«الرضوى» أو «الترضية».. السبيل لمراوغة الباحثات عن حقوقهن في ظل السلطة الأبوية الحاكمة في الصعيد
يشيع في بعض مناطق الصعيد المصري استخدام مصطلح “الرضوى” أو “الترضية” وذلك ارتباطًا بتوزيع الميراث بين أفراد العائلات الكبرى.
في جنوب مصر، تنتشر ظاهرة حرمان النساء من الميراث، الذي غالبًا ما يكون أراض زراعية، وقد أثبتت دراسة صادرة عن وزارة العدل قبل نحو سنتين، أن 95.5 في المئة من النساء في محافظتي سوهاج وقنا محرومات من الميراث.
وترفض غالبية العائلات الصعيدية توريث بناتها خاصة المتزوجات من رجال لا ينتمون لنفس العائلة، خوفًا من تفتيت الأراضي الزراعية أو انتقال ملكيتها لاَخرين، بناءً على إيمان راسخ بأن الحقوق المادية للمرأة الصعيدية تنتقل تباعًا إلى زوجها.
وتمثل الأراضي والملكيات الزراعية في الصعيد معيار وجاهة العائلة ومكانتها الاجتماعية، لذا فالتمسك بها قد يدفع أصحابها لفعل أي شيء وارتكاب أي انتهاك في مقابل منع خسارتها أو خروجها من حوزتهم.
ومن هنا تأتي الرضوى أو الترضية، فالعائلات تحرم نساءها من ميراث الأراضي الزراعية بالدرجة الأولى، ومن بعدها العقارات، وغالبًا ما تلجأ إلى المال كتعويض لا يساوي إطلاقًا القيمة الفعلية لما حرمن منه، لكنه يأتي على سبيل “الترضية”، وللإدعاء أنهم بذلك لم يخالفوا الشرع وورثوا بناتهم، مع الإشارة إلى أن هناك من العائلات من لا يقدم حتى تلك “الرضوى”.
الحرمان من الميراث يكون بواسطة الأشقاء الذكور بالدرجة الأولى، ثم يأتي تعنت الأمهات، كما ينتشر حرمان البنات من ميراثهن على يد الاَباء وهم أحياء، إذ يورثون أشقائهم الذكور قبل الوفاة.
الحرمان من الميراث في الصعيد يعد عرفًا سائدًا، ولذلك هناك من يتعايشن معه بحكم الأمر الواقع، وفي المقابل هناك من يرفضن إياه إما بدافع الحاجة المادية، أو بتحريض من الأزواج، أو حماية لحقوق أبنائهن، والغالبية من هؤلاء يقبلن بالترضية يقينًا منهن بأن الأبواب مغلقة و”القليل أفضل من لا شيء”، خاصة لأن البديل هو اللجوء إلى القضاء وهو ما يستلزم نفقات ويستنزف من الوقت الكثير، إلى جانب هؤلاء هناك من يواجهن السلطة الأبوية ويتحدين هذا العرف لأجل الحق قبل أي شيء اَخر، ويتحملن مشاق المنازعات القضائية.
وتشير دراسة ميدانية أجرتها إحدى منظمات المجتمع المدني بأسيوط، مستهدفةً عينة من النساء في قرية الشيخ عون الله، إلى أن 54% من النساء اللائى لم يحصلن على ميراثهن طالبن بحقهن، فى مقابل ٤٦% لم يطالبن به.
وعن هؤلاء اللواتي طالبن به، ٥٤ في المئة منهن لم يحصلن على أي شيء، في مقابل ٣٦ في المئة حصلن على ترضية، أما من أعطاهن ذويهن ميراثهن كاملًا فلم يتجاوزن 10 في المئة.
وكان المجلس القومي للمرأة قد تقدم بمقترح إلى وزارة العدل خلال العام الفائت، لإضافة مادة جديدة إلى قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943، تشمل تجريم الامتناع عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي فى تركة مورثه، أو الامتناع عن تسليم المستندات الدالة على الملكية إلى الوارث؛ واعتبر المجلس وقتذاك أن النص يحل إشكالية غياب نص يجرم منع تسليم الميراث إلي أحد أصحابه في قانوني المواريث والعقوبات ، بغية منع العرف السائد بحرمان المرأة من حقها في الميراث.
وفي الفترة الحالية، تعكف لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب على دراسة مشروع قانون “المواريث” المقدم من 74 نائبًا بشأن تعديل بعض أحكام قانون المواريث الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1943، بما يسمح بمعاقبة من يحرم أحد الورثة الشرعيين من نصيبه وحقه في الميراث.