«مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة هو بمثابة المركز الرئيس (HUB) لصانعات الأفلام، هو أشبه بمكان تتحرك فيه النساء بحرية، هو مساحة آمنة تعرض فيها صانعات الأفلام أعمالهن؛ كما تستطيع المرأة أن ترفع صوتها من خلاله، ويُمكّنها أن تكشف عن حقوقها الضائعة، وأن تعلن عدم مساواتها بالرجل رغم الكفاءة. هدفنا كمهرجان نوعي هو دعم فرص المرأة في السينما.»

كانت هذه هي إجابة المخرجة هالة جلال عن سؤالنا لها بشأن الجدل الدائر حول تخصيص مهرجانات سينمائية للمرأة، ومنها مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة الذي تشغل حاليًا منصب المدير الفني له.

وفي حوارنا معها أيضًا، تتطرق جلال إلى أزمة التمييز الذكوري ضد النساء في مجال صناعة الأفلام في مصر، مؤكدةً معانتهن تحت وطأته فضلًا عن تعرضهن للعنف والتحرش الجنسي مثلما هو الحال في هوليوود.

في هذا الحوار، تتحدث هالة جلال إلى «ولها وجوه أخرى» عن النسخة الثالثة لمهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة قبل وضع الرتوش الأخيرة، استعدادًا لانطلاق فعالياتها في الـ20 من فبراير الجاري، والتي من المقرر أن تستمر حتى الـ26 من الشهر نفسه.

في الحوار:

الدورة الثالثة للمهرجان تخلق فرصًا لتمويل مشروعات «النساء»

السينما التسجيلية أكثر احتضانًا للنساء من السينما الروائية

النساء لا يحظين بفرص متكافئة في دراسة السينما والعمل بها

لا تزال إدارة المخرجة للممثلين الرجال «محنة» في حد ذاتها

لا أخجل من توصيف نفسي كنسوية

ما الجديد الذي تقدمه الدورة الثالثة لمهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة؟

لقد حاولت أن أصنع من هذه الدورة فرصة للقاء يجمع السينمائيين والسينمائيات، على أمل أن يستمر خلال السنوات المقبلة. أسوان مدينة جميلة وزيارتها رائعة، وسيكتمل تميز الزيارة ببرنامج مخلتف لأفلام تشارك في هذه الدورة. لقد شغلني سؤال «ما الذي يجعل السينمائي والسينمائية يأتيان لحضور هذه الدورة؟»، ولذلك نسعى إلى تنفيذ دورة مختلفة، عبر برامج موازية بالتعاون مع فريق عمل محترف، بغية تقديم فرص للسينمائيين لخلق مشروعات وليس لعرض مشروعاتهم فحسب.

هل يمكننا التعرّف أكثر إلى هذه البرامج؟

إلى جانب مسابقتيَ الأفلام الطويلة والقصيرة والتكريمات، هناك برامج إضافية تجعل المهرجان أشبه بـالمركز الرئيس (Hub)، ليُصبح فرصة لإجراء لقاءات بين صانعات وصناع الأفلام وشركات التوزيع والمنتجين، فيتحول مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة إلى حلقة وصل تساهم فى دعم وتطوير مشروعات شباب السينمائيين.

علاوة على ذلك، هناك برنامج يحمل اسم «ملتقى تعليم السينما» لا يكتفي بعرض أفلام الطلاب، بل يشتمل على لقاءات وعروض ومدارس لصناعة السينما من مصر وأوروبا والوطن العربي، كما ننظم ورش عمل ونقاشات حول المناهج الجديدة والتحديات وتبادل الخبرات وفُرص الفتيات في السينما، وهو الهدف الذي ينبثق عن هدفنا الرئيس كمهرجان نوعي يهتم بدعم تمكين المرأة في السينما وتوفير الفرص أمامها. نحن نحرص عبر هذا البرنامج على إلقاء الضوء على الإنجازات والمشروعات التي صنعتها النساء. كما تضم الدورة الثالثة برنامجًا يشمل عروضًا ودراسات عن النساء والكوميديا، وبرنامجًا اَخر لسينما المرأة الإفريقية.

تُكرّم إدارة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة، خمس من النساء العاملات بالسينما المصرية، تركن بصمات مميزة وبراقة في عالم الفن السابع، وهن: مصممة التترات «نوال» التي قامت بتصميم التترات لما يقترب من 200 فيلم مصري، والمونتيرة «ليلي فهمي» التي قامت بأعمال المونتاج لنحو 275 فيلمًا مصريًا، وخبراء ترجمة الأفلام «عايدة» و«عزة» و«عبلة» أنيس عبيد.

كم عدد الأفلام المشاركة في الدورة الثالثة؟

سنعرض في هذه الدورة  12 فيلمًا روائيًا طويلًا، وضعف هذا العدد للأفلام القصيرة والتسجيلية وأفلام التحريك، وذلك لأن أيام العرض محدودة ومراعاةً لظروف المشاهدة في محافظة أسوان، حيث لا يوجد سوى دار عرض واحدة أو اثنتان على الأكثر – وعملهما غير مضمون – بالإضافة إلى قصر ثقافة أسوان.

وعمومًا، أنا أعتقد أن المهرجان يعد فرصة جيدة لإعادة علاقة الجمهور بالفن والتصالح معه بعد فترة من التنافر بينهما، كما أنه فرصة للتخلص من الشعور الذي يسيطر على البعض بأن الفن خطر يهدد ثقافة المجتمع.

وما المعايير التي اختيرت على أساسها الأفلام المشاركة؟

يأتي في المقام الأول الجودة الفنية والابتكار ومراعاة التنوع الجغرافي، ولذلك فإن هذه الدورة تتمتع بحضور أوروبي وإفريقى وعربي مميز، أما المعيار الثاني هو أن تكون النساء هن صانعات الأفلام سواء كن مخرجات أو كاتبات أفلام. ثالثًا، فإنه من الضروري أن تدور قصة الفيلم حول امرأة أو تساهم النساء بشكل كبير في تحريك أحداثها، وأؤكد مجددًا أن مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة هو مهرجان نوعي، وبالتالي لا ينظر إلى السينما بمنظور عام كما هو الحال في المهرجانات الأخرى، والمعيار الأساسي هو أن يكون الفيلم من صناعة امرأة أو عن امرأة، وليس شاغلنا هو البحث عن أفلام تناقش قضايا مثل زواج القاصرات.

ماذا عن الأفلام التسجيلية التي تصنعها نساء؟

صحيح أن الأفلام التسجيلية بيئة حاضنة للنساء أكثر من الأفلام الروائية التي تبدو طاردة للمرأة ومتعالية عليها، وهذا ما أدى إلى تحقيق كثير من صانعات الأفلام لإنجازات عالية المستوى في السينما التسجيلية، وهذا هو هدف برنامجنا الذي يحمل عنوان «المرأة والذاكرة التسجيلية»، ومن خلاله لا نناقش فقط الأفلام التسجيلية ولكن نربط صناعتها بذاكرة النساء، كونها وسيلة مهمة للمرأة في جمع الحكايات وتسجيل التاريخ غير المحكي على لسان السيدات. في السابق، كانت السينما التسجيلية تمثل تاريخًا موازيًا تحكيه السيدات عمّا رأين.

هل أسفر صالون «أبو سمبل للمنتجين» على مدار العامين السابقين عن إنتاج مشروع سينمائي تعرضه الدورة الثالثة للمهرجان؟

لا يقدم المهرجان منحًا مالية ولكنه مُيسِّر، ولقد استخدمت كل ما امتلك من علاقات إنسانية ومهنية، حتى تحضر شخصيات مهمة في هذه الصناعة من أوروبا والمنطقة العربية ويلتقوا بصانعات الأفلام، لربما يَحصلن على دعم أو نصيحة أو فرصة إنتاج. لكن يظل مهرجان أسوان لأفلام المرأة مثل أي مهرجان ليس دوره تمويل الأفلام، وإنما توفير منح من خلال ممولين يحضرون إلى المهرجان ويقدمونها في شكل جوائز لتطوير المشروعات.

وقد طوّرنا فكرة «صالون أبو سمبل للمنتجين» في هذه الدورة ليحمل اسم «أيام الصناعة»، وسيختار مشروعات من مصر مكتوبة أو مصنوعة بيد نساء، من خلال خلق حلقة نقاش بين شباب السينمائيين والصناع الموجودين على الضفة الأخرى، سواء كانوا منتجين أو موزعين أو مدراء لمهرجانات، من أجل تطوير هذه المشروعات.

عند الإعلان عن اختيار لجنة المشاهدة لهذه الدورة، رفعتِ شعار «للنساء فقط»، رغم أن المهرجان يستقبل أفلامًا صنعها رجال، ألا يشكل ذلك تناقضًا؟

هذا عنوان صنعته الصحافة ولم يكن من اختياري، وأود أن أوضح أن اختيار أعضاء لجنة المشاهدة من النساء، كان لأنهن سينمائيات رفيعات المستوى ويمتلكن خبرات في الإنتاج  والتوزيع، بالإضافة إلى مشاركتهن في المهرجانات الدولية، وليس لأنهن سيدات فحسب.

تضم لجنة مشاهدة الأفلام الطويلة بالدورة الثالثة لمهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة، كلًا من: المنتجة السينمائية منى أسعد، والمخرجة نادين خان، والمخرجة سلمى الطرزي، بينما تضم لجنة مشاهدة الأفلام القصيرة في عضويتها الناقدة إيمان عز الدين، والممثلة سلوى محمد علي، والمنتجة قسمت السيد.

من وجهة نظرك، هل لا بد أن تكون كل صانعة أفلام سواء مخرجة أو كاتبة «نسوية»؟

النسوية اختيار مثل إيمان شخص بالعدالة الاجتماعية، وفي حقيقة الأمر ليست كل السيدات نسويات أو حتى مؤمنات بامتلاكهن لحقوق من الأساس، وكثيرات من فرط القهر صدقن أن السائد متمثلًا في انتهاك حقوقهن هو الطبيعي، وهذا يحدث على المستوى الشخصي وليس في مجال صناعة الأفلام فقط، وفكرة المطالبة بــ«حقوقي كامرأة» لا تدركها كل النساء، وأنا لا أدينهن أو أهاجمهن بل أتفّهم ظروفهن.

هل هذا يعني أن المهرجان قد يقبل فيلمًا لمخرجة حتى إن كان يحمل أفكارًا ذكورية؟

فيما يتعلق بمعايير اختيار الأفلام، أرفض أن يكون الموضوع هو المعيار وكأنني استخدم السينما كدعاية لأفكاري، حتى إن كانت أفكاري نبيلة وإن كان الفيلم عظيمًا.  لا ينبغي أن تكون السينما أداة دعاية لا ضد المرأة ولا معها، اختيار الفيلم يكون بناءً على  مستواه الفني الذي يصاحبه حتمية الانحياز للإنسانية، ولا أعرف فيلمًا ذا مستوى فني عالٍ يدعو مثلًا لاضطهاد السود أو قتل الفقراء وغيرهم، وبطبيعة الحال عندما  ينتج الإنسان فنًا راقيًا سينحاز إلى الحق والحرية والمساواة.

أتفهم ذلك التصور الشائع عن أن الفيلم الذي يناصر المرأة سيكون بالضرورة مشاركًا بالمهرجان، والذي يشوه صورتها سيتم استبعاده، إلا أن ذلك ليس من ضمن معاييرنا في اختيار أفلام. نحن لا نريد أن نصنع دعاية للنساء وإنما نريد أن نعرض قصصهن الإنسانية ومعانتهن الحقيقية، التي تدفع المشاهد إلى التفكير مليًا في وضعهن والاقتناع بالحاجة إلى تغييره.

في الدورة الثالثة، تترأس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة الممثلة المصرية ليلى علوي، بينما تضم اللجنة بين أعضائها: المنتج الفرنسى جاك بيدو، وإلياس خلاط مؤسس ورئيس مهرجان طرابلس السينمائى في لبنان، والمنتجة الهولندية إليس دريزين، وسعاد حسين المدير السابق لبرنامج السينما بالمنظمة الفرانكفونية من جيبوتي، وتضم لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة: الممثلة المصرية يسرا اللوزي والمخرج الأردني يحيى العبد الله، وتترأسها المخرجة الفرنسية جوليا ميرزوفا.

كيف تنظرين إلى الجدل المستمر بشأن تصنيف «سينما المرأة» و«مهرجانات المرأة»؟

غالبية مهرجانات المرأة التي نظمتها سيدات في أوروبا كانت منبثقة عن حركات نسوية قوية جدًا، وهؤلاء النسوة كن يصنعن أفلامًا تتناول قضايا المرأة وتشتبك مع المجتمع بشكل صادم في بعض الأحيان. وقد استقبلنا هذه الأفكار في عالمنا العربي وطوّعناها وفق مجتمعنا وظروفه، ولا أرى ضررًا حقيقيًا في تنظيم مهرجان خاص لأفلام المرأة، كاحتفالية بالسيدات العاملات في الصناعة، لأن فرصهن غير متكافئة سواء في الدراسة أو العمل بالمجال السينمائي، حتى إن نفى البعض ذلك، مستشهدين بالدراما التلفزيونية حيث ترتفع مشاركة المخرجات والمصورات، إلى جانب زيادة عدد المخرجات في السينما المصرية خلال السنوات الأخيرة، وهذا حق يُراد به باطل وما هو إلا تزييف للحقيقة، والسؤال الأجدر بالطرح هو «كم فتاة في المجتمع المصري تستطيع إقناع أسرتها بالدراسة في معهد السينما؟»، مع عدم نفي مواجهة الذكور أيضًا للمشكلة نفسها، ولكن تظل المسألة أصعب بالنسبة للفتاة، فهي الأكثر عرضة للضرب والحبس والمنع من الخروج من المنزل.

هذه معوقات الدراسة، ماذا عن التحديات التي تواجه صانعات الأفلام على أرض الواقع؟

الواقع يؤكد غياب المساواة والحرية في العمل أمام صانعات الأفلام، وفكرة وقوف المخرجة في موقع التصوير (اللوكيشين) لإدارة الممثلين الرجال تبقى محنة في حد ذاتها، خصوصًا لو كانت مخرجة شابة. في المقابل، فإن المخرج الشاب تكون فرصه أسهل في إدارة موقع التصوير.

بالإضافة إلى ذلك، تغيب المساواة في مهن بعينها، فعمل المرأة كمونتيرة أيسر وأكثر مقبولية من أن تكون مخرجة، لأن المونتيرة تجلس على ماكينة في مكتب، بينما تقف المخرجة في موقع تصوير بين الرجال، وهنا تتجلى الأفكار الذكورية ومفادها أن المرأة مكانها المنزل، حيث تعمل بالحياكة مثلًا بينما يخرج الرجل للعمل.

المخرجة هلال جلال – ندوة في مكتبة الإسكندرية

في رأيك، لماذا يرفض قطاع كبير من صانعات الأفلام تصنيفهن كنسويات؟

أتفهم رفضهن ومخاوفهن مما يرينه وصمًا، رغم اتفاقهن مع الأفكار التي تطالب بحقوق المرأة والمساواة، وقد لعب التليفزيون والسينما دورًا سلبيًا فى وصم الشخص الذي يطالب بحقوقه وخاصة إن كان امرأة، كما عمد إلى تنميط صورة النسويات، عبر تصويرهن كنساء «مسترجلات فقدن عقولهن ويعادين الزواج»، وبالتالي فإن «النسوية» مصطلح مشوه في ثقافتنا المصرية، ومن الطبيعي أن تتخوف بعض صانعات الأفلام من وصفهن بالنسويات.

الصادم هو اعتبار مطالبة النساء بحقوقهن والمساواة نوعًا من الجنون، والنظر إلى انحيازهن إلى العدالة كما لو كان شيئًا سلبيًا. أنا لست ضد المصطلح ولا ضد الموقف النسوي وليس لدي مشكلة في أن تكون المرأة أو الرجل نسويين، ولا أخجل من توصيف نفسي كنسوية ولا أشعر بعار ولا أخشى أن أكون مثل الأفوكاتو مديحة (تضحك).

الأفوكاتو مديحة هي واحدة من أشهر الشخصيات التي جسدتها الممثلة المصرية الشهيرة مديحة يسري، من خلال فيلم يحمل الاسم نفسه صدر في العام 1950. ويعد من أوائل الأفلام المصرية التي تناولت قضية عمل المرأة، وإن كان قد قدمها بمعالجة ذكورية، أظهرت مديحة كفتاة عنيفة ومتعالية وغير ناضجة، وفي حاجة دائمة إلى مرشد وقائد.

المتعارف عليه هو أن المنتج السينمائي لا يثق في المخرجة، فهل ساعدت السينما المستقلة صانعات الأفلام في مواجهة تحديات الإنتاج؟

الجمهور «الدولي» متنوع في ثقافته ولا يخاف من الجدل مثلما هو الحال في مجتعاتنا العربية، لذلك باتت تتوفر فرص أكثر وأفضل أمام صانعات الأفلام. يمكننا أن نرى منظمة دولية تعلن عن دعمها لأفلام المخرجات، إلا أن ذلك يظل صعب الحدوث في مصر بسبب المخاوف الموجودة لدى الصناع والمنتجين من اتهامهم بالانحياز إلى النساء على حساب الرجال، وبالتالي يصبح دعم المرأة موصومًا في بلداننا العربية.

هذا واقع صعب عشته بنفسي، ومع ذلك فإنني أرفض اليأس وأوقن أن السيدات عليهن الاستمرار في المحاولة دون استسلام من أجل لتغيير.

كشف حِراك #MeToo عددًا من حوادث العنف الجنسي التي تعرضت لها عاملات بصناعة السينما في هوليوود، هل تعاني صناعة السينما المصرية من وضع شبيه؟

بالطبع، فأي سيدة وليس فقط صانعة الأفلام، بمجرد أن تفتح باب منزلها وتخرج إلى الشارع تواجه هذا العنف، وإن أقدم أي ذكر على التحرش بها لفظيًا لن يتحرك أحد من المارة، وإن صرخت لتدافع عن نفسها، سيلومها الناس.

وإن كان الناس يقفون في صف المتحرش ضد النساء في الشارع، فما بالنا بالعاملات في صناعة السينما، وتحديدًا الممثلات اللاتي يراهن كثيرون نساء يعرضن أنفسهن، ورغم أن المخرجة تلقى نوعًا من التقدير في مجتمعنا باعتبارها صانعة العمل وإنسان له تفكيره، فإن ذلك لا يحول دون تعرضها للعنف الجنسي، وبشكل شخصي لقد تعرضت من قبل للتحرش اللفظي في موقع التصوير.

وكيف تنظرين إلى هذا الواقع المنهك والمنتهك للمرأة العاملة بالسينما في مصر؟

أريد أن أؤكد أن ما يحدث في هذا السياق يرتبط بكون الفكر الذكوري هو الحاكم لهذا العالم، والأمر لا علاقة له بالشرق أو الغرب، والفرق بين الاثنين هو أن المجتمعات الغربية تدعم الفتيات وتشجعهن على الحكي، على عكس مجتمعاتنا العربية التي تزيد فيها المخاوف من الحكي، وأظن أن حركات مثل #MeToo وغيرها تلعب دورًا في تشجيع النساء في شتى أنحاء العالم على كسر الصمت. وأود التشديد على أن هذه الجرائم ليست مرتبطة بمجال السينما فقط بل منتشرة  في كل المجالات، ولا أقول ذلك دفاعًا أو هجومًا، ولكن ردًا على الأسر والعائلات التي ترفض أن تعمل بناتها في مجال صناعة السينما بزعم أنه مجال «منحط أخلاقيًا»، وهذا تعميم مجحف.

بدأ مهرجان القاهرة الدولي لسينما المرأة كمبادرة مستقلة في العام 2008، تحت اسم «قافلة سينما المرأة العربية واللاتينية» أو «بين سينمائيات»، ثم تطور بالتدريج ليصبح مهرجانًا دوليًا لسينما المرأة، ويتميز المهرجان بعروضه المجانية والمفتوحة للجمهور في أكثر من مكان في أنحاء القاهرة، وتنطلق دورته الـ12 في الـ4 من مارس المقبل.

أخيرًا، يتساءل البعض بشأن جدوى وجود مهرجان لأفلام المرأة في أسوان، بينما تستضيف العاصمة بعده بأيام مهرجان القاهرة الدولي لسينما المرأة، فما تعليقك؟

أولًا، أنا من محبي مهرجان القاهرة الدولي لسينما المرأة الذي تترأسه المخرجة أمل رمسيس، لأنه يصنع تجربة خاصة في مصر. في الوقت نفسه، أؤمن بأن التعددية ميزة مثل التنوع بل أشد، وكل مهرجان له صوته المتفرد والمستقل، وليس من المفترض أن يكون هناك شخص واحد يمثل مهرجان سينما المرأة في مصر كلها.

لو جلست 10 نسويات على منصة واحدة، سيكون لكل منهن صوتها المتفرد ورأيها المختلف، ومن ثم فلا يوجد تعارض بين كل من مهرجان أسوان ومهرجان القاهرة، ويجب أن نكون سعداء بتعدد المهرجانات في المحافظات والمدن المصرية، مثلما يحدث في مختلف دول العالم.

هالة جلال فى سطور

حصلت على بكالوريوس في الإعلام، من جامعة القاهرة في العام 1988.

حصلت على بكالوريوس في الإخراج السينمائي، من المعهد العالي للسينما في القاهرة، في العام 1994.

حصلت على دبلوم في الإخراج السينمائي، من المعهد العالي للسينما في القاهرة، في العام 1996.

واحدة من مؤسسات شركة «سمات للإنتاج والتوزيع» وتشغل منصب المديرة التنفيذية لها.

شغلت موقع استشارية إنتاج لمشروع أيريكس الدولي لإنتاج الأفلام التسجيلية في العالم العربي، ورئيسة مشروع كارافان السينما العربية الأوروبية، الممول من قبل الإتحاد الأوروبي.

اشتركت في عدد من لجان التحكيم في مهرجانات السينمائية، مثل: مهرجان الإسماعيلية للفيلم التسجيلي والقصير، والمهرجان الدولي للمرئيات والصوتيات في فرنسا.

حاضرت واشتركت في عدد من المؤتمرات مثل: مهرجان الفيلم الـ58 في العاصمة الألمانية برلين، وورشة عمل صناعة الأفلام التي تنظمها مؤسسة الرواق للفنون في البحرين، والمؤتمر الإقليمي الأول للمرئيات والصوتيات لبرنامج  EuroMed في ألمانيا.

أخرجت عددًا من الأفلام، منها الفيلم القصير «دائرة مغلقة»، والفيلم التسجيلي «النساء المصريات في البرلمان»، كما كتبت وأخرجت مجموعة من الأفلام التسجيلية مثل؛ «شئون الناس» و«كلام ستات»، و«دير ابرشا».

أنتجت فيلم «ألوان الحب» للمخرج أحمد غانم، وفيلم «الباب» للمخرج عبد الفتاح كمال، وفيلم «بيروت: أول لقطة» للمخرج أحمد رشوان.