ماجدة سليمان:

  • يجب إدراج تحاليل الكشف عن الإيدز “إجباريًا” في فحص ما قبل الزواج
  •  المتعايشات هن في الأصل ضحية رجل فقد ضميره

وليد كمال:

  • عدد مرضي الايدز 5000 حالة ونسبة النساء تمثل 18%
  • نسعي لتنفيذ استراتيجية تمحي الوصم المجتمعي لمرضي الإيدز

عمرو حسن:

  • نطلق أول كوتشينة صحية في الشرق الأوسط تحت عنوان “جيل بلا إيدز” للتوعية بالمرض

الحق في الصحة أحد الحقوق التي يقرها الدستوري المصري، وجاءت المادة 18 منه، تعبر بوضوح عن وجوب تقديم الرعاية الصحية دون تمييز، ولكن ما يحدث على أرض الواقع هو العكس، فلا تقدم خدمة صحية جيدة بالإضافة إلى خدمة تحمل الوصم للمريض وخاصة النساء المتعايشات مع الإيدز، ويفتقدن للوسائل والبرامج التي يجب اتباعها لحمايتهن من الاتهامات السلبية.

عن هذا الواقع التعيس، الذي اقتربنا منه في الجزء الأول من خلال قصص واقعية لعدد من المتعايشات مع الإيدز، في هذا الجزء نطرح تساؤلاتنا ونستقصي الحقيقة من عدد من المختصين في هذا الشأن

البداية عند الدكتورة “ماجدة سليمان” مدير برنامج التنمية المجتمعية ومسؤولة ملف الصحة الإنجابية والتربية الجنسية بمركز قضايا المرأة المصرية، وتقول “السيدات المتعايشات مع الإيدز يحملن اَلمًا مضاعفًا بين المرض ووصم المجتمع، وهن أكثر معاناة من الوصم عن الرجال الذين يعانون من نفس الفيروس”، مؤكدةً أن المجتمع ينظر للمتعايشات كونهن عاملات في الجنس التجاري، وهي فرصة سانحة لهؤلاء الذين يتنكرون لحقوق المرأة في الظروف الطبيعية، وينصبون أنفسهم جلادين أكثر عنفًا طالما الضحية امرأة.

وتضيف “على الرغم من أن المتعايشات في الأصل ضحية من الدرجة الأول، إذ أن أغلبهن انتقل إليهن المرض عن طريق “الزوج”، ويظل المرض الصامت يفتك بأجسادهن وحياتهن إلى أن يكتشفنه ويبدأن رحلة البحث عن العلاج.”

Preventing-Child-Marriage-in-Egypt-1-642x359

وتوضح “سليمان” أن المتعايشات يحملن وصمًا وعارًا ومرضًا، على الرغم من حقهن الدستوري في الحصول على  العلاج والرعاية الصحية المتكاملة دون تمييز، لافتةً إلى أن التمييز لا يعنى فقط بين الأغنياء والفقراء في المستشفيات العامة أو الحكومية، ولكن أيضًا عدم التمييز بين المرضي وتقييم سلوكهم ونبذهم لو كانوا مصابين بفيروس كالإيدز .

وتكشف “سليمان” أن غياب ثقافة الصحة الإنجابية تعد أحد العوامل التي تؤدي إلى إصابة النساء بهذا الفيروس، موضحةً أنها تطالب بفرض إجراء تحليل HIV فيروس نقص المناعة المكتسبة، في قائمة تحليلات ما قبل الزواج حتى يصبح “إجباريًا”، لحماية الطرفين وحماية الأطفال في المستقبل،مشيرةً إلى أن الفحص قبل الزواج في مصر يتسم بالروتينية والتزوير، لأن الأزواج يلجأون إلى المأذون أو بعض المعارف والأصدقاء في مكاتب الصحة لاستخراج شهادة الفحص قبل الزواج مقابل مبلغ مادي معين.

وتؤكد مسؤولة ملف الصحة الإنجابية والتربية الجنسية بمركز قضايا المرأة المصرية، أن الفحص قبل الزواج أضحى حبرًا على ورق، وإجراء شكلي بحت، ويترتب على ذلك كل المشكلات الخاصة بأمراض الوراثة بين الزوجين لتصل إلى أخطرها وهي الإصابة بالإيدز، ومن ثم يجب حماية النساء والرجال على حد سواء، ونشر الوعي بأهمية الصحة الإنجابية لتأسيس حياة أسرية سليمة.

وتختتم “سليمان” قائلة “لكل من يلومون المتعايشات بدلًا من دعمهن في مواجهة المرض والحفاظ علي حياتهن، عليكم أن تهاجموا المرض وتبحثوا عن توفير كافة الأدوية للمرضى، وليس مهاجمة المريض وتوجيه الإتهامات إليه، “النساء ضحايا رجل معندوش ضمير وفي النهاية يدفعن الثمن”، فالمتعايشة مريضة لها الحق في كافة أشكال الرعاية وتوفير الخدمة الصحية لها بغض النظر عن سبب إصابتها بالفيروس.”

من جانبه يقول الدكتور “وليد كمال” مدير البرنامج الوطني لمكافحة مرض الإيدز بوزارة الصحة، إن عدد مرضي الإيدز بمصر، وفقا لآخر احصائية رسمية سجلتها وزارة الصحة والبرنامج لعام 2015-2016 هو 5264 حالة، وهي الحالات المتعايشة التي تتلقي علاج بالفعل، وهناك عدد تقديري بناءً على المؤشرات يكشف أن العدد وصل إلى 8800 أو 9000 اَلاف حالة، وهو رقم متغير والنسبة تتزايد كل سنة بواقع 25- 30 % سنويًا  أي تقريبًا 900 حالة سنويًا .

أما عن نسبة السيدات المتعايشات مع الإيدز، يوضح “كمال” أنها متوازنة وأقل من الرجال، فقد وصلت إلى 18 % لآخر إحصائيات، وهي لم تزد في مصر عن 21% كعدد إجمالي، وهذا يعكس أهمية التوعية للسيدات وأن يكون التحليل اختياري لهن أثناء متابعة الحمل في المستشفيات، ومراكز الإدمان والتأهيل، مشيرًا إلى أن أشكال الإصابة للرجال والنساء واحدة، وتكون إما بالحقن سواء عن نقل دم ملوث أو تعاطي المخدرات، أو العلاقات الجنسية، أو انتقال الفيروس من الأم إلى الجنين.

ويؤكد “كمال” أن نسبة الإدمان بين النساء كأحد اسباب إصابتهن بالفيروس أقل من الرجال، مشيرًا إلى أنه في الوقت نفسه، هناك صعوبة في الوصول إلى المدمنات، ويقول “معظم السيدات التي تصل إلينا في العلاج يكون عن طريق الجنس بسبب الزوج، الذي غالبًا ما يكون دائم التحرك والسفر ويضطر للتحاليل ويكتشف مرضه أكثر من المرأة .

hijab

وبسؤاله عن “الوصم” الذي تتعرض له المتعايشات خاصة من الأطباء ورفض إجراء عمليات لهن مثل “الولادة”، أبدى استغرابه موضحًا أنه لا يفهم ذلك التخوف لأنه اجتماعيًا غير مبرر، خاصة أن الحقائق العلمية تؤكد أن طرق العدوى محدودة، وأن إجراءات مكافحة العدوى الاعتيادية كافية، لحماية الأطباء والتمريض والمرضى والعاملين، وأن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الايدز 2015- 2020 تسعى في أحد محاورها إلى بناء قدرات الفريق الطبي وتوعيتهم وتدريبهم وتغيير مثل هذه السلوكيات، وتهدف إلى أن يكون هناك التزام أكثر في رعاية المصابين وتقديم الخدمة الصحية لهم، عبر المستشفيات الخاصة والحكومية والمستوصفات.

ويستطرد “كمال” مؤكدًا أن أسلوب الوصم يتبناه مجتمع بأكمله وليس الأطباء، مطالبًا الجميع أن يتعامل مع الإيدز كمرض ولا يحكم علي سلوك المريض به، مشيرًا إلى أن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الايدز تسعى إلى إلغاء الوصم والتمييز الذي يعانيه المتعايشين والمصابين داخل الأماكن الصحية بصفة عامة وليس فقط الحميات، ففي العمليات الجراحية خاصة التي تخص المرأة مثل الولادة، وأن تستطيع أي سيدة مريضة  الذهاب إلى أي مستشفى دون خوف من رفض تقديم الخدمة الصحية لها.

ويتابع “من بين محاور الاستراتيجية أيضًا، تغيير البيئة الداعمة من خلال منع الوصم عن طريق الجلوس وعقد لقاءات مع قيادات المجتمع، والإعلام، والثقافة، ورجال الدين، والشباب، ليساعدوننا في تعليم الفرد كيف يفصل بين الحكم علي السلوك والحكم علي المرض.” ويشدد “كمال” على أن الإعلام عليه دور كبير في أن يخرج عن إطار المعالجة التقليدية السنوية التي لا تتذكر أو تُذَكِر بالإيدز سوى في شهر ديسمبر بالتوازي مع الاحتفال باليوم العالمي لمكافحته.

من ناحية أخرى، إذا كانت “الوقاية خير من العلاج” نجحت “مؤسسة مصر للصحة والتنمية المستدامة” بعد دراسة دقيقة في معرفة الأسباب الرئيسة لانتشار مرض الإيدز بين الأشخاص والشباب والنساء الحوامل، في إطلاق أول “كوتشينة” صحية في الشرق الأوسط تحت عنوان “جيل بلا إيدز “، تهدف إلى رفع الوعي في مصر والدول النامية في هذا الصدد، وتُرجِمت إلى اللغة الانجليزية ووزِعَت على الدول الأفريقية.

ويقول قال الدكتور “عمرو حسن” استشاري أمراض النساء والتوليد وسفير التنمية العربية والمدير الطبي للمؤسسة، “كان يجب علينا البحث عن شيء جديد لكسر الثقافة السائدة عن التوعية لدى العامة، والبحث عن طرق وأدوات مبتكرة لم يعتد عليها المستهدفون من التوعية في الشارع، وخلق رغبة لدى المتلقي تدفعه إلى الانجذاب للتجربة الوليدة سواء غني أو فقير.”

ويعتبر “حسن” أن التعليم بالترفيه هو الطريقة الأمثل للتعلم وبناء ثقافة مغايرة، ويضيف “لذا كان سبب اختيار فكرة كوتشينة التوعية الصحية، التي تهتم بالمقام الأول باللعب والترفيه ويُطرَح من خلالها معلومات حقيقية وسليمة”، مشيرًا إلى أن كوتشينة التوعية الصحية وسيلة رائعة لتبسيط المعلومات الأكثر تعقيدًا، ليس فقط لصغار السن ولكن للكبار أيضًا”، مشددًا على أن الجهل بالأمور الصحية واستمرار المعتقدات الخاطئة يؤدي إلى المزيد من الوفيات والإصابات المرضية لدى الأطفال والسيدات.

أخيرًا يشدد “حسن” على وجوب الاهتمام بنشر ثقافة التوعية الصحية وإنشاء منظومة الإعلام الصحي.

 

للإطلاع على الحلقة الأولى من الملف

حكايات عنوانها «الوجع» .. متعايشات مع الإيدز: المجتمع أقسى علينا من المرض