12810050_227798014233180_1811979216_o

شيماء طنطاوي

منسقة برنامج المبادرات النسوية بمؤسسة نظرة للدراسات النسوية،خريجة المدرسة السنوية فى دورتها عام 2013، شاركت فى عدد من العروض لمشروع بصي أبرزها “عاش يا وحش”، وأخيرًا شاركت في إعداد دليل المبادرات النسائية/النسوية الصادر عن مؤسسة نظرة

عندما قررت الكتابة عن النسوية ولأول مرة في حياتي، فكرت كثيرًا، هل أكتب عن التضامن النسوي أو عن الوعي النسوي أو عن التنميط أو عن العنف؟!
ولكن موقفي الحالي وما أمر به الاَن، هو ما حكم ما أكتب عنه بدون أي تدخل عقلي أو قرار عمدي مني.

فبعد ما يقارب السنتين منذ مايو 2014، عندما أتيت إلى القاهرة ومعي أخي الذي يصغرني بــ4 سنوات تقريبًا، بعد محاولة فاشلة للاستقلال في القاهرة، تبعها فترة حبس في المنزل لمدة شهرين.

جئت إلى القاهرة لحضور جلسة مع الحبيب علي الجفري، وبعدها استغليت “استخدمت” الفرصة وأطلت فترة تواجدي بالقاهرة، ثم بدأ حلمي في التحقق، بعد أن جائتني فرصة العمل التي طالما حلمت بها منذ أن تشكل وعيي.

أعود اليوم إلى القاهرة ومعي الأخ ذاته، لإنهاء مشواري في العمل، والعودة مرة أخرى إلى مدينتي، خلال أقل فترة ممكنة، على وعد من العائلة أنهم سيوفرون لي هناك (مدينتي) عملًا “محترمًا” بمرتب “مجزي” على حد تعبيرهم.

كل ده علشان الحجاب!

حجابي بقى قضية رأي عام للعيلة، وعلى إثره تُعقد “قعدات عرب” مابين أعمامي وأولادهم لمناقشة مدى فجوري وبغيي، ففي نظرهم، صار لزامًا أن يكون مشواري في الحياة بعدما تجرأت وقمت بخطوة ” التبرج” و “خلع الحجاب” العمل في الملاهي الليلية وبيوت الدعارة.

هذا أحد أعمامي إمام وخطيب مسجد يدعي التدين ويخطب كل جمعه باَية من الاَيات التي تتحدث عن البغي، أو اَية تتحدث عن الرجل الديوث في إشارة إلى موقف إخوتي من خلعي للحجاب وعملي بالقاهرة.

الغريب في الأمر هو تطور موقف أخي الأكبر وإخوتي الأولاد جميعهم من موقف الرفض القاطع والتام إلى موقف الدفاع عني فى العلن فقط، ومعاتبتي سرًا أو فيما بيننا.

من موقف الــــ”أنا الأبوية” والمظهر العام أمام الناس إلى موقف المتفهم الذي يرى أن خلع الحجاب مجرد ذنب صغير لا يستلزم قتلي أو منعي من العمل أو السفر وإن كانوا رافضين لخلعي الحجاب أو سفري للعمل في القاهرة.

أما موقف أعمامي، فهم تحركهم ذكوريتهم البحتة والــــ” أنا” المتمثلة في جمل من عينة “الناس يقولوا علينا إيه؟”، وفين رجولتنا؟، نبص لنفسنا إزاي في المراية؟، نشوف نفسنا أننا بنبيع شرف العيلة؟ ” وكلام كتير على نفس الشاكلة يتحدث عن الأبوية المجتمعية، التي لا يهتم بها أحد من المجتمع في الحقيقة.

فأصبحت أنا الطرف الأضعف في السلسلة، يتم الضغط من الطرف الأعلى وهو المجتمع على العائلة الكبيرة “كما تدّعي”، فتضغط العائلة الكبيرة على أسرتي الصغيرة “المكونة من أمي وإخوتي”، فتحاول أسرتي الضغط أحيانًا والاستعطاف أحيانًا أخرى، ويذوب قلبي عطفًا على أمي وما تتعرض له من ضغط، وتنهار أعصابي وعواطفي وتتمزق حيرة ما بين أسرتي الصغيرة وقلبي وأحلامي وطموحي وشغفي وحريتي وجسدي وأصدقائي وحياتي بأكملها التي استمرت وبدأت في القاهره منذ مايقارب التسع سنوات.

ويتحول الصراع بين طبقات المجتمع الأبوي من يحكم عليّ، من المسيطر، ومن سيفوز “بتكسير دماغي” و”كسر ضلوعي”، وتتحكم السلطة الأبوية بكل قوتها وجبروتها في حياتي، فكل حين تقلبها رأسًا على عقِب، كل حين تندلع النار ولا تنطفئ إلا بالعديد من الخسائر التي تُحدِث بداخلي العديد من الكسور النفسية التي لا يتم جبرها من أحد، كل حين تتهدد علاقتي ببيتي الحبيب وأمي الحبيبة وأخوتي.

هنيئًا لمجتمعنا الأبوي الذي يحكم وبكل قوة على فتاة بموت أحلامها وشغفها وعملها ودراستها لأنها اتخذت خطوة واحدة فقط تخص جسدها هي، وقامت بخلع الحجاب عن رأسها!

المجتمع الذي يراني تهمة، كل الأطراف تحاول التبرؤ منها، جميعهم يروني جسد يسير في الطريق إلى البغي و”طمس شرف العائلة الكريمة في الطين”، المجتمع الذي لا يرى عملي وجهدي، لا يرى عقلي، لا يرى طموحي، لا يرى دراستي، لا يرى مني إلا شعر رأسي – جسدي – وبعض نقاط دم غشاء بكارتي.

حكم السلطة الأبوية الاَن أن أتخلى عن أحلامي – عملي – دراستي وأعود مرة أخرى للعيش في طوع السلطة الأبوية تتحكم بي كما تشاء، مطلوب أن أنهي حياتي بمنتهى البساطة والوجع، وكل ذنبي أنني خلعت حجاب الرأس.