في جعبة رمضان.. مسلسلات خالفت السائد وقدمت وجهًا مغايرًا للمرأة في الدراما.. أبرزها «قضية رأي عام» و«سجن النسا»

الدراما التلفزيونية في رمضان، مثل الفانوس الذي يزين الشوارع، والحلويات الشرقية التي لا تفارق الموائد، والأضواء التي تبهج النفوس طوال الشهر، فالمسلسلات التي تُعرَض خلال رمضان، طقس لا يمكن التنازل عنه لا من قبل الجمهور ولا القائمين على صناعة الدراما.

ومع كل الزخم الذي يصاحبها سنويًا، تظل تهمة تنميط النساء والترسيخ لصورة سلبية عنهن تلاحقها، مهما مرت السنون، وبعد أن تعاقبت أجيال من صناعها.

سيل عرِم، اختار فيه القائمون على هذه الصناعة طيلة عقود، اختزال المرأة في جسد، وعقل مسطح، صراخ وعويل، ضحكات رنانة، كل هذا بعيدًا عن مشكلاتها الواقعية.

وسط هذا السيل، عرضت الشاشة الفضية، عددًا من الأعمال الدرامية التي قدمت وجهًا مغايرًا، منها ما عكس نماذج إيجابية واخترق مشكلات الإناث بواقعية، ومنها ما رفع اللثام عن المسكوت عنه، فأثار الجدل والجدال.

في تقريرنا التالي نستعرض عددًا من هذه المسلسلات التي خرجت عن التيار الطاغي، خلال الــ25 سنةً الأخيرة.

ضمير أبلة حكمت

هذا المسلسل هو أول عمل تلفزيوني من عملين لسيدة الشاشة العربية “فاتن حمامة”، وقد عُرِض في شهر رمضان، في عام 1991، وعدد حلقاته 15 فقط، ومع ذلك حقق نجاحًا وانتشارًا واسعًا.

يدور المسلسل بشكل رئيس حول قضية التعليم وخاصة بين الفتيات، ولعبت فيه “حمامة” دور ناظرة مدرسة للبنات تدعى “حكمت هاشم”، ومن خلال علاقتها بالمعلمات والتلميذات يتكشف معاناة كل منهن والضغوط التي يتعرضن لها.

عواصف النساء

أنتج هذا العمل في عام 2005، وعرض خلال شهر رمضان من العام نفسه، وهو من بطولة نجوى إبراهيم وحسن يوسف، كتبه محمد الغيطي وأخرجه محمد أبو سيف.

يروي قصة  “كوثر” التي تذهب للعيش مع خالتها في حارة بأحد الأحياء الشعبية، بعد موت أبويها، ويتسبب زوج الخالة في حرمانها من إكمال دراستها على الرغم من تفوقها بالمدرسة، ويلقي بها في يدي أول عريس يتقدم لها، وهو رجل ثري يعمل في بلد عربي، يهوى إقتناء النساء، تحت غطاء الزواج.

تحاول “كوثر” استعادة حريتها بالطلاق فتفشل، يموت الزوج، وحتى بعد موتها يكبلها بالبقاء وحيدة حتى ترثه، فترفض وتعود إلى الحارة من حيث أتت مفضلةً حريتها على المال.

قضية رأي عام

عُرِضَ مسلسل “قضية رأي عام” في رمضان 2007، وأحدث كثيرًا من الجدل حوله وقت عرضه، وكان موضع نقاش طيلة الشهر، لجرأته في تقديم قضية، لم تكن مألوفة على جمهور التلفاز وقتذاك.

المسلسل الذي قدمته شركة العدل جروب، لبطلته  “يسرا”، كان باسم “الدكتورة عبلة وذئاب المدينة”، ولكن بمرور الوقت وقبل عرضه على الشاشة تغير إلى “قضية رأي عام”.

كتب المسلسل السناريست محسن الجلاد، وأخرجه محمد بو عزيزية.

وتدور أحداث المسلسل حول “عبلة “طبيبة أطفال تعود بعد حالة طوارئ في وقت متأخر من الليل مع بعض زميلاتها العاملات؛ طبيبة من أسرة صعيدية تدعى الدكتورة حنان وممرضة حامل تدعى سميحة، وفى طريق العودة يتعرضن للاعتداء والاغتصاب من ثلاثة ذكور، وتدور الأحداث حول ما يتعرض له المجني عليهن، سواء من ضغوط لإغلاق القضية والسكوت عما جرى، أو من النظرة السلبية لهن، التي تتعامل معهن كونهن الجناة ولسن المجني عليهن، مع ذلك يتمسكن بحقهن القانوني ويصلن في النهاية إلى مرادهن بالحكم على مرتكبي الجرم.

نعم مازلت اَنسة

عرض المسلسل المكون من 15 حلقة في شهر رمضان من العام 2010، لبطلته “إلهام شاهين” وتدور أحداثه حول  شخصية “أمل” التي تكتب يومياتها؛ لتصف معاناتها مع الناس ونظرتهم للسيدات اللواتي تجاوزن الأربعين دون زواج، وتستعرض المنغصات المحيطة بها، بذداية من غضبها من مسمى “عوانس” الذي توصم به المرأة دون الرجل، مرورًا بالشكوك التي تحيط بالمرأة التي لم تتزوج، وصولًا إلى ضغوط الأسرة واستغلالهم أحيانًا، ويستعرض المسلسل رفضـها لقبول أي زيجة لمجرد التخلص من لقب “عانس” الذي فرضه عليها المجتمع، حتى تغالبها الضغوط الأسرية والمجتمعية.

في ثنايا المسلسل، يظهر موقف يجسد مدى العنف الذي يسكن العقول ضد المرأة، عندما تفكر “أمل” في تبني طفلة يتيمة تعلقت بها في إحدى الجمعيات الخـيرية التي كانت تـتردد عليها، فيأتي أخواتها ويعترضون على ذلك، بحـجة الخـوف عليها من القيل والقال، ويشيروا عليها بالاكتفاء بتربية القطط كي تؤنسها، وعندما تقدم على تحقيق رغبتها، تواجه رفض الجهات الرسمية المسؤولة، بحجة أنها غير متزوجة والطفلة المتبناه لابد أن تعيش في كنف أسرة أي أب و أم.

ذات

عرض مسلسل “ذات” خلال شهر رمضان في عام 2013، وهو عن رواية بنفس الاسم للأديب صنع الله إبراهيم، وسناريو وحوار مريم نعوم، ومن إخراج كاملة أبو ذكري.

تبدأ الرواية مع ثورة (يوليو 1952) ونتتهي بثورة (يناير 2011)، ليرصد الستين عامًا الأخيرة في حياة مصر، من خلال رحلة “ذات” مع الواقع الاجتماعي والسياسي المتغير.

يتعرض المسلسل للعنف ضد المرأة بمختلف صوره، بداية من إخضاع “ذات” للختان من منطلق “الطهارة”، و”التمييز بين الفتاة والفتى” في التربية، والثقافة الذكورية التي تعشش في عقل زوجها، فيضيع عمرها وتضيع مع استسلامها.

سجن النساء

هذا المسلسل  عبر بعمق عن معنى السجن الحقيقي الذى تكبل المرأة بسلاسله، وكل عقدة فيها تنخر فى جسدها، من فقر، وجهل، وضيق حال، ورجال لا يرون فيها سوى جسد يغوي، نال المسلسل المأخوذ عن نص مسرحي للكاتبة “فتحية العسال”، شبه إجماع باعتباره أفضل مسلسل عرض خلال شهر رمضان من العام 2014، واعتبره نقاد ” أحد أفضل المسلسلات فى تاريخ الدراما المصرية والعربية.

جلب المسلسل تعاطفًا نسائيًا واسعًا مع غالية المخدوعة فى صابر وحسرة على “دلال” التي لم تجد من يجذبها بعيدًا عن بئر الضياع، واَلم مع “رضا” التي غدرت بها الظروف.

رسم صناع العمل صورة شديدة الدقة عن قهر المرأة المصرية داخل أسوار سجون عديدة؛ سجن الظلم والفقر، وسجن الشرف والخوف وسجن الطاعة والانصياع.

وحقق هذا العمل طفرة في مشاركة النساء في مختلف أدوار الصناعة، بداية من النص الذي كما ذكرنا سلفًا كان للكاتبة الكبيرة فتحية العسال، ثم سناريو مريم نعوم وحواره لهالة الزغندى، والإخراج لكاملة أبو ذكرى أيضًا إدارة التصوير لنانسي عبد الفتاح، وتصميم الملابس لريم  العدل ، هندسة الديكور لشيرين فرغل.

الكابوس

شارك المسلسل في السباق الرمضاني لعام 2015، وهو من بطولة غادة عبد الرازق وأيتن عامر وكريم قاسم وكريم محمود عبد العزيز، ومؤلفته هالة الزغندي ومن إخراج إسلام خيري.

يأخذنا المسلسل في رحلة تبحث عن قاتل ابنها من خلال كوابيس لتروي أحداثًا وقعت في ماضيها، فتربط بينها وبين الحاضر، ليتبين أن الأم بتفرقتها بين ابنتها وابنها، والتمييز بينهما لصالح “الولد”، أدى به إلى ما وصل إليه، من استهتارو أنانية، بينما ظلمت الابنة، التي قررت الرحيل عن الأسرة، والاعتماد على نفسها واستكمال مشوارها بعيدًا عن أم تفضل عليها الأخ لا لشيء إلا لأنه “ذكر” و هي “أنثى”.