لسنوات احتكر الرجال عرش الكوميديا في السينما والتلفزيون، عبر أسماء مثل عادل إمام وسمير غانم، ومن ثم محمد هنيدي وأحمد حلمي وأحمد مكي، وعرفت الدراما منذ سنوات قليلة مسلسلًا كوميديًا حجز مقعده كطقس رمضانين وهو “الكبير أوي” والذي كان بطله “أحمد مكي” وتشاركه “دنيا سمير غانم” ، حتى قررت في رمضان الماضي التخلي عن هذا النمط، وتولي مسؤولية عمل فني كوميدي كبطلة أولى من خلال مسلسل “لهفة” والذي حقق نجاحًا مبهرًا وتصدر الاستفتاءات وقتذاك، وهذه السنة كررت التجربة مرةً أخرى، ولكن مقتمسةً البطولة مع شقيقتها “إيمي سمير غانم”.

Mlok6rb

اتسعت مساحة الحضور النسائي في المسلسل خاصة مع مشاركة الفنانة “سلوى خطاب”، ليصبح المسلسل تحت سيطرة نسائية، قلما عرفتها الدراما المصرية مع المسلسلات الكوميدية.

حرص المسلسل على إعادة عدد من الشخصيات  الكرتونية للحياة؛ ميكي ..بندق ..عم دهب، والتي تثير في النفوس ذكريات ترسم ابتسامة على الوجه، وتدور الحلقات  في سلسلة متصلة، تجسد رحلة بحث عن كنز  من خلال حل “لغز ميكي “في الأعداد التي تركها ميكي لأحفاده .

اختيار الاسم بدى بوضوح أنه استغلال لاسمي نجمتين هما من علامات شهر رمضان في مصر، فلطالما ارتبط الشهر الكريم في أذهان المصريين بفوازير نيللي وشريهان.

يدور المسلسل حول فتاة ثرية تُدعى نيللي، وفتاة فقيرة تُدعى “شريهان”، ابنتا عم، لكنهما متنافراتان تمامًا، ومع ذلك تجمعهما الظروف سويًا، وتسوقهن الأحداث لحل لغز ميكي، الذي يوصلهما إلى ميراث جدهما ميكاوي أبو الخير.

الفجوة الاجتماعية بين امرأتين تؤسس لـ«الضحك».. ألا يُذكِرنا بـ “بكيزة وزغلول”؟

963352099nellyعرض المسلسل نموذجين رئيسين، أولهما ما قدمته “دنيا سمير غانم” عبر شخصية “نيللي”، وهو نموذج مسطح لفتاة تنتمى للطبقة الثرية، أكبر اهتماماتها الموضة، ولا ترتكز أحاديثها سوى على تفاصيل الجمال والتجميل، والمتعة والإمتاع.

ويعد ذلك تنميطًا اشتهرت به المسلسلات الكوميدية في مصر، إذ يميل صناع الدراما إلى تحويل النساء اللواتي ينتمين إلى الطبقة الأكثر ثراءً، إلى خاويات العقول، غير منشغلات سوى بأنفسهن، في إطار فجوة تتسع يومًا بعد الأخرى بين الطبقة التي ينتمين لها والطبقات الأخرى الأكثر اتساعًا في مصر.

على الجانب الاَخر، قدمت “إيمي سمير غانم” شخصية “شريهان”، وهي فتاة تنتمى للطبقة الدنيا، من الكادحات، اللواتي ترهقهن الدنيا بصعابها ومع ذلك يمضين في طريقهن بحثًا عما يضمن لهن قوت يومهن، وأيضًا تساند خطيبها حتى يتمكنا من الزواج، نتيجة المعاناة الغارقة فيها، يتحول كنز ميكي ضرورة، وهو المفتاح لتحقيق أحلامها.

وهذا الثنائي المتضاد هو بذرة لإثارة الضحك عبر المواقف التي تجمع الشخصيتين، وهو أيضًا نمط معتاد ومكرر في الدراما المصرية منذ “بكيزة وزغلول” المنتج عام 1986 وحتى الاَن.

كوميديا أساسها التنميط

يبدو أن صناع الدراما، لم ولن يتخلوا عن الصور التقليدية والأنماط المكررة التي يعتمدونها منذ عقود، لتحقيق مرادهم في خلق حالة كوميدية، وكأن الأفكار نضبت والعقول تجمدت.

header_image_donia-samir-ghanem-looks-at-nelly-sherehan-series-ramadan-2016-main-image-ARالتفاهة والاهتمام المبالغ فيه بالمظهر، على حساب تغذية الفكر، وتحديد هدف في الحياة، هكذا هي شخصية “نيللي” هذه الحالة تسفر عن تصرفات سفيهة، كتخطيطها للانتقام من صديقة لها، بإشاعة صورها عندما كانت ممتلئة الجسد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهنا قد انساق المسلسل مع المعايير والقوالب المحددة للمرأة بشأن الجسد المثالي للأنثى، وكانت “السمنة” مثارًا للسخرية وإثارة الضحك.

باحتفاء شديد تعامل المسلسل مع شخصية “صباح” – سلوى خطاب- التي تعد نموذجًا للمرأة المتسلطة التي تستخدم العنف وسيلة ضد الرجال، وعند افتخارها بالاعتداء بالضرب على أحدهم، تقابل بالثناء والمباركة من قبل نيللي وشريهان، وهذه الصورة ليست جديدة في سجلات صناع الدراما الكوميدية.

“السكرتيرة” وعلاقتها بمديرها، علاقة شوهت واستُهلِكت في الدراما المصرية ككل لعقود، وربما تعد ركنًا رئيسًا في الكتابة فإذا ما وجد مدير وسكرتيرة، لابد من علاقة سرية، تنطوي على استغلال جنسي، أو خيانة لأطراف أخرى.

المسلسل الوحيد الذي ظهر فيه الرجال على “الهامش”

الاحتكار على الشاشة نسائي بوضوح، وأبطال المسلسل من الرجال سواء مصطفى خاطر (سيف) أو محمد سلام (هاني)، كانا تابعين لـ”نيللي وشريهان”، وتأثيرهما  على سير الأحداث يكاد لا يذكر. بلا رأي ينتظران كيف ستتحرك شريكتيهما ويؤيداهما أو يلحقان بهما.

المرأة خلف الكاميرا

على عكس ما ظهر على الشاشة، لم يكن للمرأة دورًا ملحوظًا في العمل وراء  الكاميرا، فالمسلسل من إخراج  أحمد الجندي، والتأليف لكريم يوسف ومحمد عز الدين ومصطفي صقر، بينما كان العنصر النسائي ذا حضور هزيل خلف الكاميرا في أدوار مثل؛ الإكسسوار وسكريبت الملابس.