تفشت فى مصر مؤخراً ظاهرة” اغتصاب الأطفال” أو علمياً “البيدوفيليا” –Pedophilia – وبمعدلات متزايدة خاصة في العامين الأخيرين، ومع اجتياحها المجتمع المصرى بشراسة، كثرت التساؤلات بشأن دوافع هذه الظاهرة، وأسباب انتشارها وطرق علاجها.

“ولها وجوه أخرى” تحاول فى هذا التقرير الإجابة على هذه التساؤلات وكذلك ترصد أبرز هذه الحالات.

“عشق الأطفال” أو “الغلمانية” او مايعرف علميًا بالبيدوفيليا

لايعتبر انحرافًا إجراميًا بقدر ما يعتبر مرضًا نفسيًا، يحمل الشخص المصاب بهذا المرض شهوة جنسية تجاه الأطفال من الجنسين، وتحديدًا من هم أقل من 13 عاماً ويميل من يعانون من “البيدوفيليا” إلى الأطفال من الجنس المقابل أكثر من ميلهم للأطفال من نفس الجنس .

ويترجم هذا الإضطراب في أعراض وصور مختلفة تتفاوت من مجرد النظر بشهوة، أو اللمس المشبوه، أو التعرية للضحية، أو التعري أمامها، أو الاتصال الجنسي بشتى صوره وأقصاه الاغتصاب، ورغم انتشار الظاهرة مؤخراً فى مجتمعنا، نادرًا ما يتم تسليط الضوء عليها مالم يصاحبها كارثة مثل وفاة الطفل أو الطفلة المعتدى عليه/عليها ،وحتى مع المتابعة الإعلامية لمثل هذه الحوادث لا يتم البحث ورائها بشكل علمى وتحليلها من كل الزوايا وإنما يتم الاكتفاء بالتعرض لها كحادث مروع، ويتم التطرق إلى النواحى القانونية لكن أكثر من ذلك قلما نرى أو نسمع.

“يوجد الآلاف من البحوث والإحصائيات العالمية بخصوص ظاهرة “اليبدوفيليا” ولكن عربيًا نقترب من العدم فى الإحصاءات عن هذا الفعل الإجرامي ومرجع الأمر هو حالة الإنكار والخجل التي تعيشها المجتمعات العربية، وتحول دون التحدث بصراحة عن هذه الظاهرة رغم معرفة كثر بتفشيها وانتشارها”

40874821133912

شهدت  مصر خلال العامين الأخيرين الكثير من حالات اغتصاب الأطفال وخاصة الإناث منهم، والمفزع أن بعضهن لم يتجاوز سن الرابعة، ولعل أبرز هذه الحالات كن:

الطفلة زينة

“زينة” الطفلة البورسعيدية، ابنة الخمسة أعوام، كانت تمتلك ضحكة بريئة تشع جمالاً وتبعث روح الفرحة فى كل ما يحيط بها، وقعت فريسة لذئبين بشريين أعمارهما بين 16و17 عاماً، هزت هذه الواقعة قلوب الكثيرين ليس فقط في بورسعيد بل فى مصر بأكملها.

المغتصبان وهما ابن أحد جيران “زينة” و ابن حارس العقار الذى تكسن فيه الطفلة، قاما باستدراجها إلى سطح البناية المتواجد بها منزلها ليعتديا عليها، ولما فشلا فى اغتصابها بسبب صراخها واستغاثاتها قاما بإلقائها من أعلى سطح البناية إلى المنور لتسقط الطفلة قتيلة بينما فرا المجرمان هاربين لكن سرعان ما تمكن رجال المباحث من كشف غموض مقتل الطفلة “زينة” وتوصلوا للمغتصبين.

الطفلة رحمة

طفلة في الــ8 من عمرها تدرس بالمعهد الدينى بإحدى قرى كفر الشيخ، كانت في طريق عودتها إلى منزلها لحادثة اغتصاب بشعة، عندما قام شخص يبلغ من العمر 19 عامًا بالهجوم عليها وبسبب ضعف بنيانها وجسمها، فشلت محاولاتها للافلات منه، وانزوى بها داخل جرنة واغتصبها وسبب لها جروحاً خطيرةً ، وأكد التقرير الطبي حدوث نزيف داخلي وصل إلى جدار البطن، مما اضطر الفريق الطبي لعمل شق جراحي بطول البطن، لإصلاح ما حدث من تهتكات والحفاظ على حياتها.

“أشهر حوادث اغتصاب الصغيرات التى وقعت خلال العامين الأخيرين وقعت فى محافظات غير القاهرة وبعض الحوادث وقعت فى صعيد مصر”

الطفلة ميادة

طفلة فى الـ4 من العمر تدعى”ميادة” تتواجد بمدينة الإسماعيلية، تعرضت للاغتصاب على يد عشيق والدتها التي تجردت من مشاعر الأمومة والرحمة وقدمت ابنتها له لاشباع رغباته الجنسية بدلاً منها بعد أن جاءها الحيض ومنعها من معاشرته جنسياً، أصيبت “ميادة” بحالة إغماء بعد تخديرها بالترامادول بعد أن قدمته لها الأم في العصير حتى يتمكن عشيقها من الاعتداء عليها دون مقاومة من جانبها.

الطفلة هدى

حتى الصعيد، لم يسلم من الظاهرة، إذ تعرضت طفلة صغيرة لم تتعد الـ5 سنوات تدعى”هدى” لواقعة اغتصاب من قبل شخص يبلغ من العمر 19 عامًا، نجح في استدراجها إلى مكانٍ مهجور وجردها من ملابسها واعتدى عليها جنسيًا وعندما حاولت المقاومة بالصراخ، قام الجاني بخنفها بملابسها الداخلية ولم يكتفي بذلك بل قام بتهشيم رأسها بالطوب حتي فارقت الحياة .

طفلة المنصورة

فى المنصورة، شهدت إحدى قرى المدينة واقعة محاولة اغتصاب جماعى لطفلة فى الــ8 من عمرها، حيث قام ثلاثة أشخاص – فى سن الشباب- باختطاف الطفلة أثناء عودتها من مدرستها التي تبعد عن المنصورة عدة كيلومترات وكانت حينها بصحبة أخيها الذي يكبرها بعام واحد، أخذوها عنوة إلى داخل “توك توك ” واقتادوها إلى منطقة مهجورة وضربوها وجردوها من ملابسها وحاولوا مواقعتها جنسيًا إلا أن صراخها المستمر جعلهم يفروا هاربين تاركين إياها في مكان الواقعة، وأكد تقرير الكشف الطبي على الطفلة أنها مازالت بكراً، حيث لم يتمكن خاطفوها من مواقعتها جنسيًا، إلا أنه أثبت إصابتها بعدة كدمات في منطقة الظهر.

ولعل هذه الحالات هي ما كان لنا بها علم، ربما لتعرض المجني عليهن للقتل أو لوصول الصحافة إليهن، ولكن بالتأكيد هناك اَخريات لم نعرف عنهن شيئًا ربما لتهديد وتخويف من قبل الجاني أو خوف من الفضيحة، وتجدر الإشارة هنا إلى تعرض الذكور أيضًا إلى مثل هذه الحوادث.

أسباب أخرى غير”البيدوفيليا”رفعت معدلات”اغتصاب الصغيرات”

542200066382065

يعتبر “البيدوفيليا” كما ذكرنا من قبل مرضًا نفسيًا إلا أن هناك العديد من الأمور التي ساهمت في انتشار ظاهرة “اغتصاب الأطفال” وعلى رأسها الإنفلات الأمني، وبالتأكيد المتطرفون الذين ألبسوا شهوة الأطفال الأبرياء ثوباً من الدين ليجد غير الأسوياء مبررًا لسلوكهم الشاذ، والدفع نحو قبول الزواج من القاصرات، والذي يبيح للكثير النظر للطفلة الصغيرة، كونها جسد مشتهى.

وفى هذا الصدد ظهرت الكثير من الفتاوى التي تجيز مواقعة البنات الصغيرات أو معاشرتهن قبل سن الــ15 بل وصل الحد في بعض الفتاوى إلى اتاحة معاشرة البنات في سن 3 أعوام وأبرزها، ما جاء على لسان “ياسر برهامي” أحد مشايخ الدعوة السلفية الذي أصدر فتوى تفيد بأن الشرع يسمح بالزواج قبل سن الحيض مادامت الفتاة تطيق الزواج.

ويضاف إلى هذه الفتاوى عوامل أخرى ساعدت على تفشي هذه الظاهرة منها الإعلام والدراما، وفى هذا السياق نجد الأفلام وما أكثرها تعرض كماً هائلاً من مشاهد العنف وتستغل الأطفال في بعض المشاهد الجنسية.

الحل.. من فضلكم !

ولذا فلابد من وجود حلول لهذه المشكلة المستمرة في التصاعد والتفاقم، إذ صار لزامًا وجود قانون رادع لكل من تسول له نفسه انتهاك براءة الأطفال، ولعل حالة الطفلة “زينة” التي اعتذر فيها قاضي المحكمة عن عدم توافر مواد بالقانون لتطبيق أقصى عقوبة علي المجرمين يعكس مدى تباطئ الدولة في مواجهة مثل هذه الحوادث بتعديلات فى قانون الطفل للحد من مثل هذه الجرائم.

أما على المستوى الطبي، حتى الاَن الإعلام الذى يعرض هذه الحوادث وينشر صور الناجيات منها وبياناتهن من باب السبق الصحفى، لكن لم نر هذا الإعلام يستضيف أطباء ومحللين نفسيين لتقديم رؤية طبية واضحة لمواجهة هذا المرض النفسي الذى ينتشر يوماً بعد الاَخر ويقدموا لنا نشرات تحليلية لمعرفة هذا المرض وأعراضه خاصة أنه قد يكون بيننا من يعانى منها ولا نشعر به.

وأخيراً لابد أن ندرك أن التعاطف يستمر لفترة ثم يذهب وتُنسَى معه الحادثة، حتى تأتى حادثة أخرى لتذكرنا و ربما تكون أكثر وحشية وفظاعة من سابقتها ونظل نحن ضعفاء سلبيين فى مواجهة الظاهرة التى تتفشى أمام أعيننا ونحن نتتبع استفحالها بصمت مريب اَخره قد يكون صرختنا لما تطالنا أنياب بيدوفيليا.