يواجه الشباب الكثير من التحديات، وخاصةً فيما يتعلق بالصحة الإنجابية، لكونها ثقافة يفتقر إليها الكثير، ويؤثر الجهل بها سلبًا على العديد من مناح حياتهم، وخاصةً الاجتماعية والصحية، وينتج عن ذلك العديد من المشكلات والظواهر السلبية، مثل: الزواج المبكر، وختان الإناث، والتحرش الجنسي، بالإضافة إلى العديد من المشاكل الصحية كالأمراض المنقولة جنسيًا، والأمراض المنقولة وراثيًا، التي تنتج بنسبة كبيرة عن زواج الأقارب، إلى جانب التقصير في إجراء فحوصات ما قبل الزواج، إلا أن ذلك تواجهه منظمات المجتمع المدني، من خلال دور لافت تلعبه في التوعية والتثقيف بقضايا الصحة الإنجابية.

ويوضح “أحمد حمدي” مسؤول الشباب والنوع الاجتماعي بالجمعية المصرية لتنظيم الأسرة، أن الجمعية من خلال فروعها المنتشرة في أغلب محافظات الجمهورية وعددها 19، تعمل من أجل أن يتمتع النساء والرجال والشباب في مصر بحياة انجابية وجنسية وصحية سليمة، كما يتبع فروع الجمعية 130 مركزًا لتقديــم خدمــات تنظيــم الأسـرة والصحة الانجابية في الحضـر والريــف، والمناطق الصحراوية والعشوائية والنائية.

ويشير “حمدي” إلى أن الجمعية المصرية لتنظيم الأسرة، تقود العمل التطوعي في مجال الصحة الإنجابية والجنسية بتقديم ودعم الخدمات والمعلومات، وتمكين المرأة، وتناصر الحقوق ذات الصلة  للجميع، وخاصة الفئات المحرومة، والأكثر عرضةً للخطر.

وأضاف “حمدي” أن مفهوم الصحة الإنجابية أكثر شمولية مما يظنه البعض، الذين يقصرونه على (تنظيم الأسرة)، موضحًا أنه حسب تعريف منظمة الصحة العالمية، فالصحة الإنجابية هي الوصول إلى حالة من اكتمال السلامة البدنية والنفسية والعقلية والاجتماعية في الأمور ذات العلاقة بوظائف الجهاز التناسلي وعملياته، وليس فقط الخلو من الأمراض أو الإعاقة، وتعد جزءًا أساسيًا من الصحة العامة، تعكس المستوى الصحي للرجل والمرأة في سن الإنجاب.‏

ويكشف أن العديد من الفئات المستهدفة بالصحة الإنجابية، مثل الرجال والنساء في سن الإنجاب، لرفع المستوى الصحي لهم، والمراهقون والشباب لتجنيبهم السلوكيات الضارة التي قد تؤدي إلى انتشار الأمراض المنقولة جنسيًا، ليعدوا أنفسهم للمستقبل ويتحملوا مسؤولياتهم تجاه صحتهم، والأسر التي سيشكلونها، والنساء ما بعد سن الإنجاب، وذلك لوقايتهم من الأمراض التي تتعلق بالجهاز التناسلي ومواجهتها، والأطفال ما بعد الولادة، للحفاظ على صحتهم وحمايتهم ونموهم.

ويشير مسؤول الشباب والنوع الاجتماعي بالجمعية المصرية لتنظيم الأسرة، إلى أن وجود العديد من العوامل التي تؤثر في مستوى الصحة الإنجابية للأفراد، ويقول “الصحة الإنجابية تؤثر وتتأثر بحالة المجتمع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، تتأثر سلبًا بانتشار الأمية، والبطالة، وبتقاليد المجتمع وعاداته ومعتقداته وقيمه، كما تتأثر بالبيئة الأسرية وعلاقة الاَباء والأمهات بالأبناء والبنات، وتتأثر بمكانة المرأة في المجتمع، والتمييز ضدها باختلاف صوره، بالإضافة إلى التأثر بمدى توافر خدمات صحية ذات جودة، تلبي الاحتياجات الصحية لفئات المجتمع المختلفة، يسهل عليهم الوصول إليها.”

من جانبها تقول “سارة بيصر” مديرة مركز زيتونة لحقوق الطفل ودعم المرأة، أن مشكلات الزواج المبكر وختان الإناث والتحرش الجنسي، تأتي بين أكبر المشكلات التي يواجهها المجتمع المصري، مرجعةً ذلك إلى ضعف الإلمام بمسألة الصحة الإنجابية.

مركز “زيتونة لحقوق الطفل ودعم المرأة” تأسس في عام 2013 ليكون أول مركز متخصص في حقوق الطفل ودعم المرأة في دمياط، ويعمل على ثلاثة محاور أساسية هي الارشاد الأسري، والدعم النفسي وخاصةً للنساء المعنفات، ويقدم الدعم القانوني لهن، بالإضافة إلى تبنيه لمبادرة (أمان) لتوعية وحماية الأطفال من الاعتداءات الجنسية والجسدية، ومبادرة (بداخلك عبقري) لتنمية مهارات ومواهب الأطفال في الرسم والكتابة والتمثيل ومبادرة (التدخل المبكر لحماية الأطفال من التسرب من التعليم) بالإضافة إلى التوعية بقضايا المرأة وتمكينها، والشباب وخاصةً ما يتعلق بالصحة الإنجابية.

وتشير “بيصر” إلى أن نسبة تزويج الفتيات في سن مبكرة أقل من 18 سنة، بلغ 33 في المئة، وأنه ينتشر بشكلٍ كبير في الصعيد والريف، ويعرض الفتيات للعديد من المشكلات الصحية والاجتماعية، إذ أن حمل المراهقات يؤدي لمشاكل صحية عديدة، فتزيد نسبة وفيات الأمهات في هذه السن من مرتين إلى خمس مرات عن نسبة الوفيات في السن من 20  إلى 35 سنة.

وتردف قائلة “هناك نسبة كبيرة من إصابة الأمهات في هذا السن بأمراض مزمنة نتيجة الحمل والولادة، وتمثل مضاعفات الحمل والولادة السبب الرئيس لوفيات وأمراض الأمهات قبل سن العشرين؛  بالإضافة إلى أن تزويج الفتيات في هذه السن يفقدهن فرصتهن في مواصلة تعليمهن، وعدم تمتعهن بطفولتهن، واستكمال تكوين شخصيتهن، وكيانهن الذاتي.”

وتلفت “بيصر” إلى أن مشكلة ختان الإناث تتصدر قائمة المشاكل في مجال الصحة الإنجابية في مصر، إذ أن 74% من الفتيات في مصر تعرضن لعمليات تشويه الأعضاء التناسلية، المسماة بختان الإناث، المقترن بأضرار عديدة على صحتهن العامة والنفسية والجنسية.

وعن قضية التحرش الجنسي، تقول “بيصر” إن تصحيح مفهوم التحرش أمر مهم، مؤكدةً ضرورة التعريف بأنه لا يقتصر على فعل ملامسة الجسد فقط، لكنه أي صيغة من الكلمات غير مرغوب فيها، أو الأفعال ذات الطابع الجنسي، والتي تنتهك جسد أو خصوصية أو مشاعر شخص ما، وتجعله يشعر بعدم الارتياح، أو التهديد، أو عدم الأمان والخوف، أو عدم الاحترام ، أو الإهانة، أو الإساءة، أو الترهيب، أو الانتهاك، أو أنه مجرد جسد.

وتتابع “التحرش الجنسي يأخذ أشكالًا مختلفة، كالنظر المتفحص، والتعبيرات الوجهية والنداءات والتعليقات ذات الطابع الجنسي، واللمس، والملاحقة والتتبع، والاهتمام غير المرغوب فيه، والتعري بإظهار أجزاء خاصة أمام شخص ما، أو تعريض المتحرش به لصور إباحية، والتحرش عبر الانترنت، والمكالمات الهاتفية، والتحرش الجماعي.”