هو أحد أكثر المسلسلات المثيرة للجدل خلال شهر رمضان الجاري، ما بين الإثارة والتنقيب داخل النفس، يأخذنا “سقوط حر” في رحلة خلال الـ10 حلقات الأولى، التي يدور أغلب أحداثها داخل مستشفى الأمراض النفسية والعقلية.

يقدم المسلسل صورة ضبابية لامرأة تدعى “ملك”، الشخصية المحورية والمتهمة بقتل زوجها وشقيقتها داخل منزلها وتحديدًا في غرفة نومها، مما يشي باكتشفاها خيانتهما لها، وهو ما لم يتأكد حتى الاَن، في ظل عدم قدرتها على تذكر الحادثة واليوم بأحداثه ككل.

تفصح الأحداث فيما بعد عن أن “ملك” تعاني من مرض اسمه الكتاتونيا، وهو ذهان تخشبي أصابها إزاء الصدمة التي حلت بها عقب الحادث، وهو حالة تصيب الإنسان نتيجة عدم الشعور بالأمان في اللحظة الراهنة.

ينبش المسلسل الماضي، لينفض غبار المستور عن كثير من الأزمات النفسية التي تتملك النساء وقد ساقهن إليها “الرجل”.

داخل العنبر المتواجدة فيه “ملك”، نتعرف على عدد من المحتجزات الأخريات، نسمع قصصهن التي أتت بهن إلى ذلك المكان، من بينهن “صابرين” أو “أم بسمة” كما تحب أن تُنادى، التي تزوجت من رجل مغترب بالسعودية متزوج بأخرى، جعلها خادمة لزوجته الأولى وأبنائه، ورضت “صابرين” بذلك أملًا في الإنجاب، وبعد أن رزقت بطفلة، اكتشفت إصابتها بالسرطان قبل اتمامها السنة الأولى، وبعد فترة توفي زوجها، فطردتها الزوجة الأولى ولم تعطها إرثًا سوى 20 ألف جنيهًا فقط، فلجأت إلى أخيها لكنه لم ينصفها وتخلى عنها، لم يكن أمامها سوى اللجوء إلى القضاء، ورفع دعوى أمام المحكمة حتى تسترد حقها لتعالج رضيعتها المصابة، لكنها خسرت كل ما تملك في دائرة التقاضي المفرغة، وتوفيت ابنتها، فذهب عقلها، وأضحت تقضي يومها على أبواب المحاكم، لا تفعل شيئًا سوى سب القضاة والنيابة، وفي كل مرة يقبض عليها، حتى حولوها  إلى مصلحة الطب الشرعي النفسي، ليصبح الجاني الأول في حياتها هو الرجل الذي دهس شبابها تحت أقدامه، وانتهك حقها في الحياة بعد أن حولها من زوجة إلى خادمة، ثم تركها في مهب الريح بلا أمان لها أو لابنته، ومن بعده السلطة التي لم تنصفها، وأضاعت عمر ابنتها وأذهبت عقلها في غياهب المحاكم.

الرجل أيضًا هو من دمر مستقبل طالبة بكلية الطب ودفع بها إلى مصيرها في مستشفى الأمراض النفسية والعقلية، فتاة متفوقة، تتصدر قائمة الطلاب الأوائل، حتى السنة الدراسية الخامسة، لكن الظروف وضعت بطريقها أحد أساتذة الجامعة المتحرشين، الذي طلب منها مرافقته إلى بيته، وعندما رفضت، أرسبها مرة واثنتين، وعندما فضحت أمره لم يصدقها أحد، فأصيبت باكتئاب، وكادت أن تقتل حارس العقار الذي تسكنه.

نزيلة أخرى، أم لطفل يدعى حسام، فقدته ومعه زوجها في حادث سيارة، ومن شدة الاَلم النفسي، أصابها الاكتئاب بحسب تشخيص الطبيب، لكنها لم تواظب على العلاج، وقررت العودة إلى حياتها الطبيعية، والرجوع إلى العمل، وهناك ارتكبت الجرم الذي أتى بها إلى المستشفى، عندما قال لها أحد الطلاب “الساعة دي مش صغيرة على سنك شوية؟ أنا هجيبلك واحدة تانية حريمي”، عندها غاب إدراكها ولم تعد إلى الرشد إلا في قسم الشرطة عندما أخبروها أنها ألقت بوجهه حمض الكبريتيك.

شخصيتان هما اللتان يذكرا “ملك” بحادثتها، لتشابه بعض تفاصيل الحوادث التي جاءت بهما إلى المكان نفسه، وهما “هالة” و”مديحة”، الأولى قتلت زوجها الذي تحبه بسبب عنفه ضدها، والأخيرة أقدمت على قتل امرأة ظنتها تخونها مع زوجها.

هذه القصص وأخرى غيرها مازالت لتُحكى خلال الحلقات المقبلة، تكشف أن الرجل عنصر رئيس في الاضطرابات النفسية التي تلحق بالنساء، بشكل مباشر أو غير مباشر.

ويؤكد المسلسل أن جميعنا نعاني مرضًا نفسيًا ما، فنجد الأم “سهام” تعاني من حالة اضطراب ما هي الأخرى، أشبه بالجمود، تبدو قوية، غليظة اللسان والأفعال، تجرح من حولها بالقول والتصرف، خلقت حالة كبت داخل منزلها بعد وفاة زوجها، فنشأت “ملك” ناقمة عليها، بينهما علاقة فاترة، والزواج بالنسبة لكليهما خلاص، فأضحت الأم غريبة عن ابنتيها وهما غريبتين عنها.

ما وصلت إليه “سهام” يتضح أنه بسبب وفاة زوجها مبكرًا، وخوفها من المجتمع والغد، تخشى الناس وكلامهم، تخشى فقدان الأمان، وهو حال نساء كثيرات في مجتمع ينظر للأرملة الشابة نظرة طمع، تشكك، وريبة، مما يجعل الخوف هو قائدهن، الذي يقلب حالهن ويبدله.

العنف ضد المرأة بمختلف صوره حاضر، من خلال كافة الشخصيات النسائية التي ظهرت بالمسلسل، ويظهر جليًا أن العنف يطارد المرأة أينما كانت، وفي أي عمر، وبغض النظر عن الطبقة التي تنتمي لها.

فأغلب النزيلات عانين من عنف زوجي، ومجتمعي، فيما عانت “ملك” من عنف أسري، وتعاني “رضوى” صديقة سليم (زوج ندى شقيقة ملك) من استغلال شريكها بالعمل، وعانت “سهام” والدة ملك من ضغوط المجتمع.