المرأة المصرية كانت سباقة فى الكثير من المجالات مهما اشتدت محاولات التقييد عليها ومساعى تحجيم دورها بل ومنعها من دخول مجالات بعينها إلا أنها كانت دائماً وأبدًا ترفض الإنصياع لهذه التدخلات والمكبلات..

فى وقت كان الخلاف فيه على إمكانية تعليم المرأة، وخروجها للعمل كان بين النساء واحدة من اللواتى يسعين لما هو أعلى ، أعلى حتى بلوغ السماء!

لم يكن أحد يتصور فى الثلاثينيات أن المرأة المصرية ستحلق كالعصفور فى السماء وستقود طائرة ولا ينظر لها عاليًا أهل بلدها فقط بل العالم بأسره !

“تعلمت الطيران لأنى أردت أن أكون حرة”

لطفية النادى – أول طيارة مصرية

أول من أخذت إجازة طيران فى مصر وفى أفريقيا والوطن العربي وثانى امرأة عالميًا هى “لطفية النادى” والتى كانت تحلم بالالتحاق بأكاديمية الطيران ولكن والدها رفض “تحفظاً منه” لكن بإصرارها على تحقيق حلمها ، أخفت الأمر عن والدها وذهبت للأكاديمية وعملت هناك سكرتيرة فى مدرسة الطيران حتى تستطيع سداد أقساط دروس الطيران وكانت أنذاك الفتاة الوحيدة التى تدرس الطيران.

54144824389368

فى أكتوبر 1933 حصلت على شهادة إجازة الطيران وهى بعمر 26 عامًا بعد أن تعلمت الطيران فى 67 يوماً فى اكاديمية الطيران وتلقت دعوة لإختبارها لتكون كابتن طيارة وكانت رقم 34 فلم يسبقها إلا 33 رجلا طيار فقط فى مصر وكانت تذهب فى رحلات من القاهرة إلى الاسكندرية بقيادة الطائرة واستطاعت ان تقود طائرة منفردة لمدة 13 ساعة.

وتقديرًا لها أرسلت لها “هدى شعراوى” رسالة تهنئة مفادها أنها شرفت بنات جيلها كما بذكر لهدى شعراوى أنها عملت لجمع التبرعات لشراء طائرة لها حتى تكون عوناً وتشجيعًا لبنات جيلها .

فى يوم 29-10-2014 احتفل جوجل بعيد ميلاد لطفية النادى 107 احتفاءً بمكانها وبالانجاز الذى حققته فى مجال الطيران كواحده من رواد الطيران فى العالم .

853601204464212

وبعدما استطاعت “لطفية النادى” اقتحام مجالات احتكرها الرجل وتمكنت من كسر حاجز الخوف تشجعت العديد من الفتيات بعدها لكى يصبحن كابتن طيار أمثال : بلانشي فتوش و نفيسة الغمراوى وزهرة رجب، وليندا مسعود والتى تعد ثاني قائد طائرات مصرية بعد الكابتن لطيفة النادي وكانت قد بدأت دراسة الطيران في عام 1944

حصلت علي شهادة معلم طيران ثم تم تعيينها بشركة مصر للطيران معلماً للطيران في 1945 وكانت تمارس الطيران في أوقات فراغها لكنها لم تحترفه.
وأسهمت ليندا في تخريج العديد من الطيارين المصريين من بينهم عائشة عبد المقصود وزينب التوتلي وعزيزة محرم التى أصبحت كبيرة معلمين فى مدرسة الطيران، وقدرية طليمات وعايدة تكلا وثريا جودة..
وكانت هذه الأسماء بمثابة الجيل الأول والأخير من قائدات الطائرات المصريات، لأنه فيما بعد توقفت الفتيات عن دراسة الطيران بحجة مشقة السفر وعدم استطاعة الفتاة التوفيق بين بيتها وعملها وأن مهنة الطيران متعبة لا تتحملها الفتاة، إلى أن فاجئتنا شركة مصر للطيران فى العام 1988 بتعيين أول امرأة تقود الطائرات فى الشركة .

“بحب الطيران من صغرى وقررت أنى أبقى طيار وأتعلم طيران بعد الجامعة ودرست طيران واشتغلت”

هبة درويش – إحدى الطائرات المعدودات الاَن

وفى السنوات الأخيرة، عادت النساء تطرق أبواب الطيران مرة أخرى لكن لا يزال عدد النساء المصريات اللواتى يعملن فى قيادة الطائرات ضئيلاً جداً ، فلا يزيد عددهن عن عشرين أو أكثر، من بينهن الكابتن “هبة درويش” .

المسألة لا تزال كما هى منذ أكثر من ثمانين عامًا، مخاوف من التقاليد التى صنعها البشر وتحجيم لقدرات المرأة وتقييد لطموحاتها العالية .. ويبقى الإختيار بيدها وحدها إما أن تختار أن تحلق عالياً مع طموحاتها أو أن تبقى أسفل مقيدة بمكبلات المجتمع الذكورى.