إلى الحالة التي يبعثها الفيلم، فضلًا عن التناغم بين اسم الفيلم وعناصر الأفيش.
“جسور أيضًا” هو من نفذ أفيش فيلم “أفواه وأرانب”، وقد اهتم بالوجوه والملامح، لكن من خلال صور فتوغرافية من الفيلم، وقد أسند المساحة الأكبر لـ”حمامة” مع حجم أكبر لاسمها المتقدم على اسمي “محمود ياسين” و”فريد شوقي”.
سعاد حسني.. “تحول المسار”: أفلام أضاءت بها صحيفة السينما وأفيشات تثبت الحضور الطاغي
كما ذكرنا، فقد شهد مسار “سعاد حسني” السينمائي تحولًا كبيرًا خلال السبعينيات، وتقدمت “حسني” بخطوات ثابتة نحو السينما الواقعية، ومع ذلك لم تتخل عن تقديم أفلام غنائية واستعراضية، كان من أبرزها “خلي بالك من زوزو” من إنتاج عام 1972، الذي يعد أكثر أفلام السبعينيات رواجًا، بعد أن تجاوز عرضه 54 أسبوعًا، واختير ضمن قائمة أفضل 100 فيلم مصري، ويذكر هذا الفيلم عند الحديث عن حقبة السبعينيات سينمائيًا أكثر من أي فيلم اَخر لما أحدثه من نجاح منقطع النظير، وعلى إثره ارتفعت أسهم ونجومية “حسني”، وظهر ذلك على أفيشات الأفلام التي لحقت “زوزو”، مثل “غرباء” إنتاج عام 1973، و”أميرة حبي أنا” إنتاج 1974، ، و”الكرنك” إنتاج عام 1975، و”المتوحشة” إنتاج 1979، وإما استأثرت “سعاد حسني” بمساحة الأفيش لها وحدها، أو استحوذت على الجانب الأكبر.
وهذا على عكس وضعية “حسني” غير المستقرة في الستينيات، على الرغم من أن عدد الأفلام التي قدمتها في تلك الفترة أكثر وامتلاكها حينذاك لجماهيرية واسعة، بينما بقي حضورها على الأفيش متأرجحًا.
“مرفت أمين” و”نجلاء فتحي”.. أكثر “النجمات” حضورًا على الأفيشات لكن يبقى “النجوم” أقوى!
تصدرت “مرفت أمين” و”نجلاء فتحي” قائمة نجمات هذه الفترة، بمشاركة في عدد كبير من الأفلام إلى جانب النجمين الأكثر بريقًا في هذه المرحلة؛ “محمود ياسين” و”نور الشريف”. وعلى الرغم مما حققتاه من تفوق عن كثيرات من بنات هذا الجيل، لم يسلكا مسلك كبيرات النجمات في السابق في فرض حضورًا خاص وقوي على الأفيش السينمائي، وهذا تحديدًا مع “أمين” فيما تفردت “فتحي” بالأفيش أكثر من مرة.