لعنة كارما: توقيع جديد لــ«هيفاء وهبي» على الالتزام الحرفي بالتسليع والتنميط
يعتبر مسلسل «لعنة كارما» من مسلسلات قليلة في هذا الموسم، يبرز فيها أسماء نسائية كمؤلفات، وفي هذا المسلسل يحضر اسم الكاتبة «عبير سليمان»، كما يأتي المسلسل في قائمة تضم سبعة مسلسلات في هذا الموسم انفردت ببطولتها ممثلات. ومع ذلك، لم يبتعد المسلسل عن الصور النمطية للمرأة في الدراما، فقدم لنا شخصيات نسائية أحادية، وقصة تقليدية وحوارًا وأداءً تمثيليًا ضعيفي المستوى.
تدور أحداث المسلسل حول «كارما» وتجسدها «هيفاء وهبي»، وهي العقل المدبر لعصابة تحترف النصب على الأغنياء، وفي الوقت نفسه، تسعى للانتقام من والدها «مراد» رجل الأعمال الذي يجسدشخصيته «زكي فطين عبد الوهاب» وأسرته بعد رفضه الاعتراف بها ابنةً له وتخليه عنها وعن أمها «زينة مختار» التي تجسد شخصيتها «شيرين».
الحضور النسائي خلف الشاشة
الدور النسائي الأبرز خلف الشاشة لـــ «عبير سليمان » مؤلفة المسلسل، التي شاركت أيضًا في كتابة السيناريو والحوار مع «مصطفى زايد» و«حسام حلمي»، كما شغلت «رشا الكردي » موقع المساعد الأول للمخرج، و«جيهان صبحي خليل » موقع الـ Colorist، و«شيماء الليثي » موقع الـ Art director، وشاركت كل من «فاطمة صلاح العمري» و«أمينة درويش» كمساعدتي مهندس الديكور، و«مها بركة » كــ Stylist، وسكريبت الملابس كان لــ«نورهان سامي». المسلسل من إخراج «خيري بشارة» وإنتاج «ممدوح شاهين» عبر شركة «MGR».
تسليع الجسد هو العنوان الفعلي للمسلسل
تلعب «هيفاء وهبي» دور «كارما»، وهي نصابة محترفة وشديدة الذكاء، ويحاول المسلسل تقديم مبررات إنسانية لما وصلت إليه، فقد نشأت في ملجأ أيتام بعد أن تخلى أبيها عنها وعن أمها التي جمعتها به علاقة غير شرعية. شعور «كارما» بالحرمان من الطفولة والظلم الواقع على أمها، تحول إلى وقود يحركها للانتقام من الأب الذي تسبب في سجن أمها ظلمًا، للتخلص منها ومنع «الفضيحة»، وإن كانت شخصية «كارما» تحمل اختلافًا عن الشخصيات الأخرى التي قدمتها «هيفاء وهبي» في مسلسلاتها السابقة، فإنها لم تغير النهج الذي تسير عليه سواء في أعمالها التمثيلية أو أغانيها المصورة فيما يخص توظيف الجسد لجذب المشاهد، فما زالت «هيفاء» تستغل جسدها ومواصفته الأنثوية المرغوب فيها في مجتمعنا الذكوري، وتجعله محورًا رئيسًا في المسلسل، وكالعادة حظيت ملابس «هيفاء» من شورتات وتنورات قصيرة وفساتين مثيرة باهتمام أكثر من العمل نفسه في الإعلام وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يتوقف الأمر عند الملابس، بل ركز صناع المسلسل زوايا التصوير والمشاهد المطولة بشكل غير مبرر لإظهار مفاتن «هيفاء وهبي».
المرأة الخارقة: الرجال يعشقونها والنساء يغرن منها
يرسم المسلسل صورة نمطية للمرأة، فعلى الرغم من أن شخصية «كارما» تتمتع بدرجة كبيرة من الدهاء والمكر، فإن التركيز الأكبر يظل على الجمال الحسي، حيث تؤسر الرجال بجمالها وأنوثتها بشكل غير منطقي، وفي المقابل تشعر النساء تجاهها بالغيرة، في اختزال للمرأة في حدود الجسد الأنثوي بمقاييس الجمال الذكورية. يقع في حبها «مصطفى صبري» المحامي الفاسد واسع النفوذ، ويجسده «سامح الصريطي»، الذي عاش جل حياته بلا رغبة في الزواج، حتى أتت وغيرت قناعته ليطلب منها الزواج، ويحبها «شريف» الذي يجسد شخصيته «محمد الوزيري» وهو الابن المدلل لــ«مراد»، وعلى الرغم من أنه متعدد العلاقات النسائية ولا يأخذ أيًا منها بجدية، يتحول بسببها إلى عاشق تائب يتخلى عن حياته السابقة ويطلب منها الزواج قبل أن يعرف أنها أخته، كما يصبح «عمر هداية» ويجسد شخصيته «فارس رحومة» العاشق الولهان بعد أن نجحت في النصب عليه وسرقة مليوني دولار منه، فقرر تعقبها بعد اختفائها ليس بهدف الانتقام وإنما ليعترف لها بحبه، الذي دفعه للتسامح والتغاضي عما فعلت.
يقابل هذا العشق الذكوري متعدد الجبهات، غيرة النساء منها وأولهن «إيمي» وتجسد شخصيتها «نورين كريم» إحدى أفراد العصابة التي تقودها «كارما»، وذلك بسبب قرب «يوسف» الذي يجسد شخصيته «محمد سليمان» من «كارما»، وتغار منها أيضًا «صافيناز كاظم» زوجة «محمد مراد» وتؤدي دورها الأردنية «عبير عيسى»، فتتربص سيدة الأعمال المرموقة والوزيرة الناجحة بأخطاء «كارما»، وتظهر غيرتها في نظراتها وتعليقاتها عليها وعلى مظهرها.
الانتقام يُخلَق من رحم الخذلان
تعتبر فكرة الخذلان الذكوري هي المحرك الأساسي لــ «كارما» ودافعها الرئيس للانتقام، والخذلان لم يطلها وحدها، وإنما بدأ بالأم وتسلل إليها، فبعد أن أقام «محمد مراد» في شبابه علاقة بالممثلة المغمورة «زينة» وحملت على إثرها، أصبح مطالبًا بالزواج منها والاعتراف بابنتهما، لكنه يرفض تحت ضغط من زوجته «صافيناز» وخوفًا على مكانته الاجتماعية، فتضطر «زينة» إلى تهديده بفضحه في الصحف.
يقرر «محمد مراد» التخلص من «زينة» بسجنها بعد تلفيق تهمة حيازة المخدرات لها، ومن ثم إجهاضها داخل السجن، لكن تفشل مساعيه للقضاء على أي أثر لهذه العلاقة، فتولد «كارما» وتعيش في الملاجئ لفترة طويلة، حيث تتعرض لكل سبل الإهمال والإذلال، وكل ذلك بسبب الرجل الذي رفض الاعتراف بابنته، وشوه سمعة والدتها ودمر حياتها. يستمر الخذلان ويتضاعف، بعد أن تذهب إليه «كارما» وتصارحه بأنها ابنته، فيجدد رفضه الاعتراف بها، خوفًا على سمعته وزوجته التي أضحت وزيرة.
النمطية تتسيد: نجاح المرأة في العمل فشل للأسرة
للوهلة الأولى، تظهر «صافيناز » كنموذج للمرأة القوية التي تعتمد على اجتهادها وليس جمالها الشكلي، وتكشف الأحداث أنها شخصية ذكية عملت جاهدة طوال حياتها من أجل تحقيق هدفها وهو تقلد منصب وزيرة الاستثمار. في البداية تبدو شخصيتها مبشرة باتجاه إبراز قدرة النساء على النجاح في المجال العام، لكن ذلك لم يدم، فمع تطور الأحداث ترسخ الشخصية الفكرة النمطية عن المرأة الطموحة الناجحة في عملها، إذ تولي عملها أولوية على حساب أسرتها، فلا تبالي بأسرتها وشؤونها، ما دام مظهرهم الاجتماعي على ما يرام.
علاوة على ذلك، تظهر كشخصية أنانية، حيث تعقد «صافيناز » صفقة تؤدي إلى خسارة كبيرة لشركات زوجها في مقابل حصولها على المقعد الوزاري، وعندما يثور زوجها بسبب هذه الخيانة التي أدت إلى خسارته ملايين الجنيهات، وشوهت صورته أمام منافسيه، ترد ببرود «البيزنس لا يراعي العلاقات الشخصية». ولأجل وجاهتها الاجتماعية، تقرر أن تحرم ابنتها من معرفة والدها الحقيقي، وهو المحامي «مصطفى»، الذي تتورط معه في علاقة وترفض أن تخبره بأمر حملها، يقينًا منها بأنه سيطالبها بأن تطلب الطلاق من «محمد مراد» والزواج منه، ليعيش معها وابنته حياة طبيعية، وهو ما رفضته حفاظًا على ما حققته وأسسته على الصعيد الاجتماعي.
إهمال شؤون أسرتها لا سيما أبنائها، يترك اَثاره على ابنتها «سارة»، التي تعاني من مشاكل نفسية وتتعاطى الأقراص المهدئة، ولا تلتفت أيضًا إلى مشاكل ابنها الهائم على وجهه بلا هدف، الذي تتعدد علاقاته النسائية، حتى تصل إحداها إلى أن تصبح رفيقته هي إحدى صديقاتها التي تناظرها في العمر، ومع ذلك لا تلتفت الأم إلى الأمر ومسبباته التي ترتبط بافتقاده لوجودها وتأثيرها في حياته.
تبرير الاعتداء الجنسي وقبوله
عالج المسلسل فكرة الاعتداء كصورة من صور التعبير عن الحب ووسيلة الحبيب اليائس للتمسك بمن يحب، وذلك عندما حاول «شريف» الاعتداء جنسيًا على «كارما»، بزعم الحب والغيرة، بعد أن أخبرته بطلب «مصطفى صبري» الزواج منها، وعندما يروي «شريف» لأخته «سارة» ما حدث وكأنه لم يرتكب جرمًا أو على الأقل حماقة، لا تعاتبه شقيقته على فعله وتكتفي بمطالبته بالتأكد من مشاعره تجاه «كارما»، لأنها قد تكون مجرد رغبة في الوصول إلى امرأة رفضته، وعندما يذهب للاعتذار إليها عن فعلته، يبررها بـأنه لم يقصد مضايقتها، لأنه لا يمكن لأحد أن يزعج من أحب.
لي الحقائق: مهما بلغ استقلالها سيظل الرجل منقذها
ذكاء «كارما» وتخطيطها الدقيق الذي يستبق الأحداث، لم يكن كافيًا لتحريرها من فكرة التعلق بالمنقذ والمخلص، حيث يظهر «عمر هداية» لينقذها في أكثر من مرة، تارة ينقذها من محاولة قتلها على يد «مصطفى صبري» وقد حماها من موت محتوم، وهو أيضًا المنقذ عندما تكاد تنكشف حقيقتها كامرأة محتالة أمام أسرته، بعد أن تذكرت ابنة خالته «سالي» أنها التقت بامرأة تشببها، ولا يفرق بينهما سوى اختلاف اللهجة، فالأخرى التي التقتها كانت مغريبة، وهي الشخصية التي انتحلتها «كارما» للنصب عليها، وحينها يتدخل «عمر»، لانقاذ الموقف لصالح «كارما»، فيحميها من انفضاح أمرها.
الخيانة: شيء عابر في حياة الرجل.. وكبيرة تهدم حياة المرأة
اعتاد «مراد» على خيانة زوجته، سواء مع «زينة» أو غيرها من النساء، وهي تعلم ذلك وتمرره وكأنه أمر عادي، إلى حد إتيانه بإحدى هؤلاء النساء إلى حفلة تقيمها، وعندما تثور ثائرتها، لا تكون الخيانة سببًا وإنما إساءته لمظهرها الاجتماعي، لأنه أحضر فتاة دون المستوى إلى الحفلة على حد تعبيرها، في المقابل فقد كان لــ«صافيناز» علاقة بــ«مصطفى صبري» المحامي وصديق العائلة، لكنها حافظت على الأمر سرًا بكل الطرق، خشية أن يهدم ذلك حياتها مع «مراد» الذي يخونها مرارًا بعلم ودراية منها، وعلى الرغم من أن كليهما خائن، تظل خيانة الرجل مقبولة بينما خيانة المرأة من الكبائر، ويدفع النساء وحدهن ثمن الخيانة بينما تمر في حياة الرجال دون ضجيج أو خسائر كبرى.