بالصور- معرض «أنا بخير اطمئنوا».. خطوة بإتجاه «متحف المرأة» في مصر.. ومناضلات يجمعهن العمل والحراك والحركة
يحتضن حاليًا مسرح الفلكي بالجامعة الأمريكية، معرض “أنا بخير اطمئنوا” الذي تنظمه مؤسسة المرأة والذاكرة حتى يوم 23 مايو الجاري.
يوثق المعرض محطات في حياة 21 امرأة من مصر والأردن ولبنان والدنمارك من خلال لقاءات أجراها معهن عدد من الباحثات، بالإضافة إلى مجموعة من مقتنياتهن تتباين بين صور شخصية ومشغولات يدوية ولوحات فنية وملابس خاصة ومكاتبات وقصاصات صحافية وأفيشات سينمائية.
عنوان المعرض هو جملة تضمنتها رسالة بعثتها المناضلة “شاهندة مقلد” إلى الباحثة في العلوم الإنسانية “ريم سعد” ابنة “وداد متري” واحدة من رموز الحركة الشيوعية المصرية، وقد كتبتها على ورق الحمام في 12 ديسمبر 1978 عندما كانت تقبع خلف القضبان كمعتقلة سياسية.
إلى جانب “شاهندة مقلد” يضم المعرض مقتنيات لـ”كوكب حفني ناصف” أول امرأة تدير مستشفى في مصر، والمناضلة الشيوعية والمعلمة “وداد متري” والممثلة السينمائية “هند رستم” وفنانة الفخار “راوية محمد” والمرشدة السياحية “مايسة مصطفى”، و”صفية جمال” إحدى نساء النوبة، عاشت فيها حتى عام 1948 عندما تزوجت وانتقلت إلى القاهرة، و”زينب” وهو اسم مستعار لامرأة من صعيد مصر انتقلت إلى العاصمة للعمل بالمنازل، بالإضافة إلى الفنانة التشكيلية “بلسم أبو زور”، والرسامة “ريم الجندي” والإحصائية “حياة شريف” من لبنان، والرسامة العراقية “وداد الأورفه” و”رقية السنتريزي” أو “أم إبراهيم” الفلسطينية وهي عاملة تطريز تمتلك وتدير ورشة في مدينة عمان، والأردنية “مي قسيسية” التي تحترف التطريز أيضًا، والموسيقية المصرية “نادية صفوت” التي ولدت وتعيش في الدنمارك، وأخريات يستعيد المعرض رحلاتهن عبر الحياة.
كل شخصية وُضِعت نبذة عن مسيرتها وقول على لسانها إلى جانب صور لها على لوحة أحيطت ببعض مقتنياتها في طاولات زجاجية موزعة بين أرجاء المعرض أو معلقة على الجدران.
“هند رستم” خُصص لها ركن خاص، وعلى أحد حوائطه عُلقت أفيشات لأربعة من أفلامها وهي “اعترافات زوج” و”الحلوة عزيزة” و”ملكة الليل” و”سيد درويش”، كما تزين المعرض بفستان سهرة أحمر اللون، كانت قد ارتدته في أحد أفلامها، ومن مقتنياتها أيضًا جواز سفر صادر بتاريخ 30 أغسطس 1955، وكارنيهات عضويتها بنقابة المهن التمثيلية، وزجاجة عطر.
يأتي معرض “أنا بخير اطمئنوا” نتيجة تعاون مثمر بين مؤسسة المرأة والذاكرة ومتحف النساء في الدنمارك والمعهد الدنماركي المصري للحوار، ووحدة الأنثروبولجيا ومعهد سنيثيا نيلسون بالجامعة الأمريكية ومركز طراز بالأردن، وورشة المعارف في لبنان.
مما يضمه المعرض في ساحته، شهادة تخرج “كوكب حفني ناصف” من مدرسة لندن الطبية للنساء بكلية لندن الجامعية في عام 1933، وحقيبة على الطراز النوبي مصنوعة بيد والدة “صفية جمال”، وبطاقة دخول “وداد متري” إلى جامعة الدول العربية للمشاركة في لجنة المرأة العربية، لكن أكثر القطع جذبًا للانتباه، هي رسالة لـ”شاهندة مقلد” كتبتها أثناء اعتقالها على ورق الحمام، تعايد فيها “ريم سعد” ابنة صديقتها المعلمة “وداد متري”، وقد حملت في طياتها ما هو أعمق من مجرد معايدة، فهي توثق الأوضاع داخل السجون وحال عدد من المسجونات وما ورائهن من قصص.
وجاء في مقدمتها “ابنتي الحبيبة ريم .. في عيد ميلادك السعيد أبعث إليك بكل الحب والاحترام والأماني الحلوة بأيام سعيدة مقبلة أكثر بهجة وأكثر إشراقًا.. وكم كنت أتمنى أن أكون معك وبجوارك في هذا اليوم خاصة وأنت تستقبلين عامك السادس عشر وتشقين طريقك بيننا بجدارة كزميلة نعتز ونفخر جميعًا بزمالتها وأعدك في عيد ميلادك القادم أن أكون معك أو تكوني أنت معي.”
ما يميز المعرض أنه لا يعمد فقط إلى توثيق نضال النساء الرائدات اللواتي يسجل التاريخ بين صفحاته أسمائهن وقصصهن، وإنما يسجل محطات في حيوات نساء لم ينلن نفس الفرصة، ويتعامل معهن باعتبارهن مناضلات قاومن التمييز والتهميش والظروف العصيبة.
ما يجمع بين هؤلاء النساء رغم اختلاف جنسياتهن وخلفياتهن الثقافية والاجتماعية والحقبات الزمنية، ما تضمنته العناوين التي تصدرت اللافتات الكبرى المعلقة على حوائط المعرض، سواء العمل أو الحراك أو الحركة.
اللافتات الست الكبرى المصنوعة من القماش ترافق الزائرين طيلة جولتهم، فكل واحدة وُضِعت في ناحية من نواحيه باستثناء اثنتين تجاورتا على جدار واحد هو المحطة الأخيرة في المعرض، وقد حملتا عنواني “نحو متاحف للنساء في الشرق الأوسط”، و”الفريق .. الشركاء .. وشكر خاص”، أما بقية اللافتات فجاءت عناوينها “عن إعادة صياغة العلاقات”، و”عن الحراك” و”النساء لا يتوقفن عن الحركة” و”العمل .. العمل.. العمل”. يذكر أن معرض “أنا بخير اطمئنوا” من تنسيق كل من ميسان حسن ولمى عطية وسيبا اينرزدوتر.
في الخلفية، يستمع الزائرون إلى قصص بعض من هؤلاء النساء يروينها بأنفسهن، مصحوبة بمادة فيليمة تتلاحق صورها على أحد الحوائط عبر اَلة العرض، لتتضافر العناصر كلها في نقل الزائرين إلى عوالم هؤلاء النسوة والعبور بهم إلى أزمانهن المختلفة.