أيام قليلة وينتهي العام 2017، الذي أعلنه الرئيس المصري”عبد الفتاح السيسي” عامًا للمرأة، بعد أن تقدم المجلس القومي للمرأة بمقترح إليه في العام 2016، يطلب إعلان العام 2017 عامًا للمرأة، بهدف التوعية بدورها المحوري في المجتمع، والعمل على تحجيم العنف ضدها.

وقد اعتبرت “مايا مرسي”رئيسة المجلس القومي للمرأة، إعلان العام 2017 عامًا للمرأة، بمثابة فرصة ذهبية للنساء المصريات، لإثبات ذواتهن، وتحقيق ما يطالبن به، وقالت خلال مشاركتها، في فعاليات المجلس الاقتصادي لسيدات الأعمال، في 15 فبراير الماضي، “إن هذا العام لو مر دون تحقيق ما تصبو إليه المرأة، فلن يتحقق لها شيئًا بعد ذلك”، لكن “مرسي” صرحت في ديسمبر الجاري، بأن العام لم ينتهِ بعد، مستندةً إلى أن عام المرأة دشنه رئيس الجمهورية رسميًا في مارس الماضي، وبالتالي ينتهي في مارس من العام 2018، وأشارت إلى أن المجلس يعمل حاليًا على إعداد إحصائية بإنجازات المرأة على مدار السنة، في القطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والإعلان عنها سيكون بعد ثلاثة أشهر.

وما بين التصريحين، الكثير لنتوقف أمامه، بداية من أن موافقة الرئيس على أن يكون 2017 عامًا للمرأة، جاءت في مارس من العام 2016، وبالتالي فإن ما بدا واضحًا أن كشف الحساب سيكون في نهاية الاثني عشر شهرًا، التي تبدأ في يناير وتنتهي في ديسمبر، وإذا كان التقييم بشكل العام حتى اَخر شهور السنة يصب في الاتجاه السلبي، دون إنكار لتحقق عدد محدود من الإنجازات، فهل يمكن المراهنة على أن يحمل الشهران أو الثلاثة المقبلة، ما يقلب الموازين؟

في حقيقة الأمر، فإن العام 2017، مر فعليًا دون أن يتحقق الكثير مما كانت تطالب به النساء على مدار عقود طويلة، وهذا ما تثبته مراجعة الكثير من الأحداث التي شهدها هذا العام، الذي يوشك على الانقضاء.

سمة العام: مباهاة بقوانين في الأدراج

بتتبع تصريحات نائبات البرلمان، وبعض ممثلي الحكومة، بالإضافة إلى رئيسة المجلس القومي للمرأة، يتبين أن ثمة شعور بالإنجاز، كان يكتسي تصريحاتهم عن مشروعات قوانين جرى العمل عليها وإعدادها، لكنها تظل ساكنة في الأدراج، بل لم نر أي مجهود يُبذَل من أجل الضغط إعلاميًا ومجتمعيًا، حتى تخرج هذه المشروعات إلى النور.

مايا مرسي – رئيسة المجلس القومي للمرأة

في بداية العام، وتحديدًا في 17 يناير الماضي، شاركت رئيسة المجلس القومي للمرأة في ورشة عمل نظمتها، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، لمناقشة تقرير بعنوان “تقدم المرأة في العالم.. تحويل الاقتصاديات وإحقاق الحقوق”، وصرحت خلالها بأن إصدار قانوني مناهضة العنف ضد المرأة والأحوال الشخصية، هو هدف رئيس للمجلس خلال العام 2017، كما ذكرت في حوار أجرته لصحيفة اليوم السابع، ونُشِرَ بتاريخ 31 يناير 2017، أن أبرز القوانين التي يعمل عليها المجلس، ومن المقرر أن ينتهي منها خلال العام؛ قانون مكافحة العنف ضد المرأة، وقانون الأحوال الشخصية، وقانون المواريث، وقانون المجلس القومى للمرأة.

فيما يتعلق بقانون الأحوال الشخصية، وهو واحد من القوانين التي نالت قسطًا وفيرًا من الاهتمام الإعلامي، لاسيما أن عددًا من المؤسسات الحقوقية والنسوية، والأحزاب السياسية، قد تقدم إلى البرلمان بمشروعات بديلة للقانون القائم، مثل؛ مؤسسة قضايا المرأة المصرية، والاتحاد النوعي لنساء مصر، ثم حزب الوفد، كما نشرت الصحف أخبارًا في يوليو الماضي، عن مشروع قانون خاص بالأحوال الشخصية أعدته النائبة “عبلة الهواري”، حتى يتقدم به ائتلاف دعم مصر في البرلمان، خلال دور الانعقاد الثالث، الذي بدأ في أكتوبر الماضي، فضلًا عن مشروع قانون تقدمت به حملة “أريد حلًا” (تأسست في العام 2015، للضغط من أجل تعديل قانون الأحوال الشخصية) إلى النائبة “اَمنة نصير”، مقررة لجنة المرأة، في مارس الماضي، فيما نشرت جريدة الوطن في عددها الصادر بتاريخ 13 مايو 2017، تصريحات على لسان الدكتورة “مايا مرسي” رئيسة المجلس القومي للمرأة، تكشف خلالها أن المجلس استقبل حتى ذلك الوقت، ما يزيد عن  280 مقترحًا، لتعديل قانون الأحوال الشخصية، ما بين مقترحات قوانين كاملة وتعديلات لمواد معينة، لافتةً إلى أن اللجنة التشريعية في المجلس، تعمل على قدم وساق، وتنظم لجان استماع لجميع الهيئات والمنظمات والشخصيات المعنية بقانون الأحوال الشخصية، من أجل الخروج بمشروع متكامل لمدونة الأحوال الشخصية، بغية الإعلان عنه في عام المرأة، ومع ذلك وحتى يومنا هذا، لم يجد جديدًا في مسألة قانون الأحوال الشخصية.

أما فيما يخص القانون الموحد لمناهضة العنف ضد النساء، فما يسترعي الانتباه، هو أن المجلس القومي للمرأة نفسه، أشار في بيان أصدره بتاريخ 24 نوفمبر من العام 2016، إلى أنه أعد مشروع قانون متكامل لمكافحة العنف ضد المرأة، وسيعمل على طرحه للحوار المجتمعى خلال الـ 16 الدولية لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي (25 نوفمبر – 10 ديسمبر)، للوقوف على رأي المؤسسات والأفراد فيما يتعلق بمواد القانون، وسيقدمه للبرلمان لمناقشته، ومع ذلك لم يُطرح مشروع القانون حينذاك للنقاش المجتمعي، وكما أشرنا سلفًا، فإن رئيسة المجلس عادت وصرحت في بداية العام الجاري، بأن هذا القانون من القوانين المدرجة في جدول أعمال المجلس خلال العام، ثم أصدر المجلس في أغسطس الماضي، بيانًا لتهنئة نساء تونس، بعد تصديق البرلمان التونسي على القانون الموحد لمناهضة العنف ضد النساء، وقد جاء فيه أن القومي للمرأة عكف لمدة سنتين، على إعداد مشروع قانون لمكافحة جميع أشكال العنف ضد المرأة، وجاري اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لاستصدار القانون، ومع ذلك فإننا سنودع عام المرأة بعد أيام، دون أن يُطرح القانون للنقاش المجتمعي، على الرغم من أن ثمة حملات أطلقتها مجموعات ومؤسسات نسوية خلال العام، للضغط على المجلس لطرح مشروعه للنقاش المجتمعي، مثل، حملة “وضع يد”، التي انطلقت في نهاية مايو الماضي، كما أطلقت منظمات نسوية، في ديسمبر الجاري، “قوة العمل من أجل قانون موحد لمناهضة العنف ضد المرأة”، للدفع بمشروع قانون في هذا الصدد، وطرحه للنقاش العام.

أما قانون المواريث، فكان المتمرد الوحيد على وضعية الجمود المفروضة على بقية القوانين، إذ صدَّق البرلمان في 19 نوفمبر الماضي، على مشروع القانون المقدم من الحكومة، الذي يطرح تعديلًا لبعض أحكام القانون 77 لسنة 1943 بشأن المواريث، لتتضمن فرض عقوبات على من يمتنع أو يساعد فى تسليم الميراث للورثة ومنحهم حقوقهم، وذلك بهدف تمكين المرأة من الحصول على ميراثها، خاصة في المناطق الريفية، التي ينتشر فيها “حرمان النساء من الميراث”، وقد نصت التعديلات في جانب منها على “مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سته أشهر وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه، ولا تجاوز مئة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من امتنع عمدًا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث رضاء أو قضاء نهائيًا.”

بروباغندا “التحرش يتراجع”.. تفضحها فتاة الزقازيق وحملات البوح

سينمات وسط البلد – عيد الأضحى

يمكن لأي متابع للإعلام المصري، وبرامجه وتقاريره التلفزيونية، ومقالات كتابه، أن يستشف تلك الحالة التي يصدرها عن تراجع ظاهرة التحرش الجنسي، وترويجه إلى أن انتشارها لم يعد كما كان، خلال السنوات من 2011 وحتى 2014.

خلال تلك السنوات، كان التحرش الجنسي خلال الأعياد أشبه بمواسم تتضاعف فيها حوادثه، وكانت المنظمات والمؤسسات النسوية، تكثف من نشاطها الميداني، سواء للتوعية أو للتدخل وإنقاذ الناجيات من التحرش، أو لمساعدتهن في الإبلاغ لدى الشرطة، أما الاَن فقد انحصر هذا النشاط لأسباب لوجسيتية وسياسية، وأصبحت غرفة العمليات التي يخصصها القومي للمرأة، هي الجهة التي يتعامل معها الإعلام، كمحدد لمستوى ومدى انتشار التحرش الجنسي خلال الأعياد والعطلات الرسمية، وهو ما كان أساسًا، لتصدير صورة عن تراجع كبير في الظاهرة، بعد أن أعلن المجلس أنه لم يرصد في القاهرة والجيزة، خلال أيام عيد الفطر، سوى 30 حالة تحرش لفظي، وفي عيد الأضحى، أعلن أنه لم يتلق أي شكوى تفيد بوقوع حوادث تحرش جنسي، فتعاملت وسائل الإعلام مع هذه البيانات، بوصفها إقرارًا بأن التحرش يعود إلى الخلف، وهو ما كشفت مجموعة من الأحداث انعدام صحته مطلقًا، في مقدمتها واقعة التحرش الجماعي، التي تعرضت لها فتاة في مدينة الزقازيق، في 31 مارس الماضي، أثناء عودتها من حفل زفاف متجهة إلى منزلها، حيث فوجئت بتجمهر العشرات حولها، يحاولون الاعتداء عليها جسديًا، وتمزيق ملابسها، حتى تدخل صاحب أحد المقاهي الموجودة في الشارع، وتمكن من إنقاذها ودفع بها إلى داخل المقهى، حتى جاءت سيارات الشرطة وتمكنت من تفريق المتحرشين، باستخدام الطلقات النارية.

الأزمة لا تتوقف عند فداحة الجُرم، وإنما تمتد إلى التغطية الإعلامية للحدث، التي انطوت على تحميل الناجية الجانب الأكبر من المسؤولية إزاء ما تعرضت له، من خلال التركيز على وصف ملابسها، واستخدام ألفاظ مثل “فستان قصير جدًا”.

أكدت هذه الحادثة أن التعامل مع التحرش الجنسي، بنفس منطق التجاهل والتعالي، الذي كان سائدًا، قبل العام 2011، لن يجدي ولن يفلح، وإنما سيجعلنا نصطدم بين الفينة والأخرى، بمثل هذه الحوادث التي ستزداد كارثية ووحشية، ومع ذلك، فقد حاول كثير من الفتيات والسيدات، أن يدحضن هذا المنطق، عبر حملات إلكترونية، انطلقت خلال العام، لتشجع النساء على البوح بما ترك أثره غائرًا في نفوسهن، ولم يبرح يومًا ذاكرتهن.

وقد اتسع الفضاء الإكتروني هذا العام، لحملتين إلكترونيتين، كانتا بمثابة انتفاضتين نسائيتين ضد ثقافة الصمت المفروضة على الناجيات، وتحديًا للوصم الذي يلحقه المجتمع بهن عند الحديث عما تعرضن له، وهما حملة #أول_محاولة_تحرش_كان_عمري، التي انطلقت في مطلع إبريل الماضي، احتجاجًا على حادثة التحرش الجماعي بفتاة الزقازيق، وما تبعها من ردود أفعال حمَّلتها مسؤولية الانتهاك الواقع عليها، أما الثانية فهي #أنا_كمان، وهي تعريب للحملة الإلكترونية التي انطلقت من الولايات المتحدة الأمريكية عبر وسم #METOO، لكشف حجم العنف الجنسي الذي تعاني منه النساء هناك، لا سيما العاملات في مجال السينما، وذلك بعد أن أثار تقرير نشرته جريدة The New York Times، ضجة كبيرة، بعد أن أماط اللثام عن وقائع تحرش جنسي تعرض لها عدد من الممثلات والعاملات في مجال صناعة السينما الأمريكية، على يد المنتج “هارفي وينستين”، ومن أبرزهن؛ أنجيلينا جولي، وجوينيث بالترو، وكارا ديليفين، وميرا سورفينو، وآشلي جاد.

وقد كشفت الحملة الأولى، من خلال شهادات الناجيات المذيلة بوسم #أول_محاولة_تحرش_كان_عمري، أن كثيرًا منهن تعرض للتحرش الجنسي في مرحلة الطفولة، على يد أشخاص من العائلة، كالأب والأخ والجد وصولًا إلى أقارب الدرجة الرابعة، بالإضافة إلى أصدقاء الأسرة والجيران.

وتوازى مع الحملة الثانية، إعلان “سمية طارق” التي عُرِفَت إعلاميًا باسم “فتاة المول”، عن تعرضها للاعتداء باَلة حادة على يد الرجل، الذي تحرش بها قبل نحو سنتين، ليتسبب في جرح قطعي بوجهها، بلغ طوله 20 سم، كما شهدت هذه الفترة إعلان مؤسسة تومسون رويترز، أن بحثًا أجرته أظهر أن العاصمة المصرية، القاهرة، هي أكثر المدن المليونية خطورةً على النساء، وأن التهديدات ضدهن زادت منذ اندلاع ثورة يناير في العام 2011، ليكون ذلك كختم أو بصمة تؤكد كل ما أفاضت به تدوينات الفتيات والسيدات عبر وسم #أنا_كمان.

“ياسين لاشين” .. كابوس التحرش بالجامعيات يطل بوجهه القبيح

في أغسطس الماضي، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطعًا صوتيًا يوثق واقعة ابتزاز جنسي لفتاة على يد أحد أعضاء هيئة التدريس في كلية الإعلام في جامعة القاهرة، ويدعى “ياسين لاشين”، وقد تضمن التسجيل حوارًا يبين إرغامه لها على التصوير عاريةً تحت تهديد السلاح، وقد أثار المقطع سخط واستهجان الكثيرين، سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو في الإعلام، مرئيًا ومسموعًا ومطبوعًا وإلكترونيًا، كما أعلن عدد من أساتذة الكلية، التبرأ من الرجل وما اقترفه، فيما نظم طلاب كلية الإعلام وقفة احتجاجية أمام باب الجامعة للمطالبة بمحاكمته، وعلى الرغم من كل ذلك، فإن النتائج كعادتها، تذهب بنا إلى السراب، حيث يضيع الحق، وينجو المنتهِك في أغلب الأحيان، فقد حُفِظَت التحقيقات في البلاغات، التي تتهم “لاشين” بالرشوة وابتزاز الطالبات جنسيًا “لعدم وجود أدلة كافية لتوجيه الاتهام”، فضلًا عن أن التسجيلات المسربة، لم يعتد بها لأنها سُجِلَّت دون إذن قضائي.

إحباطات متكررة: الطلاق الشفهي ومجلس الدولة

في كلمته خلال احتفالية عيد الشرطة، في 24 يناير الماضي، دعا الرئيس “عبد الفتاح السيسي”، إلى إصدار قانون يمنع الطلاق الشفوي، وهو الأمر الذي طالما ناضلت الحركة النسوية في مصر من أجل تحقيقه، ويعود إلى ما بين العام 1910 و1911، عندما أعلنت “ملك حفني ناصف”في اجتماع لحزب الأمة، عن عريضة تشتمل على عشرة مطالب، من بينها ألا يتم الطلاق أو الزواج إلا أمام القاضي في المحكمة، وأرسلتها عن طريق الحزب إلى البرلمان، لكنه لم ينظر فيها حينذاك، ثم توالت محاولات ومعارك الرائدات النسويات، لوقف الاعتراف الرسمي بالطلاق الشفوي.

أعقب التصريح الرئاسي تحرك من المجلس القومي للمرأة، الذي تقدم بمقترح إلى الحكومة ومجلس النواب، لتوثيق الطلاق الشفوي، وقد اعتبر قطاع واسع من الفاعلات والفاعلين في مجال الدفاع عن حقوق النساء، هذه الأجواء والتحركات، مؤشرًا لاستجابة السلطة السياسية للمطلب صاحب العمر الطويل، وتصورت بعض النساء من المتضررات أو الأكثر عرضة لهذا الضرر، أن مخاوفهن ستسكن، إلا أن كل ذلك انهار بعد أن أصدرت هيئة كبار علماء الأزهر بيانًا أقرت فيه وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانه وشروطه، باعتبار أن هذا ما استقر عليه المسلمون منذ عهد النبي، ليعود الملف إلى الأدراج، ويكاد عام المرأة ينتهي دون أن يلوح في الأفق أي بصيص أمل في هذا الشأن.

مثلما قضت النساء أكثر من مئة سنة، تبحث عن سبيل لوقف فوضى الطلاق الشفوي وتقييده، تستمر حربهن الضروس، من أجل الحصول على حقهن في التعيين بمجلس الدولة، لأكثر من 65 سنة.

يتمسك المجلس برفضه تعيين مندوبات مساعدات، مستندًا إلى المبررات نفسها، التي صاغها عندما رفض تعيين “عائشة راتب” في العام 1949، وهي أول امرأة أقامت دعوى قضائية، تطالب بحقها في التعيين في المجلس، بعد أن رفض طلبها بحجة العادات والتقاليد.

لم يتغير الوضع حتى الاَن، ولم تختلف نظرة مجلس الدولة للنساء، وما زال صوت الرفض هو الأعلى، وها هو عام المرأة ينقضي، دون الخروج من المربع صفر في هذه القضية، ففي نوفمبر الماضي، أصدرت هيئة مفوضى الدولة، تقريرًا يؤيد عدم قبول الدعوى التي أقامتها المحامية “أمنية جاد الله”، تطالب بفتح باب التعيين بمجلس الدولة أمام الإناث، وأكدت الهيئة في تقريرها، أنه لا يوجد ما يُلزِم المجلس بتعين المرأة، ليستمر الرفض على الرغم من أن الدستور المصري ينص في المادة رقم (9) على “تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، دون تمييز”، والمادة رقم (11) في فقرتها الثانية على “تكفل للمرأة حقها في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائيه دون تمييز ضدها.”

الحصة النسائية في الحكومة: القليل من “الفتات”

مع بداية العام، أعلن الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” أن تعديلًا وزاريًا قادم في الطريق، وهو ما رفع سقف طموحات البعض، بشأن الحصة النسائية في الحكومة، التي كانت تقتصر قبل التعديل على أربعة حقائب فقط، وظنوا أن التعديل سيحمل معه أول مكاسب عام المرأة، لكن ما حدث خيب اَمالهم، فلم يتغير العدد.

خرجت وزيرة الاستثمار “داليا خورشيد” في التعديل الذي شمل 9 حقائب وزارية، واندمجت وزارة الاستثمار مع وزارة التعاون الدولي، التي تتولى شؤونها “سحر نصر”، وانضمت إلى الحكومة “هالة حلمي السعيد” وزيرةً  للتخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، فيما استمرت “غادة والي” وزيرةً للتضامن الاجتماعي، و”نبيلة مكرم” وزيرة الهجرة وشؤون المصريين في الخارج، ليبقى الرقم “4” ملازمًا للنساء في هذه الحكومة.

كما شهدت هذه التعديلات، تعيين نائبة واحدة، من بين أربع نواب عينهم رئيس الحكومة، لوزارتي الزراعة والتخطيط، وهي “منى محزر علي”، التي اختيرت نائبةً لوزير الزراعة لشؤون الثروة الحيوانية والسمكية والدجاج.

شاشات تبشر بالفكر الذكوري: ترويج لتعدد الزوجات ودعوات لاغتصاب النساء

يبدو من المحال في وقتنا الراهن، أن نرى قانون الأحوال الشخصية في مصر، يقضي بمنع تعدد الزوجات، كما هو الوضع في تونس، بل من غير المنطقي حتى أن يرد ذلك في خاطرنا، لكن هناك من لا يريد حتى تقييدًا، ويرفض أن يكون الزواج الأحادي هو السائد، بل ويقدم تعدد الزوجات كحل لكل مشاكل الإنسانية. هؤلاء الذين يبشرون بتعدد الزوجات، تقدمتهم هذا العام امرأة تدعى “رانيا هاشم”، ألفت كتابًا بعنوان “التعدد شرع”، صدر بالتزامن مع انعقاد معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ48، تؤكد من خلالها على أن البشرية لم تعرف فكرة الزوجة الواحدة إلا مع ظهور العلمانية، التي لا تؤمن بدين الله، وتحرم ما أحل الله في كتبه على لسان أنبيائه. ومن منطلق البحث عن المثير، والركض وراء ما يوسع المساحات الإعلانية، حلت “هاشم” ضيفة في العديد من البرامج التلفزيونية، على رأسها برنامج العاشرة مساءً، المذاع على فضائية دريم، وهو واحد من البرامج الحوارية الأكثر مشاهدة في مصر.

كما كان الإعلام في هذه الحالة، وسيلة للترويج لمنطق “الحريم”، كان بوابة ومساحة مفتوحة لمن يتبنون أفكارًا تحتقر النساء وتختزلهن في أجساد تختضع لوصاية الرجال، مثل المحامي “نبيه الوحش”، الذي أطلق من خلال البرنامج الحواري انفراد، المذاع على فضائية “العاصمة”، دعوةً لاغتصاب النساء، وقال «البنت اللي مش بتحافظ على نفسها، ولابسة بنطلون مقطع التحرش بها واجب وطني واغتصابها واجب قومي.»

ما لا يمكن إغفاله هو التحركات السريعة ضد هذا التصريح، إذ قرر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام منع ظهوره على الفضائيات المصرية لمدة 3 شهور، على خلفية هذه التصريحات، كما تقدم المجلس القومي للمرأة ببلاغ ضده لدى النائب العام، ورفضت رئيسة المجلس قبول اعتذاره عن هذه التصريحات، وأصرت على الاستمرار في التحرك القانوني المتخذ من المجلس، وأخيرًا قضت محكمة جنح الأزبكية، بحبسه لمدة 3 سنوات، وغرامة قدرها 20 ألف جنيه، ومع ذلك يبقى أمام “الوحش” فرصة لتقديم معارضة على الحكم، لأنه صدر غيابيًا.

نادية عبده – محافظة البحيرة

إليكم الإنجاز الأكبر في عام المرأة

مهما اختلفت تقييمات عام المرأة، ورؤية كل منها له، سواء كانت إيجابية أو سلبية  أو تقف في المنتصف، جميعها يتفق على أن الإنجاز الأهم، كان تعيين أول امرأة في منصب المحافظ، وهي “نادية عبده”، التي اختيرت في فبراير الماضي، لشغل منصب المحافظ في البحيرة، لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو، هل هذا ما كانت تطمح إليه النساء، منذ أن علمن بأن هذا العام هو عامهن؟ وهل هذه الخطوة توازي أي خطوة تقدمية من تلك التي اتخذها بلد مثل تونس خلال العام نفسه، أو هل يمكن وصفها بالإنجاز الثوري مثل السماح بقيادة المرأة للسيارة في السعودية؟