عن الكاتبة

دعاء النجار: عضوة بمجموعة «بنت النيل» النسوية في البحيرة

تحصر المجتمعات دائمًا  النساء  في الإنجاب والأمومة، متغافلين عن الدور الذى قامت به النساء في العصور السابقة في المجالات العلمية والسياسية والعملية، واضعين تمييزًا بين الرجل والمرأة على أساس النوع، وهو الذي يُمارَس بشكل كبير ضد النساء.

بالرغم من أن الصفات الانسانية واحدة، إلا أن المجتمع يفرّق بين الرجال والنساء، واضعًا إياهنّ فى إطار هامشي ظالم، ضاربًا بحقوقهن وطموحهن عرض الحائط، خاصةً في مجال العمل، حيث ينظر المجتمع إلى النساء فى أن أدوارهنّ المثالية تكمن فى كونهن الأمهات والزوجات، وبالتالي يتم تهميشهن في الحياة العامة وإقصائهن، على الرغم من وجود نماذج نسائية حققت تفوقًا وريادة، في مجالات مختلفة يتم تصنيفها على أنها للرجال فقط، وهو ما يثبت عكس التصور الرجعي لدور النساء، فلدينا بطلات فى حمل الأثقال، عالمات فى مجال الذرة، أديبات، صحافيات، وقاضيات متميزات.

ويظهر التمييز ضد المرأة فى مجال العمل في عدم تكافؤ فرص العمل، والترقية بين الرجل والمرأة، وكذلك فجوة الأجور بين الجنسين، علاوةً على عدم الاكتراث بتوفير بيئة آمنة للنساء لممارسة عملهن.

ينص الدستور المصري الحالي في مادته الحادية عشرة على «تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقًا لأحكام الدستور. وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلًا مناسبًا في المجالس النيابية، على النحو الذي يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة، والتعيين في الجهات والهيئات القضائية دون تمييز ضدها. وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل. كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجًا»، إلا أن الوضع القائم يتعارض بشكل واضح مع هذا النص، ولعل أوضح مثال في مصر على التمييز ضد المرأة في شغل المناصب القضائية، هو عدد القاضيات الذي يبلغ 67 قاضية، مقابل نحو 16 ألف قاضٍ من الرجال، ويقتصر تعيين الدفعات الجديدة على هيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة.

وكانت إحدى المتقدمات لشغل وظيفة قضائية بمجلس الدولة وهي أ/أمنية جاد الله، التي قُوبل طلبها  بالرفض، هي وزميلاتها النساء دون الرجال. على الرغم من أنهن تقدمن في الموعد المحدد واستوفين شروط الوظيفة. سلكن كل الطرق الممكنة للتحاور مع موظفي مجلس الدولة، والتظلم أمام رئيسه دون مُجيب. ولم تقف أمنية وزميلاتها صامتات، فقامت نحو 20 فتاة بتحريك دعوى ضد مجلس الدولة في مارس من عام 2014، لكنهن فوجئن برفضها في عام 2017، وهو الأمر المتوقع نظرًا لكون عدم الإيمان بتولي المرأة منصب القضاء هو الفكر المسيطر على معظم الهيئات القضائية المصرية.

وبالنظر لتمثيل النساء في قطاعات العمل  في مصر نجد أن هناك قطاعات طاردة للنساء، فوفقًا لتقرير جهاز التعبئة والإحصاء في قطاع التعدين واستغلال المحاجر، تمثل عمالة النساء بهذا القطاع 0.8 %  من إجمالي عمالة الإناث وتمثل الإناث 4.22% فقط من إجمالى العاملين بهذا القطاع. وتدلل هذه النسب في العموم على شبه انعدام عمالة النساء، وكأنها تقول إنها للرجال فقط. وعلى الرغم من وجود قانون ومواد دستورية تهدف إلى المساواة بين الجنسين في جميع المجالات، إلا أن القوانين لا تزال مجرد نصوص محفوظة ومضروب بها عرض الحائط.

هذا المقال منشور في إطار حملة «حضور وانصراف»