بصوت حزين وعيون تنضح بالاَسى، يغمرها الدموع تروي السيدة (م.ذ) قصتها التي تعود إلى أكثر من عشرين عامًا “بنت صعيدية مثل معظم بنات الصعيد، كنت شديدة البياض، جسدي ممتلئ نوعًا ما، شكلي أثار الخوف داخل والدي، فحرماني من مواصلة التعليم الدراسي بعد المرحلة الابتدائية.”

تتابع “بعد أن أرغمت على البقاء في المنزل وترك المدرسة، تقدم لخطبتي العديد من الشباب، لكن أمي كانت ترفض لأنهم لا يليقون بي وبعائلتي، فنحن عائلة ميسورة الحال وذائعة الصيت في بلدتنا بمحافظة المنيا.”

(م.ذ) ترى أن رفض أمها تزويجها لأي من هؤلاء الشباب لم يكن لهذا السبب الذي كانت تعلنه، وإنما لأنها تريدها معها، تساعدها في إدارة المنزل وشؤونه، ومع تتابع الرفض، انقطع الشباب عن طلب يدها بل انقطع الرجال عمومًا “وكما يقولون «فاتني القطر»، ومرت الأيام وتوفى أبي، بينما تزوج أخوتي الذكور الثلاثة وأصبح لكل منهم بيته وأسرته، وبقيت أنا وأمي وحدنا في المنزل.” تقول (م.ذ)

وتردف”أخي الأكبر اعتاد إهانتي ومعايرتي بأنني «عانس»، وجعلني أساعد زوجته في شؤون منزله سواء تنظيفه أو الطهي وغيره، ووجدت زوجته تتبع نفس أسلوبه وتصمني بالعنوسة، وتعاملني وكأنني خادمة في بيتها.”

“لم أتحمل الإهانة وعدت إلى بيتي، ومن شدة الحزن والاَلم الذين ألما بي، أصبت بجلطة تسببت في شلل نصفي، ولم أعد استطيع النطق أو الكلام وتوقف النصف الأيمن من جسدي عن الحركة، وبقيت على وضعي هذا لمدة سنتين أخضع لعلاج طبيعي، حتى تحسنت قليلًا في الكلام أما الحركة فعادت بسيطة.” تقول (م.ذ)

بعد خمس سنوات توفيت الأم ومن بعدها لا تجد (م.ذ) من يرعاها لا أخ ولا زوجة أخ وأضحت الأيام كلها واحدة لا تختلف عن بعضها، ومن يعتني بها هم الجيران فقط.

“الأهل انقطعت الصلات معهم ويبدو أنهم ينتظرون يوم وفاتي حتى يرثوا البيت الذي أعيش فيه، هذا هو حالي، وما أحاول فعله هو القيام قدر ما استطيع بأعمال بسيطة كي لا أكون حملاً ثقيلًا على أحد أو أسمع كلامًا جارحًا كما كنت في السابق، وليس هناك ما هو أبشع أو أكثر قبحًا من هذه الحال.”