أصدرت مبادرة «وصلة» النسوية في بورسعيد بيانًا صحافيًا تحت عنوان «التحرش جريمة»، تدين فيه فعل التحرش بكل أشكاله و صوره، وتشجب حالة الاحتفاء المجتمعي بشخص المتحرش  في مقابل وصم ونبذ الناجية وتخويفها من اتخاذ رد فعل تجاه جريمة التحرش.

وقالت المبادرة في مستهل بيانها إن النساء قد واجهتهن أحداث ظهر فيها الدعم المجتمعي للتحرش، ومنها؛ حادثة التحرش التي وقعت في منطقة التجمع الخامس قبل عيد الأضحى بأيام معدودة، واحتفى الكثيرون  بالمتحرش بدعوى حق العرض والطلب، الذي أكدت «وصلة» أنه توصيف لا ينطبق على هذه الحالة وإنما هي حادثة تحرش بحسب التعريفات المعترف بها، فقد تضمنت تتبعًا وملاحقة وتخويفًا.

وأضافت المبادرة في بيانها أن المتحرش نفسه اتسم بالإزدواجية، فقد رفض اعتبار ما فعله تحرشًا بينما وصفه – في إحدى الوسائل الإعلامية – بالتحرش إذا ما تعرضت له إحدى نساء عائلته.

وكانت شابة تدعى منة جبران قد نشرت عبر حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، مقطعًا مصورًا عنونته بــ«في التجمع وبيحصل كده!!»، توثق من خلاله ملاحقتها من قبل شاب يدعوها إلى شرب القهوة في أحد المقاهي القريبة في منطقة التجمع الخامس، وحاز المقطع على مشاهدات تخطت الـ500 ألف خلال ساعات قليلة من نشره، وأثار الحدث الجدل في الإعلام والشارع المصري.

وقد أشارت المبادرة في بيانها الذي تعاونت في إعداده مع الباحثة اَية عصام إلى حادثة أخرى وقعت في منطقة وسط البلد خلال عطلة عيد الأضحى، حيث تعرضت فتاتان هما جهاد الراوي وروزانا ناجح للتحرش الجنسي والضرب على يد المتحرش، وأصرت كلتاهما على تحرير محضر ضده لدى قسم الشرطة، لكن الأمور انتهت بصعوبة إثبات واقعة التحرش وأضحى المحضر اعتداء بالضرب المتبادل بين الطرفين، فضلًا عن ممارسة المتحرش وذويه لضغوط عليهما للتنازل عن المحضر.

ومن جانبها تقول هند حمد الله مؤسسة مبادرة «وصلة»، إن تلاحق حوادث التحرش الجنسي خلال الفترة الماضية ليس بالشيء الجديد، وإنما المثير للانتباه في هذه الوقائع هو رد فعل النساء والرجال، الذي كان  أقرب إلى الاحتفاء بالمتحرش وتحديدًا في واقعة فتاة التجمع، حيث تحول المتحرش إلى نجم تلاحقه الأضواء واستغلت بعض الشركات الكبرى الحادث للدعاية إلى منتجاتها وأعربت فتيات عن رغبتها في مرافقته والتنزه معه.

وتشير حمد الله إلى أن حالة الاحتفاء هذه تنعكس سلبًا على تعامل الشارع المصري مع التحرش، فيستسيغ هذا الانتهاك ويعتبره أمرًا عاديًا، وبالتالي يفتح الباب والمجال أمام حوادث أخرى ربما أكثر قسوة وعنفًا.

وكانت «وصلة» قد خرجت بعدد من المطالب في بيانها وهي؛ ضرورة اتخاذ الدولة لإجراءات حاسمة لمناهضة التحرش الجنسي وحماية النساء، وتوفير دعم مجتمعي للتوعية بالتحرش والتعريف بالقوانين المجرمة له، بالإضافة إلى  التوعية الإعلامية المعتمدة على نبذ المتحرش ووصم المتحرشين وليس الناجيات، واتخاذ تدابير قانونية لمنع وصم الناجيات ووقف الإجراءات التعسفية كالفصل من العمل والنبذ المجتمعي والأسري.

وتقول حمد الله  في تصريحات لــ«ـولها وجوه أخرى» إن آليات تطبيق القانون صعبة، إذ تفاجأ الكثير من الفتيات والنساء بوجود محاضر مضادة لمحاضرهن من قبل الجاني، وهو الأمر الذي  يجبر كثير منهن على التنازل عن حقوقهن القانونية.

في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، كثفت المبادرات النسوية جهودها لمواجهة العنف ضد النساء وتحديدًا التحرش الجنسي، سواء على الصعيد الميداني أو عبر شبكات التواصل الاجتماعي، لكن مثل هذه الحوادث تأتي لتحبط الكثيرين وتعطي انطباعات بأن الوضع لم يتغير. ترفض حمد الله القول بأن شيئًا لم يتغير، وتقول «جهود الحركة النسوية خلال الفترة الماضية أسفرت عن صدور قانون يجرم التحرش الجنسي في العام 2014، لكن الإشكالية هي أن صدور القانون خطوة واحدة في سلسلة خطوات يجب أن تتخذ حتى يستشعر المتجمع التغيير وهو ما يستغرق وقتًا طويلًا.»

وكان الرئيس السابق المستشار عادلي منصور قد أصدر في يونيو من العام 2014، قرارًا بقانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات المصري الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، فجاءت المادة 306 مكرر (أ) تنص على: يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد عن خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية. وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجاني من خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه.

في المقابل أصدر المجلس القومي للمرأة بيانًا ينفي فيه رصد مكتب الشكاوى بالمجلس لأي حالات تحرش جنسي خلال عيد الأضحى، وتعلق حمد الله على هذا البيان مؤكدةً أنه لا يعبر عن حقيقة الأمر، وفي وجهة نظرها فإن القومي للمرأة لا يمثل عموم النساء ويهتم بخدمة المرأة في قضايا محددة ولصالح أهداف بعينها وليس في المطلق على حد تعبيرها.

أخيرًا تشدد حمد الله على أن الحل لتحجيم ظاهرة التحرش الجنسي هو فتح المجال العام أمام الجمعيات والمبادرات النسوية للتوعية بالتحرش وأشكاله، إلى مواد القوانين التي تجرمه.

وكانت مبادرة وصلة قد أطلقت حملة للتوعية بظاهرة التحرش الجنسي  عبر  صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وتعتمد الحملة على نشر مقاطع مصورة للفتيات يروين تجاربهن مع العنف في المجال العام.

تابعوا الحملة عبر صفحة وصلة