محمد أبو الشباب

عن الكاتب:

ناشط في مجال الدفاع عن حقوق النساء

وعضو لجنة خبراء بمؤسسة خريطة التحرش الجنسي

 

تقول الأسطورة الإغريقية القديمة أن «باندورا» هي أول امرأة في التاريخ، خُلِقَت بأمر من الإله «زيوس» كعقاب للرجال على ذنوبهم، بعد ما سرق «بروميثيوس» سر النار من «آلهة الأولمب» وعلمه للناس، قررت الآلهة معاقبة البشرية بطريقة مبتكرة، فأمر «زيوس» بخلق المرأة كعقاب إلهي للبشرية وكان اسمها “باندورا”، ومنحها صندوق مغلق وأمرها ألا تفتحه أبدًا.

«باندورا» كانت فضولية وعايزة تعرف ايه اللي فى الصندوق، فقامت بفتحه، فأظلم العالم فجأة بعد ما كان خالي من الشر، وخرج من الصندوق كل شرور العالم من نفاق ومرض وجوع وفقر، قفلت «باندورا» الصندوق بسرعة لكن قفلته قبل ما يخرج من الصندوق “الأمل”، ومن هنا تحولت جنة البشر السعيدة لجحيم لا يطاق، ودلوقتي الإغريق راحو فى داهية وفضلت أسطورة باندورا، أشك أن 10% من المصريين يعرفوا الأسطورة دي، بس هما من غير ما يعرفوها، بيعملوا بيها، والحقيقة أكتر بكتير من 10% من المصريين بيمارس شكل من أشكال العنف ضد المرأة، ناس كتير قوى بتؤمن أن المرأة هي سبب كوراث البشرية، حتى أن البعض يظن ظلمًا  أن المرأة ممثلة في “حواء” هي السبب في إخراج بنى الإنسان و”اَدم” من الجنة، عايزين تعرفوا بجد نظرة المجتمع للمرأة، شوفوا الامثال الشعبية عندنا ومدى تقليلها من المرأة

صوت حية ولاصوت بنية

أم البنت مسنودة بخيط وأم الولد مسنودة بحيط

هم البنات للممات لو عرايس أومتجوزات

يامخلفة البنات ياشايلة الهم للممات

أتجوز الأرملة وأضحك عليها وخذ من مالها وأصرف عليها

المرأة لو طلعت للمريخ أخرتها للطبيخ

إن مات أخوك أنكسر ظهرك وإن ماتت أختك أنستر عرضك وإن مات ابنك انحرق كبدك

جوزت بنتي لأرتاح من بلاها رجعتلي وأربعة وراها

دلع بنتك تعرك ودلع ابنك يعزك

قالولي جالك ولد اتشد ظهرى وأفرد قالولي جالك صبية وقعت الحيطة عليا

للآسف هي دي نظرة الكثيرين للمرأة في مجتمعنا، العادات والتقاليد والهوية الثقافية من أكتر ما يؤثر في سلوكيات الأفراد في المجتمع، وبيشكل الوعي الجمعي وبيوجه الناس لسلوكيات معينة، وبيخرج من العادات والتقاليد دي أمثال شعبية بتعبر عن المجتمع وبيكون ليها سلطة خفية يستند إليها البعض لتبرير أفعالهم.

الأمثال الشعبية والعادات والتقاليد والسلوكيات المتوارثة المغلوطة، مواجهتها تعتبر حرب بمعنى الكلمة وليست مجرد معركة، لأن تغييرها يحتاج لعمل متواصل ومحاولة إنهائها يقتضي العمل على الأجيال القادمة بقدر الإمكان، مما يعنى أن أثر عملنا سيظهر ليس الاَن ولا بعد شهر ولا عام، بل بعد عشرات السنوات، سنحصد نتيجة جهدنا وعملنا لتغيير هذه الثقافة التي تؤثر بالسلب وينتج عنها عنف مجتمعي ونفسي يؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على المرأة.

المرأة إنسان لكن للاَسف الأمثال الشعبية والعادات والتقاليد التي تقلل منها اعتاد المجتمع على استخدامها، والتوقف عن تكرار وترديد تلك الأمثال سيساهم في مواجهة هذه الثقافة.

“شخص واحد عاقد العزم يمكن أن يقوم بعمل تغيير كبير، ومجموعة صغيرة من الأشخاص عاقدي العزم يمكنها أن تغير مسار التاريخ.” سونيا جونسون – كتابة وناشطة حقوقية