أقيم يوم الاثنين الماضي، بمقر المجلس الأعلى للثقافة، حفل توقيع ومناقشة كتاب “لماذا تموت الكاتبات كمدًا؟” للناقد والشاعر شعبان يوسف.

الكتاب الصادر عن دار بتانة للنشروالتوزيع، يجمع حلقات سبق نشرها في صحيفة أخبار الأدب بشكل أسبوعي، وهي تجسد خلاصة بحث وتنقيب كاتبها في قضية تهميش النساء الكاتبات والشاعرات والتمييز الممارس ضدهن.

وفي كلمتها عن الكتاب، اعتبرت الدكتورة “عزة كامل”، الكاتبة ومدير مركز وسائل الإتصال الملائمة من أجل التنمية (أكت)، أنه أول كتاب نسوي يتحدث بواقعية عن الكاتبات في العالم العربي، مشيرةً إلى أن الكاتبات طالما عانين من التهميش في التاريخ، لذلك لابد من إعادة قرائته من منظور نسوي لإنصافهن.

ولفتت إلى أن كثير من الشعراء أهانوا النساء، باستخدام الصفات الأنثوية كنوع من الإساءة في وصفهم للرجال.

وبحسب “كامل” فإن استخدام مصطلح “الأدب الأنثوي” في غير محله، مشددةً على أنه لا يوجد أدب للرجل واَخر للمرأة.

أما وزير الثقافة الأسبق “شاكر عبد الحميد”، فأقر بغزارة المعلومات الواردة في الكتاب، مؤكدًا أن الكاتب “شعبان يوسف” متميز في هذا الشأن، ولديه ملكة العرض بشكل مشوق لكونه شاعرًا وناقدًا صاحب أسلوب متدفق يجعله يحول المعلومات إلى حكايات.

من بين ما ذكره “شعبان يوسف” في كتابه “ما تتعرض له المرأة الكاتبة في عالمنا العربي، ليس مفصولًا بأي شكل من الأشكال عن الأيديولوجيا السائدة والمسيطرة، التي تتحكم بقوة في تنظيم أو تفريق المجتمع.”

ومن بين الكاتبات اللاتي أشار إلى تجاربهن القاسية، تأتي باحثة البادية “ملك حفني ناصف” التي توفيت في الـ32 من عمرها،  ويتطرق “يوسف” إلى ما قاسته من معاملة زوجها لها باعتبارها زوجة ثانية أدنى بدرجات من الزوجة الأولى، التي أخفى أمرها عنها، حتى اكتشفته بعد الزواج.

لكن ذلك لم يتقبله الوزير السابق “شاكر عبد الحميد”، وقال إنها لم تمت كمدًا، وإنما أصيبت بمرض أدى إلى ذلك مثلها مثل رسام عالمي شهير مات للسبب نفسها، رافضًا الربط بين وفاتها وتجربتها الشخصية.

وأردف قائلًا  “الكاتبات اللواتي اخترن نهايات مأساوية لأنفسهن، غالبًا كن يعانين اكتئابًا سواء مرتبط بالجينات أو سببه العوامل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وهذه الحالة ليست مقتصرة على الكاتبات فهناك كتاب رجال عانوا من الأمر نفسه، وكتبوا لأنفسهم نهايات مأساوية مثل الانتحار، كالروائي الأمريكي الشهير همنجواي.”

فيما اعتبر “عبد الحميد” أن أفضل فصول الكتاب، هو الذي أفرده الكاتب “شعبان يوسف” لشاعرات العامية، تحت عنوان “شاعرات العامية .. ممنوعات من التداول”، وفيه يرصد استبعاد الشاعرات اللائي قدمن نصوصًا بالعامية المصرية، وخلاله يرصد تجربة الشاعرة فريدة إلهامي.

من جانبه، قال الناقد “محمد بدوي” أن اهتمام الكاتب “شعبان يوسف” بقضايا المرأة، هو انشغال قديم بحكم انتمائه لمجموعات سياسية تقف في خندق الدفاع عن حرية المرأة وتتمسك بوجوب استقلالها، معربًا عن إعجابه الشديد بتوجه “يوسف” في الدفاع عن المرأة، لأنه لا يعزل قضية تحرر المرأة عن تحرر المجتمع.

وقال “بدوي” “أعتقد نحن لا نحتاج إجابة على سؤال: لماذا تموت الكاتبات كمدًا؟، لأنها معروفة مسبقًا، والسؤال مطورح بشكل استنكاري إزاء ما يمارسه المجتمع من تهميش بحق الكاتبات وامتناعه عن الاعتراف بمنجزاتهن.”

وأضاف “هناك كثير من الشاعرات ظهرن بعد ثورة 25 يناير المجيدة، لأن الظرف السياسي والمجال العام أتاح ذلك.”

أخيرًا علق الكاتب “شعبان يوسف” على النقاش الذي دار بشأن محتوى الكتاب، مؤكدًا على رؤيته بخصوص  التمييز المتعمد ضد الكاتبات، والاغتيال النفسي الذي يتعرضن له، لافتًا إلى تشويه التاريخ للرائدة النسوية “نبوية موسى”، وإختفاء سيرتها والاعتماد على مراجع أخرى تسيء لها على رأسها ما كتبه عنها “عباس العقاد”، الذي لا يمثل سيرة ذاتية وإنما مجرد أرشفة لما ذكرته عنها وزارة المعارف، على حد قوله.

وعن “مي زيادة” التي خصص لها فصلًا بعنوان “ومن الذي صنع مأساة مي زيادة؟”، قال إنها من أسس النقد النسوي في مصر، وذلك يثبته كتابها “باحثة البادية”.

وبشأن التعسف ضد الكاتبات، لفت “يوسف” إلى أن الكتاب الرجال أنفسهم والكبار منهم مارسوه، ضاربًا المثل بعباس العقاد، عندما نفى صلاحية المرأة أن تكون شاعرة، مستثنيًا الخنساء والتيمورية قال أنهما تصلحان للرثاء فقط، فيما لم يكتب طه حسين بقيمته إلا عن ثلاث كاتبات فقط، أبرزهن سهير القلماوي بحكم أنها تلميذته، وكان يراها امتدادًا له.