تسلسل زمني: فصول من مسيرة السعي إلى تحقيق المساواة الجندرية في الألعاب الأولمبية
كتبت – آلاء حســن
صرحت اللجنة الأولمبية الدولية (IOC) في الـ8 من مارس الماضي، الذي يوافق اليوم الدولي للمرأة، بأن أولمبياد طوكيو 2020 المؤجلة ستكون أول دورة ألعاب أولمبية متوازنة جندريًا، في إشارة إلى نسبة الرياضيات المتوقع مشاركتهن، والتي أشارت اللجنة إلى أنها ستقترب من 49 في المئة لأول مرة في تاريخ الألعاب الأولمبية، التي بدأت دورتها الأولى قبل 125 عامًا بقرار يقصر المنافسة على الرجال.
ناضلت النساء لا سيما الرياضيات طويلًا من أجل الوصول إلى: المناصفة العددية في الأولمبياد، والتمكّن من فرص تدريب مماثلة للتي يحظى بها الذكور للتأهل إلى البطولة، والمنافسة في جميع الألعاب المدرجة ضمن البرنامج الأولمبي، والمشاركة في شتى السباقات بغض النظر عن الميول الجنسية، أو الهوية الجندرية، أو الانتماء الديني، أو العرق، أو اللون.
هذا النضال المتشعب اخترنا منه دربًا واحدًا وتتبعناه، لنتعرف إلى محطات ومواقف قادت إلى الاقتراب الشديد من التوازن بين الجنسين في الألعاب الأولمبية، تحديدًا بين اللاعبين الإناث والذكور، إذ لا يزال تمثيل النساء في الهياكل الإدارية والتحكيم يتقدم ببطء.
1896
لم تشارك النساء في الدورة الأولى للألعاب الأولمبية التي انعقدت في صيف هذا العام في العاصمة اليونانية أثينا، نتيجة قرار تعسفي اتخذته اللجنة الأولمبية الدولية (IOC) بمنع النساء من المنافسة في أي لعبة.
وردًا على المطالبات النسوية بإشراك النساء في البطولة، قال مؤسس الألعاب الأولمبية الحديثة، بيير دي كوبرتان، إن مشاركة النساء في المنافسات «أمر غير عملي وغير ممتع وغير جمالي وغير لائق.»
1900
شاركت النساء لأول مرة في الألعاب الأولمبية في دورتها الثانية، بعد أن أذعنت اللجنة الأولمبية الدولية (IOC) لضغوط بعض الرياضيات والناشطات النسويات، إلا أنها وافقت على إفساح مجال محدود أمامهن، فخصصت مسابقتين فقط للنساء، هما التنس والجولف في مقابل 95 مسابقة للرجال، فضلًا عن ثلاث مسابقات مختلطة هي القوارب الشراعية، والكروكيه، والفروسية. وقد بلغ عدد المشاركات في هذه الدورة 22 لاعبة من إجمالي اللاعبين المشاركين البالغ عددهم 997، مما يعني أن نسبة مشاركتهن كانت 2.2 في المئة فقط.
وفي الـ22 من مايو، صارت السويسرية هيلين دو بورتاليس أول امرأة تنافس في الألعاب الأولمبية وأول بطلة أولمبية، بعد أن حصلت مع فريقها على الميدالية الذهبية، في سباق القوارب الشراعية وزن 1-2 طن.
في هذه الدورة أيضًا، أضحت البريطانية شارلوت كوبر أول بطلة فردية في تاريخ الألعاب الأولمبية الحديثة، بعد أن فازت في مسابقة التنس الفردي للسيدات.
1919
بدأت الرياضية والناشطة النسوية الفرنسية أليس ميليات، التواصل مع اللجنة الأولمبية الدولية والرابطة الدولية لاتحادات ألعاب القوى، لإقناعهم بتوسيع مشاركة النساء، وإدراج ألعاب القوى ضمن المسابقات النسائية في الألعاب الأولمبية، إلا أنها خرجت من هذه الحوارات خالية الوفاض.
1921
دشنت أليس ميليات الاتحاد الدولي للرياضات النسائية، ونظمت من خلاله أول دورة ألعاب عالمية للسيدات، احتجاجًا على منع النساء من المنافسة في معظم مسابقات الألعاب الأولمبية الدولية.
1922
أقام الاتحاد الدولي للرياضات النسائية بقيادة أليس ميليات، الدورة الأولى لـ«الألعاب الأولمبية للسيدات» في العاصمة الفرنسية باريس، بمشاركة 77 لاعبة من خمس دول هي: بريطانيا، وسويسرا، وفرنسا، وإيطاليا، والنرويج.
حققت البطولة أصداء واسعة ونجحت في استقطاب مشجعات ومشجعين، قدرت أعدادهم بالآلاف. لكن اللجنة الأولمبية الدولية والاتحاد الدولي لألعاب القوى اعترضا بشدة على تسمية الحدث بــ «الأولمبي»، ومارسا ضغوطًا كبيرة على أليس ميليات حتى تغيّر الاسم، فاضطرت في نهاية المطاف إلى استبدال كلمة «الأولمبية» بكلمة «العالمـ/ية»، ليصبح اسم البطولة «الألعاب العالمية للسيدات – Women’s World Games».
1924
انعقدت دورة جديدة للألعاب الأولمبية الدولية في باريس، وسط مشاركة لا تزال محدودة للنساء، إذ بلغ عدد اللاعبات 135 من إجمالي المشاركين الذين وصل عددهم إلى 3089.
وفي هذا العام أيضًا، أقيمت لأول مرة الألعاب الأولمبية الشتوية، وخُصِصَ للنساء مسابقة التزلج على الجليد فقط، وأصبحت المتزلجة النمساوية هيرما سابو أول بطلة في الأولمبياد الشتوية.
1925
خرج مؤسس الألعاب الأولمبية بيير دي كوبرتان من لجنتها الدولية، ليرحل بذلك العضو الأكثر معاداة لمشاركة النساء في الأولمبياد، عن اللجنة المنظمة لها.
1926
انعقدت الدورة الثانية لـ«الألعاب العالمية للسيدات» في مدينة غوتنبرج السويدية، بمشاركة لاعبات من عشر دول، تنافسن في مختلف الألعاب الرياضية، على عكس التضييق الذي كانت تواجهه اللاعبات في الألعاب الأولمبية.
حققت هذه الدورة نجاحًا كسابقتها التي أقيمت في العام 1922، فتضافر هذا النجاح المثير للانتباه مع خروج دي كوبرتان، ليغيرا اتجاهات اللجنة الأولمبية الدولية تجاه مشاركة النساء في الألعاب الأولمبية.
1928
وصلت نسبة مشاركة الرياضيات في دورة الألعاب الأولمبية، التي أقيمت في هذا العام في العاصمة الهولندية أمستردام، إلى 10 في المئة لأول مرة منذ انطلاق الأولمبياد قبل 32 عامًا.
1930
نظم الاتحاد الدولي للرياضات النسائية الدورة الثالثة لـ «الألعاب العالمية للسيدات»، فاستمر النجاح الرياضي والإعلامي، مما أجبر اللجنة الأولمبية الدولية إلى مراجعة قراراتها، واقتراح إجراء بعض الإصلاحات فيما يتعلق بالمشاركة النسائية، ولكن بشرط أن يوقف الاتحاد الدولي للرياضات النسائية بطولة «الألعاب العالمية للسيدات».
1934
انعقدت الدورة الرابعة والأخيـرة لـ«الألعاب العالمية للسيدات»، ولا يوجد سبب مؤكد بشأن دافع أليس ميليات لإيقافها، إذ تشير بعض المصادر إلى أن أليس قررت أن توقف البطولة لأسباب صحية تخصها، وتشير مصادر أخرى إلى أنها قررت ذلك بعد أن بدأ دعم البطولة يتراجع، نظرًا لتوسيع اللجنة الأولمبية الدولية مشاركة النساء في الألعاب الأولمبية، وتمكينها لهن من المنافسة في مزيد من المسابقات دورة بعد الأخرى.
1964
أصبحت لاعبة الجمباز السوفيتية لاريسا لاتينينا، الأكثر تتويجًا بالميداليات الأولمبية بعد فوزها بست ميداليات في الدورة التي انعقدت في هذا العام، في العاصمة اليابانية طوكيو، حيث وصل إجمالي الميداليات التي حصلت عليها منذ مشاركتها الأولمبية الأولى في العام 1956 إلى 18 ميدالية، وقد ظلت لاريسا هي أكثر من حصل على ميداليات أولمبية سواء فردية أو مع فريق لما يقترب من نصف قرن، إذ لم يتجاوزها أي لاعبة أو لاعب حتى العام 2012، حينما صار إجمالي ما حصل عليه السباح الأمريكي مايكل فيلبس 22 ميدالية أولمبية.
1979
نصت اتفاقية دولية لأول مرة على حق المرأة في ممارسة الرياضة والمشاركة في ألعابها، وهي الاتفاقية المعنية بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW)، إذ نصت في مادتها الـ(10) على حق الفتيات في الفرص ذاتها التي تتوفر للذكور، للمشاركة النشطة في الألعاب الرياضية والتربية البدنية، كما نصت في مادتها الـ(13) على حق النساء في الاشتراك في الأنشطة الترويحية والألعاب الرياضية وجميع جوانب الحياة الثقافية.
1981
سجل هذا العام دخول أول امرأتين إلى اللجنة الأولمبية الدولية، بعد أن استحوذ الرجال على عضويتها منذ تأسيسها في العام 1894، وهما؛ الرياضية والصحافية الفنزويلية فلور إسافا فونسيكا، ولاعبة ألعاب القوى الفنلندية بيرجو هاجمان.
1991
قررت اللجنة الأولمبية الدولية إلزام الاتحادات الرياضية التي تتقدم بطلبات لإدراج رياضاتها ضمن البرنامج الأولمبي (أي الانضمام إلى الألعاب الأولمبية)، بإلحاق النساء بها كشرط أساسي. لكن إشكالية القرار التي انتقدتها كثير من الرياضيات آنذاك، هي أنه لم يشمل الرياضات المنضمة بالفعل إلى البرنامج الأولمبي قبل العام 1991.
1996
عقدت اللجنة الأولمبية الدولية (IOC) مؤتمرها العالمي الأول حول «المرأة والرياضة»، وركزت من خلاله على ثلاثة محاور هي: رفع الوعي بدور المرأة في الرياضة، وتقييم التقدم المحرز في مجال المساواة بين الجنسين في الرياضة، وتحديد الإجراءات المستقبلية ذات الأولوية للنهوض بوضع المرأة في الرياضة.
2004
تنافست النساء لأول مرة في المصارعة النسائية، خلال الدورة التي أقيمت في هذا العام واحتضنتها العاصمة اليونانية أثينا، وذلك بعد سنوات طويلة من الرفض والممانعة لضم هذه الرياضة إلى البرنامج الأولمبي بزعم أنها رياضة ذكوريــة.
شهدت أيضًا هذه الدورة مشاركة رياضيتين من أفغانستان لأول مرة، وهما العداءة روبينا مقيميار، ولاعبة الجودو فريبا رضائي.
جدير بالذكر أن اللجنة الأولمبية الدولية علقت عضوية أفغانستان في العام 1999 ومنعتها من المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية التي انعقدت في سيدني في العام 2000، على خلفية العنف والتمييز الهائلين الذين كانت تمارسهما حركة طالبان ضد النساء إبان فترة حكمها للبلاد فيما بين العامين 1996 و2001، حيث شمل حينها التمييز ضدهن الحرمان من ممارسة أي نوع من الرياضة.
لكن اللجنة أعادت تفعيل عضوية أفغانستان في العام 2002، عقب سقوط حركة طالبان وعودة النساء لممارسة كثير من حقوقهن الأساسية التي حالت الحركة بينهن وبينها.
2008
سجلت دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت في هذا العام، بالعاصمة الصينية بيجين، مشاركة ملحوظة للاعبات المحجبات وحضور أكبر من أي دورة سابقة، وهو ما فتح حوارًا واسعًا وقتها حول أحقية النساء في المشاركة بالبطولات الدولية عمومًا من دون تمييز أو تقييد على أساس المظهر.
شاركت في هذه الدورة ست لاعبات محجبات من مصر، وثلاث من إيران، ولاعبة من أفغانستان، وأخرى من البحرين.
2012
كانت أولمبياد لندن 2012 هي أول دورة للألعاب الأولمبية تشهد إرسال جميع اللجان الأولمبية الوطنية للاعبات للمشاركة في مختلف المسابقات النسائية والمختلطة.
وكانت هذه هي الدورة الأولى التي ترسل فيها بروناي والسعودية وقطر رياضيات ضمن بعثاتها، إذ لم يسبق لهذه البلدان تمكين النساء من المشاركة في وفودها الأولمبية.
2014
اعتمدت اللجنة الأولمبية الدولية أجندة تخطيط جديدة بعنوان «الأجندة الأولمبية 2020»، وبموجب توصيتها الـ(11)، تعهدت اللجنة الأولمبية الدولية بالعمل مع الاتحادات الدولية لتحقيق مشاركة نسائية بنسبة 50 في المئة في الألعاب الأولمبية بحلول العام 2020، كما تعهدت بالاضطلاع بدورها في تحفيز مشاركة المرأة وانخراطها في الرياضة، من خلال خلق مزيد من فرص المشاركة في الألعاب الأولمبية وزيادة المنافسات المختلطة فيها.
2016
وصلت نسبة الرياضيات المشاركات في دورة الألعاب الأولمبية التي انعقدت في هذا العام في العاصمة البرازيلية ريو دي جانيرو، إلى 45 في المئة.
استغلت اللجنة الأولمبية الدولية هذا الرقم للتدليل على نجاحها في المضي قدمًا باتجاه تحقيق المساواة بين اللاعبات واللاعبين.
فضلًا عن ذلك، وافق المجلس التنفيذي في اللجنة الأولمبية الدولية على تعديل أحد أهداف «الأجندة الأولمبية 2020»، ليصبح من أولويات اللجنة تمثيل النساء بنسبة 30 في المئة كحد أدنى داخل الإدارات التابعة لها بحلول العام 2020.
2017
أطلقت اللجنة الأولمبية الدولية مشروع مراجعة المساواة الجندرية (Gender Equality Review Project)، بهدف إعادة النظر في الخطوات الرامية إلى تحقيق المساواة بين الجنسين في الحركة الأولمبية، وتقييم مدى فاعليتها.
2020
اقتربت اللجنة الأولمبية الدولية من تحقيق التمثيل المتوازن داخل اللجان الرياضية التابعة لها، إذ وصلت نسبة النساء في هذه اللجان إلى 47.7 في المئة.
في شهر مارس، اتخذ المجلس التنفيذي في اللجنة الأولمبية الدولية قرارًا جديدًا يتعلق بالمساواة بين الجنسين وهو «تعديل إرشادات بروتوكول اللجنة الأولمبية الدولية، لتمكين اللجان الأولمبية الوطنية بترشيح رياضي ورياضية ليرفعا سويًا علم الدولة التي يمثلانها في حفل الافتتاح.»
2021
في اليوم الدولي للمرأة الذي يصادف الـ8 من مارس، أعلنت اللجنة الأولمبية الدولية (IOC) أن 48.8 في المئة من الرياضيين الذين سيشاركون في أولمبياد طوكيو، سيكونون من النساء.
وفي شهر يونيو، أصبحت لاعبة رفع الأثقال النيوزيلندية لوريل هوبارد أول رياضية عابرة جنسيًا يتم ضمها إلى بعثة إحدى الدول المشاركة في الألعاب الأولمبية، استنادًا إلى قرار اللجنة الأولمبية الدولية الصادر في العام 2015، بتعديل قواعدها والسماح للعابرات جنسيًا بالمشاركة في الأولمبياد، ولكن بشروط ترتبط بمستوى هرمون التستوستيرون الذكوري، وهو ما يراه كثيرون شرطًا تمييزيًا.
أعلنت كندا لاحقًا مشاركة لاعبة الرماية العابرة جنسيًا ستيفاني باريت، وستضم أيضًا بعثة الولايات المتحدة راكبة الدراجات الهوائية العابرة جنسيًا تشيلسي وولف.