في تقريرها عن عيد الأضحى.. «أمـــــان»: زيادة في عدد بلاغات «التحرش».. وعلى الداخلية إعادة النظر في تعاملها مع المجتمع المدني
أصدرت مبادرة “أمان” تقريرها بشأن وقائع التحرش المعلن عنها سواء عبر الإفادات الرسمية من جانب وزارة الداخلية، أو وسائل الإعلام المختلفة، خلال عطلة عيد الأضحى.
وأشارت المبادرة إلى أن عدد المحاضر المتعلقة بجرائم تجرش في محافظتي القاهرة والجيزة قد بلغ 156 في عيد الأضحى من العام 2012.
وبحسب المجلس القومي للمرأة فإن عيد الأضحى في العام 2014، قد عرف تراجعًا في عدد البلاغات والوقائع بفضل مجهودات الشرطة في الانتشار وتغليط العقوبات القانونية ضد مرتكبي جرائم التحرش الجنسي، وحينذاك أشار إلى أن مكتب شكاوي المجلس لم يتلق سوى 5 بلاغات خلال عيد الأضحى 2014.
وفي عيد الأضحى الأخير، أصدر القومي للمرأة بيانًا أكد فيه الانخفاض الملحوظ لوقائع التحرش الجنسي مقارنةً بالأعياد السابقة، وأرجع ذلك إلى كثافة التواجد الأمني في الأماكن التي شهدت السنوات الماضية زيادة في نسبة التحرش، وأيضًا تغليظ العقوبات في تعديلات قانون العقوبات بتوصيف “التحرش الجنسي” ومضاعفة عقوباته في سنة 2014.
ووفقًا لما أعلنته مصادر أمنية لعدد من وسائل الإعلام المحلية، فقد سجل عيد الأضحى عام 2016 قرابة 174 محضرًا بالقاهرة والجيزة، واعتبرت “أمان” أنه بالمقارنة بين 2012 و 2016 في تعداد البلاغات الرسمية، فالفارق الوحيد هو زيادة عدد المحاضر وليس تراجعها أو انحصارها كما يدعي البعض.
ولفتت المبادرة الناشئة إلى أن قسم شرطة قصر النيل قد سجل في ثالث أيام عيد الأضحى الأخير، 50 محضرًا بحسب تقارير وسائل إعلام محلية، وهو ما اعتبرته يؤكد أن منطقة وسط البلد مازالت غير آمنة للنساء خلال العطلات الرسمية والأعياد.
يذكر أن “أمان” أطلقت أولى حملاتها خلال عيد الأضحى المنتهي، تحت عنوان “عاوزين الشارع أمان” وتمكنت من حصد متابعات ومشاركات العديد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، عبر التدوين والزقزقة أو نشر صورهم يحملون لافتات مدون عليها عنوان الحملة.
لا مجال للإنكار.. إذًا التعايش هو الحل
في مستهل التقرير، أوضحت “أمان” أن الدولة المصرية لم تعد تنكر وقوع حوادث تحرش جنسي بحق النساء والفتيات، مرجعةً ذلك إلى مجهودات مبادرات ومنظمات المجتمع المدني غير الحكومية، التي انطلقت للعمل على مجابهة التحرش منذ عام 2005 وحتى الاَن.
وأردفت “بعدما كان الحديث عن وقائع وجرائم العنف الجنسي ملـء السمع والبصر بدأ يتلاشى تدريجيًا، وانحصر الاهتمام ليحل محله التعايش مع الجريمة، إلى جانب التأكيد الدائم من قبل مؤسسات الدولة الرسمية وأجهزتها على انخفاض نسبة التحرش دون تقديم أي دلالات تشير إلى ذلك.”
“المنع والتهميش هما سمات التعامل مع المبادرات من قبل وزارة الداخلية المصرية في عام 2016 دون أي مبررات أو مقدمات.” تابعت مبادرة “أمان” في تقريرها الصادر صباح اليوم.
الشرطة طرف في الأزمة
تطرق التقرير إلى محاولات وزارة الداخلية تحسين صورتها عقب ثوررة الـ25 من يناير من خلال عدة إجراءات أبرزها؛ القطاع الذي استحدثته الوزارة باسم “قطاع حقوق الإنسان” بهدف عقد لقاءات مع ممثلين وممثلات عن المنظمات غير الحكومية والأحزاب السياسية والنشطاء، وللتأكيد على عدم العودة للممارسات القمعية مجددًا، بالإضافة إلى إدارة متابعة جرائم العنف ضد المرأة التي شكلها القطاع، وتشكلت من 4 ضابطات و6 ضباط بهدف تقديم الدعم والمشورة للناجيات من العنف وتيسير الإجراءات القانونية لهن، ومن ثم صدور قرار بإنشاء أقسام شرطة مكافحة جرائم العنف ضد المرأة بكافة مديريات الأمن.
لكن ذلك يختلف تمامًا مع ما يجري على أرض الواقع، وتقول “أمان” أن تقرير لجنة الحريات بنقابة الصحافيين 2015، طالب بتنفيذ قرار اللجنة الأفريقية بشأن أحداث الأربعاء الأسود 25 مايو 2005 وجرائم التحرش بالصحافيات والناشطات اللاتي خرجن لرفض التعديلات الدستورية التي أقرها الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، فواجههن رجالات الحزب الوطني والقوات الأمنية بالاعتداء والتحرش، مشددةً على أنه منذ ذلك التاريخ وحتى الاَن، مازال أفراد شرطة وضباط يتورطون في وقائع عنف جنسي وانتهاكات جنسية تجاه نساء وفتيات، بينما الداخلية تتمسك بتسميتها “حالات فردية”.
عيد الأضحى 2016.. لا جديد يذكر ولا قديم يعاد
“لم يحدث أي جديد يذكر سوى استمرار تضييق الخناق على مبادرات المجتمع المدني ومنعها من التواجد الميداني.”هكذا أفادت “أمان” بشأن رؤيتها لمجريات الأمور خلال عيد الأضحى الأخير، مبديةً استنكارها لاستمرار الإدعاء الرسمي بأن وقائع التحرش الجنسي في مصر خلال الأعياد قد تراجعت واختفت، بينما تظل النساء والفتيات وحدهن يتحملن الألم والحسرة والانكسار جراء كل واقعة تحرش يتعرضن لها ويفلت مرتكبوها من العقاب.
إلى وزارة الداخلية.. أين الحقيقة؟
يشتمل التقرير الذي أصدرته المبادرة المنبثقة عن مركز “مساواة للتدريب والاستشارات” على عدد من التوصيات، كان لوزارة الداخلية نصيب الأسد منها، إذ طالبت “أمان” الوزارة بالإفصاح عن عدد البلاغات الرسمية التي سجلت خلال عطلة عيد الأضحى 2016 ، وعدد البلاغات خلال السنوات السابقة للوقوف على حقيقة تراجع جرائم التحرش الجنسي أو استمرار ارتفاع وتيرة العنف الجنسي في الشوارع المصرية.
وناشدتها تقديم التدريب والتأهيل للقوات المعنية بمكافحة العنف ضد المرأة وفقًا للأدبيات الأممية المنظمة لحقوق الإنسان، التي تعتبر حقوق المرأة جزءًا لا يتجزأ منها، مؤكدةً على ضرورة إعادة النظر بجدية في التعامل غير اللائق مع مبادرات ومنظمات المجتمع المدني، والكف عن التضييق الأمني ضد المبادرات العاملة على مناهضة العنف الجنسي.
في السياق ذاته، طالبت كافة الوسائل الإعلامية باحترام خصوصية الناجيات من العنف الجنسي، والامتناع عن نشر صورهن إلا بإذن كتابي.
وتوجهت إلى وزارة التربية والتعليم مطالبةً إياها وكافة المعنيين، بتطوير مناهج التعليم بضرورة تضمين مادة جديدة تبدأ من مرحلة ما قبل التعليم الأساسي وحتى الثانوية العامة، تشتمل على معايير حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين وشرح مبسط للثقافة الجنسية وفقًا للفئة العمرية.