حضور وانصراف | حسام عبد اللطيف يكتـــب: هل تتمتع النساء في مصر ببيئة عمل اَمنة؟
عن كاتب المقال
حسام عبد اللطيف: عضو بمؤسسة جنوبية حرة النسوية في مدينة أسوان
هل تتمتع النساء بحيز وبيئة عمل آمنة ومناسبة؟
الإجابة الواضحة طبقًا للإحصاءات والوقائع هي “لا”، فإن هذا ليس من ضمن الاختيارات الموجودة لدى النساء العاملات.
هل تضمن القوانين خلق فرص متساوية للرجال والنساء في العمل؟
في العام 2002 صدر قرار وزاري من وزارة القوى العاملة، يحظر على النساء العمل في 30 مجالًا مختلفًا، منها التعدين، وصناعة الزجاج، بحجة الحفاظ على صحتهن!
ما زالت الصورة النمطية السائدة والفاعلة في المجتمع هي أن المرأة مقرها هو المنزل ومقر الحكم الرئيس لها هو المطبخ، رغم أن أعدادًا غفيرة منهن استطعن كسر هذا الحاجز النمطي، وأصبح المجتمع المصري من أكثر المجتمعات التي تضم نساء مُعيلات، هنّ المسؤولات عن عملية الإنفاق داخل المنزل – يعملن وهنّ أرامل أو مطلقات أو في ظل وجود أزواجهنّ العاطلين عن العمل.
على أرض الواقع، تصطدم النساء يوميًا بل ولحظيًا بما يعيقهن عن العمل، فلا قوانين تدعم، ولا بيئة تساعد على الابتكار، في ظل وجود قيود مجتمعية عديدة تتفوق في قوتها في كثير من الأحيان على قوة القانون.
لا تتمتع النساء بحيز عام يحفظ أمنهنّ كما هو الحال في نطاقات العمل المختلفة، رغم أن عدد ساعات العمل لا تفرق بين رجال ونساء، وطبيعة العمل ومهامه أيضًا لا تفرق بينهم، إلا أن نظام الأجور يُفرّق بينهم لصالح الرجال خاصة في القطاع الخاص، والحُجة المجتمعية الجاهزة هي أن الرجال يتحملون مسؤوليات وأعباء أكبر، فلهم الحق في الحصول على أجر أعلى. ناهيك عن العُرف المجتمعي داخل المصالح والهيئات الحكومية الذي يفوق سُلطة القانون بينما هو يخالفه، إذ يتمتع الرجال بالأولوية في الحصول على البعثات ومهام العمل الخارجية، والمبرر هو أن النساء لا يصح لهنّ المبيت خارج المنزل، بالتالي هذه البعثات والمهام الخارجية تصب في حصيلة الراتب الشهري لصالح الرجل بما يزيد عن زميلته في العمل. كذلك هو الحال في ورديات العمل المسائية التي تُضاف إلى الراتب الشهري، خاصة أن النساء لا يتمتعن بمجال عام آمن يسمح لهن بالتواجد في تلك الساعات للعمل.
يمكننا الإشارة أيضًا إلى ما تتعرض له النساء من مضايقات وانتهاكات جسدية وتحرش داخل نطاق العمل من مدارئهن المباشرين في بعض الأحيان أو خارج العمل في المجال العام، في ظل بطء سير إجراءات التقاضي، و في ظل غياب قوانين تدعمهن ضد تلك الاعتداءات، فالإجابة المغلفة في ثوب المنطق، وهي أبعد ما تكون عنه، التي تواجهها الناجيات هي “اثبتي، فين آثار الاعتداء؟ سكتي ليه؟” وكثير من تلك السخافات التى تُعزز الضرر النفسي والبدني الواقع عليهن، مما يدفع بعض منهن إلى الصمت أو التغاضي عما يتعرضن له، حفاظًا على أعمالهن ومصادر رزقهن.
لا يمكننا إغفال عدم وجود فرص متساوية لتولي المرأة المناصب القيادية طبقًا للكفاءة، كما للا تتوفر تدريبات تساعدهنّ للوصول إلى تلك المناصب وهو ما يتنافى مع “الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2030” التي تتبناها الدولة، حيث تنص على زيادة تلك الفرص، كما تنص على وضع معايير لاختيار المرشحين لتولي المناصب القضائية، تتجنب التمييز ضد المرأة وتكون الكفاءة هي العامل الأساسي لاختيار المرشحين. أشارت الاستراتيجية أيضًا إلى حماية حقوق المرأة العاملة وتقديم التدريبات المساندة لتفعيل حقوقهنّ في المساواة مع الذكور في الأجور، واستحقاقات الأمومة في أماكن العمل طبقًا للمادة 11 من الدستور من خلال توفير تلك الخدمات المساعدة للمرأة العاملة وتحقيق الحماية لهن داخل وخارج بيئة العمل، وتعزيز التنقل الآمن لهن داخل وسائل النقل العامة، وتفعيل سياسات وإجراءات تشجع النساء على إقامة مشاريعهن الخاصة. كما تقر الاستراتيجية بارتفاع نسبة البطالة بين النساء، حيث تكلف تلك الفجوة خسائر اقتصادية للدولة من الناتج المحلي.
لذلك في إطار حملة الـ16 يومًا العالمية لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، يتعين علينا تذكير الدولة بتفعيل استحقاقاتها القانونية والدستورية وإخراجها من مرحلة الحِبر إلى مرحلة التنفيذ، وإنشاء مفوضية التمييز التي يقرها الدستور، وضرورة العمل على إصدار قانون موحد لحماية النساء من العنف، وتطبيق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة العنف ضد المرأة 2015-2020 والاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2030.
هذا المقال منشور في إطار حملة «حضور وانصراف»