الچندر.. هل يقود «هيلاري كلينتون» إلى كرسي الرئاسة أم يحرمها منه؟
يسلم العالم بحقيقة أن اﻟﻨﺴﺎء ﻓﻲ اﻟﻮلاﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة أﻛﺜﺮ ﺗﻘﺪًﻣﺎ ﻓﻲ مختلف المجالات عن الأخريات، وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺪ ﻫﻮ الأﻛﺜﺮ ﺗﺸﺪًﻗﺎ ﺑﺤﻘﻮق المرأة وﺣﺮﻳﺗﻬا، إلا أن ﺗﺮﺷﺢ “ﻫيلاري ﻛﻠﻴﻨﺘﻮن” ﻟﻠﺮﺋﺎﺳﺔ، ﻛﺸﻒ أن الأﻣﻮر ﻟﻴﺴﺖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻠﻖ، ﻓﺎﻟﺮﺟﺎل هناك ﻣﺎزال كثير منهم ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻘﺒﻠﻴﻦ ﻟﻔﻜﺮة ﺣﻜﻢ اﻣﺮأة للدولة الأكبر والأهم في العالم، ورﺑﻤﺎ هؤلاء هم أبرز المعوقات في طريقها إﻟﻰ ﻛﺮسى الرﺋﺎﺳﺔ.
لم تعرف الولايات المتحدة الأمريكية منذ عقود مرشحين يتميزون بالكفاءة مثل “هيلارى كلينتون” فقد انتُخِبت في مجلس الشيوخ مرتين، وهي السيدة الأولى خلال ولايتين للرئيس الأسبق “بيل كلينتون”، ووزيرة خارجية خلال الولاية الأولى للرئيس “باراك أوباما”، وهي أول امرأة تُرشح لحزب أمريكي كبير لانتخابات الرئاسة، ومع كل ذلك لا تزال عاجزة عن إقناع شريحة كبيرة من الرجال بقدرتها على تولي زمام الحكم.
سجل حكم النساء للولايات المتحدة “صفر”
الغريب أن اﻟﻮلاﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة ﺣﺘﻰ الاَن ﻟﻢ تحكمها اﻣﺮأة، في الوقت الذي تعد فيه أوروبا حاضنةً للنساء الحاكمات في عدة دول منها مثل؛ أيرلندا التي تعتبر الدولة الوحيدة التى حظت بسيدتين فى موقع الرئاسة منذ بداية التسعينيات وحتى 2011، وهما ماري روبنسون كأول رئيسة لأيرلندا فى 1990 وحتى 1997 وبعدها جاءت مارى ماكليس والتى شغلت هذا المنصب حتى 2011.
وألمانيا التي تتقلد فيها “أنجيلا ميركل” منصب المستشارة منذ عام 2005 وحتى الاَن، وهي أول امرأة تبلغ هذا المنصب، وفي بريطانيا، يأتي اسم “مارجريت ثاتشر” والملقبة بــ”المرأة الحديدية، وهي أول رئيسة وزراء للمملكة المتحدة والأطول فى المنصب منذ 1979 وحتى 1990، وهي أيضًا أول رئيس وزراء في بريطانيا يفوز بثلاث ولايات متتالية.
حتى القارة الاَسيوية ضربت نموذجًا في تمكين المرأة من الحكم، فتتقلد حاليًا منصب الرئيس في كوريا الجنوبية “باك غن هي”، منذ عام 2013، وفي الفلبين حكمت “كورازون أكينو” منذ عام 1986 وحتى 1992، وفي باكستان ذلك البلد الإسلامي وصلت “بنظير بوتو” إلى منصب رئيس الوزراء لولايتين الأولى في 1986، والثانية في 1993، فيما تقلدت “ميجاواتي سوكارنوبوتري” رئاسة إندونيسيا في 2001 واستمرت حتى 2004.
هل الرجال في أمريكا على استعداد أن ترأسهم امرأة؟
الجندر هو إحدى العقبات الرئيسة التي واجهتها “هيلارى كلينتون” قبل أن تحصد ترشيح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأمريكية، إذ رجحت بعض الأبحاث فى علم الاجتماع أن الرجال فى أمريكا يعارضون التهديدات المحتملة لذكوريتهم، وهو ما يثير القلق بشأن المواجهة الأخيرة بينها وبين المرشح الجمهوري “دونالد ترامب” في نوفمبر المقبل.
واوضحت تلك الأبحاث، أن هناك بعض الرجال يشعرون بأن دورهم الذكوري المبنى على الجندر قد يتعرض للتهديد من قِبل الزوجة أو الرفيقة الناجحة فى عملها أو التي تكسب مالًا أكثر، لذلك فهذا النوع هو أكثر عرضة لتبني التبريرات الدينية والاجتماعية التي تدعم التفوق الذكوري.
الدعم والهجوم .. لأنها “امرأة”
أكد “روبرت لومانجينو” أحد أشد أنصارها أنه واثق تمامًا من أنها تعاني من كونها امرأة ويقول الناس ينتقدونها أكثر بكثير وهم للأسف أكثر قسوة حيالها منهم حيال أي مرشح آخر.
المرشح المنافس “ترامب” يمارس عنفًا قائمًا على النوع الاجتماعي ضدها، من خلال تصريحاته العدائية المستمرة ومن بينها ما قاله عن أنها لو كانت رجلًا، فلا يمكن لها أن تحصد 5 % من الأصوات، ومرارًا قال “ترامب” أن “كلينتون” تلعب بورقة المرأة المرشحة للرئاسة، لكسب أصوات مؤيدي التوجه الداعم لبلوغ النساء سدة الحكم، بينما تفتقد للكفاءة.
التقى الراديو الوطني العام (NPR) العشرات من النساء في ولايات مختلفة، وسألهم عن دوافع ترشيحهن لــ”كلينتون”، فقال بعضهن أنهن يفضلنها فقط لأنها امرأة، وقالت أخريات أنهن يدعمن وزيرة الخارجية السابقة بسبب خبرتها وذكائها المعروف، لكن جميعهن أكدن أنهن سيصوتن لـها لأنها الأكثر تفهمًا لـ”قضايا المرأة”.
ركزت “هيلاري كلينتون” على عدد من حقوق النساء، في خطاباتها، وأبرزها الحقوق الصحية والإنجابية، وأكدت أنها ستقف في وجه محاولات الجمهوريين لمنع الدعم المادي لوسائل تنظيم الأسرة، بما يحد الوصول إلى الرعاية الصحية الضرورية للكشف عن السرطان، ووسائل منع الحمل، والإجهاض القانوني الآمن، مشددةً على أنها ستولي اهتمامًا لتوفير تلك الرعاية بأسعار معقولة.
أيضًا مسألة الفجوة في الأجور بين النساء والرجال، أكدت “كلينتون” أنها ستعمل على تعزيز الشفافية في توزيع الأجور في مختلف قطاعات الاقتصاد، لمكافحة التمييز ضد النساء في أماكن العمل.
التيار النسوي يراهن عليها
تحاول التيارات النسوية أن تحقق هدفها في تمكين المرأة من الوصول إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك عبر “هيلارى كلينتون” اعتمادًا على حملات تأييد واسعة، على الأرض وفي الفضاء الإلكتروني على حد سواء، فمسألة بلوغها منصب الرئاسة، ستؤكد على قدرة المجتمع الأمريكي على تجاوز التمييز ضد النساء، فهل ستصبح “كلينتون” أول رئيسة للولايات المتحدة؟