الصورة – عزة كامل خلال أحد المؤتمرات النسوية

تكشف أرقام منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) للعام 2017، أن 17 في المئة من الفتيات في مصر يتزوجن قبل إتمام عامهن الثامن عشر، وعلى الرغم من أن النسبة في مصر أقل من دول أخرى، عربية وإفريقية، لكن تبقى هذه المشكلة حلقة في سلسلة طويلة من أشكال عديدة لانتهاك الطفولة في مصر، مثل؛ ختان الإناث (تشويه الأعضاء التناسلية)، والتسرب من التعليم، مما يعوق عملية اجتثاثها من الجذور، لكونها مدعومة بثقافة مجتمعية، وأعراف وتقاليد عتيدة، فضلًا عن معتقد راسخ بأن الزواج قبل إتمام الـ18 مقبول دينيًا بل ومحبذ.

في سبتمبر الماضي، كشف الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء ارتفاع نسبة الزواج المبكر، فقد بلغ عدد زيجات الفتيات أقل من 18 سنة، 118 حالة بواقع 40 في المئة من إجمالي حالات الزواج في مصر، وقد وصل عدد الفتيات اللاتي تزوجن دون سن 18 عامًا إلى 104 ألف فتاة، ومنهن 16.5 ألف في المناطق الحضرية، و87.5 ألف في الريف، بحسب ما جاء في تقرير التعداد السكاني للعام 2017.

وقد شدد رئيس الجمهورية حينذاك على ضرورة مواجهة هذه الظاهرة، وبالفعل تجيش الإعلام وعدد من المؤسسات الرسمية وفي مقدمتها البرلمان، ليعلنوا تكثيف الجهود من أجل محاربة الظاهرة وتضييق الخناق على مسبباتها.

المعلوم لدى الغالبية أن مصر تجرّم بالفعل زواج القاصرات، حيث تنص المادة الخامسة من القانون رقم 143 لسنة 1994 بشأن الأحوال المدنية والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 على أنه «لا يجوز  توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين 18 سنة ميلادية»، كما ينص القانون المصرى رقم 12 لسنة 1996، والمعدل بالقانون 126 لسنة 2008 -المعروف بــ«قانون الطفل» –  في مادته الثانية على «يقصد بالطفل في مجال الرعاية المنصوص عليها في هذا القانون كل من لم يتجاوز سنه الثامنة عشرة سنة ميلادية كاملة.»

وكانت المحكمة الدستورية العليا قد رفضت العام الماضي، طعنًا بعدم دستورية نص المادة،  وبالتالي فالمقطوع به بالنسبة للكثيرين هو تجريم القانون المصري لزواج القاصرات، لكن ثمة ثغرات تسمح باستمرار الظاهرة واللوذ بالنجاة من العقوبة، وهو ما توقفت أمامه مجموعة من الجهات الفاعلة في مجال الدفاع عن حقوق النساء والفتيات.

قبل أيام، أعلن  مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية (ACT) تدشين حملة بعنوان «مش قبل الـ18»، للضغط من أجل إصدار قانون يجرم زواج القاصرات (الفتيات اللاتي لم يبلغن الـ 18 عامًا).

وتقول الدكتورة «عزة كامل» مديرة المركز (جهة إطلاق الحملة)، إن قانون الأحوال المدنية ينص على أنه «لا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين 18 سنة»، ولكن لا يوجد ضمن مواد القانون ما يجرم هذا الفعل وهو ما تهدف الحملة إلى تحقيقه.

وتكشف «كامل» في تصريحات خاصة لــ«ولها وجوه أخرى»، أن عدد المنظمات المشاركة في الحملة يصل  إلى 20 جهة حقوقية ونسوية وتنموية، وهي :مؤسسة سالمِة لتنمية النساء، وجمعية الصعيد للتربية والتنمية، وجمعية حواء المستقبل لتنمية الأسرة والبيئة، ومؤسسة جذور، مؤسسة المرأة الجديدة، ومنصة ولها وجوه أخرى، والمركز المصري لحقوق المرأة، ومؤسسة المرأة العربية والأفريقية للتنمية، الجمعية المصرية للتنمية الشاملة، وجمعية المرأة والمجتمع، هيئة كير الدولية، ومؤسسة مهنة ومستقبل، ومبادرة المحاميات المصريات، ومؤسسة القيادات المصرية للتنمية، ومؤسسة المشرق للتنمية، ومؤسسة وسائل الاتصال من أجل التنمية، ومؤسسة نساء من أجل التنمية، والجمعية الطبية النسائية المصرية، ومؤسسة مصريين بلا حدود للتنمية، ومهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة.

وتوضح «كامل» أن الحملة تستعد لتدشين فعاليات أو حملات مصغرة بهدف التوعية بمخاطر  زواج الأطفال الجسدية والنفسية، من خلال  مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، لافتةً إلى أن الحملة ليست محكومة بوقت محددة وستستمر حتى تصدر مواد تجرم زواج القاصرات.

وبشأن تنفيذ أهداف الحملة واالاَليات المتبعة لتحقيق ذلك، تقول «كامل» إن الجهات المشاركة في الحملة لم تعد مشروع قانون لتجريم زواج الأطفال، لا سيما أن  إحدى النائبات وهي «منى منير»  ستقدم مشروع قانون في هذا الصدد إلى المجلس.

وبحسب «كامل» ، فإن المشاركين في الحملة، سيتواصلون مع النائبة، للضغط حتى يضم القانون موادًا تجرم زواج الأطفال.

وعلى الرغم من أن قانون الأحوال المدنية يمنع توثيق عقود الزواج لمن لم يبلغ الـ18 عامًا،فإن ذلك لا يمنع زواج الأطفال، وهو ما ترجعه «كامل» إلى الثقافة المجتمعية التي تدعم هذا التصرف، مشددةً على أن المؤسسات المشاركة في الحملة ستعمل على التوعية في هذا الصدد، من خلال وسائل وطرق مختلفة إعلامية وإلكترونية.