حالة من الجدل تشهدها نقابة المحامين على خلفية قرار النقيب سامح عاشور بتجميد نشاط لجنة المرأة في الـ15 من سبتمبر الماضي، بعد تصاعد وتيرة المشادات بين عدد من المحاميات العضوات باللجنة، على أن يستمر  التجميد حتى انتهاء التحقيقات، وهو ما ترفضه بعض المحاميات  باعتباره حلقة جديدة في سلسلة التمييز التي تواجه المحاميات داخل النقابة، بينما يراه البعض الاَخر جزءًا من استحضار لصراع انتخابي يقترب.

استمرار لمسلسل التمييز ضد النساء

تروي المحامية جواهر الطاهر، مديرة برنامج الوصول للعدالة بمؤسسة قضايا المرأة، لــ«ولها وجوه أخرى» كواليس قرار تجميد لجنة  المرأة بنقابة المحامين، وتقول «لقد فوجئنا على الجروب الرسمي للجنة المرأة على تطبيق الواتساب باعتراض عنيف من جانب إحدى الزميلات تجاه مقترحات لبعض المحاميات، يطالبن بتعديل لائحة النقابة بنصوص تواجه التمييز الذي تتعرض له المرأة المحامية سواء في مشروع العلاج أو التأمين الاجتماعي، وبدأت جبهة المحاميات المواليات للنقيب بتوجيه السُباب والشتائم للمحاميات اللاتي يطالبن بحقوقهن.»

وبحسب الطاهر فقد تقدمت المحاميات اللاتي تعرضن للسب والقذف بشكوى إلى نقيب المحامين سامح عاشور، مرفقة بنُسخ “سكرين شوت” أي لقطات من محادثات الواتساب تثبت الاعتداء اللفظي من قبل زميلاتهن، وتضيف الطاهر «بشكل مفاجئ نشر موقع النقابة بيانًا بنص قرار النقيب بتجميد نشاط اللجنة لحين انتهاء التحقيقات في الشكاوى الواردة ضد بعض عضوات اللجنة.»

وتستنكر الطاهر قرار تجميد نشاط لجنة المرأة، متسائلة  «هل مع كل شكوى ضد بعض أعضاء اللجان يتم تجميد اللجنة نفسها بدلًا عن تجميد عضوية الأشخاص أم أن هذا تمييز ضد لجنة المرأة فقط، وهل يتم منع الحقوق عن أصحابها لمجرد وجود شكاوى أو حتى مخالفات بدلًا عن محاسبة المخطئين سواء كانوا إناثًا أو ذكورًا؟»

وكانت مؤسسة قضايا المرأة قد أعلنت فى بيان صحافي إدانتها لقرار النقيب بشأن تجميد لجنة المرأة بنقابة المحامين، مشيرةً إلى أن هذا الموقف ليس الأول ولن يكون الأخير في إطار النهج التمييزي الذي يتبعه مجلس النقابة تجاه المحاميات. كما ذكر البيان أنه على الرغم من أن نقابة المحامين هي الأجدر في مصر بتطبيق مواد الدستور والاتفاقيات الدولية والقانون إلا أنها في قراراتها تخالفها بشكل واضح وصريح.

كما ألقى البيان الضوء على مواقف وممارسات النقابة تجاه المحاميات ومنها ما يقضي به مشروع علاج المحامين، إذ يعطي للمحامي حق إضافة زوجته إلى البطاقة العلاجية سواء كانت تعمل أو لا (موظفة أو ربة منزل)، في حين لا يضاف زوج المحامية إلى البطاقة العلاجية بحجة أنه مشروع تكافلي، على الرغم من أن المحامية مطالبة بسداد قيمة الاشتراكات بالكامل مثل زميلها المحامي وبنفس قيمة الضريبة.

كما أدانت مؤسسة قضايا المرأة غياب التمثيل عادل للمحاميات داخل مجلس النقابة، وذكر البيان أنه بإلقاء نظرة تاريخية على عضوية المرأة المحامية في المجلس خلال مئة عام، سيتبين أن تمثيلها لم يتجاوز الثلاث مرات فقط، في الستينات والتسعينات وبداية الألفية الجديدة، بواقع امرأة في كل مرة.

وتؤكد الطاهر أن مؤسسة قضايا المرأة تنظم جلسات عمل منذ العام 2012 من أجل تعديل قانون النقابة ليشمل كوتا تضمن تمثيلًا عادلًا للمحاميات داخل مجلس نقابة المحامين، مشيرة إلى أن المؤسسة تأمل أن تؤدي مناقشة قانون النقابة في البرلمان خلال الفترة المقبلة إلى إدخال التعديلات اللازمة بما يضمن تمكين المحاميات من الحصول على حقوقهن أسوة بزملائهن المحامين.

وتختتم الطاهر حديثها مشددةً على ضرورة التعاون مع المجلس القومي للمرأة والجمعيات الأهلية المعنية بحقوق النساء بشأن تطوير وتأهيل المحاميات لخوض العملية الانتخابية داخل النقابة، إلى جانب تفعيل دور معهد المحاماة للعمل على تغيير الثقافة الذكورية التي تهيمن على المحامين ضد المحاميات بما يكفل الاحترام والمساواة اللازمين داخل المواد التدريبية للمعهد.

ومن جانبها تعرب هند شنهاب إحدى المحاميات اللاتي تعرضن للاعتداء اللفظي وعضوة بلجنة المرأة، عن رفضها التام لقرار التجميد، مؤكدةً أن إقصاء الزميلات المخالفات من اللجنة هو الحل وليس تجميد نشاط لجنة المرأة برمته.

وتوضح شنهاب فى تصريحات لــ«ولها وجوه أخرى » أنها تقدمت لنقيب المحامين سامح عاشور بشكوى تكشف الاعتداء اللفظي والسب والقذف الذي تعرضت له من قبل إحدى المحاميات العضوات باللجنة، وتكشف شنهاب أن النقيب طالب بفتح تحقيق في الشكاوى إلا أنه لم يُسفر عن نتائج حتى الآن.

استحضار لصراع انتخابي

في المقابل ترى المحامية هبة عادل مؤسسة مبادرة المحاميات المصريات، أن قرار تجميد لجنة المرأة قرار سليم وله أساس نقابي تم الاستناد إليه، فضلًا عن أنه إجراء متعارف عليه وفقًا لللائحة على حد قولها. وترفض عادل أن يتم تصدير واقعة تجميد اللجنة باعتبارها استهدافًا من النقابة للمحاميات وتجاهلًا متعمدًا لحقوقهن.

وتكشف عادل أن لجنة المرأة وفقًا لحديث نقيب المحامين خلال المؤتمر العام قبل أيام، لم يُجرى لها انتخابات، ولم يتم اختيار أعضاء لها أو تشكيل مكتب تنفيذي له أعمال أو برنامج واضح، كما أن اللجنة لم تقدم أي خطة عمل للنقابة حتى يقال «تم تجميد النشاط»، إذ لم يكن هذا النشاط مفعَّلًا بحسب مؤسِسَة مبادرة المحاميات المصريات.

وتتابع عادل «التلاسن بين عدد من الزميلات المحاميات استمر على مدار شهرين، ولم يفلح شيئًا في إيقافه، ولذلك أعلن النقيب تجميد نشاط اللجنة، لأن ما يحدث من مناوشات يسيء إلى عموم المحاميات، خاصة أن اللجنة حتى الاَن ليس لها أي نشاط.»

وتشير عادل إلى أن  النقيب دعا المحاميات خلال المؤتمر العام إلى التفاعل في مختلف اللجان الأخرى في النقابة، اعتقادًا في أن قضايا المرأة جزء من القضايا العامة، فضلًا عن إشادته بجهود بعض المحاميات البحثية فيما يتعلق بالقضايا القانونية أو تلك التي تخص وضع المحاميات في المهنة ، واصفًا ذلك بــ«النموذج المطلوب» الذي تسطيع النقابة البناء عليه.

وتُرجع عادل الجدل الدائر بشأن تجميد لجنة المرأة إلى الصراع الانتخابي، خاصة أن الانتخابات النقابية على الأبواب، والقانون الجديد ينص لأول مرة على كوتا للمرأة في مجلس النقابة، وبالتالي فإن ما يحدث هو عملية استباقية واستحضار لصراع انتخابي قادم، وهو ما توصفه بالأمر غير المحمود في ظل انعكاسه بالسلب على جميع المحاميات.