الحكــــــي ثــــورة..«اَنسة ولا مدام؟» عرض تبوح فيه الألسنة بالوجع القابع خلف أسوار الذكورية (بالصور)
قدم مشروع بصي يوم الأربعاء الماضي، أحدث عروضه “مدام ولا اَنسة؟”، على مسرح المركز الثقافي الفرنسي بالمنيرة وسط حضور جماهيري كثيف، حتى أنه من شدة الزحام لم يكن هناك موطئًا لقدم خارج المسرح أو داخله.
7 حكاءات يروين مواقف وقصص متصلة منفصلة، في 50 دقيقة هي مدة العرض، الملابس البيضاء قاسم مشترك بينهن، وطرحة العروس طوقت رأس كل واحدة فيهن، والزغاريد عبأت المكان لتعكس حالة الصخب التي تحيط بكل “عروس” تتمسك بالصمت ونظرة فى المدى تكشف عن تيه واغتراب.
نوهت المخرجة “سندس شبايك” قبل العرض، أن المواقف والحكايات الواردة جميعها واقعية، لفتيات متواجدات بين الجمهور.
الفتيات السبع لعبن العديد من الأدوار، وتبادلن بعضها، ومنهن من قدم شخصيات “ذكور”، كل هذا فى إطار تجسيد المواقف التى تبرز التمييز والعنف ضد المرأة في مجتمعنا.
بدأ العرض برفع اللثام عن المحاكمة “اللفظية” التي ينفذها أفراد المجتمع رجالًا ونساءً بحق الفتيات غير المتزوجات، وأول القول فيها “هو أنتِ مدام ولا اَنسة؟”
تظهر إحدى بطلات العرض تسأل صديقتها العروس مجموعة من الأسئلة، وكأنها توجهها لنفسها، تكشف عما يجول بخاطرها، ويشغل عقلها؛ البحث عن التحرر من سطوة الأسرة، وفي الوقت نفسه الخوف من قصر عمر الحب وتبدل حال الزوج.
من نفس المنطلق، تحكي أخرى تجربتها، عندما أقدمت على طلب “الزواج” من رجل، باحثة عن الخلاص من قيود الأسرة، وكلام الناس ونظرة المجتمع وتختصر الأمر في سطر واحد “ورقة الجواز بالنسبة ليا حرية”.
نظرة المجتمع للفتاة ومحاسبته لها على الكلمة والتصرف والمظهر، كانت محورًا رئيسًا فى حكايات الفتيات، وفي أحد المواقف يظهر مدير العمل يتحرش بالموظفة التى استقلت عن أسرتها وتعيش مع مجموعة فتيات أخريات، ليكشف عن ضحالة فكر وسطحية تصور له الفتاة المستقلة “ساقطة”.
الفتيات المستقلات يعانين أيضًا من تشكك الجيران، ونظرتهم “الدنيوية” لهن، حتى حارس العقار، يراقبهن، ويتعقبهن ويزعجهن بكلامه السقيم، وتدخله غير المبرر فى شؤون حياتهن وعلاقاتهن، بغية “تطفيشهن”.
التحرش والختان حاضرين بين الحكايات، الشعور بـــ”النقصان” بعد البتر الذى تم إثر إخضاع إحداهن لعملية “ختان”، وبكلمات موجعة تستعيد فتاة منهن حادثة تحرش جسدي تعرضت لها في صباها على سلالم البناية التي تسكنها، الحديث لم يفصح فقط عن الاَلم الذى تسبب فيه الحدث نفسه، بل الاَلم الناجم عن ردة فعل الأم التي اعتبرت الأمر “فضيحة”، ورفضت الاعتراف بما جرى قائلة “هنقول أنه كان عايز ياخد الشنطة”.
يتطرق العرض على لسان إحدى الحكاءات إلى أزمة كراهية “أنوثتها”، والحلم الذى راودها مرارًا بأن تجري عملية تحويل جنس لتصبح “ذكرًا”، حتى تعيش بحرية مطلقة وتضمن الأمان فى الشارع.
“هو دا فعل حب ولا فعل أذى؟!” سؤال رددته إحداهن خلال حكيها قصة توثق تعايش الأنثى مع العنف الأسري، والعديد من الجمل الأخرى التي تمثل فى حد ذاتها قصصًا تحكي نفسها بنفسها، ومن بينها؛ “أنا مش خايفة منهم .. أنا خايفة من نفسي .. من مواجهتي لنفسي .. مش عايزة أصعب على نفسي .. ولا عايزة أصعب على حد”.. “أنا غلط عشان أنا جميلة” .. “مفيش طلاق .. معندناش حاجة اسمها مطلقات فى العيلة”..”حاسة أني طول الوقت في حالة حرب “.. “أنتِ عارفة اللي هيحصل؟ .. مش مهم هو عارف”.