بعد أول عرض سينمائي للأخوين لوميير في العام 1895 بالعاصمة الفرنسية باريس، بما مثّل الإعلان الحقيقي عن نشأة الفن السينمائي، ظهر مصطلح «السينما الصامتة» في إشارة إلى العروض التي كانت تفتقر إلى الصوت، وتعتمد على الصور المتحركة فحسب، والتي استمرت لنحو 25 عامًا حتى تسللت الأفلام الناطقة إلى السينما تدريجيًا، وتمكن الصُنّاع الأوائل من دمج الصوت والصورة معًا.

وعلى الرغم من أن عهد السينما الصامتة لم يكن طويلًا، إلا أنه شهد زخمًا في الإنتاج السينمائي، وحضورًا كثيفًا لممثلين وممثلات قدموا عشرات الأفلام، تركز أغلبها في ولايتي نيويورك ونيوجيرسي الأمريكتين، خاصة خلال العقد الأول من القرن العشرين قبل أن تبسط هوليوود سيطرتها على الإنتاج السينمائي. وكان الصعود السينمائي الأمريكي مدعومًا بعدة عوامل، يأتي في مقدمتها الحرب العالمية الأولى التي أثرت سلبًا على حجم إنتاج الأفلام في أوروبا، وبحسب مؤرخين فإن السوق السينمائي الأوروبي لم يكن مستقرًا، ولم يكن الأوروبيون يقبلون على دور العرض بسبب الحرب، وبالتالي لم تحقق كثير من الأفلام أرباحًا تساعد الشركات الأوروبية على الاستمرار، فضلًا عن أن السواد الأعظم من أصحاب هذه الأفلام لم يكونوا قادرين على تصديرها خارج أوروبا، بينما تمكنت الشركات الأمريكية من الخروج بأفلامها إلى أوروبا وأستراليا وأمريكا اللاتينية واَسيا. وكل هذا ساهم بدرجة كبيرة في استقرار السينما الأمريكية ووفر لها ظروف التطور والتقدم ومن ثم احتكار إنتاج الأفلام.

خلال السنوات الأولى من عمر السينما الصامتة في الولايات المتحدة الأمريكية، سادت ظاهرة تجهيل أسماء الممثلات والممثلين، وذلك لسبيين، أولهما كان خوف الممثلين من معرفة مديري الفرق المسرحية بدخولهم إلى عالم السينما الذي جاء ليهدد المسرح، مما قد يؤدي إلى فصلهم من هذه الفرق. أما الثاني وهو الأكثر رواجًا، كان تعمد منتجي أفلام هذه الفترة عدم التعريف بأبطالها، خشية أن يتحولوا إلى نجوم، فيضطر المنتجون إلى دفع أجور عالية لهم في أفلام يدركون أن عمرها قصير ولن تدر أرباحًا كبيرة، ولم يتغير هذا الوضع حتى العام 1909، عندما أعلِنَ لأول مرة عن اسم الممثلة الأمريكية من أصول كندية فلورنس لورانس، ليلحق بها عشرات الممثلاث والممثلين الذين أصبحوا نجومًا في صناعة السينما الأضخم في العالم.

فلورنس لورانس.. أول ممثلة «باسم معلن» في السينما

بدأت لورانس عملها في المجال السينمائي في العام 1906 عندما كان عمرها 20 عامًا، وكانت محطتها الأولى في استديو توماس إديسون، أقدم استوديو سينمائي في الولايات المتحدة، وظلت حتى العام 1909 كغيرها من الممثلين غير معروفة باسمها، حتى قررت “شركة بيوجراف  -Biograph Company” التي انتقلت للعمل معها، أن تعلن عن شخصها ولكن من دون أن تُعرّف باسمها، فاختارت أن تسوّق لها بـاسم الشركة، فأضحت لورانس معروفة بـ”The Biograph Girl – فتاة بيوجراف”، وقد نالت لورانس هذا اللقب التعريفي، بعد أن ظهرت فيما يزيد عن 50 فيلمًا قصيرًا صامتًا، بينما ظل اسمها غير معروف حتى صدر فيلم “Resurrection – القيامة” للمخرج ديفيد غريفيث، في مايو من العام 1909، وبعد أن لاقى نجاحًا لافتًا اَنئذ، أرسل الجمهور إلى شركة بيوجراف يطلب معرفة اسم بطلته الملقبة بـ”The Biograph Girl”، فقررت الشركة الإعلان عنه.

فلورنس لورانس

تنقلّت لورانس خلال تلك السنوات الثلاث، منذ أن ظهرت لأول مرة على الشاشة وحتى إعلان اسمها، بين توماس إديسون استديو، وفيتاجراف استديو، ثم شركة بيوجراف، حتى قررت أن تبحث عن شركة أخرى للعمل معها بغية تحقيق طموحاتها المتنامية في عالم السينما الوليد، إلا أن خروجها عن قواعد توماسون إديسون، محتكر الإنتاج السينمائي الأمريكي وقتذاك، أدى إلى إدراجها على القائمة السوداء من قبل شركة Motion Picture Trust، التي كان يرأسها إديسون، وينتمي إليها أغلب منتجي الأفلام في تلك المرحلة.

تغلبت نجومية لورانس على عنف وإرهاب شركة Motion Picture Trust، وعادت إلى الشاشة الذهبية، بعد أن قرر رجل الأعمال كارل لامل الدخول إلى عالم السينما من خلال شركة IMP، وهو نفسه الذي شارك لاحقًا في تأسيس “يونيفرسال ستديوز  – Universal Studios” في العام 1912، التي تُعرّف الاَن باعتبارها أحد عمالقة الإنتاج السينمائي حول العالم.

اعتبر لامل أن بوابته لاقتحام هذا المجال بكل ما يحفه من مخاطر، هي شعبية لورانس، ونجح في ضمها إلى شركته “IMP  – Independent Motion Picture” ليعلن في فبراير من العام 1910، أن فلورنس لورانس المعروفة بــ”The Biograph Girl” ستظهر من خلال أفلام شركته، واصفًا إياها بأعظم ممثلة على الإطلاق في مجال الصور المتحركة حول العالم.

لكن لامل لم يكن أفضل حالًا من إديسون ومحتكري الإنتاج الأوائل، فوجدت لورانس نفسها أمام رجل يتعامل معها بالمنطق الاحتكاري المستغل ذاته، إذ قرر أن يطلق شائعة بعد التعاقد معها، وزعم أنها توفيت في حادث سير ثم عاد بعد أيام قليلة وأعلن أنها على قيد الحياة وتتعاون معه في فيلم جديد. كان كل ما أراده لامل أن يشجع قطاعًا أوسع من الجمهور على مشاهدة فيلمها الجديد الذي تنتجه شركته، وربما كانت هذه الشائعة هي بداية انتهاج منتجين اَخرين لنموذج الشائعات الهادف إلى تحقيق أرباح وعوائد من وراء الممثلات في السينما الكلاسيكية.

لم تدم علاقة لورانس بـ IMP أكثر من عام، إذ قررت الشركة استبدالها بالممثلة ماري بيكفورد التي أصبحت لاحقًا واحدة من رموز السينما الهوليوودية الكلاسيكية، فانتقلت للعمل مع شركة Lubin  التي أسسها الأمريكي من أصل ألماني سيغموند لوبين في العام 1902، ثم قررت في العام 1912 الاستقلال وتأسيس شركة خاصة باسم victor بالتعاون مع زوجها الممثل والمخرج الأمريكي هاري سولتر، لتقدم من خلالها أفلامها بعيدًا عن تحكم شركات الإنتاج الأخرى في حياتها الشخصية والعامة كما كان سائدًا حينذاك. لكن المنافسة في السينما الأمريكية المبكرة كانت شديدة الصعوبة، خاصة بالنسبة للشركات الصغيرة والمستقلة، مما اضطرها إلى بيع شركتها إلى يونيفرسال ستديوز فيما بين 1913 و1914، والعودة مرة أخرى إلى العمل مع الشركات الكبيرة بشروطها الصارمة والاستغلالية.

توقفت لورانس عن التمثيل لفترة بسبب حادث تعرضت له أثناء تصوير أحد أفلامها في العام 1915، ثم عادت في العام التالي وقدمت فيلم Elusive Isabel  المأخوذ عن رواية بالاسم نفسه، لكنه لم ينجح كما كانت تأمل، وأصبح نقطة فاصلة في مشوارها الفني الذي لم يعد كما كان من بعده.

اختفت لورانس لعدة سنوات بعد هذا الفيلم، وعندما حاولت العودة في العام 1921 إلى ما كانت عليه من نجاح، أخفقت مجددًا. ومع ظهور الأفلام الناطقة لم تتمكن من مواكبة التطور الجارف، وسرعان ما أفل نجم السيدة التي سطع اسمها في سماء الفن السابع، وقدمت للسينما الأمريكية ما يزيد عن 250 فيلمًا، فباتت الأدوار الصغيرة في أفلام شركة MGM  الشهيرة – Metro-Goldwyn-Mayer- هي سبيلها لكسب العيش، وأرغمت الحياة العصيبة أول نجمة سينمائية على القبول بالعودة إلى تجهيل اسمها في كثير من الأفلام التي تظهر فيها، لأنها لم تعد بطلة ولا ممثلة رئيسة بل كومبارس.

مقدرة لورانس على تحمل المشاق والاَلام النفسية التي لحقت بها، انهارت بعد سنتين من تقديمها لاَخر أدوارها في فيلم «one Rainy afternoon» الذي صدر في مايو من العام 1936، فاختارت الرحيل عن هذا العالم بكل قسوته التي تجرعتها كؤوسًا، وبشراب قاتل أنهت أول نجمة حقيقية عرفتها السينما حياتها، في الـ27 من ديسمبر في العام 1938.

ماري بيكفورد.. أقوى امرأة في هوليوود الكلاسيكية

تشترك ماري بيكفورد مع فلورنس لورانس في كونهما من الرعيل الأول من الممثلات في عالم السينما، كما أنهما من مجموعة كبيرة من الفنانين الكنديين الذين ساهموا بقوة في وضع اللبنة الأولى لصناعة السينما الأمريكية، لكن مسيرتهما تختلف كثيرًا، فقد نجحت بيكفورد في أن تحافظ على قوتها واستقلاليتها في هذه الصناعة لفترة أطول، كما ظل اسمها عنوانًا للمرحلة المبكرة في تاريخ السينما وصارت رمزًا من رموز هوليوود غير المنسية.

وصفها المخرج ديفيد غريفيث، أحد رواد السينما الأمريكية، قائلًا «أكثر شيء جذبني يوم رأيتها لأول مرة، كان ذلك الذكاء الذي يشع به وجهها. وجدتها متعطشة للعمل والمعلومات. كان من الصعب  إخراجها من الاستديو أثناء العمل.. لقد كانت وما زالت مثل إسفنجة للمعلومات.»

وكان غريفيث قد أجرى لبيكفورد اختبار كاميرا، في إبريل من العام 1909، لصالح شركة بيوجراف، وعلى الرغم من أن الدور الذي أجرت بسببه الاختبار ذهب إلى ممثلة أخرى، فقد اقتنع غريفيث بقدراتها التمثيلية، وسرعان ما انضمت إلى الشركة. وخلال العام 1909 وحده، قدمت ما يقترب من 50 فيلمًا وعرفها الجمهور حينها بــ”الفتاة ذات الشعر المموج – Girl with the Curls”، في ظل شيوع سياسة عدم التعريف بأسماء الممثلين السينمائيين.

ماري بيكفورد

في العام 1914، أصبحت بيكفورد هي الممثلة الأعلى أجرًا في أمريكا، بعد أن بلغ راتبها 1000 دولار في الأسبوع، وباتت أول ممثلة توقع عقدًا تصل قيمته إلى مليون دولار، في يونيو من العام 1916، عندما تعاقدت مع المنتج أدلوف زكور، بما يضمن لها الحصول على 1,040,000 دولار على مدار سنتين.

هذا العقد عالي القيمة، مكنّها من تأسيس شركة توزيع سينمائي مستقلة، في العام 1919، حملت اسم “فنانون متحدون – United Artists”، وذلك بالاشتراك مع تشارلي شابلن الممثل الأشهر في عصر السينما الصامتة، والمخرج ديفيد غريفيث، وصانع الأفلام الأمريكي دوغلاس فيربانكس الذي أصبح لاحقًا زوجها، واشتركا سويًا في تدشين بيكفورد- فيربانكس ستديو، للإنتاج السينمائي.

وبصفتها أحد مؤسسي شركة UA، وشريك في Pickford-Fairbanks studio، فضلًا عن كونها ممثلة، أضحت بيكفورد أقوى امرأة في السينما الأمريكية خلال العقد الثالث من القرن العشرين، بعد أن تحررت من قبضة المنتجين الكبار في هوليوود.

أكدت معارضتها للسينما الناطقة قائلة، إن إضافة صوت للأفلام يناظر وضع أحمر شفاه لفينوس دي ميلو، وهو تمثال إغريقي يمثل أفروديت إلهة الحب والجمال لدى الإغريق. ومثلما هو الحال مع فلورنس لورانس وغيرها من نجوم السينما الصامتة، لم تتمكن بيكفورد من الصمود أمام هذا التطور، وعندها أدركت أن الاستمرار في مجال السينما لن يكون عبر التمثيل، فأعلنت اعتزالها له في العام 1933 بعد أن قدمت  ما يصل إلى 160 فيلمًا.

حاولت بيكفورد دعم صناعة السينما بطرق شتى، ومن أبرز إنجازاتها في هذا الصدد، تأسيس صندوق إغاثة الصور المتحركة لمساعدة الممثلين المحتاجين في أعقاب الحرب العالمية الأولى، ثم تدشين برنامج لجمع تبرعات من العاملين بصناعة السينما لصالح الصندوق في العام 1932.

علاوة على ذلك، كانت بيكفورد واحدة من مؤسسي أكاديمية علوم وفنون الصور المتحركة في العام 1927، وهي منظمة فخرية تعني بتطوير علوم وفنون الصور المتحركة، لكن شهرتها الأوسع تأتي من جوائز الأوسكار السنوية، التي اقتنصت بيكفورد نفسها جائزتين منها؛ الأولى في العام 1930، حيث فازت بجائزة أفضل ممثلة عن فيلم coquette، وهو واحد من أفلام ناطقة معدودة شاركت فيها، وقد وضعت هذه الجائزة بيكفورد الثانية في قائمة الفائزات بها في تاريخ جوائز الأوسكار بعد جانيت جاينور. كما حصدت جائزة الأوسكار الفخرية في العام 1976 تكريمًا لمسيرتها، وبعد عامين من هذا التكريم، توفيت المرأة القوية في هوليوود، في مستشفى سانتا مونيكا بولاية كاليفورنيا إثر تعرضها لنزيف دماغي. ولا تزال ماري بيكفورد التي منحها الأمريكيون لقب “ملكة الأفلام -Queen Of the Movies “، أيقونة من أيقونات هوليوود التي لا يغفلها صناع السينما الأمريكية، مهما مر الزمن وتعاقبت السنوات.

جانيت جاينور.. أول ممثلة تحصل على جائزة «الأوسكار»

«لم يشعر وقتها أحد بأي أهمية تاريخية للحدث، كنت سعيدة لفوزي بالجائزة، كما كان الأمر مثيرًا لأنني التقيت لأول مرة بماري بيكفورد ودوغلاس فيربانكس،» هكذا وصفت جانيت جاينور ليلة حصولها على جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة في أول حفل أقامته الأكاديمية لتوزيع الجوائز، في الـ16 من مايو في العام 1929.

حصلت جاينور على جائزة الأوسكار الأولى لأفضل ممثلة، وهي في الـ23 من عمرها، عن ثلاثة أفلام هي؛ 7th Heaven، Street Angel، Sunrise: A Song of Two Humans، وهي المرة الوحيدة التي حصد فيه فائزون بالأوسكار جوائزهم، عن أكثر من عمل وليس عملًا واحدًا كما هو معروف الاَن.

جانيت جاينور – فيلم A Star Is Born

بدأت جاينور مشوارها السينمائي في العام 1925، بمشاركات في أفلام أغلبها قصيرة، حتى لفتت الأنظار بقوة في العام 1926 من خلال فيلم The Johnstown Flood، الذي كان باكورة تعاونها مع شركة “فوكس فيلم- Fox Film ” التي أسسها ويليام فوكس في العام 1915. وقدمت جاينور من خلال هذه الشركة أفلامًا أخرى في العام نفسه، مهدت الطريق لبطولتها الأولى، مثل The Midnight Kiss  و The Return of Peter Grimm. أما العام 1927 فقد كان مفصليًا في مسيرتها، إذ قدمت خلاله فيلمين من الثلاث التي فازت عنها بجائزة الأوسكار أفضل ممثلة، وهما؛ 7th Heaven  وSunshine.

اختتمت جاينور مسيرتها مع السينما الصامتة في العام 1929، من خلال أفلام؛ Four Devils  وChristina  وLucky Star. وعلى عكس لورانس وبيكفورد، لم تتعثر جاينور في طريق الانتقال من السينما الصامتة إلى الناطقة، ولم تفقد شيئًا من وهج نجوميتها بل ازداد بريقها وتصدرت أفلامها شباك التذاكر خاصة خلال الثلاثينيات، وقد ظهر اسمها في القائمة السنوية للنجوم العشر الأعلى في شباك التذاكر في سنوات، 1931، و1932، و1933 و 1934.

بحسب ما أوردته الأكاديمية والكاتبة إيملي كارمن في كتابها “النجومية المستقلة – Independent Stardom”، فإن جاينور كانت من قليلات من نجمات هوليوود في الثلاثينيات، اللاتي نجين من براثن المنتجين المتحكمين في كل تفصيلة تخص الممثلات والممثلين. وحققت هذه المجموعة استقلالًا بفضل تمسكهن بتوقيع عقود ربح صافية، تضمن لهن الحصول على نسبة من إجمالي أرباح أفلامهن. ولم تضمن طريقة التعاقد هذه لجاينور عائدًا ماديًا أفضل فحسب وإنما مكنتها من إحكام السيطرة على مسيرتها السينمائية وإدارة اختيارتها بدرجة من الحرية.

حظيت جاينور بالترشيح الثاني لجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة عن دورها في فيلم A Star is Born الصادر في العام 1937، وهو الفيلم الذي أعيد تقديمه في ثلاث نسخ أخرى؛ الأولى في العام 1954 وأدت دور البطولة فيه الممثلة جودي غارلند، والثانية في العام 1976 وقامت بدور البطلة فيه الممثلة والمغنية باربرا سترايساند، والثالثة في العام 2018، وتصدرته المغنية ليدي جاجا.

ظهرت جاينور مرة أخرى في حفل توزيع جوائز الأوسكار في العام 1953، كمقدمة للمرشحين لجائزة أفضل ممثل، وظهرت أيضًا كمقدمة لجائزة أفضل ممثلة في العام 1977، التي فازت بها ديان كيتون عن دورها في فيلم Annie Hall.

في العام 1939، اعتزلت جاينور التمثيل ولم تعد إلى السينما بعد ذلك إلا في العام 1957، بدور في فيلم Bernadine. وفي سنواتها الأخيرة، كرست وقتها للفن التشكيلي، وأقامت معارض فنية للوحاتها التي بيع منها نحو 200 لوحة. بعد حادث سير مروع تعرضت له في العام 1982 في ولاية سان فرانسيسكو، قضت جاينور سنتين في حالة صحية متردية، حتى توفيت في سبتمبر من العام 1984.

مع كل فيلم كانت تقدمه هؤلاء النسوة وأخريات من رائدات السينما الأمريكية، كن يكسرن طبقة وراء أخرى في جدار الممنوع، ولأن معانتهن من إرهاب واستغلال المنتجين كانت عميقة، تظل كل مرة ظهر فيها وجه إحداهن على الشاشة انتصارًا في معركة غير معلنة، وتبقى مسيراتهن بإشراقاتها وإظلاماتها دليلًا على ما تكابده النساء في مجال صناعة الأفلام في كل وقت وكل مكان.