«أزمة نسب» تنميط «فج» لصورة المرأة..دراما تخضع وتنبطح أمام أفكار المجتمع “الأبوي”
أثار مسلسل أزمة نسب حالة من الجدل فوز الإعلان عنه، خاصة أنه يأتي في ظل الزخم المصاحب لقضية نسب طفلي بطلة العمل (زينة)، وقد اعتقد البعض أن العمل يستند في قصته إلى أزمتها مع الفنان (أحمد عز)، وعلى الرغم من ذلك لم يحظ العمل بنسب مشاهدة عالية من قبل الجمهور ولم يثر اهتمام وأقلام النقاد.
تدور أحداث المسلسل حول شخصية “نعمة سرنجة” الممرضة (زينة) التي تتزوج سرًا بابن أحد رجال الأعمال ويدعي شريف (ياسر فرج) الذي كان دائم التردد على المستشفي التى تعمل بها هو وزوجته سمر (ريم البارودي) لإيجاد حل لتعثر الإنجاب، تباعًا يلقي “شريف” ووالده صادق البنهاوي (سامح الصريطي) حتفهما في حادثة مدبرة، لم تتمكن الشرطة من الوصول إلى القاتل فيها، لتبدأ بعدها “نعمة” قصة صراع على الميراث مع كلٍ من؛ “جيجي” أرملة صادق البنهاوي (دينا)، وشقيقه “سامي البنهاوي” (وليد فواز)، و”سمر” أرملة “شريف” (ريم البارودي).
الحضور النسائي .. اكتساح أمام الكاميرا وغياب خلفها
غلب العنصر النسائي في المسلسل الذي يخرجه (سعيد حامد) ومن تأليف (محمد صلاح العزب)، فهو بطولة نسائية أولى لــ (زينة) ويشاركها عدد من الفنانات اللائي يلعبن أدوارًا مؤثرة مثل (دينا) ، و (سلوي خطاب) والمطربة (بوسي) والممثلتين الشابتين (نسرين أمين) و (ريم البارودي)، و(راندا البحيري)، وعلى الرغم من ذلك جاءت نسبة العاملات خلف الكاميرا قليلة للغاية واقتصرت مشاركتهن على تصميم الملابس لـ “ياسمين رضا”،والمونتاج لـــ”منار حسني”.
«الدراما تنبطح امام الثقافة المجتمعية “الأبوية”» إيلام ضحية التحرش .. والتستر على الجاني .. وعمل المرأة إهانة للرجل
تدور أحداث المسلسل في أربعة أماكن فقط ما بين “أبو قتادة” حيث تسكن نعمة وأسرتها، وفيلا “صادق البنهاوي” حيث تسكن “جيجي” وأخواتها الثلاثة وزوجة شريف “سمر” والمكان الثالث هو الشركة، وأخيرًا فيلا “سامي البنهاوي”، ويتعرض العمل إلي عدد من قضايا التي باتت من العلامات المميزة للمجتمع المصري وفيها تبرز صور العنف ضد المرأة، بداية من التحرش الجنسي الذي أصبح ظاهرة مجتمعية لا يستطيع صناع الدراما تجاوزها، إلا أن المعالجة جاءت سلبية إلى أقصى درجة، وبرر المؤلف على لسان “توتة” شقيقة نعمة (بوسي) تعرض إحدى فتيات الحارة للتحرش من قبل ابن خالتها ايهاب ابليس (محمود عبد المغني) قائلة :“بقي يابت تقومي الشارع كله عشان حد عاكسك، الواحدة لو ركزت مع كل واحد بيعاكسها هتقعد في البيت “، وهو ما يرسخ لثقافة السكوت على الانتهاك.
كما تناول المسلسل قضية “الزواج العرفي” ونظرة الرجل للمرأة التي تتقبله حتى لو كان زوجها، وذلك في علاقة ابليس (محمود عبد المغني ) بــ”أسماء” التي تتخلص من الجنين بمساعدة “نعمة” ومن ثم تجري ليها عملية ترقيع لغشاء البكارة. برر إبليس هروبه منها وتنصله من الجنين بقوله :”زي مانا عملت معاها غيري اكيد عمل“.
تناول المسلسل أيضًا عمل المرأة في علاقة “توتة” بــ”كورنر” شقيق “إبليس”، الذي يرفض عملها معلمةً لمادة الموسيقى بإحدى المدارس، من منطلق أن المرأة التي تعمل ويتاح لها مصدر للرزق، لا يستطيع زوجها أن يتحكم فيها وتصبح العلاقة بينهما ندية ولذلك يرى أن المرأة لابد أن تظل خاضعة لزوجها وتحتاج إليه وإلا فما فائدة الزواج..
عقب طلاق “نعمة” من “شريف” بعد ضغوط أسرته عليه لتطليقها، عندها تهون شقيقتها “توتة” عليها، بمحاولة إقناعها أن زواجها السري أفضل بكثير من غيرها ممن لايجدون زواج أو على الأقل “ما بقتيش زي البت أسماء“.
تنميط صورة المرأة بالمسلسل .. خائنة ومتسلطة ومزورة
يتواجد بالمسلسل عدد من الشخصيات النسائية المحورية والتي خضعت معظمها إلي التنميط، ومنها الشخصية الرئيسة بالعمل “نعمة سرنجة” – زينة التي تتزوج سرًا بموافقة ومباركة والدتها وأسرتها من أجل المال، بعد وفاة الزوج تبحث عن سبيل للحصول على ميراث، وبدافع الطمع تجري عملية حقن مجهري من عينة قد تركها “شريف” قبل وفاته للحصول علي جنين حتى يزيد نصيبها في الميرا.
رفضت “نعمة” في البداية الميراث، ولكن في تغير مفاجئ وبدون مقدمات واضحة، أو أسباب منطقية وافقت على أخذ حقها وتنتقل للعيش بالفيلا حتى تضع مولدها، وبالتالي تحصل على حقها في الميراث.
شخصية “جيجي” – دينا ، فتاة بسيطة من منطقة فقيرة بدأت حياتها كمندوبة للمبيعات إلا أنها استطاعت الزواج من أحد رجال الاعمال يدعى “حسين النشار” وقد استغلها لجمالها حتى تتجسس على منافسه “البنهاوي”، الذي يتزوجها لاحقًا وينقلها وأخواتها إلى مستوى اجتماعي ومادي أرفع.
بعد موت “صادق البنهاوي”، تخوض حربًا شرسة ضد شقيقه لضمان استمرار الوضع الاجتماعي الذي حققه لها زوجها المتوفى، فهي شخصية أنانية متسلطة، تسعي للحصول على الأموال بأي طريقة كانت.
“سمر” زوجة “شريف” راقصة بأحد ملاهي شارع الهرم، تربطها علاقة عاطفية بــ”رامز” شقيق “جيجي”، تسفر علاقتهما عن حمل تركته ليكتمل ويخرج طفلها للنور، مستغلة وفاة “شريف” مدعيةً نسب الطفل لـــ”شريف” بغية الحصول على نصيب أكبر من الميراث، وهي مثل أغلب الشخصيات النسائية بالمسلسل طماعة وتسعى بكل الطرق غير الأخلاقية قبل الأخلاقية للوصول إلى المال.
“رشا” مديرة مكتبة “صادق البنهاوي” – نسرين أمين، وهي تجسيد صارخ للصورة النمطية للسكرتيرية في الدراما المصرية، حيث تربطها علاقة بنائب مدير الشركة “سامي البنهاوي”، وتدخل معه في شراكة لتوقيع صفقات مشبوهة، وأبرزها استيراد أدوية من إسرائيل، فضلًا عن علاقة أخرى تربطها بــ”إبليس” الذي كان يعمل سائقًا لدى “صادق البنهاوي” بهدف الانتقام من “سامي البنهاوي” لرفضه إعلان زواجه العرفي بها، هاتين العلاقتين تضاف إليهما ثالثة، تجمعها بمنافس “صادق البنهاوي” وهو “حامد النشار” لأجل السيطرة على إمبراطورية البنهاوي، وتصف نفسها بأنها لا يملكها شخص واحد، وهذه الصورة للسكرتيرة تتمسك بها الدراما المصرية منذ عقود حتى أضحت كلاشيه ثابت في أغلب الأعمال الفنية التي تتعرض لحياة رجال الأعمال.
كما جاءت شخصة “اقتدار” والدة “نعمة”- سلوى خطاب، على نفس الوتيرة، وترسخ مزيدًا من التنميط، فهي امراة تعمل بالدجل والشعوذة، يتوافد عليها أهل الحارة التي تعيش فيها، إما حتى تحقق لهم تطلعاتهم في أعمال تجلب الرزق أو لتحقق أحلامهم في الإنجاب، وهذه الشخصية والأخريات السابقة ذكرهن، يكشفن عن أزمة لدى صناع الدراما، في اعتمادهم على الإدعاء بمحاكاة الواقع وهم في حقيقة الأمر ينقلون نقلًا أعمى بعض الظواهر السلبية دون إبراز لتوجه العمل ما إن كان مع أم ضد، وفي أغلب الأحيان يكون ترويجًا للفعل ولو غير مقصود.
بلا طعم ولا رائحة ولا تأثير
لم يثر العمل أي جدل من أي نوع بشأن شخوصه أو أحداثه، ولكن ما أحاط المسلسل من جدل كان بشأن اسمه الذي ظن كثيرون أنه ينبأ بقصة بطلة العمل الشخصية التي كانت حديث وسائل الإعلام لشهور وعُرفت بقضية نسب أبنائها للممثل “أحمد عز”، ولكن أكثر من ذلك لم يكن.