قصة واقعية..الزواج المبكر والحرمان من التعليم أمر واجب النفاذ بحكم الأب
زمن مضى ، تتذكره سيدة في العقد الرابع من العمر، تسرد قصتها، قبل أكثر من 35 عامًا وقتما كانت فى الــ13 من العمر، وتبدأ من ذلك اليوم المشؤوم – على حد وصفها – الذى غير حياتها كليًا.
يوم دراسي عادى فى حياة فتاة من فتيات الصعيد، أنهت يومها الدراسي وعادت لمنزلها، وقبل أن تسير بقية تفاصيل اليوم كعادتها، فوجئت بوالدها يخبرها عن تقدم شاب لخطبتها، يكبرها بنحو 15 عامًا، ولم يكن يخبرها من باب استطلاع رأيها وإنما لإعلامها بقراره بالموافقة على الزواج وتحديد موعد خطبتها الذى لا يفصله سوى يوم واحد عن يوم علمها بالخبر.
نزل عليها الخبر كالصاعقة وسكن اللسان داخل الفم دون أن ينطق ببنت شفه واستسلمت الفتاة لمصيرها المحتوم وتمت الخطبة فى موعدها، ولحق بالمصيبة المصيبة الأخرى التى تلتصق كالتوأم بزواج القاصرات وهى الخروج من المدرسة والحرمان من التعليم .
فما أن مر شهرين على الخطبة، واتخذ أهلها القرار بعدم ذهابها للمدرسة مرة أخرى والتوقف عند هذا الحد من التعليم استعدادًا للزواج، وحددوا سريعًا موعد زفافها، كل هذا وهي لم تر خطيبها سوى مرتين أو ثلاث مرات لا أكثر، كل هذا وهى لم تتعد الــ13 أى فتاة قاصر.
المسكينة مثل كثيرات غيرها سابقًا وحاليًا، لم يكن لديها أي خيار وهي صغيرة السن، قدر لها أن تكون من بنات الصعيد اللواتى تقيدهن العادات والتقاليد وكلمة الأب الأولى والأخيرة لذا سارت فى الطريق الذى رسمه والدها لها دون حتى أن يستشيرها مجرد المشورة فى أمرها.
وتزوجت الصغيرة وتركت المدرسة والتعليم تنفيذًا لأمر الأب وانتقلت للعيش مع رجل غريب لا تعرفه ولا يعرفها ، وتقول عن ليلة الزفاف “ليلة مرعبة بشعة ” تشعر بأن اَلام تلك الليلة أضحت جزءاً لا يتجزأ من حياتها رغم مرور السنين.
ورغم ما يقال عن أن الأطفال يخمدون نيران مثل تلك الاَلام إلا أن إنجابها لأربعة أطفال لم يمنع المعاناة أو يقلل منها بل ربما ساهم فى مضاعفتها ، فتوزعت معاناتها بين الحمل المبكر الذى كان قاسياً على طفلة فى مثل سنها، والإنجاب ومخاطره وما تبع ذلك فى رعاية الأطفال وتربيتهم فكيف لطفلة لم تتم تعليمها و لازالت فى طور المراهقة أن تدرك أصول التربية.
فضلاً عن ذلك الزوج الذى كان يمارس ساديته بكل وحشية، يهينها مرارًا و يتعدى عليها بالضرب طيلة 35 عامًا، هذا بالإضافة لشكه الدائم فيها وغيرته الشديدة فكلما سافر لمحافظة أخرى أو بلد اَخر، حدد لها عدد مرات الخروج من المنزل ومنعها من زيارة أهلها واشترط عليها عدم الحديث لأى أحد.
حتى أتت ابنتها للدنيا وحولت مسار القصة لما أنجبت الفتاة “طفلة”، فى بادئ الأمر حزنت حزنًا شديدًا، خوفًا على صغيرتها من مصيرها التعيس وكانت تلك الطفلة نقطة تحول فى حياة الفتاة البائسة، كاسفة البال، حتى تحولت المهزومة إلى متمردة، وقفت بكل حزم وقوة فى وجه زوجها حتى تحمى ابنتها من بطشه ورغبته فى حرمانها من التعليم حتى تحميها من التحول لشخص بلا هوية، بلا وعى كالصلصال فى يد زوج لا يعرف للحق والإنسانية عنوان، ومن بعدها تصدت بكل ما أوتيت من قوة لمحاولات زوجها تزويج الفتاة مبكرًا وبالفعل لم تتزوج ابنتها إلا بعد التعليم الجامعى، لتنتصر البريئة المهزومة على طول الخط، التى ظلمها أهلهاأولًا بحرمانها من التعليم وثانيًا بتزويجها عنوة فى سن مبكرة جدًا، وأكثر من الظلم رجل لا يعرف معنى الرجولة ويعانى من السادية، أعمى الضمير والحس لم ير فيها الطفولة المكبوتة وإنما رأى فيها فقط الجسد.