حوار مع مؤسسة تطبيق «يافضيحتو»..تطبيق للهواتف والأجهزة الذكية يمكنك من فضح المتحرش ويعلمك بالطرق والشوارع الاَمنة
لا يمكن لعاقل أن ينفى حالة الحراك الشبابي التى تعيشها مصر منذ قيام ثورة ال25 من يناير، والتى تجلت فى إطلاق شباب لمبادرات فى مجالات عدة.
وفى الفترة من مارس 2011 وحتى ال30 من يونيو 2013، بزغت المبادرات الشبابية الرامية إلى الحد من ظاهرة التحرش الجنسي التى شهدت تحولاً “مرعباً” وقتذاك، إذ التصق التحرش بالتظاهرات وأضحى مخططاً سوداوياً لإرهاب النساء المشاركات فيها وعلى الرغم من بشاعة الوقائع إلا أنها كشفت عن نية صادقة وإرادة صلبة من قبل قطاع ليس بالقليل من الفتيات والشباب لإنهاء هذا الواقع المؤلم الذى يلاحق النساء فى كل مكان وطأت أقدامهن إياه، وبعد انحصار المظاهرات لا تزال هذه المبادرات تقوم بدورها فى التوعية ضد التحرش فى كل وقت ومكان استطاع متطوعوها ومتطوعاتها الوصول إليه.
لكن يبدو أن هناك من الفتيات من أراد مواجهة ظاهرة التحرش بمبادرة من نوع اَخر، تستغل التطور التكنولوجى لصالحهن وتسخر شبكات التواصل الاجتماعى لتأمين خطوط سيرهن وفضح “المتحرشين”.
“يافضيحتو” تطبيق إلكترونى للهواتف الذكية أطلقه كل من “ياسمين ياسين” و”هديل محمود” بعد رحلة بحث عن مشروع يخدم الفتيات اللواتى يعانين مثلهن من هذه الظاهرة المتفشية فى مصر من أقصاها لأدناها.
انضم لهديل وياسمين شابات وشباب أخرون ليكتمل عدد فريق العمل ب6 أفراد ما بين مخطط، ومصصم، ومنفذ، ومبرمج ومطور جميعهم ما بين 24 و28 عاماً، قضوا ما يقارب العام حتى اكتملت الصورة النهائية للتطبيق وخرج للنور بالتزامن مع احتفالات عيدى القيامة وشم النسيم – نظراً لأن حوادث التحرش تزداد خلال الأعياد.
“يافضيحتو” مبادرة تتخذ منحىً مغايراً عن الكثير من المبادرات السابقة عليها فى مجال مكافحة التحرش الجنسي، لكن فى الوقت ذاته يبدو تكميلياً لما تقوم به تلك المبادرات.
نتعرف أكثر على “يافضيحتو” من خلال حوارنا مع “ياسمين ياسين” إحدى مؤسسي التطبيق:
ما الذى يقدمه تطبيق “يا فضيحتو” من خدمات للفتيات والسيدات؟
“يا فضيحتو” هو تطبيق يعمل بنظام أندرويد للهواتف والأجهزة الذكية ونحن بصدد توفيره لأنظمة IOS ، وهو يقدم مساحة للإبلاغ عن حالات التحرش فى الشوارع أو الإبلاغ عن حالة شارع أو منطقة بعينها ما إن كانت اَمنةً أو غير ذلك، وفى حال الأمان يختار المبلغ او المبلغة “أمان يا مصر”.
وقد حرصنا ألا يستوجب التطبيق أن تبلغ الفتاة بنفسها عن حالة تحرش تعرضت لها وإنما يمكن لأى شخص شهد على واقعة أن يبلغ إما باسمه الشخصي أو كفاعل خير (لإخفاء هويته)
كما يتيح التطبيق أن يتم الإبلاغ عن نوع التحرش سواء كان لفظياً أو بسبسة أو تحرشاً جسدياً أو عبر إشارات بذيئة.
ولو كانت الفتاة هى المبلغ عن التحرش يوفر لها التطبيق أيضاً تحديد ما إن كانت تعرضت له أثناء سيرها، أو فى سيارتها الخاصة أو فى أحد المواصلات الاَتية: التاكسي أو الأتوبيس أو المترو.
وفى حال تمكنت الفتاة أو المبلغ عامة التقاط صورة للمتحرش يمكنهم إضافتها مع البلاغ علاوة على ذلك، يتيح التطبيق نشر البلاغ بكل تفاصيله المذكورة عبر شبكات التواصل الاجتماعى فيسبوك وتويتر لتعريف الاَخرين بحال الشوارع وأحياناً لفضح المتحرشين إن تم إرفاق صور فى البلاغات.
الإبلاغ عن وقائع التحرش نوعاً ومكاناً بطريقة إلكترونية، يتشابه مع ما تقوم عليه “خريطة التحرش الجنسي” .. فما الذى يقدمه التطبيق جديداً؟
خريطة التحرش الجنسي تتمثل فى موقع إلكترونى، الإبلاغ عليه قد يستنزف وقتاً للدخول على الموقع سواء عبر الهاتف النقال أو الانتظار حتى يتمكن المبلغ أو المبلغة استخدام الحاسب الاَلى لملء استمارة البلاغ.
بينما التطبيق يضمن سرعة فى الإبلاغ وعدم الاحتياج لأى وقت إضافى فما يتميز به “يافضيحتو” هو الإبلاغ اللحظى .
هل التطبيق يتيح الإبلاغ عن أى منطقة فى كافة المحافظات أم محدود بأماكن بعينها؟
فى المرحلة الحالية والأولى للتطبيق، المتاح هو الإبلاغ عن وقائع التحرش فى مناطق محافظتى القاهرة والإسكندرية فحسب مع توفر اختيار إضافى باسم “أخرى” دون تحديد للمحافظات الباقية على أن يكون هناك توسع فى النطاق الجغرافى فى المراحل المقبلة.
ولماذا اخترتم اسم “يا فضيحتو”؟
للأسف الشديد، فى مجتمعنا تتربى البنات منذ الصغر أنها لو تعرضت للتحرش يتعين عليها ألا تتحدث عنه، ولا تتخذ رد فعل، وإلا ستفضح نفسها، وجميع الفتيات تقريباً اعتادت أذانهن على سماع جمل من نوعية”ما تتكلميش، ما تحكيش، ما ترديش وإلا هتفضحى نفسك” لذلك نحاول أن نرسخ للعكس ونؤكد أن الفضيحة ليست فضيحة المتحرش بها وإنما فضيحة المتحرش، وما نحاول التأكيد عليه من اختيار اسم “يافضيحتو” كان واقعاً يعيشه المجتمع المصرى قبل عقود عندما كان المتحرش يعاقب بحلاقة الشعر كعقاب على فعلته، وقتها كان المتحرش هو الذى تلاحقه الفضيحة وليس المتحرش بها.
“امرأة بشارب” هو شعار التطبيق .. لماذا فضلتم هذا التصور شعارًا؟
مبدئياً الشعار له أكثر من مغزى، الأول هو الإشارة إلى أن المرأة ليست ضعيفة كما يُروَج بل قوية وأكثر قوة من الرجل، الثانى هو الإشارة إلى الفضيحة من خلال تصوير وجه السيدة أنه جرس يدق معلناً فضيحة المتحرش.
ألم تتخوفوا من تحفظ بعض الجهات والمهتمين بالشأن النسوى من مسألة تصوير المرأة القوية بالرجل كما تصورون فى شعاركم؟
نحن نؤمن بمقولة المرأة بمئة رجل، بمعنى أن المرأة أصبحت تستقوى بنفسها وحدها ولم تعد تستقوى بالرجل، وقوتها تناظر قوة عشرات الرجال، ومن خلال التطبيق نؤكد على تلك الفكرة.
هل تم إطلاق التطبيق بالتعاون مع مبادرات أخرى معنية بقضية التحرش؟
لا، لقد أطلقنا التطبيق بشكل مستقل وبمفردنا كفريق من الشابات والشباب، لكن هذا لا يعنى عدم تواصلنا مع هذه المبادرات، نحن نسعى لخلق قنوات تواصل معهم للتنسيق فيما بيننا حتى يستخدم متطوعوهم – الذين يعملون على الأرض – التطبيق حتى يعرفوا الفتيات والسيدات من مستخدمات التطبيق بالمناطق الاَمنة والخطرة خاصة فى الأوقات التى ترتفع فيها معدلات التحرش مثل الأعياد.
ما أبرز المعوقات التى واجهتم إياها أثناء تنفيذ التطبيق؟
ربما يكون الأبرز هو تسجيل المشروع أو الشركة باسمنا بالشهر العقارى نظراً للروتين الحكومى، أما مسألة التمويل الذى تلقينا عروض دعم كثيرة بشأنه من رعاة لكن جميعها لم تتحقق، لم نسمح لها بإعاقة تقدمنا وأنجزنا مشروعنا على نفقتنا الشخصية.
ما تطلعاتكم فى المستقبل بالنسبة لكل من “يا فضيحتو” وقضية “التحرش الجنسي”؟
بالنسبة للتطبيق، نحن بصدد الإعداد لمرحلته الثانية والتى ترمى إلى مزيد من التطوير فى خاصياته مثل إضافة خاصية باسم “إلحقنى” التى ستوجه للفتيات اللواتى يشعرن بحاجة إلى تدخل سريع فضلاً عن مزيد من التسهيلات لمستخدمات ومستخدمى التطبيق.
أما فيما يخص قضية التحرش الجنسي، فنحن نتطلع لتغيير نظرة المجتمع للتحرش وقبوله لهذا الفعل، وفى الوقت نفسه تغيير قبول البنت للسكوت عن هذا الانتهاك تخوفاً من الفضيحة التى يدعي كثيرون للأسف أنها ستلتصق بها.